الكاتبة د. ندى الرفاعي
قصص مشاركة في ملتقى حلب التاسع للقصَّة القصيرة جدًّا
دورة الوفاء إلى حلب من الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية
الساعة السابعة مساء أيام (19-20-21-22 /2015/2)

قصص مشاركة في ملتقى حلب التاسع للقصَّة القصيرة جدًّا
               الكاتبة د. ندى الرفاعي

دورة الوفاء إلى حلب من الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية

الساعة السابعة مساء أيام  (19-20-21-22 /2015/2)

                        
ق.ق.ج. الملتقى التاسع د. ندى الرفاعي

-1- أصيص الروح
يخترق الوطن أنفاس الشاعر. يزفر آهات الغربة. يستنشق عبير العودة. ينثر بذور القصيدة في أصيص الروح. يبعثرها بين دفء التربة تحت نور الشمس. ينمو الرشيم في حروف الوحي، فتتغلغل جذور الوجدان في الأعماق، وتنبثق الأغصان عنها لتمتد مع الأشعار والأوراق، حيث تتصاعد فروع كلمات القصيدة إلى الأعالي محلقة بأجنحتها في سماء الوطن.. ….

-2- مختبر الشعر
يدعو مختبر الشعر القصيدة الى التحليل. تستعرض كيمياء الحالة أعراضها. تستنفر فيزياء العروض أمواج بحورها. ينصح المعلم باللف والدوران والتثفيل. يدوي صوت انفجار الحرف. تتناثر شظايا الأفكار. يتلمس الشاعر روح القصيدة. يمسك بالمعصم يعد النبض. يحمد الله ورسوله. مازال قلب الفكرة حي, ومداد القلم مازال ينبض…

-3- سيرة ذاتية
يحاول صياغة لغته الشخصية في حواره مع اللوحة. تنساب ملصقاته الخاصة بين خلجات النفس. قصاصة تحمل رسوم طفولته. عجلة قطار صنعه بأحجاره البلاستيكية ذات يوم. محرك إنتزعه من قلب سيارته الصغيرة المحطمة لتدب الحياة في القطار وتدور عجلاته. قطعة قماش من لباسه المدرسي الذي احترق بفعل غسالة إنقطع الماء عنها. نسخة عن وثيقة نجاحه في الثانوية العامة وتقديره الأول بين زملاء المدرسة. أحاط جميع عناصر لوحة فن الكولاج هذه بوتر مازال يهتز بلحن جيتاره، ثم نثر فيما بين أحاسيسه حفنة من تراب الوطن، وسمى عمله الفني: (سيرة ذاتية)

-4- حكمة بحرية
تعددت أنفاس الأطفال المشاركة بضخ الكرة الهوائية العملاقة. أسرعوا الى اللهو، واللعب بها عند الشاطىء، وعندما شاركهم الهواء بمرحهم إرتفعت الكرة عاليا، وهي تتطاير متوجهة نحو الموج المرتفع . باءت محاولة اللحاق بها بالفشل. جرفتها المياه نحو أقصى مما يستطيعونه للإمساك بها. عقد الوجوم ألسنتهم، وارتسمت الكآبة بين ملامحهم. تقدم الوالد بما لديه من بلسم مهدئ وقال: تلك هي الأنفاس القلقة التي تسعى الكرة لتبعدها عنكم. إنها تبغي الاغتسال بموج البحر…وعندما صمت الأولاد من الدهشة كان المجداف القادم من بطن المركب يساهم في إعادة الكرة المغتسلة إلى أصحابها…

-5- الخاطبة المحار
أسرع يمسك بالصدفة المثيرة بين أنواع المحار قبل أن تمتد يد أخرى إليها. يناجيها بما لديه من حلم وأمل. يسمع من خلالها صوت الحبيبة، ويرى في لمعانها بريق عينا شريكة عمرقادم. ماعاد يحتمل عمليات الجمع والطرح للتوصل إلى حل للوضع الراهن. يسمع أصداء سخرية تردد: مامعنى مناجاة كهذه؟ ومتى كان للقوقعة دور الخاطبة!!..يجيبها وهو يعبث بشعره: أبحث عن أذنك بين خصلات شعرك الأجعد الصاخب وقد تناثر فوقها، وأنت تقفزين غزالة رشيقة كعادتك في طريق الحافلة. ألهث خلفك. أضع قدمي فوق سلم الحافلة. أسمع رنين حيوية ضحكتك. تضعف القدم الأخرى أمام المتابعة. أتجمد وأتساءل عن الطريق إلى التراجع…هناك من سبقني وأحاط بذراعك على أرض الواقع…كيف حدث هذا دون علمي، وأنا أتابع خطاك من خلال قوقعتي؟؟

-6- معرض الكتاب
عاد الأب سعيدا بزيارته لمعرض الكتاب الدولي. إبتهج مع الأولاد بما تم إقتناؤه من كتب ونشرات، وعندما دار النقاش فيما بين أفراد الأسرة عما جاء حول الدورات التعليمية في مجال الحاسوب، أعلنت الأم عن الرغبة أيضا بمشاركتها للأب في متابعة التعلم التقني لاستعمال الحاسوب. تبادل الأولاد الإبتسامات الخفية، وهم يتهامسون ويرددون: هاقد جاء دور الوالدين كي نعمل على مرافقتهما إلى المدرسة في سبيل العلم . فطالما قاموا بأكثر من ذلك تجاهنا بما كانوا يطالبوننا به من واجبات وممنوعات. لقد حانت الفرصة الآن لقلب الأدوار، فالمصلحة في متابعة الدراسة الجادة تقتضي أيضا فروض تطبيق الواجبات والممنوعات على الجميع …

