حلقة بحث بعنوان:
دور العولمة والتعليم في تنمية الموارد البشرية

جامعة حلب
كلية الاقتصاد
دراسات العليا / ماجستير الاقتصاد

حلقة بحث بعنوان:
دور العولمة والتعليم في تنمية الموارد البشرية

الاسم : فادي سنكي

أهمية الدراسة:

تكمن أهمية البحث في إظهار العولمة والتعليم وتفعيل دورها في تنمية الموارد البشرية التي تهتم بدعم القدرات الخاصة للفرد الذي يتكون منه المجتمع وبالتالي تحقيق التنمية البشرية وصولا إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث يتناول البحث الأثر المباشر لكل من العولمة والتعليم والمعلومات وتكنولوجيا التقانة والاتصالات والاستخدامات المتنوعة والمختلفة للعولمة ودورها في رفع وتحسين قدرات الإنسان على اكتساب واستخدام المعرفة كونه العنصر الأساسي والفعال لتحقيق التقدم وكون الإنسان مورد اقتصادي أهمية كبرى في تحقيق وزيادة الإنتاج من خلال تعظيم الإنتاجية وصولا إلى تنمية الموارد البشرية وذلك من خلال الاستثمار في العنصر البشري ويتم ذلك من خلال التعرف على دور التعليم والعولمة والتدريب في تحقيق التنمية المرجوة

فروض الدراسة:

العولمة والتعليم دور أساسي في تحقيق تنمية الموارد البشرية وصولا إلى تحقيق التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية حيث دخول العولمة في نظام حياة الأفراد والإدارات. وانتشار أساليب التعليم الحديثة ومختلف التقنيات الالكترونية وأجهزة الحاسب المتطورة والمجهزة والمبرمجة وفق خطوات التقدم التكنولوجي ومتطلبات عصر المعلومات له ميزات وفوائد كبيرة تنعكس نتائجها على النهوض بتنمية الموارد البشرية وبالتالي على مختلف القطاعات في تسريع والدفع بعملية التنمية من خلال إدخال دور التقنيات الحديثة و نظم المعلومات والالكترونيات واساليب التعليم المختلفة وذلك سعيا للوصول إلى تنمية الموارد البشرية.
منهجية البحث:
الدراسة استخدمت المنهج الوصفي النظري حيث اعتمدت على الكثير من المعلومات والبيانات.

مخطط البحث:
الفصل الأول
المبحث الأول:تعريفات ومفاهيم.
المبحث الثاني: أهمية التنمية البشرية في مجال التعليم.
المبحث الثالث:العولمة والعوامل المؤثرة في تنمية الموارد البشرية.
المبحث الرابع: أثر العولمة في تحقيق تنمية الموارد البشرية.
المبحث الخامس: تنمية الموارد البشرية وعلاقته بالنمو الاقتصادي.
الفصل الثاني
المبحث الأول: العولمة والتعليم.
المبحث الثاني: العولمة والتعليم وبيئة العمل.
المبحث الثالث :عن تكنولوجيا الإعلام و الاتصال و حركية مفهوم العمل.
المبحث الرابع: تأثيرات العولمة على توزيع الأدوار في التعليم.
المبحث الخامس : التعليم وتقنيات المعلومات والاتصالات.

الفصل الثالث
المبحث الأول:التعليم عن بعد والتعليم التكنولوجي ( الالكتروني ) والتعليم التقني.
المبحث الثاني: انعكاسات التعليم الالكتروني على نظم التعليم وأثره على برامج تنمية الموارد البشرية بشكل عام.
المبحث الثالث: الاستخدامات الممكنة للحاسبات الإلكترونية في مجال إدارة الأفراد.
المبحث الرابع: أنواع بعض أنظمة المعلومات.
المبحث الخامس: العولمة والمواءمة وتنمية الموارد البشرية.

المراجع.

