لكل ابن آدم من اسمه نصيب ، واسمي هو أحد أسماء النبي صلى الله عليه وسلّم فهو الصفوح ولا بدّ أن أحمل شيئاً من اسمي وأعتقد أني لا أحمل مساحة من الغل لأن مساحة الصفح لدي تشغل حيزاً أكبر وأنا ميال إلى الصفح أكثر ولا احقد

 

 

صفوح شغالة من شعراء الأغنية المهمين في حلب وسوريا والوطن العربي، ترعرع في حلب وعلى الرغم من انتقاله الكثير في مناطق مختلفة من الوطن العربي إلاّ أنه بقي متمسكاً بمسقط رأسه وبقي أثرها واضحاً في كلماته والقصائد التي غناها له كبار المطربين في الوطن العربي كأغنية " طبيب جراح" جورج وسوف و "ارجع للشوق " اليسا و " تشكرات" فلة الجزائرية، أيضاً كان تعامله المثمر مع العديد من الملحنين في الوطن العربي نذكر منهم: وسام الأمير وطارق أبو جوده و نهاد نجار وجورج ماردورسيان وآخرون غيرهم.


للوقوف حول تجربة هذا الشاعر الفذ وصاحب اللهجة البيضاء كان لعالم نوح معه هذا اللقاء :
 

إلى أي حد يملك صفوح شغالة مساحة من الصفح في حياته ؟

لكل ابن آدم من اسمه نصيب ، واسمي هو أحد أسماء النبي صلى الله عليه وسلّم فهو الصفوح ولا بدّ أن أحمل شيئاً من اسمي وأعتقد أني لا أحمل مساحة من الغل لأن مساحة الصفح لدي تشغل حيزاً أكبر وأنا ميال إلى الصفح أكثر ولا احقد على من أختلف معه .


هل أنت راضٍ عن ردّة فعل الناس لما تقدّمه من صفح ؟


إن مشاكلي مع الآخر لا تتعدى حدوداً غير قابلة للصفح وما زال ضميرك مرتاحاً فمن المؤكد أنك ستتقبل الآخر وتتأقلم مع الوضع الذي تعيش فيه مهما كان .

من أكثر من آمن بصفوح شغالة في مسيرته ؟


أمي ومن بعدها زوجتي هما أكثر الناس الذين آمنوا بي فأنا متزوج منذ سبعة وعشرين سنة وهذا تماماً هو عمري الفني وفي هذه الفترة اكتشفت نفسي وبدأت العمل عليها لذلك كان زواجي نقلة نوعية في حياتي .

هل أنت راضٍ عن الذي وصلت إليه ؟


من قنع سلم، وأنا بالتأكيد راضٍ تماماً عن الذي قدمته إلى الآن إذ ليس لي عمل فني أخجل منه .


نلاحظ أن معظم الذين يقدمون نتاجاً إبداعياً للمجتمع يحملون تجاه هذا المجتمع بسبب عدم التقدير أو عدم الوقوف إلى جانب الفنان في أزماته، هل صادفتك هكذا حالة وكيف وجدت الذين يحيطون بك ؟

