حول الفنان والناقد أديب مخزوم ألقتها الفنانة لينا ديب في حفل تكريمه
- ديسمبر 14, 2019
- 0
مداخلة حول الفنان والناقد أديب مخزوم
ألقتها الفنانة لينا ديب في حفل تكريمه
مداخلة حول الفنان والناقد أديب مخزوم
ألقتها الفنانة لينا ديب في حفل تكريمه
إن وراء روائع الأعمال الإبداعية التي يحصيها تاريخ الثقافة جهداً كبيراً وقدرات عالية للفكر والشعور الإنساني ، وكل نجاح هو تطور خاص لهذه القدرات أو تلك عند الإنسان ،وخلف هذه الإنجازات الثقافية تقف شخصية الإنسان المبدع والمعطاء.
منذ القديم كان الكتاب والفنانون يتمتعون عند الشعوب باحترام خاص ،وقد كانت شخصية المغني مقدسة في أوربا ، وكانوا يسمون أساتذة الحرف والبنائين والنحاتين والحدادين والخزافين "الشطار" وكثيرا ما اعتبروا متمتعين بحكمة خارقة وقوه سحرية.
فالكاتب والفنان "إنسان بالمهنة " ، ومن أجل هذه المهنة يحتاج إلى شتى الملكات، من إرهاف في المشاعر وذكاء في العقل ويحتاج إلى شدة الملاحظة ووضوح في الرؤيا والخيال والحدس. وجميعها تحرض مقدرة الإنسان الفنية والإبداعية على العطاء الذي نجده في أشكال متنوعة.
وعندما يكون العطاء نابعاً من الإنسان عن حب صادق لعمله يصبح العمل الإبداعي أكثر روعة وقيمة جمالية وهذا ما نجده عند عمل الفنان والناقد التشكيلي والمؤرخ الموسيقي أديب مخزوم ، الذي عمل جاداً ،على رصد تيارات الفن ومعارضه، في مقالاته ودراساته وبحوثه النقدية والتحليلية المنشورة في الصحف والمجلات والدوريات العربية .
لقد كرس حياته للفن بشقيه التشكيلي والموسيقي فكان له حضوره على المستويين المحلي والعربي في سبيل ايصال رسالة الفن والجمال إلى المتلقي. وبذلك ساهم في المحافظة على الذاكرة الفنية، فالفنان والناقد التشكيلي أديب مخزوم يتميز برؤية دقيقة للعمل الفني، وهذه الرؤية ذات قدره تحليلية لتفاصيل العمل الفني والولوج إلى عوالمه ومفرداته التشكيلية، وإن مشاعر الإحساس بجمالية اللوحة الفنية التشكيلية، تدفعه وباستمرار نحو اختبار قدراته في الرسم والتلوين، حيث أنجز العديد من اللوحات وتدرج في صياغاتها من الرسم الواقعي، إلى التجريد اللوني الانفعالي مروراً بالعديد من الاتجاهات الفنيةفهو يمتلك القدرة الثقافية الذهنية والروحية والأخلاقية ، التي تساعده على فهم العمل الفني، والولوج إلى العوالم الداخلية للفنان الذي يقف وراء هذا العمل ، وكأنه يشاركه فكره ووجدانه، فهذه أيضاً موهبة من نوع خاص، لا تقل أحياناً عن موهبة الفنان ذاته، لأنها أيضاً، تعبير صادق عن مشاهداته الحياتية اليومية الحسية وتخيلاته الذهنية.
حيث يفترض أن يكون الناقد فنان وشاعر في آن واحد، ليتمكن من تقمص الحالات الشعورية لكل فنان على حدا ثم ترجمتها إلى مفردات لغوية ليأتي بنص نقدي يوازي ويتوفق فيقيمته الابداعية كما ينبغي أن يمتلك الناقد تلك الثقافة الشاملة وثقافةالمتابعة ،فالنقد فكر مفتوح لتعددية الإبداع وهذا ما يجعل في داخله أكثر من فنان وهو عين راصدة لتطور تجربة الفنان وكاشفة لمكامن الإبداع والجمال ومخيلة قادرة على توقع ما ستؤول إليه تجربة كل فنان مدركاً أن المقياس في الفن لا يصلح.. فيه الصح والخطأ والقياس على نسب الواقع، فالعمل الإبداعي يقودك للحديث للتعبير عن ماهيته.
