قصص مشاركة في ملتقى حلب التاسع للقصَّة القصيرة جدًّا
الكاتبة ضياء قصبجي
دورة الوفاء إلى حلب من الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية
الساعة السابعة مساء أيام (19-20-21-22 /2015/2)


قصص مشاركة في ملتقى حلب التاسع للقصَّة القصيرة جدًّا

              الكاتبة ضياء قصبجي

دورة الوفاء إلى حلب من الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية

الساعة السابعة مساء أيام (19-20-21-22 /2015/2)

                 الكاتبة السورية ضياء قَصَبْجي

دعها وحيدة في معبدها ، لاتفسد عليها عذوبة التصوّف ، هي تعبت من عذاباتِ الروح ، و من عذاباتِ القلب ، و الجسد .. فارتحلت لتعتكفَ هنا في هذه الصومعة و حيدة ، ليس معها غير زوّادة ، و شمعة ، و ورقة ، وقلم . من خلوتها ، ستكتبُ ، رجماً بالحروف ، و الحبر ، و ترسلها على نسمة أتتها من السماء إلى كلّ المعذِّبين الّذين حولوهم إلى آلات ، و أفرغوا منهم كلّ الروحانيّات . هي هناك ، تمارس طقوس العبادة ، في زاوية من زوايا الأرض ، تحت ظلّ شجرة زيتون و قرب نبع ماء … تتلألأ ذراته تحت أشعة شمس … تشبه الذهب المسكوب . يمرّ من قربها نهرٌ تجري مياهه بهدوء ، و على حافّتيهِ أزهار الدفلى ….. و التوليب .. و فيمَ هي تنظر إلى الغيومِ المشرّبة بلونِ الأرجوان .. تراءى لها ، طيفٌ يشعشع ،، بألوان قوس قزح .. هبطَ أمامها .. و تحوّل إلى إنسان ….. راحَ يسرقُ أشياءها ، الزوّادة … و الشمعة والورقة… والقلم ………. بل و سرق الروح أيضاً .

************************************* مرسين ٢٠١٥/٢/١٦

كان الجدار الذي أنظر إليه كلّ يوم ، قد أصبح ورقة أقرأ منها ، كلّما حدّقت بالجدار أكثر ، رقَّ و شفّ و صار صفحة . الجدار الذي أنظر إليه كلّ يوم ، تغيّر ، و رأيتُ رسم بابٍ عليه. من رسم الباب على الجدار ، أصبح الجدار لوحة .. هذا الجدار أحبه . بقيت أحدِّق فيه حتى صار شاشة ، يعرض لي ما مضى من عمري . ماضي حياتي ، تحوّل إلى صور متلاحقة ، عادت بي الذكرى . رأيت فتاة كنت أحببتها ، و افترقنا تحت وابل من الأمطار . و هاهي أمي المتوفاة ترفل بثوبها ، و تقدِّم لي رغيفاً أبي يحمل العصا و يلحق بي ليضربني . رأيت رفيق طفولتي يتجاهلني ، و يشكلّ عصابة ضدي . و هاهي أختي تؤكد لي أنها لا تحبني ، و أخي الأكبر يسخر من بشاعتي و غبائي .
تألّمت ، حاولت أن أدخل الجدار من الباب المرسوم عليه .. فارتطمت بالحجر ، و سال دمي .

ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء كتبت بتاريخ ٢٠١٣/١٠/٢٨

ملاك الجامعة جاءت من فوق الأبواب المغلقة ، طيف أنثى ، أو ربما أنثى ، كان لها جناحان رياشها تلمع بألوان قزحيَّة ، وجهها جذَّاب ، و على ثغرها ابتسامة .. كنّا كثر بنات و شباب ندرس في مكتبة الجامعة ، ارتفعت أنظارنا إليها ، دهشتنا كانت أكبر من أن نستوعب ما نرى ، هل نزلت ملائكة من السماء ، أهي ملاك .. ..؟؟!! أكثرنا جرأة كان طالب الصف الرابع أدب عربي . وقف و قال لها: – من أنتِ يرحمكِ الله ..؟! من أين أتيت ..؟ قالت : – أتيتُ من سحابةٍ بيضاء . – أرجوكِ عودي ، لا نريدك معنا في زمنِ العذاب . – تعالى معي . مدّت يدها الرقيقة إليه ، و عانقت يده السمراء ، ارتفعا معاً و تحوّلا إلى سحابة شهباء اللون . أمّْا نحن ، فعدنا لقراءة دروسنا ، و بين لحظة و أخرى ننظر إلى السحاب الأبيض ، و ننتظر .