الفصل الأول
المبحث الأول
تعريفات ومفاهيم:
العولمة:
هي تسارع وتيرة التطورات العلمية و التقنية وثورة تقنيات المعلومات والاتصالات,التي تعزز سهولة التبادلات الاقتصادية ونمو عنصر التنافسية في الاستثمار و كسب الأسواق وتزايد أهمية ارتفاع المستويات الإنتاجية في العمل والانفتاح الاقتصادي, والتحول إلى اقتصاد السوق الذي يتميز بالتنافسية وتطور الأساليب و المعايير والممارسات في إدارة المؤسسات و ازدياد حرية العمالة داخل التكتلات الاقتصادية وحدوث تغييرات في هياكل العمالة والتشغيل والتوظيف ,وتطور أنماط مختلفة من التوظيف كالتوظيف الجزئي والتوظيف الذاتي والتوظيف دون مغادرة مكان السكن, والتشغيل بحماية اجتماعية وتطور أنماط جديدة غير تقليدية من العلاقات الصناعية ,والتشريعات العمالية,والمعايير والمستويات للعمل المهني والتوجه نحو اقتصاد المبني على المعرفة وزيادة الاعتماد على رأس المال البشري ورأس المال المعرفي, وانتقال مركز الثقل في النظم الاقتصادية من اقتصاد الموارد إلى اقتصاد المعرفة الذي يكون السبق فيه لمن يملك خزائن العلم والمعرفة ونمو الحاجة إلى تطوير نظم تنمية الموارد البشرية

التعليم:
هو مجموعة إجراءات تعتمد على نقل وتطوير المعرفة والمهارات والقيم ضمن أسس تربوية ثابتة (مناهج – نظام مدرسي – أسرة تعليمية……) مرنة تقدم نوعية وجودة شاملة تراعي كل الاختلافات متوافقة مع قاعدة مجتمع متقبلة للآخر.
وهي عملية تربوية تهدف إلى بناء الإنسان ليتمكن من المشاركة في الحياة العملية وهي جزء من التربية ونوع منها وهو قد يكون تلقينياً لبعض الأفكار أو تدريباً على بعض الأعمال وهو ضرورة من ضرورات المجتمع العربي لأنها تعمل على النهوض به ورفع مستوى حياته في مختلف نواحيها.
ويضمن التعليم التقدم المستمر للفرد ليساير التطور الدائم ولتوفير حاجاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

مفهوم تنمية الموارد البشرية

يحتل الإنسان كمورد اقتصادي أهمية كبرى في تحقيق وزيادة الإنتاج, فلا يمكن الاستغناء عن عنصر العمل في أي نشاط إنتاجي فإن عنصر العمل يؤدي إلى تعظيم الناتج ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
وبتنمية الموارد البشرية ترتفع إنتاجية ويتم تعظيم الإنتاج, وذلك بالاستثمار في البشر المتمثل في الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم والتدريب.
وتعرف التنمية البشرية – طبقاً لما ورد في تقارير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة- بأنها (عمليات توسيع اختيارات الناس) هذه الاختيارات لانهائية بطبيعتها, غير أنها تتحدد من الناحية الواقعية بمحددات اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية بالإضافة إلى ما يمكن أن يكون متاحاً من سلع وخدمات ومعارف لتلبية هذه الاختيارات. في حدود هذا المفهوم, فإنه أياً كان مستوى التنمية فإن الناس يتطلعون دائماً إلى امتداد أعمارهم وهو بصحة جيدة, وتحصيل المعارف والعلوم, وأن تفتح لهم أبواب الحصول على الموارد التي تهيئ لهم حياة كريمة. فإذا تعذر ترجمة هذه الاختيارات الثلاثة إلى واقع الحياة, يتضاءل – إن لم تنعدم – فرص تلبية معظم الاختيارات الأخرى. فلا بد للتنمية البشرية من أن تتكون من الأبعاد الثلاث
( التعليم – الصحة- مصدر الرزق).

