عندما سألت الدكتورة نجوى عثمان (رحمها الله) عن المكان المحبب لديها وتود أن اصورها فيه، أجابت بسرعة: في جامع العادلية ….

ضمن أولى حلقات زيارة مع دليل قمنا فريق عالم نوح بلقاء مع الدكتور محمود حريتاني خبير الآثار إلى جامع العادلية بحلب..
بناه محمد باشا بن أحمد باشا بن دوقة كين سنة963هــ-1555م في عهد السلطان العثماني سليمان الأول القانوني
الدكتور محمود حريتاني: المرحومة نجوى عثمان * وكل إنسان يعرف تاريخ هذه المدينة العريقة وأي شخص يفهم ويدرك إبداع الفن العثماني في تلك الفترة يحب هذا الصرح الإسلامي الذي يمتاز عن باقي الصروح المعمارية في تلك الفترة التي تعود إلى القرن السادس عشر ميلاد.
جامع العادلية صرح هام من احد حلقات الصروح الإسلامية الهامة في العالم الإسلامي الموجودة في حلب ودمشق واسطنبول وقرطبة..
تم بناء هذا المسجد من قبل ولاة الدولة العثمانية في حلب, وسمي بالعادلية لأنه مبني بجوار دار العادلية مع العلم بوجود عائلة مشهورة في حلب باسم العادلي.
يمتاز جامع العادلية بالهدوء والسكينة وببعده عن ضجة أسواق مدينة حلب, وهذا يعتبر من إحدى مميزات الجامع على عكس المساجد والجوامع المنتشرة بجانب اسواق حلب القديمة المليئة بالأصوات والضجة..
الدكتور حريتاني: يعود بناء جامع العادلية لهندسة وفن العمارة عند سنان باشا المشهور بالعالم..
هناك تناسق رائع في عمارة الجامع بين الفنين.. فن العمارة الإسلامي والفن الحلبي.


بالنسبة للوثائق التاريخية ..لا يوجد وثيقة تاريخية تبين طريقة إعمار وزخرفة هذا الصرح..مع العلم انه حاليا يتم البحث عن وثائق في القاهرة وتركيا..
ولكن بالاستنتاج والتعليل نرى:
هندسة العمارة الإسلامية الرائعة منقوشة في كل ركن من أركان الجامع والعمارة العثمانية كانت أساسا لهذه الزخرفات والنقوشات من خلال تجسيد الفكر المعماري العثماني على يد الوالي الحلبي.
مميزات العمارة الإسلامية هي واضحة في كل أركان المسجد فقاعة الصلاة شبه مربعة وفيها دعامات للقبة الرائعة والمعروف عن العثمانيين أنهم يبنون القبب على الجدران وليس على دعامات كما عليه في باقي الجوامع.


هذه الأشكال من القبب موجودة أيضا في جامع الفردوس مثلا, وفي البيمارستان الأرغوني قبة أيضا من هذا النمط ولكن ليس بكبر قبة جامع العادلية..
ومن مميزات الجامع وجود الزخرفة في الرواق الذي يسبق قاعة الصلاة.


المحراب مبني بطريقة زخرفيه حلبية أصيلة.


المقرنصات والزخرفات في الفترة العثمانية أخذت دورا كبيرا..

فهناك النافذة ذات الزخارف الرائعة والكتابة التي نراها في كل بناء إسلامي وحتى في الأبنية الغير إسلامية, فهي تلعب دور كبيرا في الزخرفة والتزين فبمجملها تضم آيات قرآنية وحكم إسلامية واسم البناة وتاريخ البناء..


