جائزة الباسل للإبداع الأدبي، ثمرة تعب المبدع سمير طحان وهو أحد أهم المبدعين عربياً في توثيق الحكاية والتراث الشعبي الغنائي، لم تمنعه إعاقته من الاستمرار فهو اليوم أحد أهم الموثقين للتراث الشعبي الذي يعتبره من أهم ما يميز الشعوب

جائزة الباسل للإبداع الأدبي
ثمرة تعب المبدع سمير طحان

لقاء شادي نصير خاص لعالم نوح
هو أحد أهم المبدعين عربياً في توثيق الحكاية والتراث الشعبي الغنائي، لم تمنعه إعاقته من الاستمرار فهو اليوم أحد أهم الموثقين للتراث الشعبي الذي يعتبر من أهم ما يميز الشعوب وكان لموقع عالم نوح معه هذا الحوار المتجدد:


• كيف تلقيت الخبر بفوزك بجائزة الباسل للإبداع الأدبي؟

باعتبار أن كل أعمالي أطبعها على نفقتي الخاصة ومواردي المادية ضئيلة حيث لم يشملني قانون حرب تشرين وتقاعدي زهيد ومواردي المادية ضعيفة وأعيش من تدريسي للطلاب الأجانب وبسبب حالتي الصحية وعمري الكبير لم اعد قادرا على التدريس وكان فرحي بالتكريم باللقاء المادي لأنه يساعدني بإعادة طباعة كتبي الموجودة تحت الطبع وهذا المبلغ بدل تدريسي مدة سنة لطلاب أجانب وكان عون وإسعاف مادي مهم ولا انفي القيمة المعنوية للجائزة وهي سد لحاجة مادية أكثر من حاجة معنوية ولا اعرف حتى الآن تفصيلات الجائزة ولكنها حول المحور الأدبي.

• هل التكريم هو نتيجة تعب وجهد ؟ كيف تشرح لنا الماهية والرؤية من التكريم في خطواتك المستقبلية؟

يقاس تطور الأمم بمقدار تكريم أدبائها وفنانيها، وفكرة إيجاد جائزة تقدم سنوياً على المحاور الأدبية والعلمية الفنية هي خطوة حضارية مهمة وضرورية.
جائزة الباسل للإبداع الأدبي التي منحت لي هي تتويج لجهد أعوام طوال ما يزيد عن أربعين عام في مجال الثقافة وتحديداً الثقافة المختصة بالتراث الشفوي الحلبي وأرى أن التكريم يحملني مسؤولية اكبر وادعوا إلى إيجاد جوائز أخرى وللأسف لا يوجد في حلب سوى هذه الجائزة اليتيمة حيث لا بد من جهات خاصة تمنح جوائز ضمن الآداب عامة وهذا ينشط الجو الثقافي ويعطي دفع للأمام

• هل ترى أن هذا الدافع "الجوائز" مهم ويدفع الشباب؟

كل المبدعين لديهم دوافع ذاتية ورغم أنهم لا يسعون إلى الجوائز ولكنها تبقى مهمة وركيزة أساسية فالإنسان المبدع دافعه منه وفيه.

• هل ترى أن التكريم هو تحصيل حاصل أم هو حاجة معنوية قبل أن تكون مادية؟

 الإنسان المبدع يعطي من حياته ومن عواطفه وعقله ووقته وكل كيانه، فمن واجب الجهات الرسمية والأهلية التي تتلقى الإنتاج أن ترد لو جزء بسيط من جهده العظيم، وهذا الواجب هو مقياس للتطور الحضاري والبدني الموجود في بلدنا.

