للفنان حمود سليمان روح مغامرة يبحث في ذاكرته عن الماضي ويعيد إحيائه من جديد ليوثقه ويجعل الجيل الجديد يتعرف عليه من خلال لوحة فنية مميزة.

شفافية اللون عند الفنان حمود سليمان…

اللاذقية ـ عالم نوح ـ شادي نصير:

للفنان حمود سليمان روح مغامرة يبحث في ذاكرته عن الماضي ويعيد إحيائه من جديد ليوثقه ويجعل الجيل الجديد يتعرف عليه من خلال لوحة فنية مميزة.

يعمل كأرشيف يوثق بشفافية ألوانه وقوة تكوينه الإبداعي مراحل من الحياة السورية والفراتية تحديداً.

يعشق الضوء واللون، ويطيرهما على سطح اللوحة تفاصيل تضج بالحياة والإبداع وكان معه الحوار التالي:

ـ في التشكيل ترسم من خلال ذاكرتك البصرية مشاهد من الماضي، هل ترى ان الفن التشكيلي يشكل ذاكرة بصرية وتوثيقه للمجتمع؟

في التشكيل يعتمد الفنان على ذاكرته البصرية اللونية منها أولا ليحقق من خلالها الفكرة التي يبحث فيها ليحدث نتاجاً فنياً يبقى تميزه متعلقاً بذلك الإرث المحمول على ذاكرته، يتقدم بتشكيله الفكرة مميزة عمله "إنتاجه" الفكري للوحة التي تقدمها للمتلقي  من خلال مراحل حياته فيصور الواقعية وكأنها قصة قصيرة يقرأ من خلالها ما يريد أن يقدمه للمتلقي فيطور فكره لينسج قصيدة شعرية بشتى مدارسه محققاً بذلك تطوراً وتقدماً بعمله الفني.

ويستمر حتى يقترب من كل الآداب ليوثق لمجتمع مراحل حياته الفنية، ويكون بذلك قد قدم تجربته كفنان يعتمد عل اللون والفكرة المنسوجة بتلافيف دماغه خلال حياته الفنية.

ـ هل تعتقد أن الفن التشكيلي السوري استطاع أن يشكل بصم خاصة له مع هذا العدد الكبير من التشكيليين، وكيف ترى واقع التشكيل السوري؟

تميز الفنان التشكيلي السوري عن غيره من فنون دول الجوار وذلك كون سوريا تحمل ثقافات وإرث تاريخي وحضاري صنع مخزوناً كبيراً في التشكيل مما جعله أكثر تميزاً من فناني دول الجوار وحقق من خلال ذلك بصمة كما وصفتها حقيقته وترجمت في معظم دول أوربا من خلال أهم أسماء التشكيليين في العالم وأخص بالذكر "فاتح المدرس" و"عمر حمدي" و"عنايات عطار" وكثير من الأسماء التي اخترقت بتشكيلها اللوني بصمة الفنان السوري محققاً توازن لقيمة اللوحة الفنية كهوية لسوريا في مجال التشكيل.

ـ هناك الكثير من الفنانين السوريين الذين استطاعوا أن يؤسسوا حالة خاصة بدمج مدارس تشكيلية عديدة، أو أن يقتبسوا من تجارب المدارس الأوربية التي درسوا في بلادها، ألا ترى أن ذلك يساهم في تشظي الفن السوري؟

ما قام به فنانو التشكيل السوريين بدول الاغتراب هو تأسيسي لمرحلة هم يرغبون بالوصول إليها على مستوى التقنية والتكنيك وبعد تحقيق هذا الهدف استطاع الفنان السوري أن ينفرد بريشته وفكره ليقدم المدارس الأوربية كتجربة خاضعة لثقة وطنه الأم واستطاع الكثير من الفنانين السوريين البقاء ضمن إطار اللوحة الذي قدمها في بداياته الفنية وهناك كثير من الفنانين اللذين استطاعوا التأثير بالمجتمع الغربي من خلال أعمال العكس بعض فناني الجوار اللذين عملوا على الاستشراق باتجاه الغرب، عكس ما حدث في عصر النهضة.

ـ نرى العدد القليل من التشكيليين السوريين الذين استفادوا من تاريخ سوريا الحضاري، كعضو مكتب تنفيذي في الاتحاد العام للفنانين التشكيليين، ما هي الخطوات التي تنتهجوها لترسيخ الحضارة في الفن؟

إن بقاء الفنان السوري بعيداً عن تطور التشكيل في العالم وعدم اقترابه من أهم نافذة عالمية لتطوير بصره ألا وهي الإنترنت التي منحته حضور أهم متاحف وصالات العالم لتكون بين يديه ليدرك أهمية سوريا الثقافية عندما يقترب الفنان من الثقافات الغربية متأثراً بها بمرحلة من حياته يعود ليتذكر أنه يملك إرث حضاري وتاريخي مهم من خلاله يستطيع أن يقدم ويتقدم بأعماله فنية تكاد تصل إلى العالمية.