كتبت في بداياتي أنه " أنا لا يهمني أن يقال عني شاعر يكفيني شعوري بذلك فقط" ، أي عندما يكون المبدع قد ملئ داخله إبداعاً ومخزوناً كبيراً ويكون هذا المخزون حقيقياً وليس وهماً وقتها لن يهم الشخص إن قالوا عنه شاعراً أم لا ، وأنا منذ بداياتي بدأت شاعراً متمكناً ولم أقدّم أغنية يمكن أن أخجل منها لأنني متمرس في الشعر فقد كنت أكتب الفصحى قبل أن أتحوّل إلى اللهجة العامية وكان أساتذتي كباراً وأصحاب خبرة ففي فترة الإعدادية كان الأستاذ " عبد الوهاب صابوني " والذي كان قدوة لكل محبي الشعر في المدرسة وقتها كان يكلفنا بكتابة قصائد عن الربيع مثلاً أو العيد وكنت أحظى بالتشجيع والمباركة مما جعلني أشعر بأني مشروع شاعر لذلك فعلاقتي بالشعر بدأت منذ ذلك الحين بالإضافة إلى أني حافظ للتراث العربي القديم والحديث ولا يوجد شاعر عربي من الممكن ألاّ أكون حافظت له ولو بضعة أبيات ، فكل هذا أعطاني ثروة كبيرة وثقة بالنفس فأصبحت أعرف تماماً سمين الشعر من غثه حينما أقرأه , فما بالك و أنا أكتبه..!؟، هناك دائماً مراقب في داخلي يراقب ما أكتب .

هل من الممكن أن يغيّر الشاعر من آرائه وقناعاته في الكتابة لغايات ما برأيك ؟

الشاعر الغنائي يكتب الأغنية و لا يعرف من سيغنيها . لكنه يبحث عن الأفضل , وأحيانا هناك شركات إنتاج تشتري حقوق الأغاني من الشاعر والملحن دون وجود مطرب أو مطربة معينة مما يعطي الحق للشركة صاحبة الحقوق بإعطاء الأغنية لمن تريد . و لا يحق للشاعر أو الملحن الاعتراض .على المطرب الذي تختاره تلك الشركة ويكون هذا المطرب أو المطربة ليسا من اللذين أتفق معهما في القناعة والرأي ولهذا السبب صار هناك هبوط حاد في مستوى الأغنية بشكل عام , أنا لا أكتب إلا عن قناعة , فالإحساس لا يأتي بدونها .

هل ترى من خلال تجربتك أنّ الفن بالنسبة للفنان مرحلة أو هي حالة بحد ذاتها ؟

كل الذين نراهم الفن بالنسبة لهم مرحلة يجتازونها، فهنالك أشخاص كانوا يملكون المال وأرادوا أن يكونوا مطربين وحالوا بالفعل ولكنها كانت مرحلة في حياتهم طبعاً باستثناء المواهب الحقيقية التي تخلّد وتبقى في الذاكرة ولكن المعظم غير حقيقيين .


أي أنك تقول أنه لا توجد موهبة حقيقية حالياً على الساحة الفنية ؟


بالتأكيد، فمعظم الذين يظهرون الآن يظهرون لفترة ومن ثمّ يختفون وبالتالي فموهبتهم ليست حقيقية .

والمطربون الذين تعاملت معهم ألا تعتبرهم موهبة حقيقية ؟


كان منهم نجوم وتاريخهم الفني يشهد لهم بذلك إلاّ أن الكثير منهم كان للصدفة دور في ظهورهم لفترة معينة ومن ثم غاب نجمهم عن الساحة تماماً كالممثل الذين يشارك في مسلسل أو فلم فيكتشف فيما بعد أن هذه ليست مهنته فينسحب….
وصراحة إن أردت أن أتحدث عن تجربتي على وجه الخصوص فهنالك مطربون كانوا بالفعل ذوي موهبة وأداء وبالمقابل كان منهم الفاشلون تماماً وحالياً وضمن فضائيات العهر التي ظهرت أصبحت هنالك تحفظات أخرى على قيمة الموهبة فمثلاً عندما تقدّم كلمات لفنانة ما فإنك لا تعرف خطة الفيديو كليب التي ستقدمها وبالتالي من الممكن أن تشوّه الأغنية وتنزل من قيمتها الفنية وبما أني أكتب نمطاً لا يخدش الحياء فالكثير من الأشخاص يلومني على تقديمي لهذه الكلمات لهكذا فنانة .

