ويكمل الدكتور مجد جرعتلي: وفق بيانات مراقبي وخبراء المناخ وهو العام الأكثر دفئا منذ العام منذ 1880 وهو العام الذي شهد العديد من الكوارث البيئية وتسبب كذلك بارتفاع درجة حرارة الأرض الشديد وانتشار الجفاف في مناطق عديدة من العالم لعل المنطقة العربية أبرزها مما أدى لأضرار بيئية كبيرة ولتراجع الانتاج الزراعي بشكل لافت.

" عام 2010 عام التغييرات المناخية والكوارث البيئية ؟ "

 

           الدكتور مجد جرعتلي
        دكتور في العلوم الزراعية
مستشار في الشؤون الزراعية والبيئية

يعتبرعام 2010 عام التغييرات المناخية والكوارث البيئية وفق بيانات مراقبي وخبراء المناخ وهو العام الأكثر دفئا منذ العام منذ 1880 وهو العام الذي شهد العديد من الكوارث البيئية وتسبب كذلك بارتفاع درجة حرارة الأرض الشديد وانتشار الجفاف في مناطق عديدة من العالم لعل المنطقة العربية أبرزها مما أدى لأضرار بيئية كبيرة ولتراجع الانتاج الزراعي بشكل لافت.

وفيما يلي نذكر بإختصار أهم تلك التغييرات المناخية والكوارث البيئية بشطريها الطبيعية أوالناتجة من صنع البشر وذلك في عام 2010 ؟

1. الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية .

ظاهرة النينو
يرى خبراء المناخ أن سبب التغير المناخي السيء خاصة في النصف الأول من العام 2010 هو ظاهرة النينو التي تعد المسؤول الأول عن ارتفاع درجات الحرارة في العالم وبالرغم من انتهاء هذه الظاهرة لكنها تسببت بالارتفاع الكبير في درجة الحرارة في المحيط الهاديء خاصة.
وتعتبر ظاهرة النينو بمثابة تيارا مائيا دافئا يتحرك شرقا في المحيط الهادئ المداري بحركة راجعة غير اعتيادية يستغرق وصوله بحدود ثلاثة أشهر مقتربا من سواحل الاكوادور و بيرو مسببا توقف تيار المياه البارد وحركات التقلب الراسي السائدة عموما في هذا المكان.
ومن أبرز التأثيرات التي تتسبب بها النينو تغير درجات الحرارة والضغط الجوي و التفاوت الكبير في كميات تساقط الامطار إلى جانب حرائق الغابات وموجات الجفاف والتاثير على امتدادات وحركات الأمواج العليا للغلاف الغازي.
وسجلت ارتفاعات درجة الحرارة بدرجات عير طبيعية في مناطق واسعة في كندا وإفريقيا والمحيطات الاستوائية ومناطق في الشرق الأوسط في حين تعاني المناطق الشمالية في تايلاند جفافا هو الأشد منذ 20 عاما.
أما في بريطانيا فإن هذا العام كان الأكثر جفافا منذ عام 1929 كما سجل ذوبان جليد المحيط المتجمد الشمالي مستويات قياسية في شهر حزيران الماضي.