ءءءءءءءءءءءءءءءءء حلب ٢٠١٣/١٢/٣٠

قصة رقم – ١

طقطقَ خشبُ النعشِ المحمول على الأكّف ، و خرج منه الميتُ حيّاً ….. ذُهل كلّ الذين يحملون النعش …. والده و أخوه و و ذووه ، ألقوا النعش على الأرض خوفاً و رهبة . وقف الميتُ الحيّ على قدميه ، و وجهه ينضح بالاحمرار و العافية . عرفوه ، لم يكلّموه ، عقدت الدهشة ألسنتهم ، ظلٰوا يتابعونه بأنظارهم ، و هو يمشي بثقة في الحارة الحلبيّة القديمة ، ثم دخل بوٰابة ضيّقة ….، ووقف أمام باب أسود ضخم له مسامير تزينيّة ، وراح يطرق الباب بنغمة تعرفها تلك التي كان يحبٰها و تحبه ، لكنَّ الأهل فرقوا بينهما . فتحت له الباب حسناء ، لم تُدهش ، و لم تُفاجأ ، بل ابتسمت ، و رحّْبت به، كأنَّها على موعدٍ معه ، دخل، أغلقا الباب خلفهما …. و تركا الدهشةْ و الريبة ، و الندم و الخوف ….تقتلُ الباقين .
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء حلب ٢٠١٤/٢/١٠

قصة رقم – ٣
كانت قنوعة .. يكفيها أن تغمس قطعة خبزٍ بالزيت والزعتر وتأكلها ، طيبة .. تحب حتى من لا يحبها ، جميلة.. لاترى جمالها في المرآة و لا يعنيها ، متواضعة.. رغم أنها تملك الكثير من ما يجعل غيرها يصيبه الغرور من جزء يسير مما لديها .. باسمة .. لا تعرف اليأس و لا العجرفة .. صادقة.. لم تكذب مرةً في حياتها .. شريفة .. لم تعرف يوماً غير زوجها .. ذات يوم حطَّ بلبلٌ على شجرةٍ في حديقتها ، جذبها لونه الذي يشعّ في الظلمة ، تغريده بات يطربها ، و لم يغب عنها ، حتى ألفته ، ثم أحبته و اعتادت حضوره ، وصارت تنتظره بملء شغفها ، و حرارة قلبها .. حتى نبت لها جناحان ، فطارت إليه ، و طار معها .
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء حلب ٢٠١٤/١/٢٥

كنتُ نَعِساً ، بعد نهارٍ متعب …. وضعتُ رأسي على الوسادة ، و حين غفوتُ ، حطّتْ حمامة على الشجرة ، و راحت تهدلُ فأيقظتني ، حملتُ بندقيّتي و قتلتُها .. سقطتْ مضرّجةً بدمها ، وضعتُ رأسي على الوسادة ، و حين غفوتُ ، سمعتُ صوتَ مولّدةِ كهرباء ، أيقظني ، حملتُ بندقيَّتي ، قتلتُ جاري و أطفأتُها .. . وضعتُ رأسي على الوسادة ، و حين غفوتُ ، أيقظني طرق على الباب ، تضايقتُ ، نهضت من سريري ، فتحتُ و إذا بطفل معه أشياء للبيع ، حملتُ بندقيتي و قتلتُه .. عدتُ إلى سريري ، وضعتُ رأسي على الوسادة .. و حين غفوتُ .. سمعتُ صوت امرأةٍ تصرخ فأيقظتني ، حملتُ بندقيتي ، و صوّبتها نحو نافذتها ، و قتلتُها .. أخيراً سادَ الهدوءُ ، و نمتُ نوماً عميقاً .

…………..…..…………….…………….….… حلب ٢٠١٤/٣/١٩

أنتَ هنا ..؟ إذن .. القمرُ في سمائِه يتلألأ … و الأمواج ….في بحرها تتراقص … و النور….. ينبثقُ من كلّ مكان . أنتَ هنا قربي .؟؟!! . إذن العشب ينبتُ على حواف النهر…. والرمّان يتدلّى من أغصانه ، و حبات التوت الأحمر ، تظهر من بين الورق .. أنتَ هنا …؟! ؟؟؟؟!!! فرحٌ يملأ قلبي وعينيّ . ************ استيقظتُ كانتِ الريح تعصفُ بشدّة ، تطرقُ الأبواب. الغبارُ يتصاعد …….. فيعكِّرُ الأجواء … و ألسنة نيران تلتهم الأشجار و الأحجار .. و أصواتٌ …أصواتٌ ….تصرخ بإزعاج . تبيّنتُ صوتاً ، يقول بسخرية :
– يالكِ منْ واهمة …؟!!!

