قصص ماجدولين رفاعي في الـ ق ق ج
- أغسطس 14, 2010
- 0
نظراً لوفرة مواد القاصة ماجدولين رفاعي التي قدمتها للجنة الملتقى الثامن للقصة القصيرة في حلب، خصصنا لها هذه الصفحة لما لم ينشر في صفحة “الأمسية الأولى”.
ماجدولين رفاعي ـ درعا
صفحة الأمسية الأولى للملتقى الثامن لـ ق ق ج
ازدواجية
امتدحني (سيف) كثيراً, كوني فتاةً متحررةً, أقول ما ينبغي قوله ولا أخشى لومة
لائم…
وركز في مديحه على مسالة الحرية العامة في كل شيء, وعدّد أنواع الحريات كي يقنعني بقناعاته, وشدّد على أنه لم يكن ليحبّني لو كنت متعصبةً في الدين..
فهو في الحقيقة معجب جدا بملابسي وبخاصة عندما أرتدي الجينز..
كنا على وشك الزواج لكنه اعتذر بسبب ظروفه المادية, وأنه لن يستطيع تامين حياة رغيدة لي…
بعد أشهر قليلة التقته, وقدكان برفقة زوجته المنقّبة!!
دعاء للحاكم
جميع الوساطاتِ, باءت بالفشلِ في إصدار عفوٍ من الحاكمِ العنّينِ عن المساجين السياسيينِ الذينَ أوقفوا دونَ محاكمةٍ, بتهمةِ تهديدِ أمنِ الدولة,
وكادَ يتحّولُ النشيدُ الوطني للدولةِ إلى دعاءٍ للحاكمِ, بأن يمدّهُ اللهُ بالقوةِ الجنسية الدائمةِ بعدَ إصدار الحاكمِ عفوهَ العام عن المساجينِ, فرحاً بخبرِ حملِ زوجته بطفلهِا الأول!
فياغرا
بعد المؤتمر الهام الذي استمرت جلساته طوال النهار,
التف الجميع حول موائد الطعام, فاستغل أحدهم المناسبة وبدأ بتوزيع نسخ من كتابه على الزملاء, فيما
استغل الآخر الفرصة, وبدأ بتوزيع عيّنات مجانية من حبوب الفياغرا المصنّعة محلياً في معمل أخيه..
بعد ذهابهم, احتار النادل, أين يضع جميع الكتب التي بقيت على الموائد؟!
مات حبيبي!؟
طفلي الصغير مريض جدا لهذا لم أفكر بالخروج من المنزل, لكنَّ إلحاح صديقتي مها وحزنها الكبير, ذلك الذي بدا واضحاً عبر صوتها, جعلني أخرج بعد أن طلبت من زوجي الحضور فوراً إلى البيت لرعاية ابننا.. كانت مها حزينة جداً, عانقتها, وقبل أن نبدأ الحديث عن رحلتها إلى لندن, رنَّ هاتفها المحمول:
-الو …هل أعطاه الطبيب الحقنة؟؟؟ اهه لم يتحسن كثيرا؟ أغلقت الهاتف وبدأت بالبكاء مردّدةً …لماذا يا الهي.. لماذا, عانقتها بحرارة كي تهدأ و تخبرني بالذي حدث, لكنَّ الهاتف عاد للرنين من جديد
– الوو لااااااااااا معقوووووووول أنا قادمة فوراً!
– رمت الهاتف في حقيبتها, وبدأت نشيجاً حاداً واستأذنتني بالانصراف, وهي تمسح دموعها الغزيرة
– أبيت إلّا أن أرافقها في محنتها العظيمة..
– جاهدت في الطريق كثيراً كي اخفَّف عنها:
– البقية في حياتك يا عزيزتي, وكلنا لها, ولكن من هو المتوفى؟؟؟
– شهقت شهقات متتالية, قبل أن تتمكن من الإجابة, ثم قالت:
– انه كلبي الحبيب روري رفيق عمري!!
– وعند أول إشارة مرور, قفزت من السيارة غير عابئة بشيء.
في المقهى
اعتاد عازف العود في المقهي أن يشاهدنا معاً نجلس إلى ذات الطاولة في جميع المرات التي دخلنا بها إلى ذلك المقهى العريق.. بعد انفصالي عن خطيبي صرت أذهب برفقة صديقتي إلى ذات المكان ونجلس إلى ذات الطاولة, وكنت ألاحظ تردّد عازف العود بالسؤال عن خطيبي الغائب, لكنه كان يتهيّب من التدخل في شؤون رواد المقهى, لكنه أخيراً تخلّص من خجله ليسألني.. ولكي أتخلص من الإحراج, أخبرته بأنه فارق الحياة, فصار كلما رآني عزف على مسامعي لحناً جنائزياً حزيناً!؟
شهادة تميز
استدعتني إحدى المؤسسات لمقابلة الخبير الغربي القادم من السويد لمناقشته حول صفقة تجارية بين شركتنا وشركته..