• موجة الجفاف الطويل والمطر المتأخر الجفاف سبب في خسائر فادحة في الثروة الحيوانية والزراعية للعديد من دول العالم
إشتدت وطاة الجفاف خاصة في منطقة الشرق الاوسط على غير ماهو متوقع في أوائل فصل الشتاء ومن ثم فجأة شهدت سقوط كميات من الأمطار والثلوج مصطحوبة بعواصف شديدة تسببت بخسائر مادية في العديد من الدول العربية.
ويحذر خبراء البيئة من إستمرار الجفاف ومساهمة الانسان فيها التي ستزيد من التصحر ونقص المساحات الخضراء ونقص المحاصيل الزراعية وخاصة محاصيل الحبوب والبقوليات والتي ستسبب بشكل مباشر وغير مباشر بوفاة مئات الألاف سنويا نتيجة الجوع أو سوء التغذية التي يتسبب بها الجفاف واشتداد أمراض الملاريا والاسهال.
وبالرغم من اتفاق دول العالم في ختام مؤتمر كانكون في المكسيك في نهاية العام 2010 على مجموعة من الإجراءات منها تحديد تعهدات التخفيف من آثار التغير المناخي وتخفيف الإنبعاثات الغازية في إطار رسمي مع ضمان زيادة المساءلة عن تنفيذ تلك التعهدات، واتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الغابات في العالم. وإنشاء صندوق لتمويل جهود مواجهة التغير المناخي على المدى البعيد لدعم الدول النامية، وتعزيز التعاون التكنولوجي وقدرة الفئات المستضعفة من السكان على التكيف مع المناخ المتغير. الا أن تطبيق هذه الاتفاقات يبقى رهينا بمدى تطبيق هذه الدول لاتفاقاتها حيث ينظر للبيئة نظرة غير متحمسة في عدد من دول العالم وهو مايقلق خبراء البيئة الذين يرفعون صوتهم دائماً بضرورة انقاذ البيئة التي ستنقذ الناس أيضاً.

 

• زلزال هاييتي
زلزال هاييتي حصد اكثر من 230 ألف ضحية
لم يكن الجفاف واشتداد الحرارة هو ما ميز العام 2010 مناخيا فقط بل شهد أكبر زلزال فاق توقعات الجيولوجيين الذي كان عبارة عن هزة أرضية بلغت قوتها 7.0 درجة على مقياس ريختر، وكان مركزها يبعد نحو 10 أميال (17 كيلومتر) جنوب غربي العاصمة الهايتية بورتو برنس. حيث وقع الزلزال في يوم الثلاثاء 12 يناير 2010 في تمام 16:53:09 بالتوقيت المحلي. وعلى عمق 6.2 ميل (10.0 كم).
وقد سجلت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS) سلسلة من الهزات الإرتدادية عشر منها زادت قوتها عن 5.0 درجة بينها واحدة بقوة 5.9 وأخرى بقوة 5.5 كلها بنفس العمق والزلزال الذي استمر لما يزيد عن دقيقة واحدة فقط خلف دماراً هائلا حيث أظهرت مشاهد تلفزيونية التقطت عقب الزلزال مباشرة سحب كثيفة من الغبار ارتفعت من مدينة بورتو برنس ناتجة عن انهيار المباني جراء الزلزال.
وقدر الصليب الأحمر الدولي أعداد المتأثرين بالزلزال بثلاثة ملايين شخص بين قتيل وجريح ومفقود ولقد أعلنت الحكومة الهايتية في 9 فبراير عن دفن أكثر من 230.000 قتيل في مقابر جماعية.
وانهارت معظم معالم العاصمة بور أو برنس أو تضررت بشدة جراء الزلزال بينها القصر الرئاسي ومبنى الجمعية الوطنية (البرلمان) وكاتدرائية بور أو برنس، و السجن الرئيسي و مقر قيادة قوات حفظ السلام الدولية والذي قتل فيه العشرات من موظفيهم بما فيهم مبعوث الأمم المتحدة و نائبه.
وعلى الرغم من تحذيرات وتوقعات الجيولوجيين بالزلزال الا أن تقديراتهم كانت دون مستوى الحادث بكثير، حيث صدقت التوقعات وأخطات التقديرات.

بركان أيسلاند

• الرماد البركاني
الرماد البركاني شل حركة النقل الجوي في أوروبا وتسبب بخسائر زراعية وبيئية كبيرة
لم يكن ماسبق ذكره من كوارث أهم معالم العام الماضي بل كان للغبار البركاني حصته في العام 2010 والذي شكل كابوسا حقيقيا للبيئة والمزروعات و للمسافرين وملاحي الطائرات مما تسبب في اضطراب رحلات الطيران في العالم وفي إغلاق المجال الجوي لعدة دول مثل بريطانيا وفرنسا وفنلندا وألمانيا والدانمارك وإسبانيا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا والنمسا وسلوفاكيا وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والمجر وسويسرا ورومانيا وبلغاريا خشية أن يؤدي الغبار المنبعث منه إلى إلحاق الضرر بمحركات الطائرات.
فتم إغلاق مطارات تلك الدول لأيام عدة دون أن تتعطل في الدولة التي انطلق منها الغبار البركاني وهي ايسلنده حيث كانت الريح تقوده خارج حدود البلاد التي ظل بركانها ينفث غباره نحو السماء حتى وصل للشرق الأوسط في شهر نيسان أبريل الماضي.
لكن غبار بركان إيسلندا لم يتسبب بضحايا بسبب الحذر الذي اتخذه الطيارون وسلطات الطيران في تلك الدول لكنه تسبب بخسائر بيئية وزراعية فادحة وكذلك خسائر مالية جمة لشركات الطيران بسبب إلغاء المئات من الرجلات الجوية.

