صرخة احتجاج من الدكتور جمال طحان على محاولة سلبه “انعتاق”، حيث نشرت قصته هذه ببعض المواقع بتوقيع الكاتب التونسي “فتحي العابد” وعند بحثنا على النت وجدناها أيضاً منشورة مع إغفال اسم كاتبها والإطراء عليها يذهب إلى ناشرها…! نثبت هذه القصتين للمقارنة… وأخيراً حدث ما كنا ننتظره….

صرخة احتجاج من الدكتور جمال طحان على محاولة سلبه "انعتاق"

حيث نشرت قصته هذه ببعض المواقع بتوقيع الكاتب التونسي "فتحي العابد" وعند بحثنا على النت وجدناها أيضاً منشورة مع إغفال اسم كاتبها والإطراء عليها يذهب إلى ناشرها…!

نثبت هذه القصتين للمقارنة… مع أسماء المواقع التي رأيتها منشورة فيها.

 

 

انعتاق للـ دكتور جمال طحان

انعتاق للكاتب فتحي العابد     

المشهد الأول :
بهدوء تام بدأ عبد المنعم يراقب عملية بتر ساقه وكأنّها تحدث لشخص آخر. قال في نفسه:ـ الحمد لله فما زلت قادراً على النسج. منذ ثمانية أعوام دُعي إلى حفلة صيد على شاطئ وديع ، لكنّه اكتفى بمراقبة ألوان الأسماك من بعيد .. أذهلته المخلوقات الصغيرة وهي تداعب الماء وتنـزلق من بين الشِباك . ضحك في سرّه ثم ترك السرب وراح يغازل فراشة تغرس رأسها في عمق تويج وردة ربيعية .
هكذا بدأت الفكرة ..
في الزاوية / 87 / نسج ثوباً جميلاً بهر تجّار السوق الذين يحاولون تسويق بضائعهم الرديئة ، فأثار حسدهم وغضبهم .
لم يكن عبد المنعم يأبه لترويج بضاعته لأنّه انصرف كلّياً إلى الاهتمام بفنّه. تنقّل بين المدن واشتهر بأسلوبه في تعليم فن النسج لكل من يرغب في تلك الصنعة . وكان همّه الوحيد أن يفرش المدن كلّها بسجّاد نظيف .
هدأ تجّار النسيج عندما اطمأنوا إلى أنه لم يكن يطمح إلى اكتساح الأسواق بسجّاد يحمل علامة تجارية مستوردة تباع بسعر ينافس أسعارهم .
وزيادة في الاطمئنان ، وحرصاً على عدم تنقّله المستمر بين المحافظات، ملوؤا جيوب السيد (م ) بالنقود ودفعوه كي يطعن عبد المنعم بسكيّن مسمومة في ساقه ، مما اضطره إلى بترها .
وبالرغم من التخدير الموضعي يحسّ بصرير المنشار على ساقه، لكنّه يتحمل الألم : الحمد الله.. مازلت قادراً على النسج .
المشهد الثاني :
في الزاوية /92 / أجرى السيد (م) وبوسائله الخاصة عملية فريدة من نوعها في جسد عبد المنعم.. قطع له سباّبة وإبهام اليد اليمنى وفقأ العين اليسرى .
قال عبد المنعم : الحمد الله فما زلت قادراً على تعليم النسج .

لم يكن في حلب سوى مجموعة صغيرة من النسّاجين يقدّرون موهبة عبد المنعم . اجتمعوا ذات ليلة وقرّروا أن يفتتحوا له مدرسة يديرها لتعليم النسيج . بعد فترة وجيزة غزت الأقمشة المتينة بألوانها الزاهية الأسواق وبدأ الكساد يجتاح المصنوعات التجارية الهشّه.

شيخ التجّار يكره الألوان الزاهية ،لذلك قرّر أن يقوم بحملة إعلانية تدعو الناس إلى الحفاظ على أناقتهم باقتناء الأقمشة التي تضم الخيوط السوداء والحمراء وتبتعد عن الألوان الخضراء والصفراء والبيضاء المشينه .

ولأن عبد المنعم لم يكن قادراً على مجابهة الإعلانات ،قرّر شيئاً غريباً أيضاً: لصق جفني عينه اليسرى وقطع خنصر وبنصر يدِه اليمنى وجعل يتجوّل كلّ صباح في أسواق المدينة ،مما أرهق السيد (م ) الذي أشاع بين التجار أن عبد المنعم يتعامل مع الشياطين : انظروا إليه .. إنه يغمز بعينه اليسرى، ويُشهر إصبعه الوسطى باتّجاهكم .

