لألوانه ضياء الشمس، ولخطوطه شموخ مستمد من ماضي عريق، يستمد من تاريخ العراق الحضاري مفرداته ويلون جديده بضياء مستقبل زاهر إنه الفنان العراقي الكبير ،سيف الغالي

سيف الغالي وألوان الحياة

بغداد ـ عالم نوح ـ شادي نصير:

لألوانه ضياء الشمس، ولخطوطه شموخ مستمد من ماضي عريق، يستمد من تاريخ العراق الحضاري مفرداته ويلون جديده بضياء مستقبل زاهر إنه الفنان العراقي الكبير "سيف الغالي" وقد التقاه "عالم نوح" وكان معه بالمحبة الحوار التالي:

ـ في تشكيلك البصري تبحث عن تفاصيل دقيقة وتظهرها بواقعية، إلى أي مدى ترى أن الواقعية تساهم في جذب الفنان لدخول معترك اللون؟

التفاصيل الدقيقة مطلوبة في العمل الفني خاصةً إذا كان واقعياً يحمل في طياته محاكاة للواقع الحياتي الذي يتعايش معه الفنان.. وبالنسبة لي شخصياً أرى بأن العمل الفني الخالي من التفاصيل الدقيقة حتى ولو لأحد المفردات الموجودة في العمل الفني وليس لكل المفردات حتى ليعطي مصداقية أكثر للمتلقي ويمنحه الحرية في التمتع من لذة المتعة والمشاهدة للعمل الفني, صدقني أنا أواجه في بعض الأحيان تعب جسدي ونفسي للتركيز في التفاصيل كي أخرجها بأن أكون راضياً عنها حيث أن العمل الفني الذي لا يلاقي أرضاء الفنان الذي قم به لا يحظى برضاء الجمهور, نعم الواقعية تسهم إسهام كبير في جذب الفنان لدخول معترك اللون لأن مادام هنالك تفاصيل كثيرة إذاً وجود ألوان كثيرة.

ـ في عملك الفني رؤية خاصة وعمق مدلولي بصري من واقع البيئة التي تعيشها، هل للبيئة دور في بلورة رؤيتك التشكيلية؟

المدلول البصري المأخوذ من واقع البيئة , في رأيي الشخصي بأن أغلب الفنانين العراقيين تجد عنده محاكاة لواقع بصري قد يكون واقع ريفي ولو أنه يسكن المدينة وغير مقتصرة على لون واحد من المواضيع الريفية بمعنى أدق يوجد هنالك في بلدنا (العراق) تلون في الريف فالريف الشمالي يختلف عن الريف الجنوبي أو الغربي وحتى الوسط, فالفنان العراقي يكون متأثر بالواقع البيئي أكثر من غيره الفنانين من غير العراقيين.

وهل ساهمت البيئة في نسجك للون الخاص وللدقة في تلوين مواضيعك؟

أكيد أن البيئة لها دور رئيسي في بلورة الأعمال التشكيلية للفنان, الأوضاع التي مر بها بلدنا على سبيل المثال هي أكيد تراكمات تتوطن داخل الفكر الداخلي للفنان وأن لم يحس بها لأن كما نعرف ويعرف الجميع بأن تحسس الفنان للواقع المحيط به يكون تحسساً يختلف عن باقي شرائح المجتمع لأن نظرته للأشياء مختلفة وتذوقه مغاير للباقين من البشر, فلهذه التراكمات آثار جانبية قد تكون سلبية مما تدفع بالفنان إلى تشكيل المفردات الشكلية واللونية بهيئات حسب نضرته المتشائمة للواقع الذي يعيشه قد تكون بشعة وكئيبة. وقد يراها فنان آخر ويحاول أن يغير هذا الواقع المؤلم من خلال اختيار الأشكال والقيم اللونية التي ترمز في تكوينها إلى التفاؤل لينسى ما هو مكبوت في النفس وكذلك متعمداً بأن يسعد نفس المتلقي, إن الدقة في اللون للأعمال الخاصة بي ناتجة عن جهد دراسة حوالي تسعة سنين وكذلك خبرة في مجال العمل اللوني لفترة غير قليلة , فالقيمة اللونية بالنسبة لي حالها حال التفاصيل الموجودة في العمل الفني الذي أهتم بإخراجها على أكمل وجه, وللبيئة أثر جداً كبير على نسج الألوان والدقة اللونية.

