صوفية الشكل وهلامية اللون
لدى الفنان السوداني إســـلام كــامـل عــــلي
تقديم الفنان : زيــــاد بقــــوري
في أعماله التشكيلية التراث الشعبي يعتبر نتاجاً للتراكم الثقافي ولفكره المستمر في البحث البصري



صوفية الشكل وهلامية اللون
لدى الفنان السوداني إســـلام كــامـل عــــلي


تقديم الفنان التشكيلي: زيــــاد بقــــوري

في أعماله التشكيلية التراث الشعبي يعتبر نتاجاً للتراكم الثقافي ولفكره المستمر في البحث البصري هو يسترجع جذوره إلى معطياته الكبيرة لشعوب النوبة منذ ما قبل التاريخ وحتى وقتنا الحالي. حيث انه جسّد في أعماله الفنية الإنسان وأحلامه ومشاريع طموحاته الحالمة، وارتباطه الكبير بأرضه السمراء ودفاعه المستميت بأعماله الفنية عن حاضره ومستقبله .

تكوّن المشهد البصري لدى الفنان اسلام كامل نتيجة للتفاعل الحيوي بينه وبين بيئته الطبيعية والاجتماعية، والتأثير المتناسق بينه وبين المجتمع والثقافات المكتسبة والأفكار المتباينة، ليشكل الفنان في صياغة مشهده البصري في النهاية منظومة صوفية وفكرية شعبية إنسانية عظيمة .

وهرم تلك المنظومة بمختلف أعماله الفنية كالحكايات والسير الشعبية والقيم والتقاليد والأعراف السائدة التي تعبّر عن أشكاله ونواحي الحياة الاجتماعية ومضامينها الإنسانية المختلفة وأنماط حياتية متنوعة وغنية .

الفن الشعبي هو أحد جوانب التراث الأساسية وقد أكدها الفنان إسلام في جل أعماله، الذي يصوّر بدقة واقع حياة عامة الشعب السوداني من عادات، وتقاليد، وعقائد وفنون، حيث ندرك من خلال مضامين لوحاته على نفسية أفراد المجتمع وفكرهم، وأخلاقهم، ومعاناتهم، فالمشهد البصري يمثل المأثورات والخصائص التي تشكل الشخصية القومية والهوية الوطنية للإنسان العربي في حقبة ما من تاريخ الأمة، والموروثات الشعبية تصوّر جوانب حياة الناس اليومية الثقافية ، والسلوكية ، من حكايات .

أما في الوقت الحاضر نرى أن معظم الصور التراثية بدأت تتلاشى وتندثر مع تقدّم الزمن إلا في أعمال الفنانين الذين يستحضرون تلك المشاهد البصرية في أعمالهم .
حيث أن أعماله تنطلق برؤيته التشكيلية من المنطقة التي يعجز فيها التحديد النهائي للوحته ، لأنها أعمال تعبيرية تشبه إلى حد كبير النصوص المفتوحة على كثير من الأفكار والثقافات. ولهذا نحاول بكتابة هذا أن ننظر إلى العمل التشكيلي باعتباره نصاً أدبياً لا تكاد أن تنفصل عوالمه الداخلية عن التراكم الثقافي والحضاري والعقائدي التي استذكرها الفنان في أعماله بطريقة وجدانية .

كما أن هذه الاعمال الفنية تحتمل العديد من القراءات والتأويلات النقدية التي من شأنها أن تبرز الكثير ليبقى الكثير .

تحضر طقوس الحزن والفرح ويأتي كرحيل نهائي من الحياة الدنيا إلى عالم التراب، حيث أبدية الآخرة، وهذه الطقوس جاءت متضادة في الظاهر البصري الذي أوجده الفنان اسلام كامل.

وهذا الارتحال المصيري للحياة تجسده مفردات التوظيف الفني للرموز والاشكال الآدمية والحيوانية بعد تأمل في الارتحال الحروفي .

حيث تأتي اللغة البصرية الساحرة على مستوى اللفظة في كونها بياضاً دالاً على الحقيقة المصيرية الذي يتعرض لها الإنسان، هذا الصفاء والتطهير هي إحدى الدلالات الأساسية لدى الصوفية .

فقط في الفن فمن حد الحلول مثلاً إلى حد التجلي وصولاً إلى حد المكاشفة تسير الملامح السرية لأعماله التشكيلية .

لذلك نستطيع أن ننظر إلى أعماله من خلال عدة نقاط أهمها: – فلسفة الروح والشكل – مركزية الكون – جدلية الظاهر والباطن – حاسة اللمس – استشراف الرؤية.
لقد استطاع الفنان إسلام كامل أن يوجد في صوفية الفن تضادية الولادة والموت, وأن يجمع بينهما بطريقة يستحيل فيها الجمع وهنيئاً للفنان اسلام كامل هذا الإنجاز والتوفيق البصري الفريد وارائع .