أصبحنا مراوح تحصدها الرياح كما تشاء ولم تستطع أي شفرة من شفراتنا أن تهزمها وتعلن الحداد عليها، نحن من يريد التأرجح على الهواء ولا أحد يحركنا ومهما بلغت قوّة الريح فسنبقى

أصبحنا مراوح تحصدها الرياح كما تشاء ولم تستطع أي شفرة من شفراتنا أن تهزمها وتعلن الحداد عليها، نحن من يريد التأرجح على الهواء ولا أحد يحركنا ومهما بلغت قوّة الريح فسنبقى محافظين على الجذر والأرض التي ننتمي إليها، لم يسبق للطاعون أن مسّ جسدي هكذا ولم يسبق لي أن شعرت بغربة فظيعة عن نفسي وأنا داخل زنزانتي نفسي لعلي كنت أرجو الأمل أو أن الدخان الصاعد كنت أحسبه أبخرة لسجائر رجال يحتسونها في إحدى المقاهي القريبة وهم يثرثرون حول فن وثقافة وأحوال أولاد وزوجات غير مطيعات وشحاذين قد كثروا ولا أحد يدري من أين أتوا وماذا يريدون، كنت أنوي أن استمع إلى ماء يتدفق من بين يدي ذلك الطفل الشاحذ للكفن ولكن الوقت استباح ما بين يدينا وأصبح لليل أنشودة يومية توقظنا في ساعات متأخرة رغماً عنا وتدعي أنها تتقمّص ديك الصباح.

 

لم أعد أكترث لهؤلاء ولا للذين يصنعون السحب من مناديل ورقية أو حتى من يبّشر بعودة المسيح وقيام الساعة فالوطن ينزف ولم يبق من الدم سوى كأس نشربه يومياً لنعيد الحياة لعروقنا وعروقه، في كل بيت جثة تنتظر على العتبة ولكن يبدو أن جامع القمامة أتى باكر على غير العادة وعن طريق الخطأ…رمى الشهيد في القمامة، على حائط مشلول نرسم فراشة وندعي أنها ستطير يوماً وأن أجنحتها ستلامس خدنا ونحن نشعر بتلك النشوة الرهيبة في تذوٌق حياة تداعب ملمسنا ناسين تماماً أن نفتح الباب وننظر إلى الفراشات وهي تحلٌق في سماء الله، ربما كل هذا ترهات وأقوال لا تجدي نفعاً ولا تمتّ بصلة لأي عقل سليم ولكن هذا فقط أشعر به وأنا ملقى على طريق لا أعرف أين وأرض لم أعهد ملمسها سوى تراب يبدو مألوفاً لي ورصاصة في صدري تقول أنها تعرفني وأبدو مألوفاً لها في حياة سابقة…


كم استغرق من الوقت لأفهم ما يدور في خلد ذلك الحجر الذي كنت أجلس عليه دائماً وتلك الأشجار التي كنا ندعي ببراءتنا أننا نحفر عليها ذكرى لحب طفولي ، كم استغرق من الوقت لأكتشف أن لكل ساعة من حياتنا ونحن نكتب وزناً يضاهي كل رصاصة تقتل وكل قنبلة تنفجر ….ربما….بين يدي امرأة تعتقد أنها لعبة فتأخذها لأطفالها، هل لنا يا ترى أن نقفل الصمت ونترك بقايانا للريح تنثرنا على وادٍ ولد في القرن الواحد والعشرين أم لنا وجه يمكن أن يظهر في وقت ما من الزمن القادم …


كم استغرق للكسيح أن يتأقلم مع العكاز والكرسي وكم من صرخة قالها كلما حاول دخول المدائن وجوبه بالرفض..!!؟ ، أرجوك… هل لي بكأس ماءٍ أو قطرة تمحي ملامح تشوهي أم أن مائكم بطعمه السماوي يزيدنا عطشاً للماء……

أغيد شيخو_ عالم نوح