ـ في أعمالك نتابع الكلاسيكية الروسية حاضر بوضوح، لماذا هذا الزخم كالكبير في التشكيل والتفاصيل وهل لها مدلولات خاصة تريد ان تقدمها من خلال اللوحة التي تريدها؟

صدقني أن الروح أو الإحساس أو الأسلوب في العمل الخاصة بالفنان كلها تولد معه, قد تتأثر بالدراسة ولكنها في نظري تبقى مخزونة في داخله وتخرج إلى العمل حتى دون التحكم من قبله, إن الكلاسيكية في العمل التي تتحدث عنها نعم أنا من عشاق هذه الكلاسيكية وأميل جداً إلى التفصيل الدقيق في العمل الفني وإلى التشكيل المدلول الذي أحاول دائماً أن أقدمه وهو المصداقية في العمل والتقريب الشديد إلى الواقع .

ـ هل ترى أن واقع التشكيل العربي استطاع تخطي المدارس الأوربية وأسس لنفسه كياناً خاصاً؟

بالتأكيد إن التشكيل العربي أسس لنفسه كياناً خاصاً به من خلال التكوينات الشكلية واللونية , حيث من السهل على المتلقي ممن تجد عنده الاهتمامات الفنية التمييز للعمل الفني والشعور به بأنه تشكيل عربي حيث الطابع الذي يحمله وإن كانت المفردات تجريدية تحمل رمز الحداثة في التكوين فأن الأسلوب العربي له عمق حضاري نابع من الحضارة العربية من خلال الشكل واللون المؤثر بشكل واضح في العمل الفني حيث الألوان الترابية والتي تميل إلى السمرة من لون البشرة العربية وكذاك الألوان الحارة والتي ترمز إلى الجو والعصبية العربية والاحمرار والسواد و العتمة.

ـ للبورتريه عندك خصوصية مميزة، نلاحظ تفاصيل تجعل المتلقي يوقن بأنه أمام عمل أخاذ، ما يقدمه البورتريه لك وما تقدمه له؟

نعم للبورتريه خصوصية شديدة عندي فهو المعبر عن الحالة التي يمر بها الجسد فبه تشعر بالحزن وبه تشعر بالفرح, وكذلك الجمال والبشاعة والبراءة, فكلما أتقنت تفاصيله أكثر أتقنت للمتلقي التعرف على الحالة التي يمر بها صاحب الوجه فكل جزء من الوجه يعبر بإيحاءات معبرة تتعرف من خلالها مضمون ما يمر به من حالة.

ـ يغلب على أعمالك الألوان الترابية هل للبيئة والمكان الذي تعيشه سطوة بقوة اللون؟

نعم أحب الألوان الترابية , كما أوضحت لك في السؤال السابق نحن كعرب نميل إلى هذه الألوان.

ـ للحركة التشكيلية العراقية خصوصية ملفتة هل ترى أن الفنانين العراقيين استطاعوا كسر الحواجز والعقبات المتنوعة وأسسوا لتشكيل يخصهم ويميزهم عن باقي التشكيليين العرب الآخرين، ولماذا اتجاه اغلبهم نحو تصوير الواقع وإضفاء ملمس الحزن عليه؟

يعود فضل الموروث الحضاري الزاخر الذي يمتلكه الفنان العراقي إلى تميز الحركة التشكيلية في العراق, كون الحضارة العراقية التي وكما تعرفون هي غنية بالأعمال الفنية المعبرة عن مدى تطور الحركة الفنية آنذاك والتي جسدها الفنان العراقي من خلال الألواح الطينية أو الأختام الأسطوانية وحتى المنحوتات والتي كان لها دورها في تمثيل شخصيات الملوك والقادة والمحاربين, فالفنان العراقي المعاصر استلهم كل هذا الموروث وأصبح قاعدة يستند عليها في إنشاء التكوينات الخاصة في أعماله الفنية, من هذا كله أصبح للفنان العراقي خصوصية في وأسلوب مميز عن أقرانه من الفنانين العرب.

أما بالنسبة إلى أن أغلب الأعمال الفنية العراقية يضفي عليها طابع الحزن فأنه يعود إلى التاريخ العراقي الذي كان ومازال مليء بالأحزان والنكبات والمآسي منذ قرون من الزمن, هذا كله انعكس على الأعمال الفنية.

ـ حدثنا عن مشاركاتك خارج العراق ومعارضك في العراق؟

إن النشاطات الفنية التي قمنا بها كثيرة في داخل البلد وبحكم عملنا قبل الاحتلال, وقبل سنتين هيأنا إلى التحضير إلى إقامة معرض، لكن ومع الأسف حدث حريق في بيتنا مما أسفر عن تلف ما يقارب 20 عمل والحمد لله، نقوم الآن بالتحضير إلى إنجاز أعمال لإقامة معرض شخصي إن شاء الله.