قصة لوحة
عالم نوح ـ نوح حمامي
قصة لوحة للفنان وحيد مغاربة يرويها الفنان فضل درويش
معرض مبدعون في مواجهة الأزمة 24-6-2014

قصة لوحة

عالم نوح ـ نوح حمامي
           
            معرض مبدعون في مواجهة الأزمة 24-6-2014

أعلن الأستاذ وحيد مغاربة ( الفنان الأول في حلب) من سنوات, أعلن أنه ترك الفن قائلا: ( اعتزلت الفن منذ بداية الحفريات ! ) و يقصد منذ أن بدأ الوسط الفني يصبح فاسداً و بدأ الفنانون يحيكون الدسائس لبعضهم البعض.. هذا الموقف ليس انهزامية و استسلاما من الأستاذ وحيد و إنما شعوراً منه أن زمن المعارك قد ولّى بالنسبة له وقد بلغ الثانية و السبعين من العمر.

ويحكي لنا الأستاذ الفضل درويش: لقد ذهبنا لزيارة الأستاذ وحيد في منزله أنا و الفنان ناصر نعسان آغا و كانت زيارة متميزة جلبت السعادة له و دامت أكثر من ساعتين, كان هدفنا من الزيارة أن يشارك في المعرض الجماعي الذي كنا نعد له (مبدعون في مواجهة الأزمة) الذي قمت بتنظيمه, وكانت مشاركته في المعرض مهمة جداً لأنه يعتبر رمزا للفن السوري في حلب و هو ذو شعبية كبيرة و شهرة و مشاركته كفيلة برفع الروح المعنوية لدى الفنانين الشباب. كان سعيدا و يشع روحاً و وافق على المشاركة و قد وعدنا بتجهيز مجموعة لوحات صغيرة في إطار واحد كان يتسلّى برسمها لنفسه خلال فترة اعتزاله.. وعبّر عن رغبته بأن نقيم معرضاً جماعياً نحن الثلاثة.. فرحنا كثيراً بهذه الزيارة و ما تم انجازه…. لقد بدا لنا أن الانتصار أكبر من مجرد إقناعه بالمشاركة بمعرض جماعي .. لقد أخرجنا الأستاذ وحيد من الاعتكاف و عاد إلى ساحة الفن.. لقد أعدناه إلى اللعبة و كسب الفن الأستاذ وحيد من جديد.. كذلك المشروع الرائد الذي كان المعرض جزء منه سيقوى بمشاركة الأستاذ وحيد لذلك قمت بنشر الخبر مباشرةً… بعد أسبوع تلقيت اتصالاً منه و إذ به يعتذر عن المشاركة ! و قد كان مصرّاً و بدا عليه القلق و الخوف و تذرع بأسباب غير مقنعة.. كان اتصاله محيّراً لي و لم أعرف سبب انسحابه إلا لاحقاً.. فقد أخبرني أحد المشاركين أن إحدى الفنانات و التي كانت تناصب المشروع الرائد العداء قد استعملت شتى أساليب الضغط و التهديد لدفعه على الانسحاب.. ويشكل هكذا تهديد خطراً حقيقيا على الأستاذ وحيد و عائلته.. تفهمت الموضوع و لكن أحسست أنني في وضع محرج أمام زملائي فقد أعلنت سابقاً للمشاركين الاثني عشر وللجمهور أن الأستاذ وحيد مشارك بالمعرض .. أحسست أن الطريق أمامي أصبح مغلقاً أمام إصراره و خوفه ,وقد شكل الموضوع تحدياً كبيراً لي و لم يخطر ببالي أي حل أمام إصراره على الانسحاب .. ظلّ الموضوع هاجساً و قاربت على اليأس إلى أن جاء الحل قدرياَ.. فلقد قيل لي أن هنالك لوحة نادرة للأستاذ وحيد معروضة للبيع.. كنت أعرف أن لوحاته باهظة الثمن بسبب ندرة المعروض و لكن قيل لي أن سعرها مناسب و أنها لم تعرض في أي مناسبة.. ذهبت لأراها و إذ هي تحفة فنيّة نادرة موقعة بال2004 قياس 60 ب 50 سم اسمها (العناية), وقد قام برسمها بعناية بالغة، فكل ضربة ريشة كانت في مكانها و كل لون يعزف لحناً أثيرياً مع اللون الآخر.. لقد وضع منمنماتها و زخارفها و أشكالها التعبيريّ بخبرة و مهارة الفنان الأصيل..

كانت تمثل عناية الأنثى كزوجة و أم و ابنه.. عنايتها بالأسرة و المجتمع.. كان من يراها لا يكتفي بمشاهدتها, كان الجميع يمدّون أيديهم لملامسته. قمت بشرائها على الفور و أصبح قدرها أن تظهر للشمس و تعرض مرتين في معرضين (مبدعون في مواجهة الأزمة 1 و 2) عرضتها دون أن أنشر الخبر و قبل أن تصل إليها يد الكراهية و تركت الجميع يعتقد أنها اللوحة التي شارك بها وحيد مغاربة منذ البداية. في المعرضين لاقت الاهتمام الجماهيري الكبير. كان علي أن أقف بجانبها لكثرة ما امتدت الأيدي لملامستها و أثبتت أن الأستاذ وحيد مغاربة ما يزال من فناني سوريا الأوائل..صحيح أنه انقطع عن الرسم لأن ساحة الفن غصّت بمجموعة من المتآمرين, و لكن لوحته هذه ستستمر لتثبت أنه مازال موجوداً و بقوه لتقول: أنا (عناية) لوحة وحيد مغاربة التي عانت من الحفريات.. أنا اللوحة التي تلمس و إني أحبكم.