ثائر ومجد والحُباب الثلاثة في صفحة واحدة
- فبراير 17, 2010
- 0
لأنهم اصدقائي وأودهم، وأسعد بمناوشاتهم، وأتمنى أن يكونوا على خلاف دائم، جمعت نتاجهم هذا الأسبوع في صفحة واحدة منتظرين آراءكم وتواصلكم معنا.
لأنهم اصدقائي وأودهم، وأسعد بمناوشاتهم، وأتمنى أن يكونوا على خلاف دائم فيما بينهم، جمعت نتاجهم هذا الأسبوع في صفحة واحدة منتظرين آراءكم وتواصلكم معنا.
الحباب الخير
الحُباب الخيّر و نبي أم سفاح
ربما لستم على قدر جيِّد من الغباء لأستطيعَ إقناعكم بأنَّ ما ستقرأونه الآن هو مجريات حلمٍ ما, وربَّما لست بهذه القدرة الهائلة على السرد لأرسم لكم مجريات أحداثٍ تقنعكم بأنَّ ما ستقرأونه هو روايةٌ كتبها شابٌّ مغمور, لذا دعونا بما تملكونه من ذكاء معلَّب, وبما أملكه من فشل سردي, نتَّفقُ على أنَّ هذا ما جرى في مكانٍ ما دون أن نخوض في متاهةِ العقل الأجرب الذي سيتساءل كيف بدأ كل هذا الجنون ؟ نبيٌّ أم سفاح لست في متاهة الخوض في الماضي ولا بالمنشأ بل أنا معنيٌّ بالنتائج والمجريات . المشهد كما يلي : أحمل في يدي مكنستي ألملم قمامة مدينة تتكدَّس على أرصفتها منازلُ تتجلَّى أهمِّيتها لي بالبقشيش المركون أسفلَ صندوق البريد الخاص بها, ربَّما لأنَّني اعتدتُ البشاشة على وجه كل من يلقي عليَّ تحيَّة المساء لذا فقد َاعتادت البشاشة أن تسكن وجهي طوال الوقت. ولدى انتهائي من عملي ذهبت إلى غرفتي التي أقطنها لأترك قطرات الماء الساخن تداعب جسدي الرياضي ثمَّ أنتعل سيَّارتي باتجاه الملهى, والذي ما إن ولجتُهُ حتى وجدت الجميع يبتسم لي, لترتفعَ يدي ملوِّحة لهذا ورأسي تنحني لذاك حتى أكاد أحيِّى كلَّ رواد الملهى وأنا متَّجه إلى طاولتي المعتادة لأُقابل بعناق من صديقتي و تهليلٍ صاخبٍ من أصدقائي ثمَّ تُرفَعُ الأنخاب لنبدأ جوَّ اللهو الذي ينتهي مع إشراقة الفجر الأولى, ثمَّ أعود أنا وصديقتي إلى غرفتي ونمارس عملية إغماض العيون فوق الوسادة حتى يحين موعد ذهابي إلى عملي و الذي هو كنس القمامة من الشوارع. إذاً هكذا هي حياتي جوٌّ من الألفة مع الجميع والمبلغ الذي لا يُستهان به والموجود في دفتر إيداعي المصرفيّ يؤكِّدُ نجاحي في عملي, أيَّامي كانت تسير بشكل سلس و جميل, أنتهي من العمل ثمَّ ألهو أنا وأصدقائي ثم أعود إلى النوم وهكذا دواليك. وفجأة حلَّت موجة غريبة في المدينة, اسمها موجة الانتخابات إلى مجلس الضيوف. نحن في دولتنا كان من يحكم البلاد هو مجلس الضيوف ويتألف من أربعمائة وخمسين ضيفاً ينتخبون منهم ضيفاً يرأسهم ويختار من بينهم معاونيه. و في ليلة من الليالي حيث كنا مجتمعين قال لي أحد أصدقائي و كان يدعى هاري ما رأيك لو ترشِّح نفسك لمجلس الضيوف فقلت له ما بالك هل لعبت الخمر بعقلك أما أنك بدأت تحاول ممارسة لعبة الألفاظ عليَّ. فقال لي أنا في كامل صحوي و لكنني درست الأمر بجدية و أعددت قائمة الأسئلة التالية لك : 1. من هو أكثر شاب شعبية في البلدة ؟ 