شارع بارون … إلى اللقاء
- فبراير 25, 2012
- 0
طرّزته السواعد بالحكايات،فأصبح خلف كل حجرة من حجارته حكاية، وحفرت أقدام المارة فيه أجمل الذكريات، فمر فيه الفنانون والأدباء والأرستقراطيون والبارونات وكل أصحاب النفوذ الذين كانوا يزورون حلب….. شارع من أهم شوارع محافظة حلب، وكان أجملها على الإطلاق، اليوم شارع بارون يجدد حلته فيخلع الزي القديم ليواكب الحداثة…. عالم نوح أراد أن يودّع هذه الحلّة بطريقته فنزل إلى الشارع وأتى بأحاديثه القديمة الجديدة
طرّزته السواعد بالحكايات،فأصبح خلف كل حجرة من حجارته حكاية، وحفرت أقدام المارة فيه أجمل الذكريات، فمر فيه الفنانون والأدباء والأرستقراطيون والبارونات وكل أصحاب النفوذ الذين كانوا يزورون حلب….. شارع من أهم شوارع محافظة حلب، وكان أجملها على الإطلاق، اليوم شارع بارون يجدد حلته فيخلع الزي القديم ليواكب الحداثة…. عالم نوح أراد أن يودّع هذه الحلّة بطريقته فنزل إلى الشارع وأتى بأحاديثه القديمة الجديدة… فأعد وصوّر "نوح حمامي"، وحاور وحرّر "جلال مولوي"، فكانت اللقاءات التالية…..
جمال فرواتي …. صاحب مقهى البرازيل
إن شارع بارون بني في عهد الاحتلال العثماني وازدهر وتطوّر في عهد الانتداب الفرنسي، كان يعتبر أجمل شارع من شوارع حلب، ويمنع المسير فيه إلا بأن يكون الشخص بكامل أناقته باللباس الرسمي وربطة العنق، وكان يرتاده أشخاصاً من كافة الجنسيات والأديان وأغلبهم كانوا يحملون الصفة الرسمية أو كانوا من أصحاب الشهرة أو كبار عائلات المدينة، فأذكر من الشخصيات الهامة التي ارتادت هذا الشارع ونزلت في فندق بارون العريق….الفنانة مريم فخر الدين …الفنان محمود المليجي …الفنان فريد شوقي … الرئيس حافظ الأسد … الخ.
أنا من سكان الشارع منذ عام 1975 وأمتلك هذا المقهى الذي يرتاده بشكل خاص كل الشعراء والصحفيين أمثال فخري البارودي … محمد وهبي …
ومن الطريف ذكره بأن الشخص الذي يطلب شرب القهوة يجب أن يكون من أكثر روّاد المقهى هيبة ومكانة اجتماعية، أما ما تبقّى من الزائرين فيطلبون الشاي والزهورات … وأيضاً لا يدخل الشخص إلى المقهى إلا بكامل أناقته من لباس وحلاقة ذقن وما إلى ذلك …
كان الروّاد يتناقشون في أخبار الصحف والمجلات وعند دخول الإذاعة أصبحوا يتناقشون فيما يأتي بها … أما عند وجود التلفاز فاقتصر الأمر على متابعة ما يعرض عليه من مسلسلات وأذكر بعض الأعمال التي حققت جماهيرية كبيرة "مقالب غوّار" …"حمام الهنا" وأيضاً المباريات التي كانت تدور بين الفرق مثل "الأهلي"، "الجيش"، "العربي" …الخ.
