
سارة كيخيا أُمّيّة تجعل حياتنا أرحب
- يوليو 25, 2011
- 0
تجرأت المؤلفة سارة كيخيا وراحت تكتب قصة “البنت والسمكة” التي جاءت في ثمان وخمسين كلمة انبسطت على ست صفحات من القطع المتوسط، وترافقت بثماني لوحات رسمتها المؤلفة بنفسها،
قصصها تحرض على الكتابة عنها بطرافة خفيّة
سارة كيخيا
أُمّيّة تجعل حياتنا أرحب
بقلم بسام لولو
في خضم الأقوال والأحداث والنوايا والخفايا والمخططات والآلام التي تعصف بعالمنا في الفترة الأخيرة، والتي صارت شغل الناس الشاغل، لدرجة أنهم ما عادوا يرون في دنياهم غيرها، تجرأت المؤلفة سارة كيخيا وراحت تكتب قصة "البنت والسمكة" التي جاءت في ثمان وخمسين كلمة انبسطت على ست صفحات من القطع المتوسط، وترافقت بثماني لوحات رسمتها المؤلفة بنفسها، لتضع اثنتين منهما على الغلاف الأول والأخير، ولتزين وتشرح باللوحات الباقية القصة، بشكل يتيح للمتلقي أن يتعرف إلى تفاصيل القصة من رسومها، إذا كان ممن لا يحسنون القراءة، وبذلك خرجت القصة بأربع عشرة صفحة جلّدتها الكاتبة بنفسها، لتضعنا بذلك أمام عمل متكامل انفردت بإنجازه من ألفه إلى يائه، من دون أن تعتمد على أحد، سوى على كاتبٍ أَمْلَتْ عليه قصتها.
وقد استطاعت المؤلفة في باكورة إنتاجها أن تشد الانتباه إليها وتخطف الأبصار، وتُطيّر العقول، وتلهب الأكف، وتنال إعجاب وتقدير نخبة من الفنانين والمثقفين والمهتمين، وربما أشعلت صدورهم غيرةً، وقد بدا هذا الصدى واضحاً عندما عرضنا القصة على الفنان التشكيلي حسين محمد وعدد من أصدقائه وطلبنا منهم إدلاء الرأي فيها.
لكن الأمانة العلمية تقتضي القول إن المؤلفة مازالت أميّة لاتحسن الكتابة والقراءة، إذ حاولت أن تكتب القصة بنفسها، لكنها وجدت أن الأمر صعب عليها بعد كتابة أربع كلمات، فآثرت أن تُوكِل هذا الأمر إلى أحد المتمكّنين من الكتابة، الذي التزم بكل ما أَمْلَتْه عليه المؤلفة من دون أي تدخّل من قِبَله، فكشفت المؤلفة بذلك عن معجمها اللغوي البسيط والذي يخلط بين التفاصح والعامية في كثير من الأحيان، وعن تنقلها غير المُبَرّر من المقدمة التقليدية والمختصرة في قولها "كان في بنت"، مروراً بذروة الحدث والعقدة، في قول السمكة، التي تعتقد أن البحر ملك لها، للبنت التي تريد أن تسبح وتستحم فيه وتستمتع به: "لماذا تسبحين في بحري؟"، إلى انفراج الأزمة والخاتمة، في حفلة المساء التي رقصت وانبسطت فيها البنت كثيراً بعد أن شاركت السمكات عشاءها فبدأن بحبها وانتهت مشكلتهن معها.
كما كشفت القصة عدم اهتمام المؤلفة بمشكلات عصرها، وانشغالها فقط بذاتها ومتعها وسذاجة هواجسها التي تحتفي بالكثير من عناصر الطبيعة، مع أن سيرتها الذاتية تُدَلّل على أنها اجتماعية ولا تشكو من قلة ثقافة عامة، فهي إلى جانب الرسم والتأليف حافظة للحديث النبوي "أمك ثم أمك …." وتهوى الرحلات والموسيقا والرقص والغناء، لكن هذه السيرة تُدَلّل أيضاً على أنها لاتمانع في أن ترشو بإنجازاتها الفنية أقاربها ومعارفها مقابل مجاراتهم لرغباتها وأهوائها، غير أننا رأينا أن نحاول الاتصال بها لنتفق على صيغة نحتكر فيها مؤلفاتها.. ومع العديد من الاتصالات والمساومات والأخذ والرد، طالبت مرة بخمسمئة ليرة عن القصة الواحدة ومرة بستين ليرة، إلى أن وافقت مؤخراً على عشر ليرات مقابل كل خمس قصص تكتبها…
لكن الأمانة العلمية تقتضي القول أيضاً إن البعض رأى في المؤلفة سارة قوة خارقة في قدرتها على تجاوز وشيش عصرها، وأنها استطاعت، من دون جهد كبير، وعلى الرغم من أخطائها الواضحة والفاضحة، أن تحقق الدهشة والنشوة المرجوتين من أي عمل فني، وأن تلهم وتلهب أحلامنا بحياة أرحب وأنقى وأجمل بعد أن فعلنا فيها ما فعلنا، بشكل يمكن أن يحسدها عليه أكبر فناني الدنيا، ربما لأنها لم تتجاوز الرابعة والنصف من عمرها.
وفي الختام
ثم الغلاف الأخير
قصة ورسوم الطفلة سارة كيخيا
مع الكاتب بسام لولو.
وهذه بعض الصور من أرشيف سارة