عبد الفتاح قلعه جي والمسرح التجريبي
- ديسمبر 10, 2011
- 0
مسيرتي المسرحية بدأت مع فرقة المسرح الشعبي في بداية الستينات حيث كنت آنذاك مديراً لفرقة المسرح الشعبي, وقدمنا العديد من الأعمال التي ألفتها “الفصل الثالث,صرخة في الشريان المبتور, الدماغ الأسود..
نتابع اليوم أعزاءنا قرّاء عالم نوح رحلتنا في ذاكرة الأجيال القديمة المعطاءة التي حفرت بجهدها وبأعمالها مكاناً لها في صفحة التاريخ السوري المشرق… اليوم نحن على موعد مع رائد الكتابة في المسرح التجريبي الأستاذ عبد الفتاح قلعه جي، حاورناه ففاض ثغره الطيّب بما يلي:
هلا حدثتنا عن مسيرتك المسرحية….
مسيرتي المسرحية بدأت مع فرقة المسرح الشعبي في بداية الستينات حيث كنت آنذاك مديراً لفرقة المسرح الشعبي, وقدمنا العديد من الأعمال التي ألفتها "الفصل الثالث,صرخة في الشريان المبتور, الدماغ الأسود…الخ". وهي من إخراج الصديق المرحوم "أحمد سيف (أحمد عمر طحّان)", في تلك الفترة كنت أكتب مسرحيات بين الواقعية والرومانسية, ثم اتجهت إلى الكتابة في المسرح التجريبي أو المسرح الطليعي كما كان يسمّى, حيث وجدت فيه نفسي فتحايلت على الواقع ووضعت أفكاراً رمزية , ويمكننا القول بأن المسرح التجريبي هو تحايل على الرقابة الصارمة التي كانت موجود, ومن الأعمال التي قدمتها "ثلاث صرخات, هل قتلت أحداً؟…الخ".
هل يمكن أن نعتبر أن الأعمال التجريبية أعمال خالدة؟ وتصلح لأي زمان ومكان؟
يمكننا القول بأن هنالك موضوعات لا تموت وليس جميع الأعمال التجريبية تخلّد, فأنا لدي العديد من النماذج على ذلك فمثلاً مسرحية "طفل زائد عن الحاجة" قدمت في السبعينيات وأيضاً أعيد تقديمها في عام 2010 وكانت مناسبة تماماً كما قدمت قبل ذلك بسنتين في الأردن وأخذت الجائزة الأولى في مهرجان "عامون المسرحي للشباب" واختيرت لتكون افتتاحية لمهرجان "عمّان العربي المسرحي الكبير", وأيضاً مسرحية "ثلاث صرخات" قدمت في الكثير من البلاد العربية, ومن المواضيع التي لا تموت مواضيع الحب والغدر والصراع بين الخير والشر, أما المسرحيات الآنية المسيّسة التي تتحدث عن جهة أو موقف سياسي معين فهذه الأعمال تعرض لمرة أو مرتين ثم تموت.
كيف يمكن أن نصنع عملاً خالداً؟
يجب الابتعاد عن المباشرة في الطرح، فالأسلوب يجب أن يكون غير مباشر يعتمد على الرمزية الذكية، وأيضاً يجب على الكاتب أن يكون واسع الثقافة، ومطّلع على بناء المجتمعات التي يكتب عنها.
للمسرح التجريبي آفاق عدة, ما هو مسارك في كتابة المسرح التجريبي على وجه التحديد؟
اتجهت في كتاباتي التجريبية إلى ما يسمى التجريب على التراث، بنوعيه التاريخي والشعبي، فقصدت أن تكون المسرحية شعبية أن عرضت ولكن بمضمون تجريبي، فكتبت "مدينة من قش، العرس الحلبي، الملوك يصبون القهوة"، حتى أن أغلب مسرحياتي تنبؤية أو إرهاصية، فمن وجهة نظري أقول أن الكاتب الحقيقي يتوقع الأحداث بناءاً على ما يقرأه من الوضع العام أي أنه لا يلهث وراء الحدث بل يحاول أن يسبق الحدث برؤياه، فثلاً قال أحد النقاد أنني أول من تنبأ بسقوط عاصمة عربية قبل سقوطها بعشرة سنوات في مسرحية "صناعة الأعداد"، وأيضاً في "الملوك يصبون القهوة" تنبأت بضربة لجنوب لبنان وهذا ما حدث بالفعل.
لقد ذكرت بأنك كتبت المسرح التجريبي التاريخي والشعبي، كيف يمكن تطبيق منهج التجريب على وقائع التاريخ؟
المسرح التجريبي التاريخي ليس بمعنى إعادة كتابة التاريخ، بل إعادة تكوين الشخصيات التاريخية بما يتناسب مع الواقع, فمثلاً في مسرحية "صناعة الأعداد" أخذت شخصية صلاح الدين الأيوبي نموذج وعكستها لأقدم الشخص الواقعي الذي يدّعي بأنه صلاح الدين الذي يضيع البلاد, وهنا ألفت النظر بأن الكتاب في المجال التاريخي على نوعين إما أن يعيدوا كتابة الترايخ فقط وإما أن يستفيدوا منه ويعيدوا صياغته بما يتناسب مع واقع الأحداث، أما بالنسبة للتراث الشعبي فأستقي منه بعض الأمور ففي مسرحية "العرس الحلبي" هناك العديد من "الهناهين" التراثية التي أدخلتها، أيضاً قمت باستخدام التراث الصوفي ليس بقصد عرض أفكاراً صوفية ومن الأعمال التي كتبتها ضمن ذلك "سيد الوقت .. ، النسيم"، فمسرحية "النسيم" تتحدث عن جلال الدين الرومي وسيقدمها المسرح القومي وستكون من إخراج كميل أبو صعب، وفكرة المسرحية (كيف يتم إعدام قادة الفكر التنويري).
ما هو رصيد أعمالك المسرحية من ناحية العدد؟
حتى الآن كتبت خمسة وأربعين نصاً مسرحياً، قدّم أغلبها على خشبة المسرح، ويؤسفني القول بأن ما قدّم من أعمالي في البلاد العربية أكثر بكثير مما قدّم في سوريا، كمسرحية "باب الفرج" التي قدمت في مهرجان"وجدة" في المغرب ونالت الجائزة الأولى، وأيضاً مسرحية "اللحاد" التي قدمت في عمان وفي شمال العراق، ومسرحية "فانتازيا الجنون" قدمت في مهرجان المسرح التجريبي منذ ثلاث سنوات، بمعنى آخر لا يكاد يمر شهر أو شهرين إلا وأقرأ على الانترنت بأن أحد نصوصي قد قدمت، أحياناً يأخذون مني موافقة وأحياناً لا.
ما هي مواصفات الكاتب برأيك؟
على الكاتب أن يتمتع بالذكاء والخبث والقدرة على استقراء الواقع والتنبؤ بنهايات الأحداث.
ما هي آخر المسرحيات التي كتبتها؟
من المسرحيات الأخيرة التي كتبتها "ليلة الحجاج الأخيرة" التي صدرت العام الماضي, مسرحية "الفصل الأخير".
عبد الفتاح قلعجي وعجاج سليم
إعداد وتصوير : نوح حمامي
لقاء وتحرير : جلال مولوي، بالتعاون مع : شادي نصير