ولكن هنالك فنانات تعرف تماماً تاريخهم وعلى الرغم من ذلك فإنك قدمت لهم الكلمات مثل أغنية " ارجع للشوق" لإليسا ؟

إليسا فنانة وهي محترمة بحق و " ليدي " ولديها إحساس عالي جداً على الرغم من أن إمكانياتها الصوتية لا تساعدها كثيراً ، وفي هذه الأغنية لا يوجد شيء مخجل من ناحية لا الكلمات ولا اللحن ولا حتى الكليب فأنا لست صاحب أغانيها في فترة البداية على الرغم من أنها بدأت بذلك النمط ولكنها غيرت إلى نمط آخر أكثر رقياً ومحترماً يحذى حذوه .

وكيف تم التعاون مع إليسا في هذه الأغنية ؟


اللحن للأستاذ نهاد نجار وقد التقي بالفنانة إليسا في الأستوديو وقام بتقديم الأغنية لها فأعجبت إليسا بالأغنية وتم الاتفاق عليها وغناؤها، والأغنية كانت مكتوبة على لحن " بكلمات أخرى " كان الأستاذ نهاد قد لحّن أغنية ولكن بدون كلمات إذ أن الملحن في كثير من الأحيان يلحّن جملة فيضع كلمات بشكل عشوائي حتّى ستقيم اللحن ومن ثمّ يكلّف أحد الشعراء بتغيير الكلمات وهذا ما حدث إذ قمت بتغيير كلماتها فأصبحت " ارجع للشوق " .

وماذا بالنسبة للفنانين الموجودين ضمن حلب ؟

 
لدي مساهمة مع أغلب الفنانين الذي غنّوا في حلب أمثال " نهاد نجار وعبود بشير و شادي جميل وسمير جركس ومصطفى سرميني وحمام خيري ووضاح شبلي ونور مهنى والعديد من الفنانين غيرهم " فقد دعمت الأغنية الحلبية بأشياء كثيرة حتّى أنّ بعض الأغاني دخلت التراث الحلبي مثل " آهين ياحلب , طول البنية، قوموا نرقص عربية، "انسي غرامك راح " . أما بالنسبة للفانيين الموجودين في حلب فهم في بيات شتوي طويل والدليل عدم وجود أغنية حلبية منتشرة ولو في حدود مدينة حلب .


قلت في إحدى اللقاءات أنك اكتشفت بما تسمى اللهجة البيضاء وأنت صاحبها وولي أمرها، هل مازلت محافظاً عليها وهل أخذتك من اللهجة الحلبية أم لا ؟

لكل شاعر مفردات يستخدمها وهناك لهجات عربية تم استهلاكها من كثرة الاستخدام والكتابة فيها كاللهجة المصرية مثلاً ولكن اللهجة الحلبية لم تستهلك مثلها ومازالت بكراً ولكن توظيفها في الأغنية يحتاج إلى حنكة لأن هنالك كلمات قد تظهر بشكل غير مناسب" فجّة " ، وما قمت به هو تهذيب لمفردات اللهجة الحلبية بالإضافة إلى أخذي من اللهجة الشرقاوية والتي هي من أجمل اللهجات العربية وأعتبرها اللهجة الأم وهي لهجة بدوية، فأثناء الكتابة لا أستطيع أن أقحم كلمة بدوية فأقوم باستبدالها بكلمة مصرية أو شامية مثلاً و هكذا تصبح اللهجة مزيجاً من عدّة لهجات، فمثلاّ هنالك أغنية للطيفة التونسية اسمها " آني من ناح وأنت من ناح " وقد تم إنزال الأغنية ضمن الألبوم خليجي وهناك ناقد خليجي كان يتحدث عن الألبوم في إحدى المقالات وكان يتناول كل أغنية بذاتها وعندما وصل إلى هذه الأغنية قال " هي أغنية جيّدة لكنها تحمل لهجة غير معروفة " إذ لم يستطع تحديد مكان هذه اللهجة أهي أردنية أم سورية أم عراقية أم خليجية وهذه تماماً ميّزة اللهجة البيضاء أي أن تكتب أغنية يفهمها الجميع ولا تنسب إلى بيئة معيّنة .