**************** مرسين ٢٠١٤/١٠/٣٠

تعالَ أيّها النمر لا تخف مني ، فأنا دجاجةٌ ضعيفة …..لا أستطيع إيذاءَكَ .. اقتربْ ، لم أكنْ أعلم أنَّ النمور جبناء ، حتى التقيتكَ … أسألك هل أنت ضعيفٌ و جبان حقاً ..؟! أم أنّكَ تتظاهر …؟! أيٌها النمر .. لماذا ابتعدتَ عني و اختبأت في وكرك .. ؟؟؟! ….قلتُ لك أنا أحبكَ و أكره الديك الذي يذلّني …و يتكبّر عليّ … و يلحق الدجاجات . سآخذكَ و نذهب سويّة إلى خمِّ الدجاج ، لألقيَ في قلب الديك الذي أحبه الغيرة ، و أكتشف هل هو يحبني أم لا ..؟ أفهمتَ الآن لماذا أستعطفكَ ، أرجو أن توافقَني و تذهب معي . أيّها النمر … أين اختفيت ..؟؟؟؟!!!! ؟ راحتٍ الدجاجة تبحث عنه ، هنا و هناك … و تضايقتْ كثيراً …….حين علمت أنه لم يسمعْها أبداً ، حين رأته في الوكرِ ….. يعانقُ نمرتَهُ .

***************************************************** استانبول ٢٠١٤/١٢/٣

دعها وحيدة في معبدها ، لاتفسد عليها عذوبة التصوّف ، هي تعبت من عذاباتِ الروح ، و من عذاباتِ القلب ، و الجسد .. فارتحلت لتعتكفَ هنا في هذه الصومعة و حيدة ، ليس معها غير زوّادة ، و شمعة ، و ورقة ، وقلم . من خلوتها ، ستكتبُ ، رجماً بالحروف ، و الحبر ، و ترسلها على نسمة أتتها من السماء إلى كلّ المعذِّبين الّذين حولوهم إلى آلات ، و أفرغوا منهم كلّ الروحانيّات . هي هناك ، تمارس طقوس العبادة ، في زاوية من زوايا الأرض ، تحت ظلّ شجرة زيتون و قرب نبع ماء … تتلألأ ذراته تحت أشعة شمس … تشبه الذهب المسكوب . يمرّ من قربها نهرٌ تجري مياهه بهدوء ، و على حافّتيهِ أزهار الدفلى ….. و التوليب .. و فيمَ هي تنظر إلى الغيومِ المشرّبة بلونِ الأرجوان .. تراءى لها ، طيفٌ يشعشع ،، بألوان قوس قزح .. هبطَ أمامها .. و تحوّل إلى إنسان ….. راحَ يسرقُ أشياءها ، الزوّادة … و الشمعة والورقة… والقلم ………. بل و سرق الروح أيضاً .

