كان الجسد اللغة السامية التي تتمتع بها عروض هادي فاضل منذ بدئه في صخب، في حين كانت العبارة أو الكلمة هي الخيط الذي يوصل الجسد إلى المتلقي بإسلوب رمزي يعطي انطباع العفوية في كثير من الأحيان إلى حد لا يشعر فيها المتلقي بالعبارة وإنما تكون هي نفسها جسداً يعبر من خلالها المتلقي إلى عمق النص.

قراءة في عرض "وزن أعرض" لهادي فاضل

 

كان الجسد اللغة السامية التي تتمتع بها عرروض هادي فاضل منذ بدئه إلى الوقت الحالي، في حين كانت العبارة أو الكلمة هي الخيط الذي يوصل الجسد إلى المتلقي بإسلوب رمزي يعطي انطباع العفوية في كثير من الأحيان إلى حد لا يشعر فيها المتلقي بالعبارة وإنما تكون هي نفسها جسداً يعبر من خلالها المتلقي إلى عمق النص.

في عرض "وزن أعرج" الذي تم تقديمه في مقهى "الآرت ريفير" بتاريخ 5/5/2012 يبدو أن الإيقاع الجسدي لم يكن بالمستوى المطلوب أو بالأحرى ليس الطاغي على العرض كما عهدنا أعمال هادي فاضل من خلال فرقة صخب، بل كان ظاهراً سيادة الكلمة على العرض ككل، وصحيح أن مشروع "وزن أعرج" كان نتيجة ورشة عمل تم إقامتها من قبل مجموع المشاركين لتكون تمهيداً لأمسيةٍ شعرية إلاّ أن ذلك أضاع الكثير من جهد المخرج "هادي فاضل" وجهد المشاركين في العمل، فبدى العرض "أعرج الإيقاع" وضائعاً بين الشعر الذين تم بناء العمل لأجله وبين رؤية المخرج الجسدية للعرض، فغاصت الشخصيات بالمجمل في بحر الشعر مع تناسي الإيقاع الجسدي والحركات الشعورية للجسد التي طالما تعودنا عليها مع "هادي فاضل"، إذ بدت السينوغرافيا بروح"صخبية" تأثر المشاهد ليدخله في كواليس الرمز والمقارنات والدلالات التي قد تخلق ألف احتمال لألف قضية، وبين الشعر  الذي يوجهنا إلى طريق محدد مستقيم أحياناً وفي كثير من الأحيان ذو "وزن أعرج" حتى أنّ بعض الشخصيات لم تكن دقيقة في تصرفاتها وبدت مكترثة للكلمة أكثر من الجسد وذلك بحكم أنّ الشاعرات كنّ مشاركات في العرض كممثلات.

هادي فاضل في عمله هذا لم يترك مجالاً للشك بأنه سيّد الجسد وهو المعبّر والمقدّم الأمثل له، وهذه التجربة البسطية ما هي إلا عينة في عدم استطاعته أو بالأحرى في عدم رغبته بالخروج من الجسد الذي طالما قدمه بالطريقة المثلى، ولكن يبدو أنه عندما يسيطر النص على المخرج أو يتقيّد المخرج بالنص حرفياً فإن ذلك يحدد كثيراً من رؤيته ومن خياله، فعرض "وزن أعرج" بدى صراعاً بين المخرج وبين الشاعرات، بين رؤيته ورؤيتهن، فنتج عن ذلك تداخل في الرؤى لم يكن مستساغاً في عرض كهذا.

وحتى إن أردنا الحديث عن النصوص المقدّمة في العرض فقد تداخلت بين نصوص حالمة ومتدفقة بالرؤى والخيالات وبالسريالية" إلى حد ما" لعلياء صوص وبين استرسال ودخول في الواقعية لجارينيه نظريان فتأخذ هنا كلمات هبة عبيد الخط الوسط بينهما.

وكون "هادي فاضل" لم ينسب الإخراج لنفسه  في هذا العرض وإنما اكتفى بالرؤية والسينوغرافيا فلا بدّ إذاً من أنّ الفرقة تتحمل المسؤولية الأكبر في صياغة العرض بالطريقة التي رأيناه فيها من ناحية الإلقاء والصياغة العامة للجمل وأخيراً من ناحية الإحساس الذي كان من المفترض أن يكون أقوى بكثير بحكم أن القصائد جميعها من تأليفهن.

  نذكر أن عمل "وزن أعرج"، رؤية وسينوغرافيا لهادي فاضل، وتمثيل كل من جارينيه نظاريان، علي جيلاني، علياء صوص، ميخائيل غينديريق، هبة عبيد وآلان إبراهيم، أما النصوص فكانت لجارنيه نظاريان، علياء صوص وهبة عبيد.



لقاء مع المخرج هادي فاضل حول عرض "وزن أعرج"

أغيد شيخو_ عالم نوح