تمتاز المدربة سماح الجندي بهدوء وروية في ابتكار افكار جديدة في بناء شباب قادر على اكتشاف طاقاته والعمل على تطويرها لبناء مجتمع نابض بالحياة، وهي التي تؤمن بأن الشباب هم عماد الوطن بتطوعهم في مشاريع ومبادرات تهدف لتطوير الثقافة وابراز تاريخ سوريا الحضاري وقد التقاها عالم نوح بالمحبة وكان معها الحوار التالي

سماح الجندي ومبادرة   i EARN Syria

اللاذقية ـ شادي نصير

تمتاز المدربة سماح الجندي بهدوء وروية في ابتكار افكار جديدة في بناء شباب قادر على اكتشاف طاقاته والعمل على تطويرها لبناء مجتمع نابض بالحياة، وهي التي تؤمن بأن الشباب هم عماد الوطن بتطوعهم في مشاريع ومبادرات تهدف لتطوير الثقافة وابراز تاريخ سوريا الحضاري وقد التقاها عالم نوح بالمحبة وكان معها الحوار التالي:

 

هل يساهم العمل التطوعي في تحقيق ذاتك؟

العمل الطوعي يجعلني على تماس مباشر مع الناس أنصت لهم وأفهم مشاكلهم وأساعدهم على رؤية الفرص التي يعيشون قربها وأحيانا داخلها ولكنهم لا يروها…وأنزل إلى الأرض بعضا من الأفكار الهائمة فوق رؤوس الجميع! هناك من لا يشعر بالرضا أمام هذا المصطلح ويقوم بتسخيفه أو التعرض لكل من يعمل من خلاله بالهجوم  لذلك أحب هنا أن أنوه ان المصطلح جديد على قاموسنا اليومي إلا أن العمل الطوعي ليس جديدا على ثقافة المجتمع السوري.. وإذا عدنا إلى حكايات الجدات لقرأنا الكثير الممتع عن قصص الاجتماع عند التنور لصنع الخبز، أو التعاون على ملء جرار المياه من العين،وعن ولادة فلانة في الحقل بينما الجميع يساعدها أو وفاة رجل بيت وكفالة أهل الحي للأولاد وعن التعاون لدعم الأسر المحتاجة أو لإصلاح سقوف البيوت المتضررة قبل دخول موسم الأمطار، أو اشتراك أهل القرية في تقديم الطعام والمأوى في الأفراح والأتراح.

ولعل صحون الطعام بين الجيران (السكبة) بدأ كتطوع لمساعدة فقير ثم تحول إلى عادة اجتماعية محببة.

وإذا عدنا أكثر نصل إلى قصة كليم الله سيدنا موسى عليه السلام وهو يتطوع ليسقي للفتاتين دون أن ينتظر أجراً أو شكراً ثم يعود إلى الظل ليدعو الله عز وجل ويقول:

"ربي إني لما أنزلت إلي من خير فقير" مؤكداً أن الخير هو من القيم الإنسانية الموجودة فطرة داخل كل فرد منا.

إن تطور حياة القرن الحادي والعشرين وتعدد نشاطاتها وحاجاتها جعل من العمل الطوعي الخيري التنموي ضرورة لمواكبة العصر لأن ناشطي العمل الطوعي هم على تماس مباشر مع المشكلة ولأن البناء يحتاج إلى كل السواعد والهمم… ولأن الحكومات لم تعد قادرة لوحدها على سد حاجات أفرادها. في أيامنا هذه لم تعد الجمعيات الأهلية ترفاً حتى أنها في كثير من الأحيان سباقة في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

العمل الطوعي يقوم على التعاون بين الأفراد الذين فهموا حاجات مجتمعهم وأحبوه وأخلصوا في محبته وأيقنوا أن الجهد المتواضع الذي يقدمونه يسهم في دفع عجلة التنمية. وهنا يجب أن نميز بين السلوك الطوعي الذي يأتي استجابة لظروف طارئة مثل إنقاذ غريق أو المساعدة في إطفاء حريق وبين الفعل الطوعي الذي هو نتيجة إيمان بفكرة نبيلة.