************************************* مرسين ٢٠١٥/٢/١٦

للكهفِ …. كوّة
حملتُ حقيبتي ، و فيها بعض أشيائي .. بعض طعامي .. بعض قهوتي بعض لباسي. و رحت أخطو باتّجاه ذلك الكهف .. إحساسٌ مريعٌ جعلني أحبُ الّلجوء إلى الكهف .. هناك تخفتُ الأصوات المنكرة .. و تغلّفني جدران جبل ضخم لا تخترقه الرصاصات ولا غيرها . سرعانما وصلتُ إليه ، له باب من درفتين من الخشب العتيق .. دفعت إحداها بيدي وجدتُ عدة درجات ، نزلت ، سمعتُ أنين الباب العتيق…….أغلقت الباب سمعت أنينه ثانية .. وجدتُ صخرة منحوتة على شكل مقعدٍ ، جلستُ عليها ، نظرتُ إلى الأعلى ثمّة كوّة صغيرة ينفذ منها ضوء القمر . ساعةٌ مضت و أنا مرتاح ، بهذا الصمت و هذا الهدوء .. تناولت لقيمات ، ثم مددتُ على الأرض المتربة مدّادة ووسادة صغيرة ، ونمتُ قرير العين . فتحتُ عينيّ على شعاع شمس يتسرّب من تلك الكوّة في أعلى الكهف ، هي الكوة ذاتها التي نفذت منها أشعّة القمر . صباحٌ جميل ، صمت ، لا أصوات منكرة ، ولا شيء .. أمضيتُ ساعة تلو ساعة … و كل ساعة تلي التي قبلها تبدو أطول منها بل كأنها ساعة و نصف الساعة لكني سعيد مرتاح ، أكلتُ لقيمات ، احتسيت فنجان قهوة ، و نمت قريرَ العين . استيقظتُ ، ظلام ، أشعلتُ شمعة ، الساعة لا تزال الخامسة مساء ، ماذا أعمل الوقت يتطاول ، بل يتباطأ ، أخرجت دفتري و قلمي و كتبت .. سعيد أنا أكتب بملء حريّتي ، لا صوت يزعجني و لا نداء يآخذني .. و لا شيء . نقراتٌ على الباب الخشبي .. معقول ..؟! تساءلت ، قلت : – من الطارقٌ ..؟! لم يردّ أحد . لا أحد، لعلّي أتوهم .. عدتُ للكتابة .. سمعتُ ثانية نقرات على الباب الخشبي قلت : – من الطارق …؟!!! خفتٌ و فتحت .. رأيت شاباً يرتجف رعباً ، سحبتُه من يده سألته : – من أنت ..؟ و ماذا تريد ..؟! كيف عرفت أني هنا..؟! – لا أعرفكَ ، لكني رأيتُ بصيص ضوء ، فاقتربت . – ماذا تريد مني ..؟! – أن أختبئ هنا عندك ، أنا هارب من وجه العدالة ، أقصد من وجه ال …. و لا أعلم لماذا رحتُ ، أضحك ، و أضحك و هو ينظر لي مستغرباً ..قال : – لماذا تضحك يا أخي ..؟! . – لا بأس ، هل تحمل ( باكيت ) أنا نسيتُ ..؟! – معي باكيت . مازلتُ أضحك حتى شاركني الضحك ، و غبنا معاً في دوّامة ، ندخّن و نضحك .. و الدخان يصعد و يهرب من هذه الكوة ، الكوة ذاتها التي يهبط منها ضوء القمر، و ضياء الشمس .

**************************************** ٢٠١٥/١/٢٩

استيقظتُ لم أجدها ، كانتْ هنا نائمة في بيتي …؟! أشياؤها منثورة على المقاعد ، محفظتها السوداء اللّامعة قرب حجابها الأبيض .. لماذا هربت تحت جنح الصبح ..؟؟!! لماذا اختفت دون أن تودِّعني ..؟؟!! الليلة الماضية ، دعوتها للذهاب معي إلى العرس ، جاءت ، ووضعت المساحيق من عندي ، و ذهبنا إلى منطقة ( المارتيني ) ساعدتني بصف السيّارة ، إلى الأمام .. إلى الخلف قليلاً .. نزلنا الدرج و حضرنا العرس معاً .. صالة واسعة ، هواء بارد يتسّرب من المكيّفات البيض الشامخة ( قرنة) للعروسين مكللّة بالزهور ، موسيقى عالية ، رقص صاخب .. جلسنا نصفق و نستمتع بالغناء و الرقص ووجود الأحبة و عروس جميلة تغيّر أثوابها كلّ حين . كانت قربي تنظر سعيدة .. بل ورقصت قليلاً … عدنا بعد انتهاء الحفل إلى البيت دون خوف … كان المؤذّن يرفع أذان الصبح .. ناديتها لنصلّيَ معاً .. كانت غارقة في بحر النوم … إذن لاشيء يدعوها للهرب باكراً . طلبتُ من ذاكرتي أن تعيدَ لي أحداث ليلة البارحة … ذكرتُ أنني رأيتُ دموعاً في عينيها ، سألتها حينها : – لِمَ تبكين …؟؟؟!! قالت : – من .. دخانِ اللفافات . صدّقتها .. لكنّني بعد تحليلٍ و تفكير .. وصلتُ إلى حقيقة الأمر .
ذلك أنّها تجاوزتِ الخمسين من عمرها .. و لم تلبسْ يوماً … ثوبَ الزفاف الأبيض …. ولقد … حضرَتْ … مئات …..الأعراس … و لم … تحضرْ … عرساً … لها .

****************** حلب ٢٠١٤/٩/١٥