والناقد مخزوم لديه الإدراك المعرفي لشخصيات الألوان التي تشكل عالم اللوحة كما أنه يركز على النص التشكيلي الشعري في كتاباته عن اللوحة التشكيلية , فهو ناقد فني يحترم نفسه، صادق فيما يرى ويحس، لديه الإدراك المعرفي لشخصيات هذه الألوان التي تشكل عالم اللوحة لأنه من خلال تفحصاته ومشاهداته حيال المواضيع التي يرسمها ويصورها ليبث السكينة والسلام عند المتفاعلين مع أعماله.وبذلك يتمكن من تقمص الحالات الشعورية لكلفنان على حدا ثم يترجمها إلى مفردات لغوية ليأتي بنص نقدي يوازي ويتفوق فيقيمته الابداعية لما لديه من ثقافة المتابعة، و الارتقاء بهذا الفن الجميل المغدق بالأحاسيس المرهفة، فيكون الإنطباع عن العمل الفني لديه ،هو القاسم المشترك بين أغلب ما يصدر بالصفحات الفنية والثقافية بجرائدنا ومجلاتنا من مقالات وتغطيات ومتابعات لمعارض تشكيلية، و لذلك نحن بحاجة ماسة الى تشجيع النقد الفني لأن الكتابات المتفرقة عن موضوع التشكيل في بلادنا العربية في رأي العديد من الباحثين مقالات تقديمية أو انطباعية أو تغطيات صحافية، تقرب التشكيل وتقترب منه ولا تقرؤه، كما نجد أن له اهتمامات واسعة في الفن الموسيقي ،و أرشيفاً هاماً من التسجيلات النادرة حيث أنه ( يمتلك أكثر من ألف أسطوانة قديمة لكل موسيقا الشعوب) إلى جانب المجلات الفنية القديمة ، والأغلفة والصور التاريخية النادرة، لكبار نجوم الموسيقا والغناء في الشرق والغرب . فلقد أقام معرضاً لصور الموسيقار فريد الأطرش ، في دار الأوبرا بمناسبة إعلانه، من قبل منظمة اليونيسكو الدولية شخصية عام 2015 ، إلى جانب المطرب الأمريكي فرانك سيناترا، والمطربة الفرنسية أديث بياف.
له كتاب(تيارات الحداثة في التشكيل السوري) وهو مجلد موسوعي ونقدي .. كماأن له ثمانية كتب قيد الطباعة :المناخ اللوني في اللوحة السورية المعاصـرة ـ تـأويـلات جـــديـدة فــي الإبــداع التشــكيـلي ـ ســجالات تشــكيليـة في محتـرفات ســــورية ـ فريد الأطرش قيثارة السماء ـ صلاح الدين محمد عراب النقد التشكيلي ـ بين السمعي والبصري ـ جدل الموسيقا والغناء ـ مقاربات ومباعدات نقديةعلاقة متبادلة ومتداخلة بين النقد والشعر
له العديد من اللقاءات والإطلالات التلفزيونية والإذاعية النقدية، وله عشرات المحاضرات والمشاركات في مؤتمرات ومهرجانات وندوات فنية بالإضافة الىالمعارض الفردية العديدة . عرضت الفضائية السورية فيلماً تلفزيونياً وثائقياً، عن مشواره الفني والنقدي والحياتي، من إعداد الإعلامية إلهام سلطان، ضمن برنامجها " إبداع " .
حائز على شهادة تقدير نقابة الفنون الجميلة 1996
• حائز على شهادة WORLD MEDIA DIALOQUE 2007- United kingdom من بريطانيا .