وبما أني أعرف مسبقاً دقة الغربيين بالمواعيد, حرصت على القدوم في الوقت المحدد تماماً, ولكن المفاجأة كانت كبيرة بالنسبة لي, عندما تأخر الخبير أكثر من ساعة ونصف!
ابتسمت, وعذرته تماماً, عندما قدّم لي نفسه على أنه عربي يحمل الجنسية السويدية
لقاء في الساعة الخامسة والعشرين
قالت لي بعد قصة حب وصلت أخبارها إلى الجميع :عليك بالتّقدم لخطبتي..
لم أرفض, و وعدتها خيراً, ثم لذت بالفرار.. فكيف لطالب مازال يطلب ثمن طعامه من والده أن يخطب ويتزوج؟!
كم تمنيت بعد عودتي من السفر أن أسمع أخبارها, ولكن دون جدوى!
في حمّى العمل والنجاحات, وارتباطي بزواج سعيد، وضعت قصة حبي تلك في أرشيف حياتي, وتابعت مسيرتي.
أعادني ما كتب في النعوة الملصقة على أحد جدران المسجد القريب من منزلي إلى ثلاثين سنةٍ ماضيةٍ..
انتقلت إلى رحمته تعالى السيدة زينب (أم رامي), زوجة اللواء المتقاعد فلان, ووالدة الطبيب رامي والمهندس أحمد!؟
يا لسخرية القدر.. هاأنذا ألتقي حبيبتي مجدداً!؟
خياط ماهر أتعبني الحمل كثيراً, ربما لأنني أحمل توأماً, فقررت السير حول الحديقة العامة حين استوقفتني صبية جميلة, وسألتني بحياء واضح:
هل تعرفين أحدهم يفهم بالخياطة؟
ابتسمت بمودة وقلت لها:
لابد وأنك تجهّزين للزفاف يا عزيزتي؟
أجابتني ببرود غريب:
نعم حفلة زفافي يوم الخميس!
اوووووه, مبارك, أتمنى لك السعادة والهناء, ولكن عرسك الخميس ولم تخيطي ملابس العرس بعد؟
طفرت دمعة حزينة من عينها وقالت:
أريد طبيبا للخياطة!
لك قلبي وبعد
ردّد على مسامعها كلمات غارقة في الحب والهيام..
قال لها :أتعلمين يا حبيبتي, أنت الحياة كلها, لو تطلبي البحر لوضعته بين يديك..
ولو طلبت قلبي لوهبتك إياه دون تردد.
شعرت أن الحياة أنصفتها برجل يقدّر معنى الحب, ومعنى أن تحّبه امرأة بصدق و إخلاص..
فغفت على حلم بالأمان والسكينة..
ضاقت بها الظروف عندما مرضت, ولم تجد ثمن الدواء ..
بخجل شديد طلبت من حبيبها ثمنه..
اعتذر بأدب شديد, وقال لها:
معذرة حياتي, أريد شراء حذاء جديد لي!؟
تجارة
غضبتْ منهُ كثيراً لتأخُّرَهُ عن موعدِها..
اقسمَ لها أنهُ تأخَّرَ في العملِ, لكنها كالعادة لم تصدِّقه..
بعدَ نصفِ ساعة اتصلَ مديرُهُ يسألُ عن سببِ تغّيبِهِ..
أقسمَ لها أنهُ لم يكن مع امرأةٍ غيرَها, ففضحه أحمر الشفاه!
ثارت ثائرَتُهُ, حينَ أعلمتهُ أنها راحلة
أقسمَ لها أنه سيستقيمَ, وأنهُ لن يكذبَ بعدَ اليوم..
هدَأَت قليلاً, واقتَرَحَت عليهِ استثمارَ كذِبِهِ في شيءٍ مفيد..
قالت له: حبيبي, أرجوك كلّما كذبتَ كذبةً, ازرع في حديقةِ منزلِنِا شجَرة َزيتون..
فاكتشفت في اليوم التالي, أن نهراً من الزيت, بدأ يجري تحت بيتهما!
