واليوم هو الأربعاء 24-3-2010 وهو اليوم الثاني من اسبوع الأستاذ كمال قجة… ومعنا كتابه “أوراق على رصيف مهجور” بقصيدتين هما يلوذ بك الحزن وطريق الحرير. نرجو أن تستمتعوا معنا . على أن تتوالى مواد الأستاذ كمال طيلة هذا الأسبوع.
ولكم تحيات موقع عالم نوح

يلوذ بك الحزن!

يلوذ بك الحزنُ !
أيَّ المفارق تعبرُ ؟
إن الحواجز تترى
ووهج المسافات يطويه هذا السديمْ

يلوذ بك الحزن
هذا أوان الرماد
لجرحك هذا التوجس حين تلظى
لجرحك هذا الصهيل
تمر المسافات بينك، تنأى
ويغفو على راحتيك أصيل
وحين اخترقت الفواصل
دوّنت مهجة قلب
أبحت بعشق أسير
تبرعم في موسم الانتظار
وأشعلت توقاً بطول المدى
ورياح الفصول

ياخريف العلاقات
أين المسافات تمضي بك الآن؟
أين المفارق؟
إن الحواجز تترى
والخطا قد علاها السديم
فأين تبرعم سرك؟
تنأى بجرحك
تفتح شرنقة الانتظار
حتى السديم
فأين الفراشات تطويك بين رياح الفصول؟
وتودع جرحك بين السنابل
يرتد نحو النسوغ

لجرحك هذا التوجس حين تلظّى
يلوذ بـك الحزن
هذا أوان الرمـاد
أين الطريق لنبضك؟
كيف الوصول لصمتك؟
كنت تفلسف صمت الحقول!
صوت الشجر
تلوب على الطرقات اليتيمة
تنبش خلف الرياح البعيدة
خلف رصيف القمر
تربعت
أشرقت
حين أتوك يجرون أذيالهم كالسراب المقيت
يجرون خيبة عمر مرير
يجرون حتفهم في نسوغ التراب
تشكّل
فإنك تأتي
إنك هذا الإياب

طريقُ الحريـر
أسابق موتي إليك
وأحلم أني صداك
تناغم في موكب الذكريات
وعرس الدهور السحيقة