المبحث الثاني
أهمية التنمية البشرية في مجال التعليم:
يعمل التعليم على تحسين مقدرة السكان على اكتساب واستخدام المعرفة, مما يؤدي إلى تعميق فهمهم لأنفسهم وما حولهم من العالم, ويوسع مداركهم وخبرتهم, ويعمل على تحسين اختياراتهم التي يتخذونها كمستهلكين وكمنتجين وكمواطنين, فيقوي التعليم مقدرة الناس على مواجهة حاجاتهم وحاجات عائلاتهم وزيادة تحقيق مستويات أعلى للمعيشة. فبتحسين القدرات على التجديد والابتكار. يعمل التعليم على مضاعفة ما يمكن تحقيقه من فرص وانجازات على المستوى الفردي والاجتماعي. فلا تقتصر مكاسب التعليم على الفوائد الخاصة التي تعود على الشخص المتعلم فحسب بل تتعدى ذلك بما تحققه من شعور بالانتماء الوطني, والنضج السياسي لدى الجماهير والسلوك الحضاري الراقي, والتصرفات الاستهلاكية الواعية, والنظرة الواعية تجاه التضخم السكاني والإنجاب, وارتفاع المستوى الصحي…..الخ.
وتشير الدراسات إلى أهمية تعليم المرأة في خفض معدلات وفيات الأطفال وخفض متوسط حجم الأسرة, وتيسر الاستجابة لبرامج تنظيم الأسرة, وارتفاع المستوى الصحي.
و التعليم وأن كان يعتبر في حد ذاته هدف يلزم تحقيقه لما يترتب عليه من فوائد عامة وتنمية البشر, إلا أنه يعتبر كذلك وسيلة لتحقيق النمو و التنمية الاقتصادية من خلال تأثيره على الإنتاجية من عدة نواحي. فالشخص الجيد التعليم يمكنه استيعاب المعلومات الجيدة بسرعة, وتطبيق المدخلات غير المألوفة والعمليات الجديدة بكفاءة أعلى, ففي بيرو أدى زيادة تعليم المزارع لمدة سنة إلى زيادة قدرته بنسبة 45٪ على تطبيق التقنيات الحديثة في الزراعة.وما حققه اليابان من تصنيع سريع بعد حركة الميجي, فإن ذلك يرجع إلى التراكم المتزايد للمهارات الفنية, التي ترتبت بدورها على النسبة المرتفعة للقادرين على القراءة والكتابة والاعتماد الكبير على التعليم, وخاصة تدريب الفنيين والمهندسين. ولقد استطاعت كوريا بما توفر لديها من قاعدة قوية من رأس المال البشري في أوائل الستينات من تحقيق ما وصلت إليه حالياً من مستوى رفع من التصنيع. وقد بدأت كوريا في تراكم رأس المال البشري من قبل الحرب العالمية الثانية من سنة 1910, بالاعتماد على التدريب أثناء العمل والمساعدات الفنية الأجنبية, والتوسع في برامج التعليم خلال الأربعينات والخمسينات التي تركز على التعليم الابتدائي ومحو الأمية للكبار, علاوة على التوسع في التعليم العالي, وإرسال البعثات للخارج لتلقي التدريب الفني المتقدم.
ومن هنا ليس بغريب أن بدأ الاقتصاديون حديثاً (خلال الثلاثون سنة الأخيرة) الربط بين الإنفاق على التعليم وبين معدلات النمو الاقتصادي في المجتمع, والنظر إلى هذا الإنفاق على أنه إنفاق استثماري وليس استهلاكي. وقد قدر دينسون ان الاستثمار في التعليم قد ساهم بنحو23٪ في المتوسط من معدل الزيادة في الإنتاج القومي الأميركي خلال الفترة 1910-1960, وذلك عن طريق رفع المستوى التعليمي لليد العاملة.
يمكن التعرف إلى مفهوم تنمية الموارد البشرية و نطاقها و عناصرها بشكل أكثر وضوحاً عن طريق المنظومة المتكاملة التي تتعلق بعناصر العرض و الطلب الخاصة بالموارد البشرية ,والتي تشمل تنمية هذه الموارد من ناحية واستثمارها من ناحية أخرى .وتتضمن هذه المنظومة ثلاث مجموعات من العناصر التي تترابط وتتفاعل في إطار المعايير والقيم والأطر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية السائدة في المجتمع.
وهذه المجموعات الثلاث هي:
۱- مصادر العرض من القوى العاملة ,ويمكن إيجازها بما يلي :
نواتج (مخرجات)النظام التعليمي ,التعليم و التدريب .•
نواتج (مخرجات) التعليم و التدريب غير النظامي و تعليم الكبار•
العمالة الوافدة من أقطار أخرى مختلفة.•
العمالة العائدة ,وتشمل فئات العاملين في الخارج العائدين إلى العمل في بلدهم. •
٢- العناصر التي تشكل مجالات و مواقع الطلب على القوى العاملة:
أسواق و مجالات العمل المحلية •
أسواق و مجالات العمل العربية •
أسواق و مجالات العمل الأجنبية •
متطلبات الإحلال بسبب التقاعد و الوفاة •
– قنوات الارتباط بين جانبي العرض من القوى العاملة و الطلب عليها ومنها: ٣
التشريعات •
نظم المعلومات وقواعد البيانات •
الدراسات و البحوث •
الروابط و القنوات التنظيمية •
خدمات التوجيه و الإرشاد •
خدمات التشغيل و التوظيف •
متطلبات تنظيم العمل المهني •
منظومة تنمية الموارد البشرية واستثمارها
الأطر والمعايير والقيم الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية والثقافية
الطلب على القوى
العاملة
– أسواق و مجالات العمل المحلية