• العواصف الثلجية في أوروبا
ثلوج أوربا حالت دون احتفال الكثيرين بأعياد الميلاد ؟
لم يشأ العام 2010 أن يودعنا دون أن يسجل بصمة بيضاء له هذه المرة من خلال كميات الثلوج الهائلة التي تتساقطت بشكل كثيف على الدول الأوربية معيقة احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية فيها حيث قضى بعض المسافرين ليلة الميلاد في المطارات بدلا أن يقضونها مع احباء لهم كانوا في الطريق اليهم فحالت الثلوج دون وصولهم في الوقت المناسب.
كما تسببت هذه الثلوج بالضرر الكبير على المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والكائنات الحية كما تسببت بالكثير من حوادث السير وسقوط عدد من الأشجار على روؤس المارة بسبب كميات الثلوج التي سقط عليها وشدة هبوب الرياح.

• فيضانات أستراليا ودع العام 2010 عامه بالفيضانات والتي غمرت استراليا حيث ارتفعت مياه الفيضانات التي اجتاحت شمال شرق أستراليا وغطت مساحة تزيد على مساحة دولتي " فرنسا وألمانيا " معا حيث غمرت 22 بلدة وأدت إلى تقطع السبل بنحو 200 ألف شخص وتسببت بخسائر اقتصادية بمليارات الدولارات. وأغلقت الفيضانات العديد من الموانئ في البلاد.
وتعتبر الفيضانات التي تشهدها أستراليا حاليا الأسوأ منذ نحو نصف قرن ونجمت عن ظاهرة الطقس التي تعرف باسم «النينيا» التي رفعت برودة المياه في شرق المحيط الهادي وتسببت في هطول أمطار غزيرة على شمال شرق استراليا على مدى الأسبوعين الماضيين.
وقالت آنا بلاي رئيسة حكومة ولاية كوينزلاند للصحفيين : هذه الكارثة لم تنته الآن لدينا 22 بلدة أو مدينة إما غمرتها مياه الفيضانات وإما عزلتها وهذا يمثل نحو 200 ألف شخص في منطقة مساحتها تزيد على مساحة فرنسا وألمانيا معا
وفي الوقت الذي يستمر فيه ارتفاع منسوب المياه، غمرت الفيضانات 22 مدينة تقريبا. ويعتبر أربعة الاف منزل في روكهامبتون (شمال بريزبن) مهددا بالمياه. وأعلن رئيس بلدية روكهامبتون براد كارتر أن «الشرطة ستأمر سكان المناطق المنكوبة بمغادرة منازلهم». واختفت المتاجر والمنازل تحت المياه مما ارغم السكان على التنقل بواسطة قوارب صغيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وفي مدينة ايمرالد، قامت مروحيات تابعة للجيش بإجلاء قسم من السكان البالغ عددهم 11 ألفا كما ألقت اليهم بمواد غذائية في الوقت الذي غمرت فيه المياه 80% من البلدة.
وقدرت رئيسة وزراء مقاطعة كوينزلاند آن بلاي كلفة الكارثة «التي لا سابق لها» بمليارات الدولارات.

2. الكوارث البيئية التي من صنع البشر.

1. بدأ عام 2010 بالشهر الأول منه باستئصال 14 ألف هكتار من الغابات في روسيا استعدادا لإعداد الألعاب الأولمبية الشتوية رغم أن هذا العام مخصص للتنوع البيولوجي واهمية الحفاظ على الأنواع المختلفة في بيئاتها .

