انطلاقاً من الحب الضائع عبر الزمن، والمحاولة اليائسة في البحث؛ بهدف إحياءه عبر مكنونات الذاكرة والمكان، واتخاذهما السبيل الوحيد لإستعادته. والتي تحمل في أدائها وأسلوبها طابع المغامرة. إلى فكرة الطابع الديني المختلف بين الشخصيات، والتي سبق وأن قامت فيما بينها العديد من العلاقات في القدم. يأتي فيلم “دمشق مع حبي”
دمشق مع حبي
عرض النادي السينمائي التابع لمديرية الثقافة يوم أمس السبت 23-حزيران-2012 وذلك في صالة مديرية الثقافة بحلب ـ السبع بحرات
انطلاقاً من الحب الضائع عبر الزمن، والمحاولة اليائسة في البحث؛ بهدف إحياءه عبر مكنونات الذاكرة والمكان، واتخاذهما السبيل الوحيد لإستعادته. والتي تحمل في أدائها وأسلوبها طابع المغامرة. إلى فكرة الطابع الديني المختلف بين الشخصيات، والتي سبق وأن قامت فيما بينها العديد من العلاقات في القدم. يأتي فيلم "دمشق مع حبي" ليمثل هذه الحالات كافة عبر مشاهد تضمنت الكثير من الرمزية، بهدف إثارة الكثير من التساؤلات نحو تفسيره الخاضع لآراء عدة، وذلك من خلال الانتقال بين الذاكرة والحدث الحقيقي التابع لتداعيات الأفكار المختلفة حسب تمثيل الوضع الدرامي السينمائي، والذي اعتمد مخرج الفيلم على المدرسة الإيطالية السينمائية – أفلام المكان -التي اشتهرت بها مطلع التسعينيات من القرن الماضي، والتي تعتمد على إبراز المكان ونكهته، صانعةً منه حامل الذكريات.
مرح جبر تألقت في الأداء وأجادت في تقمص شخصية "هالا" الشاردة في البحث عن حبها المفقود لنبيل، والتي بدأت مذ الطفولة في حارات دمشق القديمة انتهاءً إلى فقدانه أثناء حرب لبنان وانقطاع الاتصال بينهما. وضمن ذلك تبدأ مجموعة من القصص والمجريات خارج دمشق، المتأرجحة بين الكوميديا السوداء وسخرية القدر، والتي جاءت في بعضها خارج سياق الفكرة الرئيسة ولم تخدم الحدث الفعلي للفيلم. وإنما كانت مظهر جمالي، زاد من الحالة الفنية الجمالية للفيلم. سواء كان ذلك بمشهد الدراجة الهوائية الذي جاء اقتباساً من فيلم "عطلة مستر بن 2007" أم بقصة الحذاء الأحمر الذي يذكرنا بالقصة العالمية "سندريلا" الممتدد على طول الفيلم. وذلك من الناحية الدراما السينمائية. أم على الصعيد الفني فكان بترجمة لغوية بصرية وبعمليات المونتاج الإحترافية التي لم تخلط بين الزمانين المتشابهين من حيث العوالم والتداخلات. إلى الدخول المفاجئ لموسيقا تصورية مغناة، والتي أعادتنا إلى زمن "الرحبانة" في وقعها على أسماعنا. ولابدّ من التنويه إلى التفوق في حركة الكاميرا ما بين الثبات والتوازي مع حركة الشخصيات، إلى اللقطات الفنية من عدة زوايا غير متكررة القائمة على إظهار المكان بشكله الطبيعي، انطلاقا من الرؤية الفنية لعين المخرج.
يتجلى في هذا الفيلم الصورة التعبيرية أكثر من بقية العناصر البنيوية للفيلم. حيث يعترينا في بعض الأحيان الضياع والتشتت عن الموقع الثقافي والحضاري لدمشق العريقة، الحاضنة للأديان والطوائف كافة، واللاغية لفكرة التعامل والتعاطي مع الأفراد كلٌ حسب دينه. هذا النسيج الفعلي والمكون للفيلم، لم يكن تحت زمام المخرج طوال عرض هذا الفيلم الروائي الطويل، الذي دام ما يقارب الساعتين. حيث من الملاحظ فقدانه في المقاطع الأولية للفيلم التي تم تصويرها في إيطاليا بالإضافة إلى عدم إتقان اللغة بالنسبة للشخصيات، وعدم تأثير شخصية الفنان جهاد سعد كأحد أبطال "دمشق مع حبي" على سياق الفيلم، رغم حضوره الرائع. ولكن بتأكيد سنشهد للمخرج محمد عبد العزيز بالتفوق الكبير الذي قدمه لنا عبر فيلم يخاطب الإنسانية أولاً ثم الانفتاح على المشهد الديني والاجتماعي إلى حكايا الحب والتضحية.
ومن الجدير بالذكر أنّ الفيلم أحرز الجائزة الثانية في مسابقة الفيلم الروائي الطويل في ختام فعاليات لقاء نابل الدولي للسينما العربية الذي أقيم في مدينة نابل التونسية بالإضافة إلى مشاركاته في العديد من المهرجات العربية الدولية.
زكريا محمود_عالم نوح