على صعيد أعماله الفنية نجد فيها الكثير القيم الجمالية المثالية والتعبيرية على خلفية مبسطة أظهرتها خطوطه الملونة ، ومساحاتهاللونيةالمتدرجة لتتضفي متعة بصريّة للمتذّوِق.من خلال تلك التوليفة اللونية ما بين الأشكال والمفردات التشكيلية المبسطة والمحورة ،والتي تؤلف حواراً بصريا فينا بينها على السطح اللوني الذي يحملها ، عاملاً على استقاء الفن من الحياة، ومن الوجوه الواقعية المختلفة الموجودة كي يصبح على صلة حقيقية بالحياة .
فشكلت المرأة عنصرا ُ أساسيا في كثير من لوحاته ، لقد أخذت طابعاً مابين التعبيرية من جهه ، والرمزية من جهة أخرى مظهراً تأثير قوة الرمز من خلال المواءَمة الذاتية في تلك الأعمال بين أفكاره ،وتصوراته المنعكسة عن علاقة المرأة بالعالم المحيط والطبيعة
وفي أحياناً أخرى تكون المرأة عنده بصيغة رمزية من خلال المواءَمة الذاتية في تلك الأعمال بين أفكاره ،وتصوراته المنعكسة عن علاقته بها في العالم المحيط فيظهر تعبيره بالخطّ واللون والكتلة متجلياً في لوحاته، التي جسدها الفنان مقدماً مشهديّة بصريّة ذات بعد رمزيّ. وتارة أخرى كلن يتجه الى الخطوط الهندسية والمنحنية التي تشكل الزوارق الورقية مقدماً بذلك مشهديّة بصريّة ذات بعد رمزيّ. محاولة منه لإعادة إحياء صورمن ذاكرة الطفولة ، أديب مخزوم الذي كوّن ثقافته البصرية عبر متابعة دائمة للمشهد الثقافي، فهو تخطى الشكل التقليدي للوحة ليتجه نحو الشكل التعبيري و العمق المادي ليكون جسراً لإيصال تأثير بصري تلتقطه عينا المتلقي.
وكتب عنه الفنان الكبير الراحل عمر حمدي – مالفا قائلاً : "أديب مخزوم .. الأسم .. الوهلة الأولى .. المفاجأة .. الأسم الذي شدني ثانية بالعودة الى مفردات الكتابة بالعربية .. باتجاه الوطن .. الاسم الذي دهشتني ملامحه النقدية ، من خصوصية وعوالم معقدة ، وجديدة في القراءة .. والايحاء .. من إنسان طالما أعجبت دائماً به .. بأنه واحد من أهم من يكتب بالعربية ، متميز، ومتفهم، كفنان ، لما هو معاصر ي اللغة التشكيلية المعقدة .. ناقد يتمتع بقراءة واسعة وجديدة للسطح ، وخلف السطح .. سطح اللوحة
".. أما الفنان والناقد التشكيلي أسعد عرابي فكتب عنه العبارات التالية : "عرفت أديب مخزوم ناقداً مجتهداً مخلصاً ومتابعاً لوقائع التشكيل السوري، أميناً في رصد الأحداث والمعارض الفنية عبر الصحافة، متواضعاً وبسيطاً دون تعقيد أو تنظير ،ولعل أبرز خصائصه هو أنه تعددي غير متعصب لاتجاه أو اسم دون آخر «تيارات الحداثة في التشكيل السوري» من المؤلفات النقدية التي تسدّ ثغرة كبيرة في مكتبتنا التوثيقية، بما يخص المعاصرة في المحترف التشكيلي السوري، يقول أديب : تركيزي على النص التشكيلي الشعري كان ولا يزال في مقدمة اهتماماتي والنص الذي أكتبه لا يشكل اغتراباً عن اللوحة التشكيلية، والدليل على ذلك أنني في أحيان كثيرة أستهل مقالاتي بلغة شعرية قريبة من مشاعر وأحاسيس الناس، من مختلف الشرائح والمستويات ..