قصيدتان للشاعر مهند سحلبجي : لإمرأة ثلاثينية و أرواح صامتة

 

 أعزاءنا في عالم نوح، يسعدنا أن نقدم لكم قصيدتين للشاعر مهند سحلبجي .. لإمرأة ثلاثينية و أرواح صامتة، بالإضافة لوجهة نظره المستفيضة عن الشعر والشعراء

 

لإمرأة ثلاثينية

بيني وبينك ِخمسة أعوام مِن التجارب الفاشلة
خمسة أعوام مِن الحُب
صرح مِن الذكرى
قرن مِن الحنين
بيني وبين فمكِ مسافات سفرٍ
الِتقت
وبين عينيّ وعينيكِ لَيال عمرٍ
حالكٍ قد أشرقت
أُحبكِ يا امرأة السنين
الماضية الآتية
….
أحبيني وأغمضي النظر..عن ماضيكِ الخريفي
عن تساقط شعركِ ..كأوراق الشجر
عن تجاعيد وجهكِ ..كخدعة الصور
فاصرفي النظر
….
إياكِ أن تعيشي مرةً أخرى الغروب
فأنا أموت دوماً في الغروب
راجعي قلبكِ ربما دقاته
تنتهِ لم تكتمل
…..
عامليني كأمي
شاكسيني كهمي
أسكنيني كدمي
كبرهة اليأس يطويها الأمل
مرآتي قبلكِ باهِتةً عتيقة
يظهرُ فيها وجهي متقطع الحقيقة
فكوني مرآة السنين الصافية
كوني القدر
……….
مهند سحلبجي

ماهو الشعر بنظري … مهند سحلبجي


لقد أجمع النقاد في مشارق الأرض ومغاربها أن الشعر لا يمكن أن يُحددَ في تعريفه، جامع مانع رغم أن {قدامة بن جعفر} قد عرفَ الشعر كلامٌ موزونٌ ومقفىً يدلُّ على معنى.
ومن خلال المرور على هذا التعريف مرَّ الكرام ، نرى أنَّه ينطبق على قول …{ابن مالك في ألفيته }
كلامُنا لفظٌ مفيدٌ كاستقمْ *** واسمٌ وفعلٌ ثُمَّ حرفٌ الكلِمْ
فأصبح الشعور والعاطفة من الأسس الرصينة التي يرتكز عليها الشعر ويعرّف بها ،
وفي هذا المعنى يقول {معروف الرصافي}
هوَ الشعـر ُ لا أعتاضُ عنهُ بغيـره ِ *** ولا عنْ قوافيـه ِ ولا عن فنونـه ِ
ولو سلبتنيهِ الحـوادث ُ في الدنـى *** لما عشتُ أو ما رمتُ عيشاً بدونه ِ
اذا كان من معنى الشعور اشتقاقـهُ *** فما بعـدهُ للمرء ِ غيـرُ جنونـه ِ
وقال {أبو القاسم الشابي} في الشعر
يا شعر ُ أنتَ فمُ الشعـو *** رِ وصرخة ُ الروح ِ الكئيب
وعلى هذا يرى القيرواني (أنما سُمّيَ الشاعر شاعراً لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره)

ورغم كل ما كتبه الشعراء عن الشعر إلا أنه الأكثر استقرار من الحدود الإدارية للصين الشعبية، أي أنه لا يمكن تعريف الشعر رغم جميع المحاولات الحثيثة التي قام بها الكثير من الأُدباء والشعراء.

الشعر هو نبع الآلام والمحبة لأنه تعبير ذاتي عن وجدانية الشاعر ومن خلاله
يبين عن ما يجول في خاطره من ألم ومحبة.
والشعر مع تعدد أعراضه إلا أنه وصف لحالة نفسية تعكس ذات المبدع.
إن الشعراء كانوا وما زالوا من أهم المعبرين عن قضايا مجتمعاتهم فإن للشعراء منذُ الجاهلية وحتى وقتنا الحاضر يمثلهم مكانة مرموقة في الأوساط الاجتماعية.

