سوري أرمني لأجل وطني بقلم المهندس باسل قس نصر الله
- يونيو 29, 2013
- 0
سوري أرمني لأجل وطني بقلم المهندس باسل قس نصر الله: كانت القبائل العربية في سورية هي التي احتضنتهم إضافة الى الجمعيات الخيرية السورية فكان لابد للأرمن ان يحفظوا الود الخالص لسورية أرضاً وشعباً.
وبالتشارك مع موقع عالم بلا حدود
سوري أرمني لأجل وطني بقلم المهندس باسل قس نصر الله
"كل أرمني يخدم سورية فكأنه يخدم أرمينيا"
كنت مطرقا قليلا ألى الأرض أستمع للحوار الدائر بين "فاتيه سركيسيان" وكان حينها رئيس أكاديمية العلوم الأرمنية – حسب ما أذكر – وسابقا كان رئيس وزراء أرمينيا في الحقبة السوفياتية، وبين العميد أحمد دياب قائد شرطة محافظة حلب وهو الذي كان ينوب عن المحافظ لشغور الكرسي وذلك في العام 2000
تمعنت بتقاطيع البروفيسور سركيسيان، كان قد قال جملته بهدوء، ثم أردف قائلاً: "إن العقول الأرمنية التي ساعدت الاتحاد السوفياتي باختراع أهم تقنياته ومنها العسكرية (وخاصة طائرة الميغ نسبة لميغويان) مستعدة ولا شك لمساعدة سورية.
كان البروفيسور سركيسيان قد قَدِمَ الى سورية بمناسبة تخصيص الكنيسة في مركدة (الواقعة على مسافة أقل من مائة كيلومتر من مدينة دير الزور) كمزار دائم لكل الأرمن في العالم، نتيجة اكتشاف الكثير من الهياكل العظمية في هذه المنطقة والتي تعود الى اخوتنا الأرمن خلال هجرتهم القسرية عام 1915 من تركيا الحديثة وريثة الخلافة العثمانية، والتي ذهب فيها – نتيجة الأعمال اللانسانية والوحشية التي مارسها عليهم الاتراك – حوالي مليون ونصف ارمني اضافة الى الاعداد الكبيرة من القتلى المنتمين الى طوائف الأشوريين والسريان الارثوذكس والكلدان وغيرهم من الأقليات والتي عرفها التاريخ بتسمية مجازر الأرمن.
وللمرء أن يستشهد بالرسائل الاستثنائية العائدة الى عام 1915م للسفير هنري مورغينثو (HENRY MORGENTHAU) من مركز عمله في تركيا العثمانية، حيث اورد فيها تقارير قنصلية واستخباراتية ليقدم فيها صورة عن مذبحة الدولة المتعمدة للأقليات الأرمنية والتي شكلت الأبادة الجماعية الاولى للقرن العشرين. (ولأن مصطلح "ابادة جماعية" لم يكن قد ابتُكر بعد، لجا السفير مورغينثو الى مصطلح "القتل العرقي" وهو بطريقة ما اكثر تعبيرا)
وقد تشتت الأرمن الناجون من عمليات الإبادة العرقية التي نفذتها الحكومة التركية الاتحادية إلى بلدان مختلفة في العالم وتَرَكَ هؤلاء إلى قدرهم الحالك كي يجروا حياتهم " كأرمن مهاجرين" ومواطنين من الدرجة الثانية . ونجح العالم النرويجي – الحائز على جائزة نوبل في تأمين هوية عصبة الأمم لهؤلاء وكانت تحمل اسمه "هوية نانس" الا ان تلك الهوية لم تؤمن للارمن وضعية متساوية مع السكان المحليين. لكن كان الوضع مختلفا جدا في سورية لان الحكومة السورية منحت لجميع هؤلاء حق المواطنة من دون تلكؤ او أدنى تمييز ابتداء من عام 1923.
كانت القبائل العربية في سورية هي التي احتضنتهم إضافة الى الجمعيات الخيرية السورية فكان لابد للأرمن ان يحفظوا الود الخالص لسورية أرضاً وشعباً.
لمَع الأرمن في سورية، فكانت أكبر ورشات التصليح في حلب حيث كانت قد تأسست الجالية الأرمنية في نهاية الحرب العالمية الاولى، إضافة أنه بين الحربين العالميتين في العشرينيات والثلاثينيات كان كل السائقين تقريبا في سورية من الأرمن و هم أول من أدخل تقنية التصوير الضوئي الى منطقة الشرق الأوسط إضافة الى الكثير مما برعوا به.
إن احد أبطال سورية وهو المجاهد ابراهيم هنانو لفظَ أنفاسه الأخيرة وهو بين يدي الممرضة الأرمنية أرداشيس بوغيكيان.
منذ مدة وخلال إحدى زياراتي إلى فرع الهلال الأحمر في مدينة حلب، لأشكر الأخ هائل عاصي مدير الفرع على عملهم في مجال المساعدات الإنسانية التي يوزعونها على كل الأطراف ويعملون تحت ظروف أقرب إلى الجحيم منها إلى الإنسانية، رأيت فتيات في عمر الزهور يقمن بنقل صناديق مساعدات من شاحنة وهم يلبسون صدرية مكتوب على ظهرها : "سوري أرمني من أجل وطني"
عندما نَسيَنَا الأقربون في دمشق وهم يُقدمون – في كثير من الأحيان – على الورق مساعداتهم وقراراتهم وتطميناتهم التي لم يُنفذ منها الكثير الكثير لم ينسَنا الشعب الأرمني الشقيق وليس الصديق.
اللهم اشهد أني بلّغت