راني الخضري وألوان الربيع في ريشته
- أكتوبر 16, 2012
- 0
راني الخضري: كل لون هو جزء من تركيبتي كفنان تشكيلي، وذراتي وتكويني ولا أستغني عن أي لون من الألوان لأن لكل منها طاقته في العمل الفني
راني الخضري وألوان الربيع في ريشته
دمشق ـ عالم نوح ـ شادي نصير
هناك بين أكوام الألوان والشاسيهات يفرد راني ريشته ويضع ألوانه فوق باليته ويمزج بأصابعه عالماً سريالياً خيالياً من الجمال، يحاورها بالعقل والمنطق فتغدوا أشبه بأسطورة من اساطير الابداع.
من دمشقه، حيث التاريخ يسجد لقاسيون الشامخ ولبردى النابض بالحب، تنسج لوحات راني الخضري لتبوح بما لايستطيع أن يخبر به شفاهياً فيقدمها تشكيلاً مطعماً بالخيال والابداع وقد التقاه عالم نوح بالمحبة في الحوار التالي:
ـ كيف ولد التشكيل في ذاكرتك ورؤيتك لعالم الفن التشكيلي؟
عشت في منزل يهتم بالفن، ويعتبر أن الفنون أسمى أنواع الإبداع، فوالدي مهندس الديكور قربني إلى عالم الفن والإبداع، وهو يملك محل للّوحات الفنية والإبداعية، هذا العالم جعلني قريب من اللون وشكال الفن المختلفة، ومنذ صغري تشرّبت الألوان في ذلك المكان وقد أغراني ذلك كي أتعمق بما تعنية الألوان، فدخلت مضمار دراستها وتعمقت ببداية اللون وبداية اكتشاف الإنسان للألوان، مروراً بالفراعنة، وما تعنيه لهم الألوان، ومن ثم للشاكرات والهالات، ودراسة العلاج بالألوان حتى أنني وصلت إلى كيف نستطيع كأشخاص أن نعالج أنفسنا بالألوان، وحتى أنني دخلت إلى مجال البحث في الألوان ووجودها في القرآن الكريم ومن الأشخاص القليلين الذين فكروا وبحثوا في سبب ترتيب الالوان في القرآن الكريم، وعددها ولماذا ذُكر كل لون بعدد محدد في القرآن الكريم وهذا كان جرأة كبيرة في البحث.
ـ كيف يرى راني فن الرسم؟
فن الرسم هو ما أتنفسه كل يوم، فعندما أتجه نحو مرسمي أحس بأنني أتجه إلى موعد غرامي، لان شي ما يغريني ويحمّسني ويجعلني أتمنى أن يكون النهار أطول بكثير من أربع وعشرين ساعة كي أحقق ما أصبوا إليه من لوحات إبداعية فنية.
ـ الفن لغة بصرية وإحساس كيف تنقل رؤيتك وإحساسك بشكل صحيح إلى الشاسيه البيضاء؟
الرسم هو ليس لغة بصرية فقط بل هو بالنسبة لراني كل اللغات الحسية والبصرية فاعتبر الرسم قصيدة أكتبها لمحبوبة خيالية والألوان هي أحرف هذه القصيدة ومن خلال مزج الالوان أمزج مشاعري مع العمل الفني فكل لون له روحه ومن تعدد الأرواح أخلق لوحات لها روحي الخاصة.
ـ الألوان التي تميز أعمال راني نارية وصارخة، وثائرة رغم أنك هادئ في طبيعتك وتتحكم بالعواطف، كيف يتم هذا الاختراق والصخب في أعمالك الفنية؟
في لوحاتي التي أرسمها أُخرج ما في داخلي وما أتمنى أن يوجد فيَّ، وأهم شيء بالنسبة لي أن أقدمه في لوحاتي هو الصراحة.
وبما أننا في مجتمع استهلاكي فمن الصعب أن نكون صريحين كفاية مع من حولنا ونقوم بالمجاملة، أما في العمل الفني ضمن إطار اللوحة التي أرسمها لا أستطيع أن أجامل أبداً، ولا بد من أن تتكلم عما في قلبي من مشاعر ولا أستطيع أن أضمّنها أي شيء فيه كذب، فالألوان بالنسبة لي أصدق المكوّنات التي أعمل بها، فلا أستطيع أن أضع لون وأكذب بمشاعري عليه أو أجماله لانه سيكشفني ببساطة.