2. من هو أكثر شاب جرأة في حديثه ؟ 3. من هو أكثر شاب طموح و مجدّ فينا ؟ 4. من هو أكثر الشباب إخلاصا" في عمله بيننا؟ فلم أجد سواك. لأجد نفسي بين ليلة و ضحاها مرشَّحا" لمجلس الضيوف. و بدأت الحملة الانتخابيَّة: هناك من يخطب باسمي و هناك من يعلِّق صوري على حاويات و سيارات القمامة و هناك من يعلِّق اللافتات على أبواب المدارس و هناك من يذيع اسمي على محطات البثِّ الإذاعية و التلفزيونية الخاصة بمدينتنا و بتّ لا أمشي في الشارع إلا و شارات النصر ترفع لي من كل يد أعرفها و من أيد لا أعرفها …… لتبدأ الانتخابات و أجد نفسي الناجح الأول في مدينتنا و بأغلبية ساحقة و لتجد أصدقائي في الشوارع يرقصون و يغنُّون و يهلِّلون أمَّا والدي الذي دامت قطيعتي أنا وإياه تسع سنين وجدته يرتدي قناع المهرج و يحمل لافتة باسمي و يرقص في الشوارع …… وعندما ذهبت إلى الكنيسة لأعترف خرج الكاهن معترفا" لي بكافة خطاياه ….. ما هذا هل أنا في حلم أم ماذا. ديك برانش عضو مجلس الضيوف و بجدارة بالغة. ذهبت إلى العاصمة مرافقا "بالدعوات و التهاليل لأصل المجلس و تبدأ الانتخابات لأجد نفسي على قمة المرشحين لرئاسة المجلس و نتيجة خلاف دبّ بين الحزب الرأسمالي و الحزب البيولوجي أصبحت رئيسا" للمجلس. رئيس مجلس الضيوف دفعة واحدة أي رئيسا" للبلاد. و عندما وعيت على نفسي بعد ليلة صاخبة في القصر الرئاسي وجدت الخدم يهرعون لاستقبالي منهم من يضرب لي التحية و منهم من ينحني لي حتى وصلت إلى غرفتي الخاصة. لأجد نفسي أغط في نوم عميق بعد تدليك رائع من مختصين. استيقظت صباحا" لأتلقى برقيات التهنئة من رؤساء الدول المجاورة و الدول الموالية و بدأت بمطالعة دولة ملأتها النفايات فلم تجد زبال رئيس لدولة من أقوى دول العالم . الصحف : أفق حاكم ديمقراطي في بلد الرأسمالية . حلا" إلا بانتخابها رئيسا" عامل نظافة. واسع في الحكم و تاريخ نظيف تماما" . هذه كانت بعض التعليقات من صحف موالية و معادية فقررت أن أندمج في هذا المقلب الذي حدث و ليحدث ما يحدث. اجتمعت مع الوزراء القدامى و استلمت مفاتيح الأسلحة النووية و البيولوجية و أقلت الوزراء السابقين و شرعت برحلة تسليم المناصب و أنا أخطط لمسيرة ستكون الأرهب في رحلة العالم . وضعت خريطة العالم أمامي, و فيها معلومات عن كل دولة, مساحتها, عدد سكانها, عتادها الحربي و ثرواتها الباطنية و كل ما يتعلق بتلك الدول. ثم شرعت بتفقد ثروات دولتي و ميزانيتها و جيشها و مراكز القوة و الضعف فيه. ثم أمرت مبدئيا" بتشكيل فرقة من البشر مواصفاتهم على الشكل التالي : 1. خمسمائة شيخا" ممن تتجاوز أعمارهم الستين و خفيفي الحركة و ثقيلي الظل . 2. مئة طفل من دور الأيتام مختلفي البشرة ممن يتسمون بالبداهة و اللمحة الذكية و الشكل الجميل . 