صورة كل مساء حينَ تفتقدُ نبضَهُ ووُجودَهُ,
وعندما يهُزُها الشَوقُ إليهِ ولا تجدهُ..
كانت تبحثُ في خِزانتها عن صورتهِ..
تتأمَّلُها تناجِيها, تشكو إليها هُمومَها وأحزانَها..
وأحياناً تبكي أمامها..
قُبُلاتُها كانت تحرقُ الصورةَ وتبلِلُها بالدموع..
بعدَ ألفِ سنةٍ وهميّة حينَ عادَ إليها..
لم تتعرف عليه..
أمسكت الصورة, نظرت إليهما..
ثم رمتهما بعيداً!
الوكرِ للريحِ صفيرٌ مخيفٌ يعصفُ بالقلبِ
تبحثُ عن مكانٍ آمنٍ يحميك من الريح..
و لأنّك في صحراء..
ولأنك برجاءٍ وتوسلٍ, تلهجُ بالدعاءِ
تدورُ حولَ نفسِكَ دوراتٍ و دورات,
ثم,
تلتجئُ برعبٍ الى وكرِ الثعلب!!
كيف أصدِّق؟
بكِذبةٍ بيضاءَ تبدأ يومك, فتعتذرُ لطفلكَ أنكَ متعبٌ
كي يدعكَ تواصلُ نومكَ في الصباحِ
ثمَّ….
تتابعُ نهارك بكِذبةٍ رماديةٍ …
فتخبرُ رئيسكَ في العملِ, أنكَ كنتَ مريضاً, ولم تحضر في وقتٍ مبكرٍ..
وفي المساء تنهي يومك بكذبة سوداء ناصعة,
حينَ تقولُ لي: أحبكِ جداً, ثم تنام!
خدَعَني ظِلُّكَ..
رجلٌ بظلِّ طويلِ, جلسَ قربَ قلبي, فتطاولَ ظلُّهُ أكثر فأكثر, حتى لامسَ الغيمَ..
(بسمِ اللهِ), نطَقَتُ مبهورةً بظلّه..
باغَتَتنا شمسُ الظهيرةِ..
هرب الظلُّ, وبقيَ صاحِبُهُ قُربي بهامةٍ لاتَعلو عن الأرضِ..
ومن يومها, فقدت ثقتي بالظلال الشاهقة.
قصة مشروخة
بعدَ عدَّةِ مشاحناتٍ بيننا كادت تُوْدي بقِصَّتِنا,
حاوَلنا إصلاح الأمر, وقرَّرنا اللِقاء.
لُمتُ نَفسي كثيراً على نسيانِ الموعد..
وتأخُّري لأكثرَ من ساعتين..
ورِحتُ أحثُّ السائقَ لِيُسرِعَ بِاتِجاهِ موعِدِنا ..
ضحِكتُ بصوتٍ مرتفعٍ عندما قالَ لي النادل:
لاتحزني سيدتي, ربما نسي الموعد!؟
شعارات
مراتٍ عدّة, تمنيت فيها لو تذهب ثروة أبي, التي تتسبب في إحراجي أمامه..
هو شاب مكافح يبنى حياته بجهد وتعب, يحمل أهدافاً وقيماً..
يهتم بالطبقة الكادحة وبؤس العمال والفلاحين..
كنت أرى نظرات الكره في عينيه, كلما رآني أترجّل من سيارة أبي الفاخرة,
بينما يشعل هو لفافة التبع الوطنية التي تعاند في الاشتعال لرداءة صنعها..
افترقنا بعد الجامعة, وكلٌّ سار في طريقه, لكني لم أنس شعاراته الاشتراكية التي كنت معجبة بها كثيراً..
الصدفة وحدها جمعتنا في مبنى وزارة المالية, فدعاني إلى مكتبه في إحدى أبراج دمشق الفاخرة..
اعتذرت عن قبول السيجار الكوبي, لأني لا أبدّل سجائري!
خرجت وأقسمت على عدم اللقاء به مجدّدا, حين صرخ في وجه النادل بكلمات نابية,
معّبراً عن غضبه من شعب لا يفهم إلا بالحذاء, على حدّ قوله!
ابن الوزير
اجتهد المحاضر في كلية الطب بالشرح لطلابه عن أهمية سرعة تشخيص المرض..
وقام بطرح مثال لافت عن الموضوع, فبدأ بسرد وقائع إنقاذه لابن أحد الوزراء الذي طلبه على عجل بعد منتصف الليل لعلاج ابنه المريض,
وكيف استطاع هو بكل بساطة, تشخيص المرض الخطير, وإنقاذ ابن الوزير بعد عمل التحاليل السريعة له..