ـ للعمل التطوعي الكثير من النواقص في سوريا التي هي جديدة عل هذه المفردات وهذه الآليات، ما هي نواقص العمل التطوعي في سوريا؟

جميعنا صادف في مسيرته التطوعية أفراداً جل همهم تثبيط همم المتطوعين والسخرية منهم وحتى التشهير بهم! هناك فئة من الناس تحارب الإبداع حتى لا يصادرها الإبداع ، لذلك لابد من وجود برنامج لتقييم عمل المتطوعين على أساس الكفاءة في الأداء، واحترام المواعيد والالتزام، من ثم كمية الجهد والوقت المقدمين لإنجاز العمل.

 سوريا لا يبنيها أناس لهم نفسية "الموظف"..بناء البشر قبل الحجر هو ما يلزمنا لذلك اسمح لي ان أبوب لك بعضا من الأفكار التي أراها عملية وقابلة للتطبيق حاليا

·       تشجيع الجمعيات الأهلية على المزيد من العمل المجتمعي عن طريق تسهيل عملها ودعم مبادراتها –الدعم اللوجستي وليس المال – بدلا من إضاعة الوقت والجهد والحماسة في اللهاث وراء الأوراق والمطبات البيروقراطية..

·       إدخال المفاهيم النبيلة للعمل الطوعي في ثقافتنا اليومية و بذلك يغيب من شارعنا "الأعمى طبو مانك أرحم من ربو" أو "يصطفلوا كل واحد عليه بحالو" أو "خليهم يتبروظوا أمام الكاميرا"، وهذه مهمة الجميع: الوالدين في المنزل، والمعلم في المدرسة، والموظف في المؤسسة، وقادة الرأي فوق منابرهم، والمشاة في الطريق، والناس في الحدائق…والإعلام في كل قنواته.

·       القيام بحملات توعية مدروسة حول العمل الطوعي الخيري التنموي بحيث تؤثر على السلوك وتخلق بيئة تحضن المتطوعين وتشجعهم. لعلنا بحاجة الآن لإعادة صياغة وتطبيق حملة تمت في دمشق في 2006 تحت عنوان "نشر ثقافة العمل الطوعي بين طلاب المدارس" 

·       دراسة قانون الضرائب بحيث تقدم حوافز للشركات الخاصة التي تدعم العمل الطوعي.


     ·       وضع قانون يحمي المتطوع ويحفزه على المزيد من العمل المجتمعي.

·       إتاحة الفرص لطلاب الجامعات للعمل الطوعي في المراكز الحكومية والشركات الخاصة.

·       العمل على إنشاء مرصد وطني وموقع على شبكة الإنترنت يعنى بالتطوع وشجونه .

·       نشر الفكر الخيري التنموي البعيد عن مفهوم اليد العليا التي تقدم واليد الدنيا التي تأخذ ما يقدم لها.

·       تحويل الطاقة الكامنة إلى طاقة منتجة عن طريق فسح المجال أمام المتطوعين لاستثمار الوقت لبناء المزيد من المهارات وإشباع الحاجات النفسية (إثبات الذات، الحاجة إلى الانتماء)  والاجتماعية.

·       تقليل الأعباء عن مؤسسات الحكومة ومساعدتها للتعرف على حاجات المجتمع المحلي لأن المتطوع أكثر التصاقاً بها وأكثر دراية بالطرق العملية لتلبيتها. لعلي أسهبت ولكن هذا المفهوم هو خبزي اليومي وانا كسورية أريد خبزا لذيذا!!!

 iEARN Syriaمشروعك الخاص ضمن مجلس الشباب السوري، حدثينا عن هذا المشروع وعن تجربتك فيه؟

بدأ العمل في آي ايرن سوريا منذ 2003 حيث تم تدريب مجموعة من مدرسي اللغة الانكليزية ومهارات الحاسوب في ثانوية الباسل للمتفوقين وثانوية عادلة بيهم – دمشق على مفهوم التعليم بواسطة المشاريع التعليمية. الدورة التدريبية استمرت 3 أيام في مخبر ثانوية الباسل للمتفوقين وتحت اشراف مكتب العلاقات الدولية في وزارة التربية والمركز الثقافي الأميركي. تم في نهاية الدورة انتخابي كمنسقة للشبكة في سوريا. ترأست الوفد السوري في مؤتمرات الشبكة في الأردن ومصر ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية. يشارك الفريق باللغتين العربية والانكليزية في 8 مشاريع تهتم بالشباب وتمكينهم في المشاريع التربوية والبيئية والاجتماعية وينهي كل مشاركاته بجملة "تحية طيبة من مهد الأبجدية، اللاذقية" وفي كل مشاركة يظهر علم سورية وقد تبنت الشبكة فكرة ظهور العلم أمام كل مشاركة إثر مشروع "علمي" الذي تم تطبيقه في احتفال عيد الجلاء مع الفوج الأول لكشاف اللاذقية في 2007.