3. ألف رجل من قصار القامة ويتَّسمون بالدهاء. ثم جمعت معاونيّ في فرق الجيش من المتميزين و فريقا" طبيا" من كافة الاختصاصات و معلمين و مدرسين و محللين نفسيين, و سلمتهم مخططي الكامل ليعملوا عليه و الذي ستعرفونه لاحقا". ثم التفتُّ إلى الواقع الداخلي للدولة فجدَّدت العقود التجارية و خفضت الضرائب و شرعت ببناء المرافق الهامة في كافة المدن و شققت الأنهار و فعّلت الأموال المجمدة بسياسة بالغة الهدوء. و وزعت المال بسخاء على أعضاء مجلس الضيوف حتى يتغاضوا عن أعمالي التي تضر بمصالح وكلائهم. و بدأت رحلة الألف ميل …. هل هو الهذيان أم ماذا …. هل هي لعبة القدر التي أوصلتني إلى هنا …أم غاية في قلب الشيطان.. ما هو الذي أريده …. ما هو الذي أطمح إليه …… و واجهني السؤال الذي لابد منه: من أنا؟ و لماذا خلقت؟ زرت مخبر البحوث العلمية و اطلعت على آخر ما توصل إليه علمائي وزعت المكافآت على من يستحق و وزَّعت العقوبات على المقصِّرين. وبعد ثلاث سنوات من العمل المضني كانت أحوال بلادي قد تحسنت بشكل هائل و كان جنودي الخاصين قد أصبحوا جاهزين للعمل و كانت الأسلحة قد أصبحت فتاكة و دارت اللعبة بذهني دوران كرة الروليت. أرسلت العجزة جواسيسا" للدول المجاورة بعد القيام بالإجراءات الأمنية للتخفي و أرسلت الأطفال بحيث تتبناهم أرقى الأسر في العالم. و أرسلت قصار القامة بين الشعب لأعرف من معي و من ضدي. ضاعفت رواتب الجنود حتى أصبح التطوع حلما" عند كل فرد و كانت شروط التطوّع البدنية صارمة و غير قابلة للنقاش. و فجأة استيقظت ذات ليلة و أنا أصرخ …. ما هذا … ما الذي رأيته …. بركان ضخم تفور منه الدماء … لتمتلئ الدنيا دماء. نظرت في المرآة عينيّ ملأتها الشرايين الحمراء و زادتها شرا" وحلماً" المخطَّط الكبير حان أوانه برسالة من الأعلى … سأمتلك العالم … أعلنت الاستنفار في الجيش … و بدأت بتوسيع مملكتي …. و بدأ زحف الشيطان …. صواريخي قتلت الآلاف …. و طيراني سحق الأبنية والملاجئ …. لم آبه بأي صرخة استغاثة …. لم آبه بأي استنكار …. و ضربت التحذيرات عرض الحائط … أعلنت حكاما" رسميين من دولتي على الدول التي احتللتها و شرعت بتسخير جنودها لأعمال الطرق …. فرضت الضرائب الباهظة على أهلها و منعت السفر منها و إليها إلا بأمر مني … و كان من يسالمني سلم و من يعاديني قتل. و استمر الهجوم … شكلت مجموعة من الدول حلفا" لمجابهتي … فأرسلت لهم تحذيرا" : " استسلموا تسلموا ". و لحسن حظي لم يستسلموا … فأرسلت جيوشي نحوهم و أعلنت رحلة الدمار الشامل تجاههم. احتللت دولهم بالكامل … و احتللت العالم … إنه ليس بالحديث السهل … و لكنها الحقيقة . أصبح العالم كلَّه تحت قبضتي … عندها قررت مسيرة الرفاه للعالم أجمع. هل أنا نبي يريد فرض دينه بالقوة؟ أم أنا حاكم حكيم أردت تحقيق العدل بالقوة؟ أم أنا مجرد سفاح يروق له سفك الدماء و هو يشرب الكولا ؟؟؟؟ اكتظت خزائن الدولة بالأموال فوزعتها على الشعب لأنه مؤيدي الوحيد. و بدأت بنشر تعليمات الحرية : 1. لكل مواطن حق القبول أو الرفض و لكن ليس له الحق في معرفة ما سيحصل له إذا رفض. 2. ثلث الأرباح تعود إلى خزائن الدولة كل عام بدءا" من العامل العادي و حتى صاحب المعامل و المصانع و الشركات . 