قلت " إما أن تكون فارساً أو تكون نكرة"، ألا توجد حدود وسطى لدى صفوح شغالة ؟


قال أبو فراس: ونحن أناس لا توسّط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر، لذلك في الشعر لا يوجد حل وسط فإما أن تكون شاعراً أولا تكون، وهذا يذكرنا بقصّة أحد الشعراء المغمورين مع أبي نواس إذ قال لأبي نواس أنا أشعر منك، فتجاهله أبو نواس، فقالها للمرة الثانية والثالثة ، فألتفت أبو نواس إليه وقال: الشعراء ثلاثة" شاعرٌ والمتنبي وابن فاعلة أما أنا فشاعر فتقاسم أنت والمتنبي ما تبقّى " .

نرى مقولة" أنا أشبه شعري وشعري يشبهني، فإذا أردت أن تتعرف علي جيداً إقرأني جيداً حينها ستعرفني على حقيقتي شعري" هي موجودة في كافة مقابلاتك، هل ترى أن الشعر من الممكن ألا يشبه الشاعر، ولماذا اتخذتها مقولة لك ؟


طبعاً، فكثير من الشعراء لا يصدر شعرهم عن صدق وبالتالي لا يقع في قلب المتلقي فهناك شاعر المناسبة وشاعرٌ مدّاح وهجّاء، أما أن تجد شاعراً لا يكتب إلا ما يحس به فهؤلاء قلائل جداً وبالنسبة لي إن لم أكن أعيش اللحظة التي أكتبها فالكلمات لا تخرج مني أبداً وإن اطلعت على المسودات التي لدي فإنك ستلاحظ أن هناك فترات زمنية بين كتابة وأخرى أي أني من الممكن أن أكتب خلال شهرين وبعدها أتوقف عن الكتابة لمدّة ستة أشهر تقريباً لعدم وجود حدث يحرضني على الكتابة ولكن عند وجود حدث يمسّني تماماً وأشعر به فإن الكلمات تكون مثل ما أحس تماماً لذلك أقول أني أشبه شعري أي أني لا أتصنّع فيه وأقدّمه على نحو ما أشعر . في حالة الكتابة أكون صادقاً جدا .


لاحظت في كتابتك البساطة والعفوية وحتى من الممكن أن نلاحظ روح الفكاهة في أسلوب الكتابة ولكنك رغم ذلك ترى أن حياتك غير مستقرة ومتقلّبة فمن أين لك هذه الروح ؟

لم أقصد بكلمة متقلّبة المأساة لكني قصدت بها عدم الاستقرار بسبب الترحال المستمر ، فأنا منذ ولادتي أسافر حتى قبل أن أكون شاعراً وذلك بحكم عمل الوالد كون استقراره كان في مصر فقد قضيت هناك خمسة عشر عاماً بالإضافة إلى إقامتي في لبنان لخمسة عشر عاماً أيضاً بالإضافة إلى فترة خدمة العلم التي قضيتها في البوكمال حيث البيئة البدوية والصحراء التي عشتها بكافة تفاصيلها وهذا كله على الرغم من أنه أكسبني غنىً في مفرداتي وجعلني أكتب بعدّة لهجات وابتدع اللهجة البيضاء إلا أن حياتي لم تكن مستقرة بسبب هذا الترحال وقد أبعدني ذلك عن جو الأصدقاء , أصدقاء الطفولة فمهما توطدت العلاقة بينك وبين شخص ما , لن يكون التواصل معه مثل صديق تترافق معه منذ مرحلة الطفولة .


