يتحدث العرض بالمجمل عن زوجين عجوزين يعيشان بمعزل عن الوسط الاجتماعي والعالم الخارجي، فكل الأحداث تدور ضمن المنزل الواحد هذا ولست متأكداً إن كانت كلمة “أحداث” دقيقة في العرض الذي رأيناه،

إضاءة نقدية في عرض"عمرو قصير"

قدم على خشبة مقهى "الآرت ريفير" بتاريخ 6/5/2012 عرض أداء صامت تحت عنوان "عمرو قصير".

يتحدث العرض بالمجمل عن زوجين عجوزين يعيشان بمعزل عن الوسط الاجتماعي والعالم الخارجي، فكل الأحداث تدور ضمن المنزل الواحد هذا ولست متأكداً إن كانت كلمة "أحداث" دقيقة في العرض الذي رأيناه، إذ خلى العرض من أي حدث أو ردة فعل قد تكون منطقية أو غير منطقة وخاصة أن العرض ولمدّة نصف ساعة من الزمن كان صامتاً يعتمد على حركة الممثلين ضمن الخشبة أكثر من أي شيء آخر، وحقيقةً فقد طرح العرض الكثير من التساؤلات حول كيفية تقديم الفكرة وحول حركة الممثلين التي باتت أحياناً مقصودة وأحياناً لم نعلم إن كانت مقصودة أم هو خطأ  في الأداء، إذ أن العجوز في بداية العرض وبعد حركات معينة يظهر وهو يقرأ الجريدة الصباحية التي أتته للتو وعلى الرغم من إيهامنا بأن الجريد هي جريدة الصباح وليس المساء أي لم تكن موجودة مسبقاً في المنزل فقد كانت الشموع تغطي المكان للإنارة مما أوحى لنا بحالة الليل، وحتى إن أغفلنا هذه النقطة وسلمنا بأنها مقصودة من قبل المخرج فإن الممثل بدلاً من أن يقرّب الجريدة إلى الشمعة ليستطيع قراءتها نجده يرفعها للقراء ويضع نظارته الطبية في حين أنه لم يستخدم النظارة أثناء حلاقته لذقنه في الجو نفسه مما أضفى بعض الارتباك للجو العام للعرض الذي لم تتضح معالمه إلى نهاية العرض.


وكون العرض صامتاً فإن الجسد بالإضافة إلى تعابير الوجه لا بدّ لها أن تكون سيدة الموقف في مثل هذه الحالات إلا أننا وجدنا العكس تماماً فضعف الإنارة أدى إلى عدم ظهور الكثير من الملامح والتعابير التي كان يستخدمها الممثلان والتي كانت تعبّر عن حالات نفسية جميلة جداً لم تظهر واضحة بل لم تظهر إلاّ نادراً.

وعلى حد قول المشرف على العمل فإنّ الذي رأيناه هو عبارة عن تجربة تعبّر عن "حالة" لذلك لم يكن هنالك ذروة في الحدث أو زمن أو تحديد لأي معالم من الممكن أن توصلنا إلى ماهية هؤلاء الأشخاص، وإن صح التعبير، فنحن لسنا بحاجة كثيراً إلى معرفة هويتهم ومن يكونون لأننا أمام "حالة" وما يهمنا هي الحالة المقدّمة أكثر من البحث وراء سبب نشوئها أو تفاصيلها، ولكن أعتقد أنه من المتفق عليه أيضاً أنه لا بدّ لكل عمل فنّي أن يجذب المتلقي بجانب أو بآخر وإلا لما كان وجود الجمهور ضرورياً، في عرض"عمرو قصير"لم نجد شيئاً مميزاً أكثر من الصمت، فخلى العرض من أي عنصر سواءً على صعيد الجمال البصري أو التمثيل الذي لم يظهر بسبب الإضاءة الخافتة جداً أو حتى على صعيد الموسيقى والديكور، وعلى الرغم من أنّ التجربة قد تم تقديمها في مكان آخر قبل فإن القائمين عليه لم يحاولوا تجّنب الأخطاء التي من الممكن أن تطيح بالفكرة السامية والأسلوب الجميل للعرض ككل، فهو على الرغم من وجود العديد من الأخطاء التنفيذية يتسم ببساطته ونقائه البعيد عن التكلّف والدخول في معمعات مدارس المسرح أو التمثيل، بل كان عبارة عن بقعة ضوء ناجحة "بالمجمل" استطاعت أن تكتم الأنفاس منذ بدأ العرض وحتى نهايته، واستطاع أن يحرّك الكثير من التساؤلات في وقت قصير نسبياً وبمجهود ضئيل قد يكون غير ظاهرٍ أمام المتلفي الذي تعوّد على أفكار محددة واستعراض محدد مع التقييّد بالعديد من المدارس بحكم تعوّد المتلقي عليها، فخرج بذلك هذا العرض عن كل ما سبق ليعطينا ومضة على جانب آخر من الفن الذي بالفعل نحن بحاجة إليه في وسطنا الفني في حلب ولكن بطريقة أكثر نضجاً وأكثر اهتماماً بالتفاصيل التي قد تؤذي البصر.

نذكر أنّ العمل من تمثيل صبحي الشامي ولارا أيلو وبإشراف من الأستاذ آفو كابرئليان.

 

أغيد شيخو_ عالم نوح