المشهد الثالث :
في الزاوية / 94 / اجتمع السيد (م) وشيخ التجار والناطور تحت ساعة باب الفرج وقررّوا :
– لا بد أن نفعل شيئاً لمواجهته . قال شيخ التجار : ـ لا بد من نفيه. لكن السيد (م ) كان أكثر حزماً: لابُدّ أن يُقتل .أمّا الناطور،وبعد تفكير طويل،قال: ـ سنجري له عملية . وتساءل الجميع : ـ هل نقطع يده الأخرى .. لسانه.. ساقه الأخرى .. لا .. لا .. لا بد أن نُخرج من دماغه المنطقه التي تغذّي ذاكرته النسيجية لنرتاح ..

ومن دمشق إلى حلب ربطوه بعربة تجرّها الكلاب .. مرت العربة بشارع بارون باتّجاه المسلخ القديم .. وهناك مدّدوه على صفيحة حديد ساخنة وبدؤوا باستئصال الذاكرة النسيجية .. الألوان الزاهية.. سحبوا منه الأدرنالين وتركوه مثقلاً بدمه بعد أن خاطوا له رأسه كيفما اتفّق ،وباستعجالٍ شديد.. لكنّ الذي أذهل الحاضرين أن ابتسامة عبد المنعم الساخرة لم تفارق شفتيه.
توقّف الطّبال عن القرع …. ارتجفت أيدي المصفّقين للعملية .. ووجموا.

المشهد الرابع :
وحده الطفل الذي وقف بجانب رأس عبد المنعم رأى جموع المهرة الذين تخرجوا من مدرسته قادمين في ثلاثة أفواج ، يحمل الفوج الأول شباكاً متينة ، ويحمل الفوج الثاني أعضاء عبد المنعم المبتورة ، وفي الفوج الثالث ظهر أطفال يجرّون كثيراً من الخيوط الزاهية .
المشهد الخامس :
في صباح الزاوية / 95 / لاحظ الناس اختفاء بقايا عبد المنعم من المسلخ.
في منتصف الظهيرة ، جمع شيخ التجّار النّاس في ساحة المدينة . وقف على منصّة عالية وإلى جانبه السيد (م ) والناطور والسيّاف .
صرخ منادي السوق :
ـ أين عبد المنعم .. ؟
تعالت الأصوات من بين الجموع :
ـ هنا …
صرخ المنادي ثانية :
ـ من عبد المنعم ..؟
صاح بعض الشباب والأطفال دفعة واحدة :
ـ أنا ….

لم يدم الاجتماع طويلاً .. هبّت ريح عاتية.. اقتلعت المنصّة من مكانها.. أبرقت السماء وأرعدت.. وقبل أن يأتي المساء ، كانت الأمطار الغزيرة قد غسلت ساحة المدينة.. وظهرت الخيوط الزاهية من جديد ، ممتدة من محطة بغداد مارّة بشارع بارون حتى الطرف الثاني من المدينة.

                 

  منذ ثمانية أعوام كان حفل تخرجه على شاطئ رملي وديع.. لكنّه اكتفى بمراقبة ألوان الأفراح من بعيد.. أذهلته المخلوقات الصغيرة وهي تقود السيارات العظيمة وتنـزلق من الرقابة.. ضحك في سره ثم ترك السرب وراح يغازل نحلة تغرس رأسها في عمق تويج وردة ربيعية..

في الزاوية وضع مجموعة حصر ملونة بهر بها تجار السوق الذين يحاولون تسويق بضائعهم الرديئة، فأثار حسدهم وغضبهم.
لم يكن عبد الإله يأبه لترويج بضاعته لأنه انصرف كليا إلى الإهتمام بفنه.. تنقل بين الأحياء واشتهر بجده في أقناع الناس: أن عيدان الحصران عصية.. ويمكن أن يصنع منها أشياء أخرى غير الحصران.. وكان همه الوحيد أن ينزع السجاد المستورد الذي ملأ كل الأماكن في السوق، وفرش تحت أقدام المارين على الجراح.. كما أنه لم يعد يتحمل منظره.. ولونه الذي بهت..
هدأ تجار الزرابي عندما اطمأنوا إلى أنه لم يكن يطمح إلى اكتساح الأسواق بحصرانه التي تحمل علامة تجارية محلية، وتباع بسعر لا يمكن لها أن تنافس أسعار زرابيهم المستوردة.. وزيادة في الإطمئنان، وحرصا على عدم تنقله المستمر بين الأسواق، ملؤوا جيوب السيد المكّاس بالنقود.. ودفعوه كي يطعن عبد الإله بسكين مسمومة في ساقه، مما اضطره إلى قطعها.. وبهدوء تام بدأ عبد الإله يراقب عملية بتر ساقه وكأنّها تحدث لشخص آخر..
قال في نفسه: الحمد لله فما زلت قادرا على
الكلام.
وبالرغم من التخدير الموضعي يحس بصرير المنشار على ساقه، لكنه تحمل الألم: الحمد الله فما زلت قادرا على ربط الأعواد..