– أسواق و مجالات العمل الخارجية (الإقليمية والدولية)

– متطلبات الإحلال بدل التقاعد و الوفاة و الخروج من سوق العمل
التشريعات

نظم المعلومات وقواعد البيانات

الدراسات و البحوث

الروابط و القنوات

(مجالس,لجان,
مؤسسات …)

خدمات التوجيه و الإرشاد والتوعية والإعلام

خدمات التشغيل و التوظيف

متطلبات تنظيم العمل المهني

العرض من القوى

العاملة

– نواتج النظام التعليمي
والتعليم و التدريب
المهني والتقني.

– نواتج التعليم و التدريب غير النظامي و تعليم
الكبار .
العمالة الوافدة –
العمالة العائدة –

تنمية الموارد البشرية استثمار الموارد البشرية

المبحث الثالث
العولمة والعوامل المؤثرة في تنمية الموارد البشرية
أولاً: العوامل التعليمية:
تعني العوامل التعليمية بعدد كبير من مدخلات العملية التعليمية – وعملياتها ونواتجها (مخرجاتها) ـ وتشكل العوامل التعليمية، التربوية منها والتنظيمية، وجهاً واحداً من عملية تنظم تنمية الموارد البشرية وهيكلتها وتوجهاتها. وتطورت التقنيات المستخدمة في برامج تنمية الموارد البشرية تطوراً كبيراً. وقد شمل ذلك تقنيات الوسائل العلمية، والإرسال الإذاعي والتلفزيوني، والبث عبر الأقمار الصناعية واستخدام الحاسوب كوسيلة تعليمية واستخدام الإنترنت الذي يحمل آفاق جديدة ومزايا نوعية للتعليم.
ثانياً: العوامل العلمية والتقنية:
تشمل عوامل العلوم والتقنية نشاطات البحث العلمي والتطوير وتطبيقاتها التقنية وتعمل هذه النشاطات على تعزيز حركة العولمة. كما أنها تنمو وتتغذى بدعم من قوى العولمة ومتطلباتها وترتبط نشاطات البحث العلمي والتطوير وتطبيقاتها التقنية برأس المال البشري والمعرفي في المجتمع، وما يتطلبه رأس المال هذا من نظم وبرامج لتنمية الموارد البشرية في المستويات المهنية العليا.
ثالثاً: العوامل الثقافية:
تشكل العوامل الثقافية في المجتمعات الوعاء الحضاري والإطار العام الذي يحدد ملامح نظم تنمية الموارد البشرية فيها بشكل عام, والنظم التعليمية النظامية بشكل خاص ,تؤثر الثقافة السائدة في المجتمع في طبيعة المعالجات والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
رابعاً: العوامل الاجتماعية:
يتأثر مدى تعميم التعليم وانتشاره بحجم الطلب الاجتماعي وطبيعته. وتساهم التوجهات العالمية الحديثة وتأثيرات العولمة, وتأكيد النظرة إلى التعليم كمطلب مجتمعي أساسي, في ضوء الوعي بأهميته كوسيلة لنمو الفرد ومجاراة متطلبات سوق العمل, وذلك بالإضافة إلى أهميته لأغراض النهوض بالمجتمع وتقدمه.
خامساً: العوامل الاقتصادية:
إن تنمية الموارد البشرية بشكل عام وخدمات التعليم أصبحت استثمارا في رأس المال المعرفي والعنصر البشري الذي يشكل أهم عناصر التنمية والإنتاج وبخاصة في ضوء التطورات العالمية الحديثة وحركة العولمة التي تتميز بالتوجه المتسارع نحو ما أصبح يعرف باقتصاد المعرفة. ويخضع التعليم والتدريب, بوصفه عملية استثمارية, لكثير من المعاير الاقتصادية, كحسابات الكلفة والكفاية الفاعلية, واقتصاديات العملية التربوية, وتقديرات المردود والعائد على الفرد وعلى المؤسسة التي يعمل بها وعلى المجتمع بشكل عام.
سادساً: العوامل السياسية:
يستدعي التوجه نحو المجتمعات والنظم الاقتصادية المبنية على المعرفة – وتعززه حركة العولمة- أن تصبح الميزة النسبية للمؤسسات والشعوب أكثر ارتباطاً بالموارد المعرفية. ولابد أن تسعى المجتمعات سعياً حيثيا إلى تطوير سياساتها المتعلقة برأس المال المعرفي, ومحوره المتمثل بالإنسان, كضرورة اقتصادية إلى جانب الحاجة الاجتماعية. ويتم ذلك عن طريق الاستثمار المناسب في نظم وبرامج تنمية الموارد البشرية.
سابعاً: العوامل الدولية:
باتت التطورات العالمية وقوى العولمة تؤثر أكثر وأكثر في السياسات والتوجهات والإصلاحات المتعلقة بنظم تنمية الموارد البشرية ومن العوامل الدولية المهمة المرافقة للعولمة ـ والتي تنعكس على نظم وبرامج تنمية الموارد البشرية بشكل عام، ونظم برامج التعليم العالي والبحث العلمي بشكلٍ خاص ـ القضايا المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية التي تشمل العلامات المسجلة وبراءات الاختراع وحقوق الطبع.
ورغم ذلك، تقف كثير من العوائق والصعوبات أمام التوجهات الدولية لحركة العولمة ومنها:
– الاعتبارات الأمنية
– العلاقات الدولية، السلبية حيناً والعدائية حيناً آخر، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى فرض القيود على نقل المعرفة.
– الآثار والنتائج الناجمة عن اتفاقات حقوق الملكية الفكرية، من حيث القيود المفروضة والكلفة العالية
– الاعتبارات والمحددات المرافقة للاعتراف بالشهادات العلمية الأجنبية وتقييمها ومعادلتها.
المبحث الرابع
أثر العولمة في تحقيق تنمية الموارد البشرية:
يمكن القول أن تنمية الموارد البشرية و تمويلها من القضايا الأكثر ارتباطاً بتوجهات العولمة والتطورات العالمية المرافقة لها, ذلك أن حركة العولمة انطلقت انطلاقة اقتصادية في أساسها. فالبعد الاقتصادي, الذي تعززه حركة العولمة, أصبح يتخلل النشاطات الحياتية المختلفة, ومنها نظم تنمية الموارد البشرية. وينعكس ذلك على إدارة الموارد المادية والبشرية ذات العلاقة. وترشيد السياسات و التوجهات والأولويات بما يضمن الحصول على أعلى مردود بأقل كلفة ممكنة. فالكفاية والفاعلية في إدارة الموارد البشرية والمادية, وحسن اختيار البدائل والأولويات في النظم والأساليب والتقنيات,ومراعاة الاقتصاد في النفقات والترشيد في الإنفاق, كل ذلك يشكل الوجه الثاني للعملة التي يشكل التمويل وجهها الأول.
ويواجه كثير من المجتمعات تحديات كثيرة في مجال تنمية الموارد البشرية بشكل خاص,وفي مقدمة هذه التحديات ارتفاع كلفة الخدمات التعليمية والتربوية, وازدياد حجم الإنفاق على التعليم بمراحله ومستوياته ومجالاته المختلفة, بسبب النمو الكمي والتطور النوعي لهذه الخدمات, مما أدى بالكثير من الدول لتبني السياسات ووضع البدائل والحلول التي تضمن استمرارية المصادر التمويلية والمحافظة على المسيرة التربوية وحمايتها من التعثر والتراجع.
وتهدف هذه السياسات والحلول بشكل عام إلى تأمين تعليم أفضل لأعداد أكبر من المواطنين وبنواتج أكثر جودة وفاعلية من ناحية, وإلى تأمين تمويل دائم بكلفة مقبولة ومردود أعلى عن طريق ترشيد الإنفاق والحد من الهدر ورفع الكفاية الداخلية والخارجية للنظام التعليمي من ناحية ثانية, وإلى ضمان عنصر التوافق والمواءمة بين نواتج النظام التعليمي والمتطلبات التنموية وحاجات و مجالات العمل من ناحية ثالثة.
فلم يعد مقبولاً أن نرفد سوق العمل بالخريجين الذين يفتقرون إلى المهارات المطلوبة بالمستوى اللائق والأداء المقبول. وتشمل المهارات المطلوبة في هذا السباق الكفايات الفنية والعلمية والعملية المتخصصة من جهة,والقدرات الاجتماعية والحياتية من جهة أخرى.
والتعليم المبني على المفاهيم والنظم العلمية المتطورة, والذي يراعي العدالة الاجتماعية والديمقراطية, والذي ينطلق من سياسات واستراتيجيات ذات جذور ومصداقية, هو إحدى القواعد الفعالة للانطلاق إلى فضاء العلم والمعرفة, وبناء الذات بثقة واقتدار, والتعامل مع العولمة بثبات ووعي,وبالتالي تساهم بايجابياتها وانجازاتها, وتتفادى سلبياتها وشوائبها, ونحافظ على ثقافتنا, ونرفد بها الثقافة الإنسانية والحضارة العالمية.
ولهذا النموذج من التعليم دور رئيسي في التنمية الشخصية والاجتماعية للفرد, والتنمية الشاملة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع,ضمن منظومة التنمية البشرية المستدامة .
وإن كنا نتكلم في الماضي عن رأس المال المادي فإن الحديث في المستقبل سيتركز على رأس المال البشري الذي يشمل المعرفة و الثقافة والتقنيات الحديثة في المعلوماتية والاتصالات بالإضافة إلى الموارد البشرية أي رأس المال المعرفي ((knowledge capital
فقد انتقل العالم في القرن العشرين من الاقتصاد المبني على قوة العمل(labor intensive)
,(capital intensive إلى الاقتصاد المبني على رأس المال (
, (knowledge intensive) ونحو الاقتصاد المبني على المعرفة
وشيئاً فشيئاً ينتقل مركز ثقل مصادر الثروة من المصانع والآلات والأرض والعقارات إلى المعرفة والمهارات والقدرات البشرية التي تميز مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة. وستجد الدول النامية نفسها إما أنها تسبح مع التيار أو تغرق فيه وتواجه مزيداً من الانعزال. وتشير بعض التقديرات إلى أن رأس المال البشري والمعرفي يفوق بمردوده رأس المال بثلاث مرات على الأقل.

