رفقاً .. أنا شجرة
- أبريل 30, 2012
- 0
ونقرأ في هذه الزاوية .. القصة القصيرة للصيدلانية والأديبة منى تاجو: رفقاً .. أنا شجرة
منى تاجو
Muna Tajo
رفقاً أنا شجرة
ارتقيت الدرجات القليلة بسرعة و اجتزت بسطة الدرج المرمرية، فتح الباب وابتعد المصراعان الزجاجيان، دخلت البهو الواسع الذي يلمع تحت المصابيح المتلألئة، أنا الآن اجتاز بهو الفندق الفاخر لأصل إلى موظف الاستعلام لأسأل عن السيد (س) كنت على موعد عمل معه، بعد أن رحب بي قائلاً: سوف ينزل بعد قليل، تفضلي بالجلوس ، توجهت إلى ركن هادئ كانت هناك موسيقى خفيفة تنساب إلى اذني، بدأت أستعيد هدوئي فقد كنت خائفة من أن أكون قد تأخرت على الموعد.
عندما هممت بالجلوس سمعت همساً لم أعرف مصدره: (رفقاً أنا شجرة!!). تلفت حولي لم أجد من يمكن أن يكون مصدراً لهذا القول. فعدت لأسترخي فعاد الهمس: نعم كنت قبل أن آتي إلى هنا شجرة!…..لم أستطع ألا أجيب: من ؟ من يتحدث؟…… لا بد و أنني كنت غريبة لمن ينظر إلي من بعيد، فهو لا يرى إلا إنسانة تتحدث مع نفسها، فتلفت و وجدت الكل منهمكاً بما حوله فشكرت الله أن لا أحد كان ينظر إلي. الهمس يعود: لقد اخترت أن أحدثك، تبدين لطيفة، أنا كرسيك؟ نعم……… أنا أتحدث إليك. لا يمكنني أن أتخيل كيف بدا وجهي، و لكني كنت أشعر بالصدمة هل يعقل أنني سأتحدث مع الكرسي الذي أجلس عليه.
– عزيزتي، في يوم ما كنت شجرة، كبرت بسعادة كانت أشعة الشمس تضيء أغصاني و النسائم تداعب أوراقي، طوال الربيع و الصيف، و عندما يأتي الخريف كنت أودع الأوراق التي تتساقط تباعاً، و أهجع إلى نوم طويل.
– أما كنت تبردين في الشتاء.
– لا……..أبداً كنت أنطوي على نفسي، و تتباطأ مياه الغذاء في عروقي و أعطي لنفسي إجازة وأدخل في سبات.
– كيف كنت تستيقظين؟
– عندما تعود الشمس لتدفئ الهواء، و تعود الرياح تمشي الهوينى لتصبح نسائم، حينها أترك السبات و أبدأ بالتثاؤب، أنتم تشربون القهوة عند الاستيقاظ…..
– مهلاً……..مهلاً كيف عرفت أننا نشرب القهوة؟
– كثر من يأتون للجلوس إلى جانب جذعي في الصباح يشربون القهوة و هم يتحدثون، أما أنا فأبدأ بالشرب بشره من ماء المطر الهاجع في الأرض و تبدأ تبعاً لذلك طاقاتي بالتفتح، براعم الورق التي تنمو لتصبح أوراقاً تتمايل متباهية برشاقتها و لونها الزاهي و أنطلق للبناء بكل طاقاتي يا ليتك شاهدت كم كنت جميلة………كم كنت بهية……. كثر من كانوا يعجبون بي و أنا أزداد علوا و شموخاً عاماً بعد عام.
– كيف وصلت إلى هنا؟
– لقد توجست شراً من زحف الأبنية، و لكن ما الذي كنت أقدر على فعله؟؟؟؟ و جاء ذلك اليوم الذي استيقظت فيه على ألم حارق في ساقي الضجيج يملأ المكان العمال و الآلات و لا أحد يستمع إلى أنيني، و استمر الألم إلى أن هويت.
– يا مسكينة…….
– نقلت لا أعرف أين، قطعت إلى أجزاء كثيرة و تضاعف شعوري بالوحدة، ثم جففت و عادوا إلى نقلي كنت في معمل لصناعة المفروشات فقد التقيت بجارات لي كن قد غادرنني، و لقيت ما لقيت من آلام المسامير التي غرست في جنباتي وقماش جميل ثبت علي.
– مساء الخير يا آنسة.
– نهضت مبتسمة وسلمت على السيد (س).
الصيدلانية والكاتبة منى تاجو