 

 

لم يكن في السوق سوى مجموعة صغيرة من الحرفييين يقدرون موهبة عبد الإله..
اجتمعوا ذات ليلة وقرروا أن يفتتحوا له مدرسة يديرها لتعليم فن حرفة العصيان.. بعد فترة وجيزة غزت الإحتجاجات وكل ألوان العصيان الأسواق وبدأ الكساد يجتاح تجارتهم الهشّة.

شيخ التجار يكره العصيان، لذلك قرّر أن يقوم بحملة تجمعية إعلامية تدعو الناس إلى الحفاظ على الهدوء وتبتعد عن كل ألوان العصيان المشينة، والمضرة.

وبما أن عبد الإله لم يكن قادرا على مجابهة المكاس، قرر شيئا غريبا أيضا: لصق جفني عينه اليسرى وقطع سبابة يده اليمنى، وجعل يتجول كل صباح في أسواق المدينة، مما أرهق السيد المكاس، الذي أشاع بين التجار أن عبد الإله يتعامل مع الشياطين: انظروا إليه.. إنه يغمز بعينه اليسرى، ويشهر إصبعه الوسطى باتجاهكم..

في نفس الزاوية اجتمع السيد المكّاس وشيخ التجار وقرروا: فعل شيء ما لمواجهته.
قال المكاس: لا بد من نفيه.
لكن شيخ التجار كان أكثر حزما: سنجري له عملية.
وتساءل الجميع: هل نقطع يده الأخرى.. لسانه.. ساقه الأخرى..؟
ـ لا.. لا.. لابد أن نكويه بالنار.. لنخرج من دماغه المنطقه التي تغذي ذاكرة العصيان فيه لنرتاح..!
ربطوه بعربة تجرها الكلاب.. باتجاه المسلخ.. وهناك مددوه.. وباستعجال شديد أحرقوه.. ليستأصلوا منه الذاكرة العصيانية، وكل ألوان التذمر.. لكن الذي أذهل الحاضرين أن ابتسامة عبد الإله الساخرة لم تفارق شفتيه..

توقف الطبّال عن القرع.. ارتجفت أيدي المصفقين للعملية.. ووجموا.

وقف الناس في الزاوية نفسها.. لاحظوا اختفاء بقايا عبد الإله.. في منتصف النهار، جمع شيخ التجار الناس في وسط السوق، وقف على منصّة عالية وإلى جانبه السيد المكاس.
صرخ منادي السوق: أين عبد الإله..؟
تعالت أصوات الجموع: هنا.. هنا..
صرخ المنادي ثانية: من عبد الإله..؟
صاح الشباب والرجال دفعة واحدة: أنا.. أنا..

لم يدم الإجتماع طويلا.. هبت ريح عاتية.. اقتلعت المنصة من مكانها.. أبرقت السماء وأرعدت.. وقبل أن يأتي المساء، كانت الأمطار الغزيرة قد غسلت ساحة المدينة.. وطهرت أعواد الحصران الزاهية من جديد، مبتدأة من محطة بوزيد مارة بشارع عبد الإله حتى الطرف الثاني من المدينة..
اندهش الحضور من سرعة كل مايحدث حواليهم.. لكن..! لم يندهش، لا المكاس ولا شيخ التجار.. فهم قد وضعوا قاطني هذه الصحاري منذ زمن على رفوف الإهمال.. لانهم لم يدركوا بعد لغة الرمال.. ككثير آخرين لم يستطيعوا فك رموز الصحراء المتشابكة كخيوط العنكبوت..

