بعد عرضها على مسرح مديرية الثقافة في حلب. أثارت جدلاً كبيراً في النقاشات التي دارت حولها بين الإطراء والنقد. وهذا إن دلّ على شيء، دلّ على تقديم عمل غني بالفن والجمال.

 

 

 

تم عرض مسرحية حلم على مدى يومين, الثلاثاء10/7 و الأربعاء 11/7 , الساعه 7:30 مساءً
على مسرح مديرية الثقافه في حلب – السبع بحرات

 

بعد عرضها على مسرح مديرية الثقافة في حلب. أثارت جدلاً كبيراً في النقاشات التي دارت حولها بين الإطراء والنقد. وهذا إن دلّ على شيء، دلّ على تقديم عمل غني بالفن والجمال.
مسرحية "حلم" تدور أحداثها المجزأة على عدة مشاهد، والتي كانت أشبه ما تكون إلى لوحات لكل منها فكرة رئيسة، وما تبقى لم يكن إلا أداء فني رفيع المستوى غير متفاوت في درجاته بالرغم من أنها تنتطوي تحت خط متصاعد، بوجود موسيقا تعودنا أن تأتي في بداية كل مشهد، لتكون انطلاقة أو تمهيد إيحائي. والتي تم الربط فيما بينها خيط رفيع من الفكر المتجسد بأدواته السينوغرافية إلى الديكور والإضاءة التي بسطت يدها بقوة كأحد أبطال هذا العمل. بالمقابل كان لها دور كبير في إخفاء ملامح الممثلين عبر مكبر الضوء الذي وضع وللأسف في منتصف خشبة المسرح.
الصراع الذي كان محور هذا العمل بين الصمت والصوت -الواقع في ذات كل شخص- تعدى حدود الخيال ليصبح واقعاً بشرياً ناطقاً بدواخله هو أيضاً. وملكَ في كثير من الأحيان صفات بشرية. علاوةً على أنهما وجهان لعملة واحدة، فإن فناء أحدهما يؤدي إلى زوال الآخر.



انتقالاً إلى المشهد القائم بين حبل الغسيل والعصفورة، والذي تجلى فيه الضياع، والبحث الذي أوجده تداخل طفيف بين عنصرين أحدهما جامد والآخر حي. ابتعد قليلاً -بظهورهما كعاشقين- عن العمل ككل. فتبدى كمشهد مختلف تماماً عما يصبو إليه العمل. أيضاً مشهد الرصيف والدمية، ورغم بعدهما الشاسع. تمكن الحدث من جمعهما بطريقة جميلة من خلال الأداء المبهر والدراماتورجيا إلى الدخول المفاجئ لفقرة الرقص الاستعراضي. والتي جاءت مكمّلة وجملة بصرية ممتعة. لولا أن حماس الراقص قادهُ إلى الخروج عن حدود الإضاءة، ورقصه لفترة وجيزة في الظلام.

ولأن النص تتضمن الكثير من الرمزية والسريالية التي أوصلتنا إلى مرحلة لم نعد نفهم ما المقصود وما المشار إليه، والذي لم يتقنه بعض الممثلين، سواء كان ذلك من خلال اللفظ أحياناً -وهنا لابدّ أن ننوه إلى الشاعر- وأحياناً أخرى من خلال الصوت الضعيف في المشهد الرتيب جداً الصحن والشمعة. والذي بالكاد أسمع الصف الأول من الجمهور. من جهة أخرى كان هناك الانفعال من قبل الصوت في كثير من مشاهده والتي كانت عبارة صراخ زائد عن الحاجة.
 
في هذا العمل يمكننا القول أنه من الأعمال الفنية المعاصرة بمكوناته ومكنوناته التي لا تخلو من اللمسات الإبداعية المضفاة، والذي يتضمن تلك الجمل الفذّة التي تترك تأثيرات واستفهامات كثيرة عند سماعها. أما عن التشويق فلم يسيطر على الجمهور طوال فترة العمل المسرحي والتي قاربت الساعتين مما أدى إلى قصر قامة التركيز في نهاية العمل.

حقيقة إن "حلم" استحوذت على أفكارنا تاركةً بصمة في نفوسنا من خلال النص المبهم في بعض مقاطعه، إلى الأداء المسرحي الجدير بالثناء عليه، إلى الإخراج الذي جاء برؤيا تصويرية ووقائع ارتكازية ومنظور مختلف عما رأيناه مسبقاً على نفس الخشبة المسرحية.


في النهاية لابدّ ومن خلال قراءتي وسماعي للكثير من الآراء والتوجهات والنقد بطرق متفاوتة، والتي سببت الكثير من الاختلاف في وجهات النظر في إبراز جميع الجوانب التي طرأت على خشبة المسرح من مواضع القوة والضعف؛ من الإضاءة إلى الصوت وحتى الأداء التمثيلي والاستعراض الفني. من الصواب أن أنوّه إلى أنه في الكثير من الأعمال المعاصرة والتي يبرز فيها وجه الحداثة في الخروج عن المألوف، وتجربة مواضيع وأفكار جديدة غير متطرق إليها. تنبثق الثقافة والمتابعة لاعباً أساسياً لا يقل أهمية عن مكان الجلوس أمام خشبة المسرح والتي تختلف الانطباعات حسب بعده وقربه عن الخشبة، فلكل زاوية رؤية ولون.   

 

رابط مسرحية حلم

 

زكريا محمود_ عالم نوح