المبحث الخامس
تنمية الموارد البشرية وعلاقته بالنمو الاقتصادي :
تنامت الدعوة إلى إحداث إصلاحات في نظم تنمية الموارد البشرية بشكل عام, وفي الأنظمة التعليمية بشكل خاص في ضوء التطورات العالمية, الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية, وفي ضوء الثورة المعرفية, وبخاصة في مجال تقنيات المعلومات والاتصالات. وقد رافق ذلك نمو كبير في الطلب الاجتماعي على التعليم بصفته أداة فعالة للحراك الاجتماعي وتجسير الفروق الاجتماعية, ووسيلة للارتقاء بنوعية الحياة, وعاملاً فعالاً في التطوير الاقتصادي أو الاجتماعي. وقد زاد من الحاجة إلى الإصلاح والتطوير تنامي الفجوة وازدياد الهوة بين احتياجات التعليم من الموارد المادية وبين ما توفره كثير من المجتمعات والحكومات من هذه الموارد لتلبية تلك الاحتياجات مع الأخذ بالاعتبار التطور المستمر في عالم التقنيات والتسارع في وتيرة التطورات التقنية, مما يستدعي تطوير السياسات التمويلية, والنهوض بالقدرات الإدارية والتنظيمية, وزيادة الكفاية والفاعلية لدى الجهات والمؤسسات المعنية بالتخطيط والإشراف والتنفيذ.
ومقابل ذلك, تزداد المتغيرات والمجازفات المرافقة للعمل, والمخاطر المرتبطة به, والصعوبات الخاصة بالتنبوء بالنتائج. هذا مع العلم أن كل هذه الخصائص ليست غريبة على حركة العولمة, بل إنها إحدى نتائجها من ناحية, وتقوم بتغذيتها من ناحية أخرى.
ويتميز اقتصاد المبني على المعرفة بمجموعة من الخصائص التي تضع الدول النامية والفقيرة أمام تحديات كثيرة, والتي يمكن تلخصيها بما يلي:
• حدوث تغيرات في قواعد اللعبة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي والنشاطات الإنتاجية, فبعد أن كانت الصناعات الثقيلة والزراعة المكثفة تتصدر الاقتصاديات العالمية, أصبحت المعرفة والإبداعات تحتل موقع الصدارة.
• نمو دور تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة في نقل المعرفة والمعلومات والتعامل معها, واستثمارها بسرعة متناهية وبكلفة متناقصة.
• الاستخدام الأمثل للتقنية وتطوراتها.
• توافر البيئة المناسبة للحفز على توليد المعرفة وإدارتها بكفاية وفاعلية .
• التطوير المستمر في الخدمات و السلع المنتجة مع التركيز على النوعية كعامل لا يقل أهمية عن السعر في التنافس على كسب الأسواق.
• شيوع برامج تنمية الموارد البشرية المتاحة للعاملين في مؤسسات العمل والاستخدام والإنتاج, لتصبح هذه المؤسسات بذلك «مؤسسات تعليمية»( learning organizations)
تطبيق أساليب إدارة الجودة الشاملة ومعاييرها.•
• ارتفاع العائد والمردود, وبالتالي ارتفاع عامل المنفعة ⁄ الكلفة في العمل .
• تلاشي المفهوم التقليدي لموقع العمل, إذ من الممكن إنجاز كثير من النشاطات المنتجة دون الالتحاق المنظم بموقع محدد العمل .
( production cycles( قصر فترة الدورات الإنتاجية •
نتيجة التنافسية والانفتاح والتحولية في طبيعة المعاملات الاقتصادية والتطورات العلمية والتقنية المتسارعة التي تنعكس على طبيعة العمليات الإنتاجية ومضمونها وأساليبها.
• التوسع في تحميل المسؤوليات وتفويض الصلاحيات للأفراد وفرق العمل في العملية الإنتاجية .
• زيادة الاعتماد على العمل الجماعي وعمل الفريق.
• تقليص عدد مستويات المسؤولية في الهياكل التنظيمية, وانكماش الحواجز بين مسؤوليات العمل التخطيطي والإداري من ناحية, ومسؤوليات العمل التنفيذي والإنتاجي من ناحية أخرى.
• التوسع في تقديم الخدمات المساندة للمستهلكين, والتوظيف المكثف للتغذية العكسية من مواقع الاستهلاك للسلع والخدمات, والتي تعكس الأذواق والأولويات الاستهلاكية, وذلك لأغراض تطوير المنتجات والارتقاء بجودتها.