وقد حاول الإتحاد خلال دورته هذه أرشفة وتقديم أهم الأعمال الفنية العربية السورية التي استطاعت أن تصل للعالمية الحاملة لتاريخ سوريا ورائد ذلك الدكتور "حيدر يازجي" من خلال أعماله الفنية التي قدمها.

وما نأمله من الفنان التشكيلي السوري أن يعتمد بشكل كلي أن تاريخ سوريا هو مهد لحضارة التشكيل في العالم والشواهد كثيرة.

ـ في اللوح التشكيلة التي تقدمها خصوصية خاصة من حيث التشكيل والتكوين واللون، هل ساهمت البيئة التي ترعرعت فيها في خلق هذا التوازن والتنوع الإبداعي؟

إن تجربتي البسيطة كفنان بالمائي تعود إلى السؤال الأول وهو تاريخ الإرث السوري وإن ذاكرتي ممتلئة بالمشاهد التي كانت تقبع بذاكرتي فقد حاولت أن أقدم بصحرائها وريفها الصحراوي من خلال اللون وبساطة الفكرة حيث تعتمد الشمس على الضوء في اللوحة التي أقدمها للمتلقي.

ففي الفرات ماء ولون وفي الأرض فكر وتاريخ استطاعت هذه المفردات أن تمنحني لوحة مائية تحمل بصمة بالريشة التي أخذتها.

ـ من يتابع أعمالك المائية يرى خصوصية في عملك المائي من حيث اللون، هل تستقي ألوانك من ذاكرتك البصرية ومن صحراء وبادية المنطقة الفراتية؟

إن مروري بالتشكيل وبمراحل عملي اعتمدت على قراءاتي لتاريخ المنطقة والمكان فقد غلبت الفكرة على اللون حيث حاولت أن أقدم عملاً فكراً أكثر من تزيينياً لذا كان اللون مسيطراً للنظرة الأولى للوحة والفكر نقرأ نفسها وتقدم لوحة أظن أنها مكتملة.

من خلال خصوصيته التشكيل وكان للبيئة دور هانم في ذلك لأنه لافن بلا تاريخ وإرث ولا لون بلا بصر وبصيرة.

ـ من يتابع البورترية التي ترسمها يلاحظ انك تقدم روحك الخاصة في العمل الفني، فأنت ترسم الروح قبل الخطوط، حدثنا ماذا تريد أن تخبر المشاهد للبورتريه أثناء متابعته للوحة؟

آخر ما قدمته من تجربتي هي البورتريه ويعود السبب للحزن الذي ألم بي خلال مفارقة الكثير من الصور التي عاشت معي، وعمدت أن تكون هذه اللوحات يحمل حزني عليهم بوجوههم مترجماً بذلك حباً يكمن داخل الفنان الإنسان لأنه هو أهم المواضيع التي أتطرق لها ففي البورتريه نعيد نسج الوجه ونقرأ في تفاصيله حباً وعشقاً وحزناً وألماً لذا اخترت الكثير من اللذين أحزنوني وكانت وجوههم مشروع مؤقت.

ـ كيف ترى وجود المقاهي الثقافية، وهل لعبت دورا في أحياء الحركة التشكيلية في المدن بعيدا عن العاصمة دمشق؟

إن للذاكرة خصوصية في المخزون الفكري للفنان عندما نرتاد مقهى نجد مفردات تشبه هذه المقهى ومن هذه المفردات كان لرواد المكان دوراً في جعله نافذة ثقافية وتكرار تواجدنا في هذه المقاهي أحسسنا أن الوجوه والرواد لهذه المقاهي هم جزء من هذا المكان وغيابهم يفقد المكان خصوصيته.

وقامت تلك الوحدة التي ساهمت في تكريس وجود مقهى ثقافي وحيداً في العاصمة دمشق يحقق مثاقفة مابين الفنانين وباقي مكونات الثقافة من الأدب.

ـ أنت من أطلق مقولة أن اللاذقية مدينة التشكيل، كيف أتتك هذه النظرة ومن أين استنتجت وأين مشروعك من هذه الجملة؟

لمدينة اللاذقية خصوصية عرفتها متأخراً ففيها عدد كبير من الفنانين والأدباء اللذين غابوا عن الضوء وخلال وودي اجتمعت بالكثير منهم وأحسستهم بعيدين عن التشكيل السوري بل وبعيدين عن أنفسهم وهناك الكثير منهم تعرفوا على بعضهم من خلال وجودي وقد قدمت برنامجاً للنادي العربي للموسيقى في نادي الاوركسترا يقدم حتى (31/12/2014) أهم الفنانين السوريين والتجمعات والملتقيات خلال هذا العام لتكون اللاذقية قصيدة للتشكيل السوري.