كان أمام الشارع يوجد بساتين ومجرى نهر قويق فلم تكن العمارات موجودة …. من أشهر فنادق الشارع هو فندق "بارون" ومن أشهر مطاعم الشارع هو مطعم "الخيّام" …
صلاح كردي … مدير مكتب رئيس بلدية متقاعد
شارع بارون قديماً كان بمثابة شارع الحمرا في بيروت، يضم عدد من المقاهي الأرستقراطية، وكان يعتبر شارع الرفاهية ويضرب المثال بجودته ونظافته، أما الآن فهو متراجع جداً فهو حراك للباعة المتجولين …
أنا كنت أعمل في جريدة "التربية" وكان مقرّها قريباً من الشارع، فكنت دائماً أرتاد هذا المقهى "البرازيل" العريق الذي كان يرتاده كل العاملين في ميادين الصحافة من صحفيين ومحررين .. وأذكر من الصحف التي كانت تصدر قديماً جريدة "الشباب"، "التربية"، "الحوادث"، "الوطن"، "الصباح" …الخ، وكان معظمها يعود للقطاع الخاص وبعضها يمثّل أحزاباً معيّنة، وكانوا يتمتعون بحرية قلم كبيرة في جو من التنافس الكبير…
جريدة "التربية" كان صاحبها الأستاذ "عبد السلام الكاملي" الذي كان يعمل عطّاراً ولكنه يمتلك حسّاً صحفياً فرّخص الجريدة وكان "الكاملي" يتمتع بجرأة لا متناهية فرفض اندماج الجرائد في جريدة رسمية وحيدة تابعة للمدينة، ومن الأسامي التي مرّت على الجريدة … "نذير عقيل"… "نهاد الغادري" ….
ومع ازدياد الكثافة السكانية تم افتتاح عدد كبير من دور السينما والمقاهي … وأبرزها كان مقهى "القصر" الذي كان يوصف بأنه مقهى عائلي فأغلب العائلات الأرستقراطية كانت ترتاده وخصوصاً في شهر رمضان وبعد الساعة الثانية عشرة ليلاً..
فكان المجتمع في "بارون" متميّز أدبياً وثقافياً وعلمياً، فكانت حلب بشكل عام المدينة التي لا تنام …
من الذكريات الطريفة التي صادفتني في "بارون" أنه في العهد القديم كان هنالك حرّاساً للمدينة وكان هنالك حارس يكنّى بـ"أبو نجيب" وهو شخص ممتلئ الجسد، فكنا نأتي أنا وبعض أصدقائي من الشباب لكي نمازحه ونلاطفه فنستفزه ونهرب أو ننكزه ونهرب وهكذا … في جو من الضحك الجميل…
محمد غازي البحري … مهندس زراعي متقاعد
أنا من مدينة جرابلس، المدينة التي كانت أيام الانتداب الفرنسي ذات قيمة عالية على اعتبار أن المستشار الفرنسي كان يقطن بها، بعد الحوادث الأرمينية أتوا حوالي خمسمائة خانة أرمينية وسكنوا جرابلس، وعندما ضعف الحراك العملي فيها، انتقل الأرمن إلى كل من بيروت وحلب..
وللأسف فإن التطوّر الثقافي في جرابلس جامد تقريباً …
انتقلت مع عائلتي إلى حلب عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، أكملت دراستي في مدرسة "الوليد بن عبد الملك" ثم تابعت في مدرسة "المأمون" وبعدها أتممت المرحلة الجامعية في جامعة حلب …
أرتاد شارع "بارون" منذ خمس وأربعين سنة، وكنت أجلس في مقهى "القصر" ….
عبد الكريم عبد الحي … قائد ثورة الشباب عام 1945م.
سمّي شارع بارون بهذا الاسم لأنه يحوي فندق "بارون" وكلمة بارون تعني "السيد"، وكان يعتبر أجمل شارع في حلب، أذكر في ذلك الوقت أن الشوراع التي كانت مشهورة في حلب هي "الفرافرة"، "الجلّوم"، "باب النصر"…الخ، "الجميلية" التي كان يقطنها يهود حلب… شارع "اسكندرون" آنذاك كان يعتبر من الشوارع الحديثة…
أنا أرتاد شارع بارون منذ أن كانت السينما تعتمد على الصورة فقط دون الصوت، فكان هنالك مذيع يقوم بالأداء الصوتي للصورة كنوع من أنواع ما يسمّونه الآن الدبلجة … وكان ذلك في السينما التي كانت تمتلكها عائلة "الأتاسي" ..
حتى الآن أنا أرتاد مقهى "البرازيل" يومياً فأقرأ جديد الأخبار في الصحف …
من أصدقائي الذين كنت آتي معهم إلى بارون الشاعر ربيع المنقاري..