قراءة في معرض الفنان عبد المحسن خانجي 30-10-2016

 

 

 

 

 

افتتح الفنان عبد المحسن خانجي معرضه التشكيلي بتاريخ 30-10-2016 في صالة الخانجي في مدينة حلب

 

زكريا محمود – عالم نوح

سعى الفنان عبد المحسن خانجي إلى تحقيق دلالة المواءمة بين التراث والمعاصرة، مع إدخال عنصر التشخيص. للوصول إلى حالة اللوحة المتفردة وإلى حالة انسجام بين تراث غني وأصيل وثري المضامين، مع معاصرة محلية بكل ألوانها ومفرداتها ورموزها.
حالة ليست استثنائية على فنان قدير رمى ذاكرته بكل تفاصيلها العبقة على بياض لوحةٍ بأكثر من أسلوب وصيغة، وبتفاصيل هندسية زخرفية معقدة جامعاً إياها في تكوين متماسك الأبعاد.
هذا التنوع والتعدد ليس إلا نسخة عن مجتمع حلبي أصيل ضم معالم الشرق والغرب عبر العصور، في جزئية الحياة الإنسانية. بمعنى أنها لا تدل على بيئة ثابتة أو نمطية عصر فحسب، وإنما على الفنان الخانجي نفسه وعلى هاجسه النبيل والغيور على تراث نالت الحرب منه في ضروب مختلفة. ليعيد رسمها بوجوه أوضح لمعالم زخرفية دنست الحرب ملامحها وألغت خصوصيتها.

 

هذا الهاجس النبيل منح أصالة الخانجي خصوصية محلية وهوية وطنية منضوية تحت لغة الفنون البصرية. فليس كل من عزم على استعادة التراث قد حقق غايته. فاستعارة المفردات الزخرفية تحديداً، وإعادة استخدامها تحتاج جهداً كبير كي لا يقع الفنان ضحية العولمة التي صبغت أغلب نتاج الفنانين التشكيليين بلون واحد. وجعلت من مذاقه طعماً علقماً.
حلب هذه المدينة الأصيلة والتي تحتل مكانة عالية في قلب الخانجي، حاك سجاجيدها وبسطها – ليكون تراث الماضي حاضراً اليوم – ومع كل ضفيرة ينسجها يصبّ فيها نتاج جهده وأحاسيسه كما ألوانه بشكل مدروس ليحاكي ماهية المادة. ليزيد بحروفيته الخاصة المنتقاة من الإنسانية إلى الإنسانية سواء كانت بآيات قرآنية أو بأبيات شعرية تحاكي الأزمة الحلبية.

    

تحدثت سابقاً عن المرأة وعن المولوية وعن السهرات الحلبية والشعر والآيات القرآنية. فجاءت اللوحة تشكيل لتشكيل اللوحات

وكتب الشاعر والناقد الأستاذ كمال سلطان

 

 

 

 

بعيداً عن الأساليب التي فقدت شحناتها العاطفية وبعيداً عن الكلمات التي اهترأت بين أسنان المحنطين. يتألق تاج الموضوعات التي ألح عليها الفنان محسن خانجي في لوحات المرأة الشرقية ( في المدن ) مسجونة داخل حجب وممنوعات ومحرمات وأوشحة حريرية من صخور.
لدى الفنان الخانجي تكنيك غجري يطل على نوع من الفلسفة شمالي الجهات جنوبي الزمن.
بعد كثير من الجهد والثقافة ومواكبة العصر، بعد مروره على كثير من الجسور وتعرفه على أساليب الأخوين الغرباء وتأثره ببعض مدارسهم. عاد واكتشف حقيقة جذوره الشرقية. اكتشف أن اللوحة عرس من الفرح كما في السمفونية التاسعة لبتهوفن وأن اللوحة صلاة من ألوان قوس قزح وصلاة من نور داخلي.
أخيراً في معرضه هذا عاد إلى إحياء القيم الجمالية التراثية الإنسانية مستنداَ إلى حرية التعبير باتجاه الأبعد من الممكن وعبور الفراغ الأبيض لاستحداث شيء جديد.
محسن الذي يحوك السجاد العجمي أو يحوك اللوحات. يدمج اللون والشكل في نسيج ملتحم واحد ويستحق أن نطلق عليه فنان الشرق الذي عاد فينا إلى جذوره العريقة ورحابة أفقه وينابيع حضارته.
بين الفسيفساء الفن السوري الروماني المتألق وبين الروح الصوفية التي تحاول معانقة الوجود أمواج القلب والعقل في تكوين متوازن يشع فرحاً لونياً بحث فيه القدماء ولم يجدوه.
لوحات محسن خانجي هي نحن الشرق الحضاري الممتزجة عقول أجناسه وعواطفهم و آمالهم في تكوين إنساني رائع.
تبدو لنا العفوية في اللوحات كأنها حلم من سمرقند وبغداد وحلب.
الفنان محسن خانجي منذ دفعه طموحه إلى الريشة والألوان ظل يتصاعد حتى وصل إلى عزف لوني شمال الجهات وجنوب الزمن.