وبعد انتهائه من الشرح, التفت إلى الطلاب وسألهم:
ماذا تستنتجون من تلك الحكاية ؟؟
أجابه أحد الطلاب الجالسين في المقاعد الخلفية للمدرج:
استنتجنا يا دكتور أنه علينا أن نكون جميعنا أولاد وزراء!
المرأة الاستثنائية
قال لي في أول لقاء لنا:
أنت المرأة الاستثنائية التي كنت أبحث عنها..
لازمني الغرور, وصرت أحسب حساب الكلمات..
فكلَّ كلمة مدروسة, وكلُّ جملة محسوبة, وكلُّ تصرّفٍ لابدَّ من التفكير به آلاف المرات!
ولم لا…. ألست أنا المراة الاستثنائية؟!
ضبطه مرة يتكلم بهاتفه المحمول مع امرأة بصوت هامس, فثارت ثائرتي, وصرخت في وجهه غاضبة ثائرة….
قال لي بكل برود: إياك والشك, فأنت امرأة استثنائية, ولهذا أحببتك!!
مرة أخرى, رأيته يجالس شقراء في مقهى على رصيف شارع الجامعة, فغبت عنه طويلاً, وتجاهلت جميع اتصالاته الملحّة، وعندما جاء لبيتنا, كدت اطرده, لكنه قال لي:
أنت كجميع النساء تختلقين المشاكل, وتشكّين حتى في نفسك!
هل أنت المرأة الاستثنائية التي أحببت؟!
وكان سبب فسخ الخطوبة, علامة زرقاء علي رقبته, توحي بليلة عاصفة.
بعد سنة…
وعندما رافقني خطيبي الثاني إلى مقهى جميل على شاطئ البحر, قال لي:
هل تعلمين لمَ اخترتك أنت بالذات؟
وعندما سألته:
لماذا أنا, بالفعل…؟؟
قال: لأنك امرأة استثنائية!
رميت الخاتم في وجهه, وغادرتُ
لمَ لاتبتسم؟
كلما طلبت إحدى الدوائر الحكومية صورة له, كان يضطر للذهاب إلى المصور من جديد, لأنه أضاع ما تبقى من صوره السابقة في فوضى أوراقه المبعثرة أبداً, وعندما, قرّر تقديم أوراقه للوظيفة التي قد لايحصل عليها, جهّز ستَّ صور..
وعندما قرّر الهجرة إلى كندا, جهّز ستَّ صور, بالرغم من استحالة السفر..
وعندما أجبره والده على الزواج من ابنة عمه, جهّز ستَّ صور لعقد القران!
وعندما قرر تسجيل طلبه في دائرة البطالة, جهّز ستَّ صور..
لكنّه عندما أحبّني تغيّرت الظروف, وفتحت له الحياة أبوابها, إذ وافق الوزير على طلبه, وعيّنه حارساً ليلياً لمرآب الوزارة..
رافقته هذه المرة إلى المصور, وقلت له: ابتسم فجميع صورك بوجهٍ متجهم..
فجلس على الكرسي وحدّق في العدسة ببلاهة, وأنا أصرخ به:
ابتسم.. لمَ لا تبتسم؟
ربّت المصور على كتفيَّ وقال:رحمة الله عليه!
عتاب متاخر
غاب طويلاً, ولم يجب عن جميع رسائلي التي أرسلتها في أوقات متفرقة..
أخيراً زيّن اسمه بريدي الالكتروني, و وصلت رسالة منه..
سأعاتبه على غيابه الطويل, ولن أجيب على رسالته بسرعة, كي أعاقبه على طول الغياب..
بلهفة بالغة, فتحت الرسالة
وجدت صورته, كان مغمض العينين
فقد غادر الحياة..
كما جاء في النعوة التي أرسلتها ابنته من بريده الشخصي!؟
كذبة ليست بيضاء أبداً عندما اكتشفت أنه كذب عليها بأمر زواجه, وأن لديه زوجة منذ أكثر من عشر سنوات, تركته غير عابئة بتوسلاته..
لكنه طلب أن تسمع شرحه..
قال لها:صحيح أنا متزوج, ولكني, و زوجتي منفصلان, منذ أكثر من عام ونصف, ونعيش تحت سقف واحد لأجل الأولاد فقط!
فبدأت بتجهيز نفسها لحفل الزفاف الذي غاب عنه, لأنه كان في جنازة زوجته التي ماتت, وهي تضع مولودها الثالث!