قراءة لمسرحية عمار يا بلد من اخراج سوسن اسماعيل على مسرح مديرية الثقافة

 

 

 

 

من خلال عرض مسرحية عمار يا بلد على مسرح مديرية الثقافة في حلب بتاريخ 1-4-2012 والتي حضرناها بكل سرور ومحبة، نقدم لكم هذه القراءة عن هذا العمل المسرحي …

 

عمار يا بلد هذا العمل المسرحي المتضمن مجموعة من الأفكار المرتبطة مع بعضها بخيط درامي ضعيف، كان محورها الحريق، والذي استخدم في افتعال حدثه -الرمزية- في إشارة إلى الأزمة التي قد تصيب أي بلد، وإبراز التعاون والتكاتف كطريق وحيد في إطفاء هذا الحريق. بإضافة إلى عدة مشاهد جاءت كتنوع في العمل ولم تخدم الفكرة الرئيسية. ولكن لابد القول بأنها كانت كدروب ضيقة، طغت بعض الشيء على المسرحية ككل، للوصول إلى الحدث الأبرز أو كما يسمى ذروة العمل.
رقصة تعبيرية افتتاحية تمثل صراع بين شابين للوصول إلى فتاة، تبدى فيها المهارة في التصميم، إلا أنه ظهر تباين كبير في الأداء بين الراقصيّن، والذي عزوته إلى قلة التدريبات المشتركة، والتركيز المفقود طيلة العمل. ففي بعض الأحيان نشعر أن كل راقص يعيش حالة بعيدة عن الآخر. أيضاً في الرقصة التي يفقد فيها البطل أدهم بصره كانت أشبه برقصة ارتجالية جميلة استحضرت الكثير المتعة لمشاهديها. 

بالعودة إلى البطل أدهم أو الممثل سعيد عبد الحق وتميزه على خشبة المسرح في أدائه، رغم الكثير من الارتجالات التي للأسف جعلت من خشبة المسرح بما يشبه منفذ لتصفية الحسابات. ولكن يسعني القول أنه استطاع سرقة الأضواء بتجسيده هذه الشخصية بأداء احترافي بالنسبة إلى بقية الممثلين، والذين بالغالب لم يرتدوا حالة تمثيلية مسرحية في أدائهم، وإنما كانوا حافظين جيدين لنصوصهم.
لقد تخلل في هذا العمل العديد من الومضات الكوميدية، والتي من المفترض أن تجلب البسمة للجمهور، والذي بدوره لم يتفاعل معها في كثير من الأحيان، فبدت كعبارات مستهلكة لتعبئة الفراغات الناتجة عن حذف الكثير من النص المسرحي.
لم يتم التطرق إلى عامل الزمن، ولكن تم تحديد المكان من خلال الديكور العام الذي كان يوحي بمظهر الترف المتعارض مع الشخصيات البسيطة في العمل. أيضاً الإضاءة الضعيفة، والتي لم تلعب دورها جيداً، وغالباً ما جاءت متأخرة عن حركة الشخصيات، ولكن بالعموم كان لها وجوداً نسبياً، إلا أنها لم تتفوق.
قد أتساءل عن الفواصل الموسيقية الطويلة جداً بين المشاهد، فقد اعتراني في بعض الأحيان الظن بأن الممثلين يقومون بتدريب أخير قبل الظهور على المسرح، والتي جلبت شيئاً من الملل في الانتظار. فهذه النقطة تحسب عليهم أمام الحضور. 

لو اعتبرنا هذه النقاط أخطاءاً ارتكبت سهواً، ونظرنا إلى المسرحية في إطارها العام، ولم نبحث فيها عن التفاصيل. فلابدّ أن نشهد للممثلين والمخرجة سوسن اسماعيل في تقديم عمل متواضع جميل، أمتعنا وأمتع الجمهور إلى آخر لحظة من العرض سواء كان ذلك بالمشاهد التي حملت في طياتها جعبة من المشاعر الرقيقة والصادقة بما فيها روح وحب واضحين من الممثلين في أداءهم لهذا العمل، إلى الرقصات التعبيرية التي حبس الجمهور أنفاسهم مع كل حركة قاموا بها، وهذا دليل واضح لنجاح الفنان أغيد شيخو في التصميم بالرغم من أنها التجربة الأولى.
نهاية، أتمنى للفرقة النسور دوام العمل والمتابعة وعدم الوقوف مهما واجهوا من صعوبات لإمتاعنا بكل جديد.

 

رابط مسرحية عمار يا بلد

زكريا محمود_ عالم نوح