2. في الشهر الثاني شباط /فبراير منيت الطبيعة بكارثة تسرب الف متر مكعب من الزيت المستهلك في نهر "لومبارو" الايطالي ادى الى تعطل وحدة تكرير المياه في المنطقة المحيطة به وتركت بصماتها المدمرة على البيئة البحرية في تلك المنطقة وامتدت آثارها الى الشواطئ القريبة منها.

3. في الشهر الثالث فشل " مؤتمر واشنطن الـخامس عشر لحماية الأنواع " في الاتفاق على حظر صيد بعض الكائنات الحية المهددة بالانقراض ومكافحة تهريب النمور الآسيوية وحمياتها من الاندثار بعد أن تبقى منها 3200 فقط في العالم .

4. وفي الشهر الرابع فقد ذكر الصندوق العالمي للطبيعة بأن هذا الشهر شهد ثاني كارثة تلوث نفطية بجنوح ناقلة الفحم شينج نانج الصينية بين استراليا والصين وتسرب الوقود الخاص بها وهو من النفط الثقيل في البحر والذي شكل تهديدا كبيرا على البيئة البحرية والبرية .

5. ثالث كارثة نفطية وقعت في شهر مايو وهي كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك والتي ادت الى تدفق ملايين الليترات من النفط الخام على الساحل الممتد أمام شواطئ ولاية لويزيانا الأمريكية ما ادى الى نفوق النباتات والحيوانات البحرية في المنطقة انعكس سلبيا على تكاثرها وحرمان الطبيعة من نسلها الجديد وفيما يلي نلخص فظاعة تلك الكارثة :
كارثة التلوث النفطي في خليج المكسيك التابعة لشركة “بريتيش بتروليوم” البريطانية


سبب تسرب ملايين الليترات من النفط من منصة " ديب ووتر هورايزون " بخليج المكسيك بكارثة بيئية ستدوم أثارها الخطيرة والضارة لعشرات السنين ؟
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالة للبروفيسور " دوغ إنكلي " كبير العلماء بالاتحاد الوطني للحياة الفطرية القول :
" إن النفط سيظل يتسرب من منصة ديب ووتر هورايزون بخليج المكسيك لسنوات إن لم يكن لعقود قادمة"
وتقول الصحيفة إن بعض الآثار المباشرة المترتبة على التسرب النفطي واضحة, لكن بعض الأضرار البيئية الغير مباشرة يصعب قياسها وقد تستغرق سنوات لتوثيقها. فهنالك الملايين من الكائنات الحية التي ستموت وتغطس إلى القاع مما يجعل من العسير تقدير أعدادها وقد يستغرق سنوات لحصرها. وترى الصحيفة أن لكل تسرب نفطي خصائصه الفريدة من حيث جغرافيته وتركيبته الكيميائية, التي قد تختلف اختلافاً كبيراً في درجة سُميته.
ويتميز التسرب بمنصة ديب ووتر هورايزون بأنه حدث في أعمق موقع لبئر نفطية. ومن أحد أضراره أيضاً الكميات الهائلة من المواد الكيميائية التي تم إستخدامها وضخها إلى سطح البحر لتفتيت النفط المتسرب.


ولا يُعرف على وجه الدقة العلمية حجم التأثير الكبير والخطر لإمتزاج النفط بماء المحيط وضرر تلك المواد الكيميائية التي أستخدمت على النظام البيئي في قاع البحار والمحيطات ووصول أثارها إلى السلسلة الغذائية للإنسان ولكافة أشكال الحياة البحرية والبرية بالإضافة إلى تسببه في تداعيات كارثية على الصناعات السمكية وقطاع السياحة في ولايات لويزيانا وميسيسيبي وألاباما وفلوريدا، فيما يعتبر أسوأ كارثة بيئية تتعرض لها البلاد.

فعلا لقد كان عام 2010 عام التغييرات المناخية والكوارث البيئية و بجدارة وفق تسمية منظمة الأمم المتحدة له.