وهذه الزخارف والكتابة معروفة في الجامع الأموي, والمعمار الحلبي اخذ هذا النوع من الكتابة والزخرفة من الفن الدمشقي.
في المدخل عند باب الجامع هناك الحجر الحلبي الذي أضيف إليه المرمر المزخرف بالأبيض والأسود.
الزخارف التفصيلية هي زخارف حلبية.. في المجمل


الدكتور محمود حريتاني: هناك تمازج واضح بين الفنين الحلبي والعثماني في أركان جامع العادلية, فالفنين هما خليط فن واحد وحضارة واحدة
المحراب العام الذي في قبلة الجامع موجود بطريقة فنية تتماشى مع الرؤيا والذوق…

نلاحظ عمارة سنان باشا والعمارة الإسلامية من حيث سماكة الجدران.

إضافة إلى ألواح الخزف المصنوعة في قونيا,
حاول المعمار الحلبي الذي ياتي من قبل الوزير سنان إلى جامع العادلية وضع بصماته بكل فن واتقان متأثر بفن العمارة الحلبي المؤطر بالعمارة العثمانية…
فموضوع التناغم بين الزخارف لابد فيه للعمار أن يضع بصمته بشكل أو بأخر..
محمود حريتاني:هناك استمرار للحضارة واستمرار للعمارة والاستمرار في العمارة يعني خلق الانسجام والزخارف.

في إحدى أركان المسجد هناك منبر غريب يختلف في شكله عن باقي المنابر في الجوامع الحلبية.


إن الجوامع في الفترة القديمة وقبل إنشاء المدارس السلجوقية كانت جامعات تعطى دروس النحو والكيمياء والأدب على المنبر بينما الطلاب يلتفون حول الأستاذ.
فهذا المنبر هو كالمنابر الموجودة حاليا في الجامعات,بالإضافة للمنابر العلم في الجوامع كانت تحوي الجوامع مكتبات تضم عشرات الآلاف من المجلدات.
فهناك في جامع العادلية مكتبة صغيرة وهناك إعداد في مدينة حلب لمكتبة الأوقاف التابعة للجامع الأموي الكبير.

المدخل الرأسي لقاعة الصلاة…يعود للقرن الحادي عشر حيث نراه في قلعة حلب وأماكن أخرى


هناك العامودان المرمريان عند المدخل من ضمن نواحي العمارة الإسلامية وتبقى الزنابق والقباب الصغيرة ضمن البناء البازلتي حلبية تماما.
في باحة جامع العادلية يوجد الموضأ المبني بطريقة مختلفة من حيث المساحة والناحية العمرانية فهناك الأعمدة المزخرفة والقبة الجميلة.
هناك شبه كبير بين قبة الموضأ وقباب الرواق الذي يسبق جدار قاعة الصلاة.


الركن الأساسي في المسجد أو الجامع هو المأذنة والقبة..
المآذن في العصر السلجوقي والأيوبي مربعة وفي الفترة المملوكية أصبحت مضلعة.


القبة المخروطية المكسوة بالرصاص يلاحظ عليها زخرفات حلبية والمعمار الحلبي تتضح بصمته في زخرفة هذا المآذن.
لكل مسجد أو جامع باب رئيسي واحد بينما جامع العادلية له بابان رئيسيان..
الباب الأول إلى الأحياء والثاني اقرب إلى أسواق المدينة.


بغياب الوثائق الرسمية التي تحدد تفاصيل البناء يمكن أن نعلل وجود الباب الشرقي كونه الأقرب إلى الأحياء السكنية والباب الغربي باعتباره الأقرب إلى أسواق المدينة  .
الدكتور محمود حريتاني يشكر العاملين في جامع العادلية ويشكر هذا الصرح المتميز بالعراقة العربية وبالفن العثماني وبجمال الزخرف الحلبي.

 * عندما سألت الدكتورة نجوى عثمان (رحمها الله) عن المكان المحبب لديها وتود أن اصورها فيه، أجابت بسرعة: في جامع العادلية ….

 

اعداد تحريرثائر مسلاتي وتصوير نوح حمامي علما انه أثناء نشر المقالة في ُأطر اعلامية أخرى يرجى ذكر اسم المحرروالمصور والمورد