-7- قلب الكرة
إتهمني والدي بعناد مفرط استعصى عليه تقويمه فيما مضى، وأحالني إلى الزمن كي يتوصل بي إلى النتيجة التي ترضيه. أبحث بين حشود مورثاتي عن خارطة توفر لي حل ذاك اللغز. لغز سبق أن عرفت سببه وتجاهلته. استفزت أبي إبتسامة حزينة على شفاه أمي. ولما سألتها بالتخاطر عن مواقع الخطأ والصواب في معيشتنا. أشارت من طرف خفي إلى هوية أبي العربية، وأشرت بدوري إلى هويتها الأجنبية. أشعر في أعماقي كأني هجينة أبوين تاهت عنهما عواطف الأمومة والأبوة بين مجاهل قارتين…

-8- وصفة مجربة
يقلقني الإحساس بمودة رئيسي في العمل" والذي كان زميلي منذ فترة وجيزة". إنه يحاول تكرار مايردده دوما على مسامعي: أغمض عينيك واصمت، ثم ضع توقيعك في الموقع المطلوب. أجيبه بكل قناعة وإ يمان: لا لإطباق الجفون، لاللصمت، لاللتوقيع… .ينتقدني وأنا إلى جواره في سيارته الفخمة، وهو يشير إلى طفليه: ألم يحن الوقت بعد لتشكيل عائلة لديك؟ إلى متى تظن نفسك تستطيع الصمود؟. ……… يخيل إلي بأن طيف زميلتي يصحبني في ذاك النفق المظلم. أرى وجه أمي مرسوما على ملامحها عندما تغمض عينيها والدموع تنساب على خديها وهي تقول: حين تم إقناعي بالتوقيع، ووصلت حدود التقدير والتكريم وجدت على صدري قلادة ذهبية ثقيلة الوزن كادت أن تحبس أنفاسي، وتبعد عني النوم…. .إغتسلت روحي بقطرات دموعها، وأنا أطلب يدها كي ينتشل الواحد منا الآخر من خطر أمواج تتلاحق…

-9- ريانا تحكي
تحاول الطفلة الصغيرة " ريانا " أن تجري أول تعبير عن الحوار مع أمها بلغة إشارات الطفولة، ومشا Kركة الحروف لنظرات العيون ، وهي تضحك وتصفق …لقد تعارفنا منذ فترة، أليس كذلك؟؟..مابا،،مابا..— باما،، باما….وتتابع حديثها بلغة الطفولة ولهجتها المحببة: تكاغي ، تناغي ، تضحك ، تصفق….يبتهج الأبوان، وكل واحد منهما يردد على حدة: ..بابا : بابا..— قولي بابا ياعيون بابا….ماما : ماما..— قولي ماما ياروح ماما….تضحك " ريانا " وهي تكاغي ، تناغي ، تصفق…. كأن لغة الطفولة تعجبها أكثر. تكرر قائلة: مابا ،، باما..— مابا ،، باما
يتابع الأبوان السماع مع التشجيع على التصحيح بالمراقبة والتركيز…إنه دون شك أول تعبير مبسط عن المعنى الحقيقي لبدء الحياة تكتشفه " ريانا " بأبسط الحروف والمعاني.

-10- زاوية إستثنائية
زارني الحلاج يوما مع مجموعة من الأصحاب. توزعوا سطور متصفحي فيما بينهم، واختلى الحلاج في إحدى الزوايا. لم يكن في جعبتي من واجب الضيافة إلا القليل من الكلمات. أعجب بمذاقها الأصحاب وانصرفوا إلا الحلاج. وحين أعددت في خاطري ما يليق بحضرته، بدأت أضغط أزرار حروفي سطرا بعد سطر حتى بلغت زر الدخول. إرتعشت الأصابع فجأة على حين غرة، حيث انسحب البساط بسرعة البرق من تحت الكلمات ، واختفى الحلاج…ترقرقت الدموع في عيني، و مازلت مذهولة بما جرى فيما بين حداثة العصر وروحانية العالم الآخر.

— عشرة قصص ق.ق.ج. الملتقى التاسع د. ندى الرفاعي —


عقدة أوديب
رأيتك في قاع المحيط تصارع أخطر الأمواج. تناقض المألوف. تجادل المنطق. تساوم المستحيل، ودوامة الجزع تتقاذفني بين الجزر النفسية. أبحث بين خلجانها عن تفسير لما يتراءى لك في أحلام يقظتك. رأيتك ماردا تمسك بزمارة رقبته عقدة أسطورية تحجب عنك البصر والبصيرة..هل جنح بك الخيال حقا إلى هذا الحد، كي تعشق البديلة عن أمك؟.. سؤال أطرحه بيني وبينك فقط، قبل الاستلقاء على أريكة الطبيب… لاترتعد.. لاتحنق..لاتثور.. في أرشيف مركب الإنقاذ طوق للنجاة، يعلوه شراع الإستبيان الخاص والعام، فمن منا يعترف بحاجته إلى الآخر في مواجهة الإعصار للوصول إلى شاطيء الحقيقة؟ حقيقة مثل تلك الإنفعالات الحاضرة، وصراعات مريرة قد سبقتها ومضت…