الشعر تستمد منه الحكم فإن الشعراء أشعلوا حروباً وأهمدوا حروباً بالشعر
فيقول الشاعر {زهير بن أبي سلمة}
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ …..وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً….. وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ

فنلاحظ قدرة الشعراء اللامتناهية على تعبير قضايا مجتمعاتهم بشتى الوسائل والأدوات ورغم أدوات الفلاسفة والأطباء والمهندسين ولكن يبقى الشعر في الصدارة
هذا يعني أننا نستطيع من الشعر أن نعالج حالات نفسية متعبة ونستطيع أيضا أن نقلب مزاج العاشق من الفرح إلى الحزن وبالعكس.
الشعر ليس سحراً وإنما كوكب يستدير به الشاعر حيث يشاء ويدور حيث يشاء
ويحرك موهبته أين ما شاء.

الشعر لا يعبر فقط عن الشاعر وحسب وإلا سنكون في مطباً كبير فالشعر يعتبر تغيير تاماً وشاملاً عن الناس المحيطين بهذا الشاعر أو ذاك صحيحاً أننا أصبحنا في القرن الواحد والعشرين وإن وسائل الاتصال والتواصل أصبحت في متناول جميع البشر من اتصالات وتلفاز وانترنت ولكن الشعر يبقى الوسيلة الأِساسية التي اعتاد عليها أبناء هذا العالم، فالشعر وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ليعبر فيه الشاعر عن آلامه وأحزانه وأفراحه، الكل يستطيع أن يقول الشعر، فإي إنسان يستطيع بتصويره أن ينسج قصيدة شعرية ولكن الشعر فطرة إلاهية يلد مع الشاعر منذ الولاده فإن الشعر يحتاج إلى جهد كبير وطاقة معرفية شاملة وواسعة لكي يكون له أثراً في مجمعاتنا {فنزار قباني ومحمود درويش} يكتبا الشعر كلن بطريقته
ولكنها تجد انجذاب كبيراً نحو هَذين الشاعرين لفهمهم في طريقتهم
وتناول هموم ومشاكل المجتمع فقد بقوا في الذاكرة حافرين أسماؤهم في أذهاننا على مر العصور والأيام والشعر ديوان العرب كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن مع الأسف في وقتنا الحاضر نخبة لا أريد أن أقول أنها مقرفة وفظة
تتعاطى مع الشعر وكأنه نوع من سلعتنا اليومية هّؤلاء من حولوا الشعر إلى أداة بدلاً من الإحساس ولكن الشعراء تبقى هي النموذج الأول للقصيدة العربية التي تبدأ بالوقوف على الأطلال ومن في ذلك الدخول في صلب القصيدة ولا ننكر أن الشعر تطور مع مرور العلم حتى أصبح له تدخلات واسعة في كتبنا اليومية وحياتنا الطبيعية أيضاً.

وأخيراً وليس آخراً إن الشعر مرّ مراحل متعددة من الجاهلية حتى وصل إلينا
بتجدده وجماله وجوهريتيه وأعتقد أن الشاعر الحقيقي هو من ينقل المتلقي من الواقع إلى الخيال بلمحة عين ….وهذا هو الشعر الحقيقي
………………..
واما أنا فأشعر عندما اكتب الشعر أنني أسبح بالفراغ

 

أرواح صامتة
نحن يا صديقتي أرواح
محبوس إحساسنا داخل الزجاجة
ونبحث عن شباك بحجم عيوننا لنخرج منه
على ثغرة أمل
تبحث عن نقطة ضوء لتتنفس
نحن مجموعة أرواح تئِن
وتثمل ليلاً من الكسل
تبكي على نفسها,,,فلا سواها يؤلمها
تتصادف في الهواء
وتمارس الحب في الهواء
وتتزوج في الهواء
وتنجب روح ,,صماء صامتة
دون شعور,,
تكتب على الشواهد ذكرياتها
وتتقاسم القبل على فسحة قمر
تعصف صوتها بهمس وتقول
هل لا نموت ..هل لا نحيا.. هل من أحد فينا
نحن يا صديقي أرواح
لا تَحِنّ ولا تُحَنّ
تمشط شعرها الغاضب على ضوء شمعةٍ مظلمة
وتنام على التوابيت
تسمو لِلأرض تعانق التراب فتمطر حنين
نحن يا صديقي أرواح
الحزن أبانا والبؤس أُمّنا
أما الفرح فهو أخانا الشهيد