 

انعتاق؟!: فتحي العابد
في الجمعة, 07. جانفي 2011
الفجر نيوز

انعتاق.. بقلم فتحي العابد
بتاريخ : 2011-01-07 الساعة : 15:31:42
شبكة الحوار نت

د . جمال طحان ـ جسد الثقافة
28 – 12 – 2010, 02:19

21-12-2010 منتديات قصيمي نت
نشرت من دون إشارة إلى الكاتب

مملكة نجوم الإبداع
نشرت بدون اسم الكاتب
موقع بلاغ : 12/12/2010
منتديات دفاتر التربوية 20/12/2010


والقصة منشورة ورقيا والكترونياً ضمن المجموعة القصصية (حالات سرية) للدكتور محمد جمال طحان وصدرت عن وزارة الثقافة السورية عام 2008 وأقيمت حولها ندوة في مديرية الثقافة بحلب وكتب عنها في الصحف .

 علما أن الدكتور جمال طحان قد أرسل لــ شبكلة الحوار نت الإعلامية ينبههم فيها إلى هذا الخطأ

الاسم : د. محمد جمال طحان 12-01-2011 14:28:46

التعليق: تحية طيبة وبعد

هذه القصة منشورة لي منذ أعوام ويبدو أن اكاتب نسي أن يقول بأنه استعارها مني وغيّر بعض الأشياء الطفيفة

قصتي منشورة في أماكن كثيرة ومنشورة في مجموعتي القصصية ( حالات سرية )

اليكم الروابط وأرجو التنبيه والتصحيح

( التحرير نشرنا تعليقك وننتظر الرد من السيد فتحي)!!!!

 وقد وصلنا هذا الإيضاح في هذا الصباح الباكر الساعة 6 صباح الأربعاء 19-1-2011 من "مزيونة" وننشره هنا أيضاً تحية لموقع "منتدى القصيمي".

مدير الموقع المحترم شكرا للأنك تناصر الحق الحقيقة باينة متل الشمس ومنتدى القصيمي صحح الوضع وأضاف اسم الدكتور طحان الى القصة الباقي ان الذي سرق القصة ان يعتذر او يبرر سبب سرقته وخاصة انه اهدى القصة المسروقة الى بوعزيزي بطل تونس الحالي الذي اشعل الثورة تحية لمبادرتكم الطيبة وموقعكم الجميل بنشاطه

 انعتاق للدكتور محمد جمال طحان

انعتــاق .. ؟؟

 

 المشهد الأول :

بهدوء تام بدأ عبد المنعم يراقب عملية بتر ساقه وكأنّها تحدث لشخص آخر . قال في نفسه:ـ الحمد لله فما زلت قادراً على النسج.
منذ ثمانية أعوام دُعي إلى حفلة صيد على شاطئ وديع ، لكنّه اكتفى بمراقبة ألوان الأسماك من بعيد .. أذهلته المخلوقات الصغيرة وهي تداعب الماء وتنـزلق من بين الشِباك . ضحك في سرّه ثم ترك السرب وراح يغازل فراشة تغرس رأسها في عمق تويج وردة ربيعية .
هكذا بدأت الفكرة ..

في الزاوية / 87 / نسج ثوباً جميلاً بهر تجّار السوق الذين يحاولون تسويق بضائعهم الرديئة ، فأثار حسدهم وغضبهم .

لم يكن عبد المنعم يأبه لترويج بضاعته لأنّه انصرف كلّياً إلى الاهتمام بفنّه. تنقّل بين المدن واشتهر بأسلوبه في تعليم فن النسج لكل من يرغب في تلك الصنعة . وكان همّه الوحيد أن يفرش المدن كلّها بسجّاد نظيف .

هدأ تجّار النسيج عندما اطمأنوا إلى أنه لم يكن يطمح إلى اكتساح الأسواق بسجّاد يحمل علامة تجارية مستوردة تباع بسعر ينافس أسعارهم .
وزيادة في الاطمئنان ، وحرصاً على عدم تنقّله المستمر بين المحافظات،ملوؤا جيوب السيد (م ) بالنقود ودفعوه كي يطعن عبد المنعم بسكيّن مسمومة في ساقه ، مما اضطره إلى بترها .

وبالرغم من التخدير الموضعي يحسّ بصرير المنشار على ساقه، لكنّه يتحمل الألم : الحمد الله.. مازلت قادراً على النسج .

المشهد الثاني :

في الزاوية /92 / أجرى السيد (م) وبوسائله الخاصة عملية فريدة من نوعها في جسد عبد المنعم.. قطع له سباّبة وإبهام اليد اليمنى وفقأ العين اليسرى .

