سعاد حسني و أنا عصام طنطاوي
- يونيو 17, 2013
- 0
سعاد حسني و أنا عصام طنطاوي:
كنت أشعر أن سعاد حسني تريد أن تورّطني في قصة عاطفية
بقلم الفنان التشكيلي عصام طنطاوي
سعاد حسني و أنا !!!!
اتصلت بي سعاد حسني وقالت:
عباس خلاص مش قادرة أستحمل .. ، سألتها : ليه ياحبيبتي هو المغص جالك تاني ؟ مش قلتلك تاخدي شوربة سخنة قبل ماتنامي ؟
قالت : يادمك .. يعني مش واخد بالك من اللي بيحصل ؟
قلت : أنا عارف ياحبيبتي ، هي المواصلات بقت صعبة اليومين دول، خلاص سيبي الشغل، وبعدين البابا يوسف وهبي مش ناقصة فلوس.
قالت: ياه .. مش معقول إنت، يعني عامل نفسك مش فاهم؟ ياعباس الناس كلها بتتكلم علينا، و عمر الشريف عمال يغازلني و بيقول لبابا انك واحد هبيان و مش من مستوى العيلة .. تعالا واخطفني حالاَ ونتجوز و نحطهم قدام الأمر الواقع.
قلت بانكسار : بس يا سعاد أنا لسه ماكوّنتش نفسي، لسه قدّامي كده عشر سنين واترقّى في الوظيفة عشان أقدر أفتح بيت وعمر الشريف واد حليوة وعنده عربية وباباكي بيحبه قوي، إنتي تجوزيه دلوقت ولما أكوّن نفسي تسيبيه و نتجوز.
..
صاحت بي : خلّيك راجل واتخذ القرار و تحدّاهم، أنا بحب فيك أخلاقك مع إنك عبيط و بطيء ومن عيلة مش في مقامي.
..
قلتِ : إيه ؟ إنتي مستعارة من عيلتي ؟ دي هي اللي علمتني وربتني و ودتني الجامعة
ضحكنا معاً على هذا الدور الذي نفتعله على الهاتف في الليل والذي لايمتّ للواقع بصلة .. كانت تفرح بمثل هذه اللعبة.
كنت أشعر أن سعاد حسني تريد أن تورّطني في قصة عاطفية لصالح حسن الإمام و يعملوها فيلم و يشمّتوا العزّال فيا .. لم أكن بوسامة عمر الشريف مع أن هند رستم غازلتي مرة بقولها : باين عليك جدع وابن حلال، بس بلاش حكاية التناحة بتاعتك دي، وضحكت ضحكتها المشهورة التي لازالت ترن في أذنيّ، كنت أعمل مأمور مستودع في استوديوهات رمسيس وكنت أشعر بالفخر لأنني أستطيع أن أشاهد هؤلاء النجوم الكبار شخصياً، و ذات مرة كان ينقصهم ممثل بدور نادل أبله اسمه " محروس " فطلب مني المخرج أن أؤدي هذا الدور القصير، ولشدّة ارتباكي في الأداء صفق لي المخرج حلمي رفلة وقال لي:
كويس قوي يامحروس هو ده اللي أنا عاوزه، هو محروس لازم يكون عبيط زيك..
انتبهت لي سعاد حسني ودعتني على ساندوتشة فول و طعمية وقالت لي: انت إنسان مريح يامحروس، قصدي ياعباس .. أنا زهقت من الممثلين وأكاذيبهم، أحضني يا عباس.
لم أكن أصدق نفسي، سعاد شخصياً في حضني؟! كنت أربت على كتفها بإيقاع واحد رتيب حتى نامت على كتفي للحظات، ولما أفاقت نظرت إلي بإحترام: إنت حنيّن يا عباس
ولم أحصل على أي دور بعد ذلك اليوم ، ولكن سعاد ظلت تتصل بي في الليل بعد انتهاء التصوير وتحدثني بشكل متواصل وأنا أسمعها ولا أقاطعها، و أظل أردد بين حديثها، فعلاً، عظيم، هايل، كويس، ماتاخديش بالك منهم، انتي إنسانة حقيقة، ولا يهمّك ، فتبدأ بالنعاس و تقول:
طيب أروح أنام يا عباس، أنا ارتحت قوي لما كلمتك .. تصبح على فُل يا فُل ..
لكثرة ما شاهدت الممثلين و الممثلات لم أعد أعرف الفرق عندهم بين التمثيل والواقع وكلما كلمتني سعاد أهذي معها بكلام غريب و كأنني ممثل هامشي أو كومبارس يتدرب على دورٍ ما، عمر الشريف ربنا فتح عليه و سافر ليشتغل دور لورنس العرب مع " بيتر أوتول " و تطورت علاقتي مع سعاد، صرنا نخرج معاً مع أنها كانت تتركني فجأة للقاء عبد الحليم حافظ، كانت أمي تخطط لزواجي من ابنة عمي الصعيدية في بني مزار، ولكن حضور سعاد حسني ظل طاغياً في حياتي، لم أكن أفكر بإمرأة غيرها، هي نموذج المرأة التي أتمناها ولكن العين بصيرة و اليد قصيرة .. كنت صديقها الذي تبثه همومها و مشاكلها والأذن الصاغية لها طوال الليل…
كبرنا فجأة، هي ازدادت سمنة و اكتائباً وابتعدت عن الأضواء و السينما و الناس، وأنا ازددت نحولة حتى تقوست قامتي، كنا نتبادل حوارات قصيرة في فترات متباعدة، لم أتزوج و كنت أتمنى الزواج منها كما هي، يكفيني بريق عينيها و حيويتها التي تخفيها خلف همومها و مرضها، سمعت فيما بعد أنها سقطت من بناية مرتفعة في لندن، لم يعرف أحد إن كانت انتحرت أو لا أعرف ماذا ..
أعيش الآن في شقة بائسة جدرانها محتشدة بصور سعاد حسني، وإن كنت أشك إن كانت عرفتني يوماً ، وكم كنت أحبها..