نلاحظ أيضاً حالة الحميمية و الارتباط بالعائلة لديك ، فالسيرة الذاتية لديك هي مقدّمة سيرة ذاتية للعائلة أكثر ما تكون لصفوح شغالة، ماذا تقول ؟


أحاول من خلال هذه السيرة أن أأرشف الفترة الزمنية في فترة الستينات والسبعينات هذه الفترة التي لم يقترب أحد منها وبوضوح أكثر ولم يعطوها حقها، فسأحاول تقديم مدينة حلب وكيف كانت في تلك الفترة بعيداً عن باب الحارة وخان الحرير الذين يعبران عن مرحلة أقدم وسأرصد تفاصيل البيئة الحلبية وخصوصاً الحياة في الأحياء الشعبية .


إلى أي حد من الممكن أن تختصر حلب أو سوريا من خلال كلماتك وخاصة أنك قلت في إحدى اللقاءات أن الشاعر من الممكن أن يختصر مجتمعاً في كلماته ؟

حلب أخذت جزءً كبيراً من كتاباتي وأنا أفتخر بذلك فحلب مدينة عريقة وأقدم مدينة مأهولة في التاريخ وأسعدني الحظ أني ولدت فيها وهي مسقط رأسي ، وفي حلب أشياء كثيرة ملهمة بالفعل فقد كتبت عن أسواقها وعن عاداتها وتقاليدها وتقريباً عن كل شيء . لقد نشرت اللهجة الحلبية من خلال أغنياتي التي غناها لي المطربون العرب . وهذا يشعرني بالفخر ويثبت أن اللهجة الحلبية من أروع اللهجات العربية .

هل أعطيتها حقها ؟


لازلت أعطي .. فحلب أكبر من شاعر واحد

وهل أعطتك حقك ؟


حين يذكرني تاريخها فقط .


هل من الممكن أن تحمل كلمات الأغاني طابعاً شخصياً تجاه أحد الأشخاص لدى صفوح شغالة ؟

بالتأكيد ممكن فقد كتبت أغانٍ عن أصدقائي مثلاً حينما نختلف أو ما شابه كأغنية " إنسى غرامك راح ، ماندم عليك " أي ليس كل ما يكتبه الشاعر يجب أن يكون حالاتٍ عامة فأحياناً تتفاعل مع الحرب فتكتب عنها بالإضافة إلى الكثير من الحالات المشابه ففي النهاية الشاعر لسان قومه ويجب أن يحكي عن قومه وبلسانهم لا أن يكون متعالياً عليه ومتكبراً فالإنسان البسيط من حقّه أن تعطيه شيئاً بسيطاً لا شيئاً لا يفهمه أبداً فيجب أن يكون ميزان الكاتب دقيقاً جداً لتوصل ما يريده إلى أكبر شريحة ممكنه من الناس .

 


قالوا أن الكتابة باللهجة العامية ابتعاد عن الأصالة و اللغة العربية الأم ونكران لجميلها ومحي لها ، ماذا تقول كونك تكتب باللهجة العامية ؟


إن كان للغة العربية أمهات فإن لهجتنا الشرقاوية هي من أمهات هذه اللهجات ، وقد كان هنالك منذ القديم الكثير من اللهجات ولكن نزول القرآن وحّدها وجعلها في بوتقة واحدة واللهجة العامية هي منبثقة عن اللهجة الفصحى ولم تأتي من كوكب ثانٍ، وإن كنت تسمع المواويل الشرقاوية فإنك تجد إنها تتفوق على اللهجة العامية وهي أقرب إلى الفصحى ولكن بطريقة مبسّطة قليلاً فأحياناً هنالك مواويل أرى فيها المتنبي كجزالة وقوّة فشاعر الموال هو شاعر فصحى بجدارة لأنه يعطيك بلهجة جزلة وقوية معان بالعامية ، وأقول لمن ينتقد هذه الكتابة أنّ اللهجة العامية فن من فنون الشعر وهي ليست وليدة يوم أو يومين بل هي موغلة في القدم .