• ترى أن القدر هو الخط الأساسي لسير حياتك، ما هي الفرص التي حققت لك نتيجة سيرك على هذا الخط؟

الأديب يولد أديباً.. ومن الصحيح فيما بعد أن الخبرة قد تغلب الموهبة ولكن لا بد من وجود في تكوينه النفسي والعقلاني ما يدفعه نحو الأدب والعلم والفن وهذه الأشياء يقول عنها الناس بأنها موهبة أو عطية ولكنني أقول أنها هي عبارة عن تركيب كياني معين يتجه نحو ما ينقصه، والإنسان يولد لديه دافع معين في كيانه أو نقص معين فإذا لم يستطيع أن يسده يكون ناقص وأنا حياتي هي أدبي وأدبي هو حياتي والمكان الذي أعيشه فيه يتكون من الحجر والبشر والبشر هو الأهم وهم الموجه الأول لأدبي وهم يسدون احتياجاتنا في كياني النفسي والبشري والأدبي.

• تطور الذائقة الفنية عند أي مبدع هي رهن للظروف والاستمرارية بالتواصل، كيف تسعى لتطوير ذائقتك الفنية وبصيرتك المرعبة وعلى ماذا تعتمد؟

في الأساس لا بد من وجود أشياء طبيعية في الإنسان كقوة الملاحظة البصرية والسمعية وإذا امتلكهما يكملهما العقل الذي يفرز الأشياء التي يلتقطها السمع أو والبصر فيبوبها ويعرفها ويصنفها العقل ويضع كل منها حسب مجاله الخاص وفي حال امتلاك هذه المقومات عند أي إنسان أينما وضع يسمع ويرى وينجز تفاعلات بين ما يراه وما يسمعه وغيره لا يستطيع أن يقوم بها، وهي معرفة ناتجة عن حس تؤدي إلى تفاعل فكري يعطي هذه المعرفة.

• تفصل بين مفهوم القصص والحكاية الشعبية وهذا المفهوم الضائع بين الاثنين كيف استطعت أن تخلق تفسيرهما بالنسبة لك؟

للأسف في كل مرة اطلب إنشاء كلية لدراسة التراث الشعبي وحتى الآن لم يعطى التراث الشعبي حقه وعالميا التراث الشعبي هو أحد أهم عوامل النهضة الشعبية والعالمية وهذه الكلية في حال جدت تيسر وجود معارف عامة تميز بين النوعين.

والنوعين بالنسبة لي من هذه التصنيفات والتي كتبتها في الحكواتي السوري أخذتها من الناس، فهناك من يقول اسمعوا هذه الحكاية أو هذه القصة فلكل منها صفات وميزات تختلف بين الأولى والثانية أو اسمعي هذه الحدوثة أو هذه العبارة فالناس بشكل طبيعة هم من اوجدوا هذا التصنيفات وكما يقول أرسطو "العلم هو تعريف ومن ثم تصنيف" فنحن بحاجة إلى هيئات علمية توضع تعريف لم ابتدعه الناس بفطرطتهم وبتجربتهم ومن ثم تصنيفهم ونشره.

• ولاويل بردى وهناهين قويق ديوانين تتحدث فيهما عن نهرين عظيمين حيث انك تخصص في شعرك موضوع محدد وتتطرق له شعرياً على خلاف عدد كير من الشعراء فهل ترى أن التخصيص أهم وأعمق للمتلقي أم أن التنوع في الشعر مهم للمتلقي؟

طوبى لمن يمشي على الطريقين كما قيل في كتاب تحولات الصيني وهذا له ميزاته وهذا أيضا، بالنسبة لي أغلب أعمالي ذات موضوع أعتمد بالأساس على قاعدة أنطلق منها فلا يمكن إقامة أي منطقة سكنية دون مياه وهذا سبب قول مصر هبه النيل ولولا التايمز لما كانت لندن ولولا السين لما كانت باريس ولولا بردي لما كانت دمشق ولولا قويق لما كانت حلب فآخذ جذر من الجذور وانطلق منه إلى الفروع وبطريقة مشابهة من الممكن أن يبدأ أحد ما بجمع الفروع ليصل إلى الجذر وأرى أنه من المهم أن يكون الإنسان صادق أساساً وواضح وفنان سواء تناول أي مبدأ أو غيره.