وتتسم إدارة الموارد البشرية والمادية في كثير من نظم تنمية الموارد البشرية, وبخاصة في الدول النامية,بالضعف, مما يستدعي عملاً جاداً لتطوير إدارة الجودة الشاملة التي تشمل المكونات والعناصر البشرية والفنية والمالية ( (total quality management والتنظيمية,علماً بأن جزءاً ملموساً من العجز المالي في المؤسسات التعليمية يمكن أن يعزى إلى انخفاض الكفاية والفاعلية في إدارة الموارد البشرية والمادية, وإلى الهدر وضعف الإنتاجية و الترهل الإداري وربما الفساد. وفيما يلي عرض لعدد من الإجراءات والتوجهات والبدائل والنماذج التي تساهم في الإدارة الرشيدة للموارد البشرية والمادية في ضوء متطلبات اقتصاد المبني على المعرفة وخصائصه:
ﺃ- التخطيط للاستثمار الأمثل للموارد البشرية التي تشمل الكوادر التدريسية والإدارية والمالية, واعتماد نظم متطورة للوصف الوظيفي, والربط المحكم بين النشاطات والعمليات المختلفة وبين حاجتها من الموارد البشرية من حيث الكم والنوع مع ضمان الكفاية والإنتاجية العالية.
ﺏ- اعتماد أسلوب التخطيط التمويلي البعيد المدى نسبياً.
ﺝ- التنسيق والتكامل بين مؤسسات تنمية الموارد البشرية على المستوى الوطني. يتم ذلك عن طريق الاتحادات والروابط واللجان, وقد يتم بمبادرات وتوجيه من السلطات الوطنية المسؤولة عن التعليم كالوزارات والمجالس المعنية وغير ذلك.
ﺩ- التنسيق بين مؤسسات ونظم التعليم على المستوى القومي. ويتم ذلك عن طريق المنظمات والهيئات والاتحادات الإقليمية. ومثال ذلك في الأقطار العربية إتحاد الجامعات العربية.
ﻫ- التوسع بإجراء الدراسات التقييمية ودراسات الجدوى.
ﻭ- تعظيم الكفاية الداخلية التي تعنى بالمدخلات والمخرجات والعمليات المتعلقة بالعملية التعليمية و التعلمية.


يتبع الفصل الثاني والثالث