تعاملت مع الكثير من الملحن أمثال طارق أبو جودة ووسام الأمير من لبنان،كونك شاعراً و بشكل عام هل من الممكن أن تتعامل مع الملحن على حسب ارتياحك معه أم أنك تعتبر أن العلاقات الشخصية تختلف تماماً عن العمل ؟


إن لم يكن هنالك تناغم بين الشاعر والملحن فلن يكون هنالك عمل برأيي، فالأرواح يجب أن تلتقي الأغنية شراكة روحية وعاطفية وإشترك إحساس بين الشاعر والملحن وإن كان هنالك تنافر من الطرفين فلن يكون هنالك عمل فيه حس , لذلك فدائماً يكون الشاعر لديه عدد من الملحنين يتعامل معهم وأيضاً الأمر كذلك بالنسبة للملحن الذي يكون لديهم عدد من الشعراء يكون قد تناغم معهم فيتعامل وينتج عن ذلك عمل جيد ، فالشاعر يحتاج إلى تنوع في اللحن والملحن يحتاج إلى تنوع في الكلمة أيضاً ومن الصعب أن يكون التعاون بين ملحن واحد وشاعر واحد لأن ذلك يحدد سقف الإبداع ويأطره، وقد تعاملت مع الكثير من الملحنين فمن مصر تعاملت مع الموسيقار شاكر الموجي فقدمنا الكثير من الأغاني أهمها أغنية " طبيب جرّاح " للأستاذ جورج وسوف وأيضاً مع الموسيقار صلاح الشرنوبي، لكني تعاملت مع الملحنين اللبنانيين أكثر أمثال طارق أبو جودة ووسام الأمير وجورج ماردورسيان الذي أعتبره أحد أساتذتي الكبار والذي تعلمت على يديه الكثير بالإضافة أيضاً إلى الأستاذ عماد شمس الدين والأستاذ سمير صفير الكثير غيرهم لا تسعفني الذاكرة الآن لذكرهم ، ومن خلال هذا التعاون أرى أني أفدتهم وأفادوني في الوقت نفسه وكان النتاج مثمراً والحمد لله .

من أكثر الملحنين الذين ترتاح بالتعامل معهم ؟

أنا ارتحت مع معظم اللذين تعاملت معهم ولكن أخص جورج ماردورسيان بالتأكيد بالإضافة إلى الأستاذ نهاد نجار رفيق دربي وطارق أبو جودة حيث نحمل في رصيدنا أكثر من مئة وخمسين أغنية مشتركة وأيضاً هناك الأستاذ شاكر موجي .

للكلمة طابع خاص يناسب أشخاصاً ولا يناسب آخرين، فهل عند الكتابة تكتب لأشخاص معينين أم تكتب ومن ثم تختار الشخص المناسب لإعطائه الأغنية ؟

عندما يكون الشاعر في مرحلة الانتشار يعطي الأغنية لأي مطرب يصادفه ولكن عندما يصل الشاعر إلى مرحلة الشبع من الشهرة هنا يحاول المحافظة على نوعية معيّنة من الكتابة في حياته وهنا إمّا أن يوفّق وإما لا يوفّق إذ أن مرحلة الشبع هي مرحلة نضوب فكري أي يصل إلى مرحلة لا يستطيع إضافة جديد وهنا تبرز قدرة الشاعر والفنان الحقيقي بهروبه من حالة الركود هذه .