3. كل اكتشاف علمي له جائزة ضخمة وكل عالم يمرّ عليه عام كامل دون اختراع شيء مفيد لي و للبشرية حق الإعدام مباشرة . 4. تشريع الأدب الهادف و الذي يوضح سموّ حركتي الانتقالية . 5. ينصب تمثال الحرية في كافة البلدان الواقعة تحت حكمي . 6. فتح باب الإعانة لكل من يتقدم بطلب و يثبت بصريح العبارة أنه محتاج, و إعدام كل من يثبت أنه طلب الإعانة و ليس بحاجتها . 7. احتكار كافة الموارد الباطنية و الثروات احتكارا" كاملا" لدولتي . 8. جعل المستشفيات و المدارس و الجامعات و بيوت العجزة مجانية للجميع. 9. الوقود و الماء و الكهرباء توزع مجانا" لكافة المواطنين و كافة الدول. 10. إلغاء الحدود بين كل دول العالم . 11. جعل لغة دولتي هي اللغة الرسمية في كل أنحاء العالم و تعليم ثلاث لغات إضافية لكافة الأفراد . 12. الأمر لكل مواطن تجاوز عمره الثامنة عشرة بسيارة و منزل و جوّال تقدمة من حاكم العالم شرط أن يكون عاملا" منتجا" في أي قطاع من قطاعات العمل . 13. السماح بحرية العادات و التقاليد في كافة أنحاء العالم شرط عدم تجاوزها القوانين و الإعدام لكل من يخالف . 14. توزيع رجال الشرطة في كافة أنحاء الدول و بشكل مكثف لكبح أي مخالفة للقوانين و الإعدام لذي مخالف . 15. إلغاء السجون من كافة أنحاء العالم لأن العقوبة الوحيدة هي الإعدام . 16. منع حيازة أي سلاح لغير العسكريين و الإعدام لمن يخالف . 17. منع الصيد الناري لأي كائن موجود على سطح البشرية و السماح بصيد الأسماك فقط . 18. توزيع وجبة مجانية لكل أفراد الشعب ليلة السبت لمباركة عملهم طيلة الأسبوع . 19. يمنع بقاء أي فرد دون عمل مهما كانت الأسباب . 20. بناء قرى مجهزة بأفضل التجهيزات و مزوّدة بأفضل الكوادر الطبية و الخدمية لمن تجاوز عمره الستين عاما" و يرغب بالابتعاد عن حياته و ذلك لكل دولة . 21. الحكم بالإعدام على من يضبط و هو يمارس التدخين و هو على أرض عمله و بناء استراحة لكل مركز عمل من أجل التدخين . 22. الحكم بالإعدام على كل من يضبط متلبسا" بجريمة السكر و هو خارج منزله . 23. أي محاولة معارضة أو قلب الحكم تنسف نسفا" مباشرا" دون أي رأفة أو تبرير 24. كل قطعة أرض تضبط غير مزروعة أو مشجرة يحكم على صاحبها بالإعدام و يحق للدولة أن تعطيها لمن تشاء . 25. يمنع منعا" باتا" افتتاح أي محل أو مكان أو منزل يمت للدعارة بصله و يتم إعدام كل من بداخله . 26. الدستور الأخير في عالمي : وراء كل حجرة مخبر فاحذر أيها المواطن فالخطأ ممنوع ارتكابه في عالمي. بعد عشر سنين من المعاناة و العمل .. هل أنا سفاح؟ أم مصلح؟ هذا ما دار في رأسي … و هذا هو السؤال الذي واجهني … فقررت الحل الأمثل : هو أن أنزل إلى الشارع غير مرافق بأي حركة دفاعية لأرى رد الفعل …. و هذا أتركه لتوقعاتكم ….