العمل مستمر من عقد كامل حتى الآن وأطمح أن يبقى علم سوريا على الشبكة المنتشرة في مدارس 40 دولة وأن تصل جداريات الشباب السوري لكل المدارس المشاركة… الآن هناك جدارية في مدرسة بانتوفيل في ميسوري في الولايات المتحدة الأميركية وأخرى في مدرسة الريان في الخليل في فلسطين…صوت الشباب السوري سيصل وطائر الفينيق سيحلق عاليا.

للمدرب شروط لابد من توافرها ليحقق نتائج في تدريبها، ماهي مواصفات التي لابد من توافرها لينجح في مهمته؟

سؤال قيّم في هذه المرحلة لأن هناك غموض وكالعادة فوضى مسميات وألقاب تشعرك أنك في مزاد…"المدربة المميزة…جوكر التدريب… ملوك إدارة العمر…وألقاب ممجوجة" وهذا سيحول الساحة إلى سيرك حقيقي! المدرب يتمتع بصفات عديدة على رأسها النزاهة…لا يمكن للمدرب أن يقول ما لا يفعل…ناهيك عن الحضور والشخصية أي ما يعرف اليوم بالكاريزما، الرغبة وحب العمل والخبرة والقدرة على التواصل مع الناس والتأثير بالقدوة..الانصات الفعال.. قلة من المدربين يجيدون هذه المهارة! يوحون إليك أنهم ينصتون إليك ولكن سلوكهم يؤكد عكس ذلك! المدرب يعتمد على قاعدة معرفية غنية ومتنوعة ويمتلك قدرة على التطور ويمتلك أدوات التطور… لا أقتنع بمدرب لايجيد مهارات البحث الاليكتروني مثلا! المدرب يستطيع إدارة حوار دون أن يتدخل بمحتواه… فقط يستطيع أن يدير الدفة بدقة ملاحظته وخفة دمه بحيث يشعر الجميع أنهم يتمتعون بالجلسة على أساس "رابح-رابح"

ما هي علاقتك مع المتدربين الذين يخضعون لتجربة التدريب معك؟

لا تنتهي العلاقة بانتهاء الجلسة ومسح السبورة أو إغلاق اللابتوب معي… أعتمد على التدريب المستمر بالقدوة " شادو ترينينغ" لذلك غالبا ما نلتقي برحلات ترفيهية وزيارات منزلية أو نتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي

ما هي أهم المشاريع والمبادرات التطوعية التي خضتيها خلال مسيرتك؟

حملة دمشق للنظافة في 2007 والتي أسفرت عن وضع قانون 49 للنظافة قيد التطبيق الفعال

التشبيك بين فريق أي ايرن دمشق وجايكا – المتطوعون اليابانيون ومبادرة توعية الأطفال حول البيئة النظيفة والعادات اليومية البيئية

رسم الجداريات في ساحات وحدائق دمشق وإرسال الجداريات إلى مشروع دولي استخدم كل الجداريات التي رسمت في العالم في لف الهرم في القاهرة

الدعم النفسي للأطفال العراقيين أثناء تواجدهم في مخيم الطلائع في الزبداني وفي دار الأمان للأيتام في دمشق

مبادرة "علمي" بالتعاون مع الفوج الأول لكشاف اللاذقية في حديقة البطرني في 2006

احتفالية اليوم العالمي للتطوع في 2008 في اللاذقية وكان الأهم والأمتع حيث تصدرت مدينة اللاذقية الإعلام الدولي لتكون مكان الاحتفال الإقليمي في منطقة أسيا وشمال إفريقيا الذي يعرف باسم "مينا" دوليا

وأخيرا مبادرة دمج التكنولوجيا بالتعليم والتعليم بواسطة المشاريع من خلال مجلس الشباب السوري.

والقائمة طويلة وستطول اكثر مع فريق اللاذقية ومتطوعي مجلس الشباب السوري… ومبادر دمج التكنولوجيا بالتعليم والتعليم بواسط المشاريع بدأت مشوار الألف ميل والطموح لا يحده سوى سماءنا السورية الصافية مهما لبدتها الغيوم….