إذا أردنا تحديد السؤال أكثر، هل من الممكن لصفوح شغالة أن يكتب بناءً على طلب ونحن نعلم أن الشعر حالة شعورية لا تفرض على الشخص ؟


حين يصل الشاعر إلى مرحلة الاحتراف يستطيع أن يكتب عن أي موضوع كان , وكثير من الأغاني التي كتبتها كانت بناء على طلب . مثلاً طلب مني الأستاذ شادي جميل أن أكتب ( لو تشعل العشرة ياخاين العشرة) فكتبت إنسى غرامك .
وهناك شعر المناسبات كأعياد الميلاد .. الخ


تبنيت الكثير من الموهب خلال مسيرتك ولكن أغلب هذه المواهب التي ظهرت فيما بعد على الساحة الفنية تنكر الجميل وتنسى من أسسها وكونها، مالسبب برأيك ؟

صراحةً أنا أعتبر أن هذه سنّة الحياة و لا أعتبر هذا نكراناً للجميل فمن الممكن أن يكون سوء تصرف من أحد الطرفين أو من كليهما لأن الإنسان بطبيعته يبحث عن الانتشار ، فعندما آتي بمطرب لا يعرف الوسط الفني ولا يعرف أبعاد الشهرة ومن ثم يدخل فيها بقوّة فإن هذا يخفي عنه الكثير من الحقائق فيتهيأ له أنه إن تعامل مع شخص آخر فإنه سيحقق نجاحاً وشهرة أكبر أو أنه يريد أن يعوّض النقص الذي كان يشعر به قبل أن يكون مشهوراً، فهناك مواهب عندما تقع تحت أضواء الشهرة فإنها تصاب العمى لأن الشهرة بالفعل تصيب الشخص بهذه الحالة كالممثل الذي يقف على خشبة المسرح ولا يرى من الجمهور شيئاً بحكم الإضاءة المسلّطة عليه، ولكن كل هؤلاء حالات أي ليس الجميع هكذا فجورج وسوف أظهره الأستاذ جورج يزبك وقد بقي جورج وسوف وفياً له إلى آخر أيام حياته وحتى نجوى كرم لم تتنكّر لجورج ماردورسيان أبداً، إذا هذه الحالة تعود إلى كل شخص حسب طبيعته فهناك فنانون يحافظون على علاقاتهم وآخرون لا يهتمون .

برأيك ما أكثر شيء في الأغنية يمكن أن يشهرها ؟


الأغنية عمل متكامل ونتيجة جهد الفريق الذي عمل فيه وليس نتاجاً فردياً أي أنها نتيجة جهد الشاعر والملحن و الموزع الموسيقي وهندسة الصوت والمطرب وإن كان هنالك خلل في أحدهم فإن الأغنية لا تنجح ، فمهما كانت الكلمات جميلة ورائعة وبالمقابل لم يكن اللحن بذلك المستوى فإن الأغنية لا تلقى رواجاً.

ولكننا لا ننكر وجود بعض الأغاني التي تجذب المتلقي حتى دون أن يركز على كلماتها ؟


لا أعتبر أن هناك نجاحاً جزئياً للأغنية فالغنية إما ناجحة أو غير ناجحة فساريا السواس نجحت من أغنية " بس اسمع مني" وهي تحمل كلمات في منتهى الروعة ولحناً جميلاً جداً وهذه الأغنية هي التي اشتهرت لذلك فأنا أعتبرها أغنية ناجحة بجدارة و لا أعتمد على باقي الأغاني، أيضاً عبد الحليم حافظ نجح من خلال أغنية " صافيني مر" ، فهناك الكثير من المطربين بدايتهم كانت أغنية وهذه الأغنية تكون لهم بمثابة جواز سفر يعيشون منها لبقية حياتهم حتى وإن كانت أعمالهم التي تليها ليست بنفس المستوى .

 
ماذا تحدثنا عن جديدك ؟


لا جديد ريثما تنجلي الغمة عن سوريا فكل ما أكتبه الآن متعلق بالوضع السوري والتصدي لهذه الهجمة الشرسة علينا .

ماذا تود أن تضيف ختاماً ؟

أشكر موقع عالم نوح وكل أعضاء إدارته لإسهامهم وجهدهم وبحثهم الدؤوب في تقديم المفيد في عالم الفن والثقافة متمنياً للجميع التقدم و الازدهار .

أغيد شيخو _ عالم نوح