أعلم أنك أنت الرحيل بجرحي
وأن القوافل تحدو لعرس اللقاء بُعيد الأسى
وأسأل قبل احتضاري
أسائل صوتي لماذا تأخر عنه الصدى
لماذا تجوس الرياح
تفتش عن قبلة في جيوب المحبين
عن دمعة مزقتها المآقي
وعن شمعة لاتزال تَوَقَّدُ…
لمـاذا
لماذا تخبئ عنك الرياح الهديل
وتستل هذا السكون
تحاول أن تمنح الغيم وقتاً
إجازة صيف بعرس الهجيرة
لماذا تصادر صوتك حيناً
وراء القبـاب
كقبّرة في مساء الخريف المهاجر
سألت دمي عن رصيدي بعينيك
قال المحبون: ليس لفعل الرياح حساب
وليس لجرح المتيّم طقس
فكل الطقوس تداوي جراح المحبين
كل الحكايـا
على ثغر سوسنة كالهواء يبوح
يفتح مثـل النـدى
بنفح شهـي
كصوت المآذن والياسمين الطري فترقى من العتبات
على مهرجان اللقاء
وموج الرياحين لما يزل في صلاة من الطهر والعشق
يرسم وقع الصدى
شهباء !
أنت المسافات بين الجراح
وبين الدروب ترتل ضوء الشعاع وتمخر جفن السقوف
الرطيبة عبر الأزقة تهفو خطا الشمس
ينبض من وجنتيك الضياء
حين تناجين: ياراحم الكائنات …
ياحيُّ … ياحيُّ
يجلو الصدى ويقوم النهار
يابديع السموات
من رحم الأرض تنبثق الأغنيات عذارى إلى الغيم والنجم
نحو السماء العليّة: أن تمطر الشوق والأبجدية
تشكل نبض البراءة عبر حروفي
فهذي حروفي شهباء جرحي ونبضي
تفاصيل جلدي على رُقُم من مسامات دهرٍ سحيق
الخطا لاينام
مسامات دهر تفتق فيه دمي مهرجاناً ووهجاً
يناجـي
نشيد الحضارات مبتهلاً في الدعاء
تناجيه يارب: اسق العطاش
فتزهو المفاتن
ريحانة الدهر أنت
شهباء هذا الزمن
ووهج المكان
لهاث هنا يشرئب ويخضل بين البنفسج
يفتح جرح الشقائق أحمر كالأرجوان
بصوت الصُّداح الجميل ووهج الحناجر يمضي من القيظ
يأوي إلى الغيم طفلاً يناغي لتلويحة العاشقين
وراء النهار
هذا رصيد دمي في بريق القوافل يسعى كرمضاء
تلك الرمال يجسّد عمري
أتيتك شهباء روحي
على قلعة الخلد تروي جراحي
تقص فصول دمي في محطات هذا الزمان السحيق
ترسم نبضي
تفاصيل وجهي وعشقي
تقض مضاجع دهري وحتفي
شموخاً
على جبهة الدهر ترسو
على هامة الأفق
أبوابها لاتزال
كالشهب السبعة اللامعات
تشكل هذا الوريد
أي سر ينام
على البؤبؤ الوسني الجميل كنهر الحرير وخدر العذارى
ونفح من الطهر والعطر والعشق
كم ذراع تفتّح فيك ليحمل قلبي ويمشي وئيد الخطا
في صباحات عينيك
هناك على جبهة الأفق بين الصنوبر والفستق الحلبي
وتلك الورود
جورية في دمي لاتزال
كميس القدود
كحورية في جفون السحاب
تزيل غشاوة قلبي
أي سر ينام على جفن دالية في التراتيل
مثل الثريا توهج كالجمر يذوي سحر الرضاب الشهية
يحلو كوهج الرضاب
خذيني لمجدك
خذيني لأيام عزّ توالت
هنالك وقع الصدى والسنابك وشم على معصميك
كنهر الحكايا عن الروم حين تهاوت صروح الطغاة
أتيتك كيف الدخول لعينيك ألمح كل المرايا تصور
ترصد سمت الزمان
فكيف الدخول
وأعراس قلبي كأبوابك السبعة انطلقت كالشهاب
تبعثر حلمي ليصحو على معصميك
تذكرت كان المغني يقول
أراك عصياً وشيمتك العشق والصبرُ…
أليس لجرح الهوى آخِرُ
أدقّ على الباب
أقرأ صوتي
وأعرف أنك أنت الحَصان
مهما غزاك من الروم علج
ومهما تمادى سواهم من الروم
فإنك أنت الحصان
على جبهة الدهر
من كل ثغر بعينيك من كل باب سيأتي الفرج
ومن كل باب ذراعان تحتضنان القوافل
تنوئين بالحمل حتى يحط الرحال
أي سر تخبئه في الدوالي كبوح الثريا توهج مثل
الرضاب الشهية يحلو كقوس القزح
كتكويرة من رحيق الشفاه
كحلم اليتيم على الركن ينأى يعضّ الأنامل خجلى تلوب
على حلمة شتتها وهج هذا النهار
كجمر الرضاب يذوب وينأى كصوت الرصيف يلم
جراحـي
ويلهث حين أسير ورائي كظل يلاحقني في ممرات هذا الزمان السحيق بعيداً عن اللغو والعولمة.
قريباً من الفجر أرقب عينيك حين يغادرها وسن من خيوط المساء
ألتمُّ كالحزن يذوي رصيف جراح المحبين..
خبزي نداؤك يعلو بحجم الفضاء فأستل وقتي أكبِّرُ