 

 وبلقاءنا مع الفنان عبد المحسن خانجي أجابنا عن أسئلتنا …

بدأت الفكرة بلوحة صغيرة عن تراث مدينة حلب من زخرفات وسجاجيد والبُسط الحلبي وبخاصة التي نالت الحرب منها. ومن هنا توسعت الفكرة لتشمل إعادة صياغة التصاميم و تشكيل الرسوم مع إدخال عنصر الإنسان ( أنسنة ) وجعلهما بروح واحدة علاوة على روح الفنان وأحاسيسه وأفكاره. ليصل إلى المتلقي مجاميع الفن والتاريخ والتراث والإنسان.
جاء المعرض عن رؤية شخصية؛ فأنا من أحياء حلب القديمة ( البيّاضة ) وذاكرتي منتعشة بألوان تراث حلب القديم. فأذكر أمي عندما كانت تجمع الثياب القديمة والبالية وأقوم أنا بإيصالها إلى النسّاج الذي بدوره يحولها إلى بسط مزخرفة بألوان شتى. فهو أقرب ما يكون إلى إعادة التاريخ ولكن بصورة جديدة.

لقد قمت برسم المجتمع الحلبي بشكل خاص والمجتمع السوري بشكل عام. فالمجتمع هو الحياة المحيطة بكل مكوناتها. فالمجتمع هو المرأة والأخلاق والعادات والتقاليد والدين وهو أيضاً الزخرفات والسجاجيد والبُسط. وعند دمجي لعنصر الإنسان مع الزخرفات فهي محاولة لتبيان الصانع.

2016-11-05 19:02:43

*******

وبعثت لنا الأديبة الأستاذة منى تاجو: تعرفت به في بدء الازمة حيث اقمت معرض للاشغال اليدوية في صالته, ثم تحولت الى تلميذة عنده لتعلم الرسم…ادهشني كاستاذ, اذا استطعت ان ارسم بعد اسابيع لوحات قيل عنها جميلة, تكاثف عملي انقطعت عن متابعة الرسم و اصبح الاستاذ خانجي من اصدقائي المقربين و ناصحي, روايتي الاولى و الثانية توجتهما و قدمتا لهما لوحتان من رسمه….احب ابداعه…ابهر ببعض اللوحات, و اخرى اتعلق بها…فنان مبدع….مثقف علمني ان لا ابداع بدون ثقافة…اشكر استاذ خانجي و اشكر عالم نوح.

 

حلب إلى الآن منفردة في تأثرها بالحرب من دمار وخراب والحرق. بالإضافة إلى الاستهتار بتراثنا. فهي الأكثر تضرراً وبيد ذلك إنها حالة الصمود ليس في الواقع فقط وإنما صمود الذاكرة.

 

تعود القصائد إلى الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي. والتي وجدت في معانيها تقاطعات مع واقعنا المعاش في مدينة حلب. فهي تحكي عن الشعب والحكومة والرئيس وما يتخللها من صلات المحبة والثقة المتبادلة. أما عن التقنية الأساسية هي إيصال الإحساس بالمادة ووضوح اللغة البصرية. وتشكيل حالة من تفاعل حسي بين اللوحة والمتلقي