مجد كردية
مجد كردية و نص ذكوري
مُتَوَحِّداً كإلهٍ عجوز، يكتبُ هجاءً للبحرِ المتردِّدِ بين مَطْلَعَيْنِ من قلقٍ وسكون، مُتَوَحِّداً كأوَّلِ الغيثِ، تُقشِّرُ تفاحةً وتطعم خجلها لخيالك، أمّا أنت فتكتفي بالقشرةِ الشمعيّةِ الملمّعةِ بصوفِ الصبرِ والشهوة، تكفيكَ قشرتُها، ليقول لَكَ النّهدُ: كلُّ الخيول لَكْ، ودماؤها التي امتلأت بذئابٍ عطشى لَكْ، وأعنّتُها التي جُدِلَت بجدائِلِ ملوكِ البدوِ لَكْ، وغبارُ سنابكِها صارَ كُحلاً للفراشاتِ حينَ صهلتْ: ما أصعبَكْ.
أيُّها الخيال ُـ الخيلُ لا تنكسِرْ أمام هَولِ السماءِ ولا تنبهِرْ، فما زالت نجومٌ مهملةٌ تنتظرُ من يوسّعُ لها مكاناً في السماءِ لتمارسَ هوايتها في إصابةِ طفلٍ بِحَيرَةِ العَدِّ، وتصيبَ عاشقاً سيّئ المطالعِ بالنّعَسْ.
أيّها الصعبُ الساخِطُ الساجِدُ أمامَ إلهةٍ علّقتْ على قوسِ قلبكَ أكاليلَ الفلفُلِ المجفّفِ المُعَدِّ لِحُرقةِ الحب.
مُتَوَحِّداً كإلهٍ عجوز يُصوِّلُ صحنَ العدَسِ أمام بابِ السماءِ ليطعِمَ نبيّاً ما طلبَ معجزةً في زمنِ الأحماض النوويّةِ، مُتَوَحِّداً تبحثُ عن أكاسيد الذهبِ الأكيدةِ، ولا أكيدَ سِوَاكْ.
مُتَوَحِّداً كإلهٍ عجوز نسي مواعيدَ القيامةِ وطقوسَ التكوين، صادفَ أمامَ سماءٍ ضيّقةٍ نفسهُ فلم يصرخ، نأى بنظرِهِ عنها وتمتمَ بكُلِّ برودٍ: هذا ليس أنا.
وما همَّ أنّهُ كان وحيداً، لكنّ الليلَ لا يؤنِسُ وحشةَ الوحشِ الخرافيِّ الذي مدَّ جناحيهِ بعيداً في عمقِ عينيهِ، يفتحُ نافذةً ويسألْ: أكلُّ هذا الليلِ لا يكفي!
مُتَوَحِّداً كإلهٍ عجوزٍ يقرأُ صحيفةَ الأمسِ ويسأل الشيطان عن اسمِ عاهرةٍ استعصت في حلِّ كلماتٍ متقاطعة، يبتسمُ الشيطان، يقول: تعبتُ وتعبتَ من لعنةِ النّصِ الأكيدِ، لكن ما شبعتُ وما شبعتَ من لثغةِ الراءِ الجميلةِ، قال لهُ: أصادفتَ امرأةً لا أعرفها؟ قال: لا، لكن إن نطقت حُلمتُها فستلثغُ بالراءِ يا صاحبي، لمِّعْ جلدها الشمعيَّ وقشِّرْها، ثم ارمي بالباقي إلى العدمِ.
وبعيداً في قعرِ المشهدِ كانت أرضٌ وبحارٌ وبعوضٌ خارجٌ عن النّصِ.
وبعيداً في قعرِ المشهدِ كانت أرضٌ مَلُولَةٌ، حسبُها أنّها الراسخةُ تحت أقدامِ عُشاقِها، وأمّا ما جرى عليها وسيجري فهو كالبعوضِ خارجٌ عن النّصِ.
ثائر مسلاتي
ثائر مسلاتي و حليب الحنين
حليب الحنين يرثيني
أما آن لي أن أرسل نفسي حريق لتشربيني
دخان…
أما آن لي أن أضل يداي
في البيلسان
وأسيل
هناك
مع الحمام الحنين
يطير الحمام..
