قراءة في رواية نعش واحد وملايين الأموات للكاتب السوري زياد كمال حمامي
- مايو 17, 2013
- 0
قراءة في رواية ” نعش واحد وملايين الأموات” للكاتب السوري زياد كمال حمامي: يتطرق الكاتب بروايته لمحاكاة الأشجار وهذه عادة جميلة قد يعود سببها لما تتحلى به دمشق وحلب من بيوت عربية قديمة
أعزاءنا في عالم نوح، يسعدنا أن نقدم اليوم و تحية للكاتب زياد حمامي هذه المقالة:
قراءة في رواية " نعش واحد وملايين الأموات" للكاتب السوري زياد كمال حمامي
كتب بواسطة: الكويت: صونيا عامر – خاص "شموس نيوز" المجموعة: مقالات
نشر بتاريخ 16 أيار/مايو
في روايته "نعش واحد وملايين الأموات" للكاتب السوري زياد كمال حمامي، التي صدرت بالعام 2012، عن دار نون 4 للنشر والطباعة والتوزيع، حلب- سوريا، تطرق الكاتب الى مواضيع عديدة فلسفية ووجودية بمنتهى الأهمية "الخوف موت – الوقت لا ينتظر الكسالى أبدا" بجانب القضايا الوطنية العربية التي طرحها وبشكل تفصيلي. جاءت الرواية بحوالي 220 صفحة شرحت وحللت أدق التفاصيل الخلافية بيننا شعوب الولايات العربية التي يجب أن تكون متحدة، ولقد جاء طريفا استخدامه للمصطلحات: أ.ع.و) أمة عربية واحدة، (أ.ع.م) الولايات العربية المتحدة(.
تقوم الرواية على محاكاة شاعر لجده الميت " جداه .. الحفر على ألواح الذكريات ليس محرما، كنبش القبور، أليس كذلك؟، يقول زياد "كلنا من ذرية واحدة" وبذلك تلميح جميل لما كنا عليه أيام الرسول عليه الصلاة والسلام ولما آل إليه الحال من واقع التفرقة بين المسلمين، كما ينصحه جده الأكبر قائلا " لا تنبش القبور" حين شكا له "التشرذم العائلي والوطني". ويوجهه كذلك، باعثا في روحه بعض التفاؤل " إن خسرت معركة لا يعني أنك خسرت كل المعارك".
ليأتي دور الكاتب الشاعر بالتساؤل عن فكرة فلسفية لطالما شغلت تفكير المحللين " أنت مت ولكن هل نحن أحياء ". أما عن دور الأم – السيدة العربية وما تعانيه من تحمل وصبر على اضطهاد المجتمع والعائلة فيقول " تحيرني هذه الأم التي قبرت نفسها بنفسها" وذلك بعد هجر زوجها لها وبرقبتها أطفال وجوع. يحاول الكاتب تحليل شخصيتها المتماسكة الصارمة" قبلت يدها بشوق التربة الجافة الى الغدير، قلبي يغلي قهرا وقلبها ساكن ينتظر، فمن منا ستطفو دموعه وتطفئ النار؟، لكنها تتناسى وعودنا لها وتتمسك بخيط رفيع خرج من رحمها".الى أن تلفت انتباهه بخبرتها وذكائها الفطري حول وجه الشبه بينها وبين الحفيدة " هي تشبهني يا بني.. هذه أمك، إن مت فتذكرني بها". وبطريقة شبه مواربة تراه يلمح للأدوار المتبادلة التي يجب أن تكون بين الأبناء والأهل وكيف يتحول الأبناء الى آباء لآبائهم بعد أن كانوا أصحاء أقوياء.
يتطرق الكاتب بروايته لمحاكاة الأشجار وهذه عادة جميلة قد يعود سببها لما تتحلى به دمشق وحلب من بيوت عربية قديمة تحتوي أرض ديارها على تلك الأشجار الجميلة "شجرة النارنج، الشجرة السرمدية" الشجرة المقدسة التي يشكو لها عمومه والورثة " كلماتهم جازمة كصوت طبل كبير وعصا ملساء مصنوعة من شجر الرمان… لتوزيع التركة، أما أخي المتوفى، وقد مات شهيدا فلم يذكره أحد".
أما فيما يخص الأسلوب الكتابي الذي اتبعه الراوي في روايته فلقد جاء على نسق الآيات الحنيفة لما في تلك العائلة من صرامة القرارات ودقتها "عن عمنا الكبير أنه قال، روت عمتنا الصغرى عن الكبرى أنها قالت… كلماتهم ترجمني بألف طعنة من سجيل. يا لحكمة الإله إذا أراد أن يخلق أو لا يخلق من الشبه أربعين. لو اطلعت على الغيب لاخترت الواقع. والانتظار الثقيل ينسكب في همومي علقما سكبته الأقدار في إناء غير مقدس". ليتطرق بعد ذلك الى فراغ الكلمات من المعنى " هكذا أنا أنسى الأسماء دائماً يسموننا سيفا وجميلا ولم نأخذ منها إلا ما يدل على هويتنا" ليعود ويؤكد على مدى تآكل الهيكل الاجتماعي والوطني " رياح السموم تهز أغصان العائلة".
وأخيرا ينهي الكاتب الرواية بخلاصة فلسفية مفادها " من ماتت مشاعره فالأجدر به ألا يعتبر نفسه من الأحياء" لينتقل الى ترك بصيص أمل " الناس كلهم خير وبركة حتى يثبت العكس. يبدو أن الإنسان يرى الآخرين كما هي مرآة نفسه، إن كانت متعبة أم سعيدة. أشعر أن القناع الكاذب الذي وضعته يشوهني من داخلي ". وكذلك هو يرى بالمغترب "كطائر بلا وطن" الى أن "تئن قدمي اليمنى….." تعبيرا عما يعتريه من جزع وضعف ورفض للواقع، ليعود للحديث عن الموت الذي هو محور الرواية " أيتساقط الموت قبل موسم الخريف، لكل مشكلة حل إلا الموت ؟".