• الرواية في الأغاني أنت من القليلين ممن يكتبون هذا النوع كيف استقيته وطورته؟

قرأت أربع مكتبات ولا يوجد في أي جنس أدبي اسمه رواية في أغاني وطوبى لمن يعرف نفسه فانا افتخر بأنني أوجدت جنس حديد وخطرت ببالي منذ الطفولة هذه الرواية وصدرت به روايتي الجنك حيث قاله كونفوشيوس وسمعته بعد ثلاثين عاماً أي منذ بداية تفكيري في هذه الرواية حيث قال:
لا تسرد لي تاريخ هذا الشعب بل غني لي أغانيه. فالأغاني تعطي صورة حقيقية وواقعية عن كل آمال وألام الناس في منطقة معينة وتنبهت بأنه لا يوجد مجموعة لأغاني الأمهات كأمهات حلب فلكل حركة من الحركات الطفل أو فترة تطوره له أغنية وأغاني أولاد الحارة وربما هناك شعوب لديها أغاني أولاد الحارة ولكنها لا تتميز كما حلب وهذا يكون رواية متكاملة وأطلق في كتابي أن يقوم الأدباء من المحافظات السورية الأخرى بجمع وتبويب أغانيها برواية لأنها أقرب إلى العصر ولأن ديوان العرب أصبح غناء بدلا من الشعر وهذا يكون نوع من الأدب الجديد ويكون له رواج بين الناس ومن السهل حفظه.

• هل أخمن أنك تحاول إعادة الناس للقراءة بعد ابتعادهم عن الكتاب من خلال الرواية الشعرية؟

في إحدى الحوارات قلت أن الكتاب سيكون تحفة في مكتبة وارى أن الاتصالات الحديثة أخذت دور الكتاب وإذا قارنت بين وضعي قبل أربعين سنة وبين جيل هذا اليوم نرى أن مبدعي اليوم لديهم العالم كله وعندما وقعت في مأزق البحث عن الآلهة السورية الرافدية فأشار إلى ابن أخي ومن خلال الانترنت وصلنا إلى موقع أعطاني قائمة ب3000 اله سوري رافدي منهم لا يزالون تحت الدراسة ففي الستينات من الصعب الوصل لهم.

ولا أزال أبحث عن طريق الانترنت ما يوجد من إصدارات، بالواقع الكتاب أصبح نوع من الحنين إلى الماضي وهذه النافذة العظيمة المفتوحة الانترنت لا يمكن استبدالها بكتاب وبدل ولا بد من بدل توزيع الإعانات أن يوزعوا كومبيوترات فالأهل في القديم كانوا يبيعون ثيابهم ليشتروا ما يحتاجه أولادهم لا بد من إعادة تطبيق ذلك وشراء الكومبيوترات لأنه تجاوز أحلام القديسين والناس.

• ماذا يحضر الأستاذ سمير طحان اليوم من جديد؟

أعمل بمشروع منذ 30 سنة هو دفتر النسوان وهو دفتر وهمي غير مدون سابقاً في حلب يسمى كتاب اللباد والعلامة الأسدي ذكر بعض فقراه ولكنني توسعت فيه ويبلغ حوالي 2000 صفحة وله مشروع حوالي 3 ـ 5 سنوات وهناك شي جديد من الشعر الشعبي اسمه حلمنتيش مأخوذ من التراث هو شعر هازئ ساخر لا يتقيد بأي قاعدة أو نظام ونواة لقاموس جديد كتاب النساء فيه كل أسماء وصفات النساء وتحت الطبع موسوعة الطعام والشراب ذواقة حلب ورواية عنقودية وظواهر وجود في الوجدان وكتاب بعنوان أراك أتمنى أن يصدر في عيد الحب.

شادي نصير