عرّاف الشجر لـ مجد كردية
- فبراير 26, 2010
- 0
في مساء الصيف تشع برودة المعدن من مسامك وكأنك رمحُ الفارس الذي كلّما أمالتك ريحٌ قوّ
مطرٌ، مطر
مقعدٌ مبتلٌ تحت شجرةٍ تتفتّح لسائل السماء المنوي، مقعدٌ يشتهي كوب قهوتي الساخن يدعوني للجلوس عليه، أخرجت قلبي ومسحت به الخشب الأخضر (تلك مهنته الجديدة) ثم جلست، مرحباً بك في الحديقة.
كنت أجلس والسماء لم تكن تبكي على ما سيكون، هادئا كنت أجلس ولأول مرّة لا أرى هاوية تطل علي.
يتوقف المطر لكن شجرتي لا تزال تعصر شهوتها علي، تشرق الشمس فيشعُّ اخضرار السرو، يا ابن الطفولةِ ما أجملكْ! كم لون لكْ؟
عند الفجر تسوَدُّ كأنك قضيت الليل كلّه في امتصاص سواده أو كأن زجاجة حبرٍ انسكبت عليك ولمّا رآك الله وبّخكْ.
في ظهيرة الصيف تحتسي كأس غبارك كإله شحيح الظلِّ يسحب عباءة الخلود المطرزة برياح السموم ولما رأتك زيتونةٌ ركعت أمامك …. ما أعدلكْ.
في مساء الصيف تشع برودة المعدن من مسامك وكأنك رمحُ الفارس الذي كلّما أمالتك ريحٌ قوّمك.
والآن في ظهيرة الشتاء والماء ينسدل كستارةٍ بيني وبينك وكأني متفرّج ينتظر بدء المسرحية ليقتلك، ما أجملك، ما أجملك.
تخطفني من وصف السرو قطّة تطارد يمامةً، تربّصت وتصبّرت، تقوّست ثم قفزت، لكنّها رأت صورتها في بركة ماءٍ فانشغلت عن يمامتها وراحت تلعق فراءها كمن تشتهي نهدها وتتنهّد أمام شهوتها.
ترعد السماء وكأن عازفاً في أوركسترا إلهية ملّ من ترداد سوناتا ضوء القمر لآلهة الحليب فكّسر آلته أمام هيكلها وانصرف.
ترعد السماء فتختبئ القطة تحت شجرة بلا أوراق، استغربت في البداية لأني لم ألحظ هذه الشجرة من قبل، ماذا تفعل شجرة تينٍ هنا؟ كيف نجت بكلٍ انحناءات جسدها واكتنازه من شهوة الصنوبر الرابض عند باب الشمس كتيسٍ ينطح حجراً ويجادله بفوضى الجاذبية، كيف حافظت على عذريتها والزنزلخت يرسل ظلاله كعربات آشور وهي تصيد الأسود المختبئة بين حلمة أُذُنِها وعنقها؟ أقترب من التينة ألمس أصابعها المصوبة نحو شهوتي، من اكتناز ابهامها تعرف استدارة حوضها ومن توتّر سبابتها ترى اهتزاز قمة ردفها ومن امتداد الوسطى تعرف كم من الوقت ستمهلك لتغدركْ! ومن مفاصل البنصر ترى تناظر نهديها ومن خجل الخنصر تحسب الجذر التكعيبي لنصف قطر سرتها.