قال عبد المنعم : الحمد الله فما زلت قادراً على تعليم النسج .

لم يكن في حلب سوى مجموعة صغيرة من النسّاجين يقدّرون موهبة عبد المنعم . اجتمعوا ذات ليلة وقرّروا أن يفتتحوا له مدرسة يديرها لتعليم النسيج . بعد فترة وجيزة غزت الأقمشة المتينة بألوانها الزاهية الأسواق وبدأ الكساد يجتاح المصنوعات التجارية الهشّه.

شيخ التجّار يكره الألوان الزاهية ،لذلك قرّر أن يقوم بحملة إعلانية تدعو الناس إلى الحفاظ على أناقتهم باقتناء الأقمشة التي تضم الخيوط السوداء والحمراء وتبتعد عن الألوان الخضراء والصفراء والبيضاء المشينه .

ولأن عبد المنعم لم يكن قادراً على مجابهة الإعلانات ،قرّر شيئاً غريباً أيضاً: لصق جفني عينه اليسرى وقطع خنصر وبنصر يدِه اليمنى وجعل يتجوّل كلّ صباح في أسواق المدينة ،مما أرهق السيد (م ) الذي أشاع بين التجار أن عبد المنعم يتعامل مع الشياطين : انظروا إليه .. إنه يغمز بعينه اليسرى، ويُشهر إصبعه الوسطى باتّجاهكم .

المشهد الثالث :

في الزاوية / 94 / اجتمع السيد (م) وشيخ التجار والناطور تحت ساعة باب الفرج وقررّوا :

– لا بد أن نفعل شيئاً لمواجهته . قال شيخ التجار : ـ لا بد من نفيه. لكن السيد (م ) كان أكثر حزماً: لابُدّ أن يُقتل .أمّا الناطور،وبعد تفكير طويل،قال: ـ سنجري له عملية . وتساءل الجميع : ـ هل نقطع يده الأخرى .. لسانه.. ساقه الأخرى .. لا .. لا .. لا بد أن نُخرج من دماغه المنطقه التي تغذّي ذاكرته النسيجية لنرتاح ..

ومن دمشق إلى حلب ربطوه بعربة تجرّها الكلاب .. مرت العربة بشارع بارون باتّجاه المسلخ القديم .. وهناك مدّدوه على صفيحة حديد ساخنة وبدؤوا باستئصال الذاكرة النسيجية .. الألوان الزاهية.. سحبوا منه الأدرنالين وتركوه مثقلاً بدمه بعد أن خاطوا له رأسه كيفما اتفّق ،وباستعجالٍ شديد.. لكنّ الذي أذهل الحاضرين أن ابتسامة عبد المنعم الساخرة لم تفارق شفتيه.

توقّف الطّبال عن القرع …. ارتجفت أيدي المصفّقين للعملية .. ووجموا.

المشهد الرابع :

وحده الطفل الذي وقف بجانب رأس عبد المنعم رأى جموع المهرة الذين تخرجوا من مدرسته قادمين في ثلاثة أفواج ، يحمل الفوج الأول شباكاً متينة ، ويحمل الفوج الثاني أعضاء عبد المنعم المبتورة ، وفي الفوج الثالث ظهر أطفال يجرّون كثيراً من الخيوط الزاهية .

المشهد الخامس :

في صباح الزاوية / 95 / لاحظ الناس اختفاء بقايا عبد المنعم من المسلخ.

في منتصف الظهيرة ، جمع شيخ التجّار النّاس في ساحة المدينة . وقف على منصّة عالية وإلى جانبه السيد (م ) والناطور والسيّاف .
صرخ منادي السوق :
ـ أين عبد المنعم .. ؟
تعالت الأصوات من بين الجموع :
ـ هنا …
صرخ المنادي ثانية :
ـ من عبد المنعم ..؟
صاح بعض الشباب والأطفال دفعة واحدة :
ـ أنا ….

لم يدم الاجتماع طويلاً .. هبّت ريح عاتية.. اقتلعت المنصّة من مكانها.. أبرقت السماء وأرعدت.. وقبل أن يأتي المساء ، كانت الأمطار الغزيرة قد غسلت ساحة المدينة.. وظهرت الخيوط الزاهية من جديد ، ممتدة من محطة بغداد مارّة بشارع بارون حتى الطرف الثاني من المدينة.