
قلعة المهالبة التاريخية بحلة جديدة
- يوليو 25, 2010
- 0
تمتاز الأرض العربية بغناها التاريخي، وبمواقعها الأثرية، التي تعود لأزمنة تاريخية متعددة وتخفي الأرض في جوفها كنوزاً قل نظيرها مروراً بالقلاع المتميزة والتي تشكل علامة فارقة في تاريخ المنطقة العربية، وربما لم يكتب عن القلاع العربية إلا سطوراً قليلة والمشاهدات الواقعية أقل ومنها قلعة “المهالبة”
تمتاز الأرض العربية بغناها التاريخي، وبمواقعها الأثرية، التي تعود لأزمنة تاريخية متعددة وتخفي الأرض في جوفها كنوزاً قل نظيرها مروراً بالقلاع المتميزة والتي تشكل علامة فارقة في تاريخ المنطقة العربية، وربما لم يكتب عن القلاع العربية إلا سطوراً قليلة والمشاهدات الواقعية أقل ومنها قلعة "المهالبة", حيث كان الناظر إليها يعتقد أنها غابة خالية من أي شيء, ترتفع فوق صخرة كبيرة(حوالي خمسة هكتارات)أما اليوم فقد تكشفت معالمها, ومن تلك الكتلة الصخرية المرتفعة التي بنيت القلعة فوقها, يمكن للزائر التمتع بمنظر البساتين والقرى الزراعية التي تحيط بها, وهي(القلعة, خريبات القلعة, عين جندل, ودباش).
تقع قلعة "المهالبة" على بعد حوالي "أربعين كيلومتر" إلى الشرق من مدينة "اللاذقية" وهي قلعة أثرية بجوار قرية (قلعة المهالبة) في منطقة "القرداحة" من الجهة الشمالية حيث تقابل (جبل الأربعين) بنيت من قبل وجهاء محليين أو من قبل عشائر "بني الأحمرالجبلية" في بداية القرن الحادي عشر الميلادي، فوق واحدة من قمم جبال الساحل السوري على ارتفاع(750) متراً عن سطح البحر وطول أعظمي(170)م ويقع المدخل من الجهة الجنوبية والذي مازال يسمى بالبرج القديم ومروراً بالمدخل نصل الساحة الرئيسية .
ونلاحظ أن معظم ما بقي من أثار لها طابع عربي يعود إلى العصر الأيوبي يحيط بالقلعة سور ضخم مبني من الحجر النحيت, وتشكل بعض أجزائه الصخرة الأم التي بنيت القلعة عليها, أما الأبراج, والتي تبلغ اثني عشر برجاً, فهي تتوزع حول القلعة, وتتركز في الجهة الشرقية الجنوبية من القلعة, هذه الأبراج مبنية على شكل أنصاف دوائر, تتوسطها فتحات طولانية صنعت للمراقبة ولرمي السهام والنبال، وفي القلعة مستودعات, وخزانات, وأقبية,ودهاليز, وساحات..
إن القلعة مبنية بهندسة معمارية متناهية الدقة والجمال, على طريقة الأقواس التي تحمل السقوف, أما الأبواب والمداخل فهي على شكل(حدوة الفرس)وتتوسط الأسطحة فتحات مربعة مصممة لإيصال الضوء والمؤن, ولاتخلو القلعة من الساحات الواسعة لممارسة التدريبات العسكرية والأنشطة الرياضية.
ويذكر التاريخ الحافل للقلعة أنها في عام(1031)م استولى عليها البيزنطيون ثم انتقلت إلى(قبيلة بني صليعة)قبل إكمالها واستولى عليها أمير إنطاكيا(نكتور) حيث أكمل بناءها ومن ثم احتلها الفرنجة عام(1118)م بقيادة الأمير(روجر)وحررها(صلاح الدين الأيوبي)في عام(1188)م، ثم اتبعت إلى الملك(الظاهر غازي بن صلاح الدين)أمير(حلب)عام(1194)م، ثم صارت لأسرة (منكوس)عام(1260)م، ورممها في العصر المملوكي الملك(الظاهر بيبرس)عام(1269)م، ثم صارت للأمير(سنقر الأشقر)من نفس العصر وكان حاكماً(لقلعة صلاح الدين)عام(1280)م، بعدها خضعت(للسلطان المملوكي قلاوون)عام(1285)م، وخلال القرنين(13)ومنتصف القرن(15)للميلاد أصبحت تابعة لولاية (طرابلس)، ثم هُجرت وخلت من السكان حيث بقيت كذلك حتى القرن الخامس عشر, إذ لا يذكر الكثير عنها بعد ذلك.
وقد ورد تعريفها في معجم البلدان(لياقوت الحموي):
(أنها حصن منيع على سواحل الشام مقابل اللاذقية من أعمال حلب).
كما أطلق عليها الجغرافيون والمؤرخون العرب اسم(حصن بلاطنس)أما اسمها الحالي فلا يعرف لأي فترة يعود, كانت تربط هذه القلعة علاقات قوية مع قلاع الساحل السوري كقلعة(صلاح الدين)التي تقع على بعد(15)كيلو متراً شمالها، ومع(قلعة المرقب) التي تقع جنوبها. من هنا فقد لعبت دوراً هاماً بحكم موقعها المتوسط, الذي يتحكم بالممرات والمسالك الحيوية التي تصل الساحل السوري(بسهل الغاب)، حيث كانت عملية التبادل التجاري قائمة بينهما منذ أقدم العصور, من هنا فإن الدور الرقابي والعسكري الكبير للقلعة خلق نزاعات كبيرة على ملكيتها للاحتفاظ بها. لحق بالقلعة أضرار كبيرة نتيجة استخدامها مقلعاً للحجارة من قبل السكان المحليين الذين يقطنون حول القلعة, فبنوا منازلهم من حجارتها, ويضاف إلى ذلك هجر القلعة لمئات من السنين, ما أدى إلى تخريب معظم أجزائها, إلا أن الطابق الأرضي حافظ على شكله الأول, حيث تتوزع فيه المستودعات, وخزانات المياه, والممرات والسراديب والدهاليز، وتعتبر القلعة كبناء, وموقع, واتساع, في المرتبة الثانية بين قلاع اللاذقية بعد (قلعة صلاح الدين).