ويغني الخريف
الجنين المتكور في رحم الشتاء
كل من في الأرض حولي يغني
آلة الطباعة مصنع الورق
ويغني
الرصاص لواط البارود
وأغنّي الانتظار
ألا تزال شهيتي للراء الفرنسية تخلق الدخان
ويعاتبني التبغ
بعرس عود ثقاب قد مل مضاجعة القرين
أعلنت على عقلي الإغلاق
واستنسخت نافذة لي من درب التبانة
لأسير
بدون ثوب ممرغ بالأرض
بدون دوار
يحكيه الضعف
بدون جاني أو غول خرافي
يرد السعال صدى لي في أوربا
يرد القداحة وعلبة التبغ
وقلب عاكف على إحدى أبواب الصالونات
درب التبانة
كم أنتي كريمة معي
لقد علمت انك حين منحتني شاطئ لبحر العالم
استنسختي مياه المد من بردى
والجزر دمشق
دمشق
كظل الخيط في الإبرة
كم أنا بعيد عنكي
وكم قلبي بعيد
وكم تقتربين
لتكوني استعمار
أو تلبّس لجاني أضل الوجود
الفرنجية الفرنسية
كيف هربت من قمقم صلاح الدين..الموؤد في ميناء عكا
كيف خرجت من زحام سفن الحملة العاشرة
ألم تعلمي أنك حين جعلتي من كتفي وسادة تكفي للعاشق
لتراث العود العربي
أن يعلّق بساط لسندباد صليبي فوق إحدى الكنائس
الكاثوليكية الفرنسية
هنا
عند رواق ضائع في فوضوية المدينة
يغزو المطر
ليتشرب في كنزة الصوف
هناك…
يستل عوده العربي المعشق بأبجدية العالم
ليعزف شال وتبغ وطفلة ..
هذا كل ماعملته يا بيتهوفن؟
قطة
أضاعت صحن الحليب
أم فلاح
يآخي التين واليقطين
علّمنا كيف دمشق أرسلت المفاتيح في الشرق
عراق
بيروت فلسطين
سمائي
ارضي
الرياض عمان الحنين
كل الحنين
مكان آخر للوجود
موسكو برلين تهدّم جدارها
بجانب عرس دمشقي
وتسرق الحجارة نطاف للذكرى وأضيع..
دمشقي أنا ..
كيف أضيع؟
كيف؟
كيف أغادر بعيدا عنكي
مع امرأة تجدل شوارع المطر
في شعرها
وتجدل زنوبيا
والقاهرة…. قاهرة
أنا بعيد عن نفسي
بعيد عنك يا أبي
وعن قبعة جدي
افرغ قصيدة في المتوسط
واغرق الموج
في البحر والكلمات
إلى متى ستبكي هنا
في الطريق وحيدا
ودرب التبانة تأبجد على السفر والرجوع
وكأنه صنديد مبتكر للهروب
أضاع سيفه عذرا
في إحدى معارك الثبات
والثبات على الدرب خنوع
أنا كما أنا
سألملم
تبغ الأرض
من وحل الأرض
وسأدفن سيجارة في برادات الموتى
وأضيع أمام علبة تبغ
أو صواريخ
من طراز أف ستة عشر
لا يهم فكلاهما حريق يوقد للذكرى
استيقظي حبيبتي
فانا لا أتكلم الفصحى إلا في رأس السنة
والثلج يطفئ زهرة البنفسج
وقبعة المسافر
وسروال الفقير
لا أتحدث الفصحى
إلا والثدي الفلسطيني يبكي الحليب
الصاعد من الحلمة إلى الله
لا أتحدث الفصحى
إلا ومدافئ الأرض تستنشق أنبوبة الغاز
من البيمارستانات القديمة
لا أتحدث الفصحى
لأنه من صك مفتاح الضاد
نسي الراء
وراح من ارض بودلير
هناك أزهار الشر
أنا..
من أراد أن يحوّل عشتار
لعشتار تضع الحجب على شعرها
وتختبئ في الممرات وراء الكواليس
احبك بكل لغات النظافة
أهب لك صابونا اغسلي به الماضي
ارفضي به عشتار
ونبيذ ابو نواس
صابونا على مسرح العرائس
ويصفق العالم…
أراكي في قبعة المسافر تملمين حقائب السفر
والرحيل
لقد قلت ياعمي
على باب المدافن إن الدنيا رحيل
والشعر العبثي
المغطى بألوان الشمس رحيل
إلى فوضوية الشيب