ويضيف راني: عندما أقوم برسم أي لوحة فنية أو أخرج أي عمل فني ليس لي لأي فنان تشكيلي آخر أو أقدم عمل ديكور لأي منزل أو محل أبحث عن الأعمال التي تلفت النظر وتكون مميزة، دون أن أشعر المتلقي بأنه غير مألوف لديه، ومثلاً اللوحات التي أعملها على شكل مثلثات هي غير مألوفة وهي تقدم طاقة إيجابية في المنزل.
كذلك من جماليات الرسم التجريدي .. الألوان، فالمتلقي ينقل ما في داخله من ألوان ويقدمها كصورة عما يتابعه في العمل الذي أمامه ويقدم له راحة النفس.
ـ درست علم الطاقة "علم التشي" حدثنا حول هذا العلم وإرتباطه بالألوان؟
هو علم صيني يدخل في تفاصيل الألوان وحيثياتها والعلم الأساسي "التشي" هو "اليان" و"اليانغ" وتخصصت بعلم الفون تشوي علم طاقة المكان ومعناه "الرياح والماء" وهو أن الصينيين لا يعرفون سبب الرياح ولا يستطيعون مسك الماء فحاولوا أن يعرفوا سبب طاقة المكان ولابد أن تنسجم أثناء عمل الألوان في منزلك بلون محدد وما ينسجم مع شخصيتك فالمرأ يتعلق بالروحانيات.
ـ كم أفادك هذا العلم في اختيار ألوان لوحاتك؟
أفادني أكثر من خمسين بالمائة، وأي رسام لابد أن يتعلم هذا العلم وأن يعرف مصدر الألوان وكل لون ما هو وكل لون من اين مصدر قوته وضعفه وطاقته فبالنسبة لراني الأسود يعني القوة والأبيض النقاء، والأصفر تفاءل والأخضر القلب والأزرق الصفاء الكوني، والأحمر الجذب والدم وكل لون هو جزء من تركيبتي كفنان تشكيلي، وذراتي وتكويني ولا أستغني عن أي لون من الألوان لأن لكل منها طاقته في العمل الفني.
ـ ماذا تريد أن تقدم من خلال الفن التشكيلي؟
أحب أن أقدم شيء يسعد كل شخص في منزله، من خلال الألوان، ويدخل إلى قلبه البهجة، والعبرة أنه يجب أن تكون مرتاحاً بالألوان في منزلك وباللوحات وأشكالها الخاصة.
ـ كيف يرى راني الألوان التجريدية في اعماله؟
الرسم بالألوان بالنسبة لي هو حياتي وعالمي وما أعبّر عنه في لوحاتي هو عبارة عن رقص لوني، وأحب أن من يتابعني يرى الرقص في لوحاتي ويراني كما هو يريد وليس كما أنا أريد، وبألواني أنت تشكل عملي، وهذا ما يغريني في أن أعطيك اللوحة ولكن بشرط أن تجد أنت ما تريد أن تراه.
ـ دمجت عدة مدارس فكيف استطعت فعل ذلك؟
درست كل المدارس من التكعيبي إلى تجريدي إلى كلاسيكي ودمجت كل المدارس وتكمن جرأتي من وضعي للألوان الصريحة دون دمج مع أي لون آخر وأرى الطبيعة ولا أحب المجاملة بالألوان.
هذه هي الألوان التي يطيرها الفنان التشكلي راني الخضري كفراشات الربيع جاعلاً كل ما يدور في فلكها مزهراً وضاجاً بخيالات وإبداعات الريشة التي يمتشقها.
وبذلك يرسوا راني بفنه وعلمه على مرفأ الإبداع فهو الربان الذي اختار ما يناسبه في مدينته التي تعبق برائحة ياسمينها ونور شمسها.متمنين له المزيد من الشهرة والنجاح.