أعلن فجر الحياة وأعلن أن نسوغ الحياة تبدأ منك
وتمتد حيث المحبون كانوا ولا زال في العمر وهج
بريق لطعم الحياة
ولا زال في رعشة الهدب طوق النجاة
ومن فرجة الشغف اللاهث المتعب
هناك ينام حبيبي وحيداً
تداعبه في المساءات ريح الصنوبر
سعف البراري
هناك احتفالي وعرس دمي وتلويحة للسنابل تعشق
عرس الحضارة مازال فيك يداوم
كل النهارات تحبو إليك دهوراً من الحب عبر التخوم السحيقة
تميل على غصنك البضّ زهرات أنثى كوشم تعلق بين الشغاف
اغسليني بسعف الصنوبر فإن رمادك كالفستق الحلبي
توهّج كالأغنيات فأعلن صوتي نداء لفجرك نحو السماء
يمرّ الصدى وابلاً من دعاء تضرّع: اسق العطاش
وارفق بنا وترحّم
هذا دمي فاسألوه عن الشهد
هذا فمي لايزال ندياً بنفح التلاوة من سورة الكوثر
وهذي خطاي إلى المجد
هلاّ سألت الخيول عن الصحب
قال المحبون: هذا طريق الحرير من المسك حتى الشغاف
من النسغ حتى الوريد
يزهو بعرس المدينة
بميقات سوق المدينة
حيث العرائس
حيث الحرائر
نهر الصبايا تدفق
أي وريد سيحمل قلبي
أدميْنَ قلبي
من النسغ حتى الوريد
وفجر الحياة كشريان نبضي تقطر منه الخضاب
هنالك حلم العذارى
يطرزن خدراً وحلماً وشرنقةً مثل حبل الوريد
وبوابةً للغد المقبل
تضوع كالطيب كالنفح بين النجوم تنام على سحب
بضة
من رحيق الغيوم
طريق المحبين نحو الحرير
فأين الوصول
وأين الدخول
وكيف المفارق تنأى بعيداً وتلتم فيك
تشكل عرس الحياة
كيف القوافل تترى بسوق المدينة
ويبقى الصدى لاهثاً لايخيب
على رقمٍ من حروف المعاني
يترجم تلك النضارة يطرق درب الحضارة
شوق الحياة لعرس قديم جديد
أنا لهفة الرمل أحكي كتاب الخلود
وأقرأ سفر البداية
من قلعة الخلد
من قاعة العرش
ألهو بأسواقها أستزيد انتعاشاً
بخاناتها يلهث الشوق حتى يحط الرحال
ويعبر درب المحال
يترجم عهد النضارة
يفرش بالشوق والأغنيات ربيع الحياة
على حلم كان ينهض يفرش بالياسمين
دروب الحرير لتعبر قطر الندى
فالخليفة يعتصر الشوق وجداً
يتوق لعرس يزف إليه انتصاراً يتوج قلباً
ليجمع صمت الصحارى الطويل
أمير البلاد
يا سيف دولتها
كيف يصحو الجواد
كبا ألف عامٍ وأغفى طويلاً
أما من رماد
يحرك جمر الصدى
وكيف تعيد إلى الحدث الآن لون الدماء
لترجع حمراء بعد اليباب
يا أمير البلاد متى سترد العلوج
فإن الصدى لايزال يجلجل
لازال صوت أبي الطيب الفارس الملهم
متى ستعيد له الصوت؟
لازالت الروم تحسب ألف حساب
لصوت المغني
دعـوه
فإن الفراشات تبحث عن شدوه لتراقص موج الرياح
والفراشات تبحث على أحرف كي تجسّد هذا الصهيل
والفراشات تهفو لموج الرياح بُعيد الأفول
والسنابك لازالت الآن ترسو
تشد الخيول
فمري على جرحه فالمجدُ في آل حمدان يزهو
كومض الجفـون
أعيدي له الصوت
يخرج شوقاً من المستحيل
أعيدي له الصوت
فالليل يعرفـه
والخيول
وبيد الدياجي
وعرس الفراشات بين الجراح
يناغي الشقائق حمراء تزهو
كلون الخضاب
وطعم الرضاب
وجمر الثـريا
دعيه يغني
فإن الأزقة تحلو بوهج الصدى
وصهيل النشيد
بريحانة لاتزال على رعشة الانتظار
فرشت طريق الحرير من الياسمين
وصليت خمساً
وبعد القيام الأخير
يجيء التهجد حين
دعوت بأن يزهر الجرح فيها
من البؤبؤ الوسني تمدين هذا الشراع
إلى الشمـس
في رصيف جراح المحبين نبضي وعرس دمي
في احتفال الحقيقة يزهو
بوهج الحصاد يداوم نحو الشموس دهوراً
تسافر أبوابك السبعة الحالمات
إلى النصر والفرج المقبل
وأخرى تسافر في الريح نحو المدائن
على كل نبض تقوم المنارات تشدو
وفي كل باب هديل يعانق وجه المسافر:
يا حادي العيس إن الوداع
وإن اللقـاء
على جبهة الدهر يحلو بأزكى رضاب
يا حادي العيس
شدَّ الرحـال
تلويحـة المتعبين
لهاث الزمان وعمق المكان
وسورة نصر ستأتي
فعرَّج لكي نمسح الجرح
كي يكبر الشوق
شهباء عـرس المحبين
صوت المحبين
هذا رصيفي
وهـذي ذراعي
على جبهة الأفق تعـدو
فودّعْ وقبّلْ خطاهم
فإن نهـاراً
إن نهاراً سيأتي