وأرسل لنا الدكتور مجد جرعتلي هذه المقالة مع قهوة الصباح: لا توجد ضمانات كافية عن مدى تحمل الدولة لحصول أي كارثة في المفاعل النووي في حال وقوعها وما مدى تأثيرها على السكان والبيئة وكافة أشكال الحياة فيها وما مدى إستمرارها ” إذا علمنا بأن “محطة تشيرنوبل ” مازالت أثارها الضارة والخطيرة مستمرا منذ ” 25 ” سنة وإلى الأن. شكرا دكتور مجد

كارثة " فوكوشيما " اليابانية هل تسقط المشاريع النووية بالضربة القاضية


الدكتور مجد جرعتلي
يبدو أن مستوى الخطر والضرر الهائل الذي لحق في المحطات النووية لليابان وأثارها الكارثية على الإنسان والبيئة من جراء الكوارث الطبيعية التي شهدتها مؤخرا " محطة فوكوشيما " والتي صنفت بمستوى قريب من خطورة كارثة " محطة تشيرنوبل " الأوكرانية في الإتحاد السوفيتي سابقا، والتي كانت الأسوأ في تاريخ الطاقة النووية المدنية، قد أثار العديد من التساؤلات عن مستقبل الطاقة النووية في العالم.

 

 

 

وإن كانت اليابان من أكبر خمس دول منتجة للتكنولوجيا النووية وأن " محطة فوكوشيما " واحدة من أكبر" ‬25" محطة للطاقة النووية في العالم. وأنها أول محطة نووية يتم بناؤها وتشغيلها بالكامل من قبل " شركة طوكيو للطاقة الكهربائية " والتي إستخدمت فيها قمة الوسائل العلمية والتقنية الحديثة والتي تتميز بها اليابان . ولكن وللأسف وبالرغم من ذلك كله لم يساعد كثيرا العقل الياباني المبدع الذي أقام تلك المنشأة النووية على الوقوف في وجه " الكوارث الطبيعية " فتصدعت ودمرت كلعب الأطفال خلال عشرات الثواني مشكلة أكبر كارثة بيئية وإقتصادية وتجارية وحاصدة ألاف الضحايا ومئات الألاف من المشردين وفقدت البيوت والمدن من الوجود .

 

 


ولكن هل يمكن تشبيه هذه الكارثة بالضربة القاضية التي ستسقط باقي المشاريع النووية في باقي دول العالم ؟


يتوقع الكثير من الخبراء في العالم بأن تتراجع الكثير من الدول عن " مشاريع بناء محطات نووية " في بلدانها ، والإستعاضة عنها بمصادر أخرى للطاقة، ولكن البعض يرى أن هذا أمر غير واقعي؛ لأن في حالة اليابان ليست المشكلة في المحطة النووية نفسها، بل في قوى الطبيعة من زلازل وفياضانات ؟ وبالتالي فالأمر نسبي ويختلف لدى الدول حسب نسبة تعرضها لهذه الكوارث الطبيعية، ولكن تأثير الكارثة في اليابان وعلى سوق التكنولوجيا النووية العالمية يجب أن يوقظنا ويعطينا الحافذ إلى البحث عن الضمانات لسلامة ونجاح تلك المشاريع حيث تعتبر أخطاؤها كارثية .


وأطرح العديد من أنواع الضمانات المفقودة والتي يجب تواجدها في المشاريع النووية ,والتي ألخصها فيما يلي:


1- لاتوجد ضمانات كافية ضد الكوارث الطبيعية.
2- لا توجد ضمانات حقيقية عن مستوى قوة الكارثة الطبيعية .
3- لا توجد ضمان عن موقع بناء المفاعل النووي " في مجال أعاصير أوحزام زلازل نشيط أو معتدل النشاط أو كامن ".فهذه المعطيات الطبيعية ليست ثوابت ويمكن أن تتغير من حالة إلى أخرى دون سابق إنذار" .
4- لا توجد ضمانات حقيقية للأمور الفنية والتقنية وعلى سبيل الذكر " فقد طلب وفد من الخبراء الروس فحص " محطة فوكوشيما " ورفضت السلطات طلبهم؛ مما جعل البعض يشك في وجود أسرار أو أخطاء فنية وتقنية لا تريد الجهات اليابانية الكشف عنها؛ ولهذا طالبت روسيا والصين من اليابان أن تتوخى الشفافية حول ما يحيط بمحطة فوكوشيما.
5- لا توجد ضمانات تكفل كفاءة التشغيل من قبل العنصر البشري من قبل المسؤولين عن المحطات النووية .
6- لا توجد ضمانات كافية عن كيفية التخلص من النفايات النووية .
7- لا توجد ضمانات كافية عن مدى تحمل الدولة لحصول أي كارثة في المفاعل النووي في حال وقوعها وما مدى تأثيرها على السكان والبيئة وكافة أشكال الحياة فيها وما مدى إستمرارها " إذا علمنا بأن "محطة تشيرنوبل " مازالت أثارها الضارة والخطيرة مستمرا منذ " 25 " سنة وإلى الأن ؟


ولهذا يرى الخبراء أيضا بأن تركيز شركات صناعة التكنولوجيا النووية العالمية في الفترة القادمة سيكون على الضمانات، أكثر منه على حجم الإنتاج وكميات الوقود وغيرها من الجوانب الأخرى ؟
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل توجد شركة ما لصناعة التكنولوجيا النووية قادرة على تحقيق تلك الضمانات السبعة التي ذكرتها ؟؟؟ والجواب بالطبع لا توجد ؟؟؟ وهذا ماسوف يبقي مشاريع الطاقة النووية دوما في قفص الإتهام كما سوف يبقيها بيننا مثل قنبلة نووية موقوتة لا نعرف متى سوف تنفجر ؟؟؟


ولكن هنالك من يرى بأن المشاريع النووية جاءت هربا من ارتفاع أسعار النفط والغاز والذي أدى إلى إحتدام الصراع الدولي وإلى مشاكل إقتصادية كبيرة للعديد من دول العالم الغير منتجة للنفط وعمل في إنهاك اقتصاديات الدول النامية والتحكم في قدراتها الصناعية ؟.


هذا صحيح ؟ ولكن لماذا تتجاهل الدول الباحثة عن الطاقات النووية العديد من مصادر الطاقات الأخرى البديلة والتي تغنينا عن مخاطر الطاقة النووية والتلوث المريع الناتج عن طاقة البترول ومشتقاته والتي نجدها في الطاقات الخضراء مثل الطاقات المتجددة والنظيفة والتي تلائم كل دول العالم دون إستثناء مثل " الرياح ,الشمس , المياه , الطاقة الحيوية .. ؟ وتجربة ألمانيا هي أكبر مثال ودليل قاطع للجميع , فدولة ألمانيا هي إحدى الدول التي تستخدم المفاعلات النووية في إنتاج الطاقة إلى جانب نسبة بسيطة من إستخدامها للطاقات المتجددة . ولكن بدأت منذ سنوات زيادة الإعتماد على الطاقات المتجددة والنظيفة والتي بلغت هذا العام بنسبة تزيد عن 25% وحديثا ومنذ أسابيع تم الإعلان بأنه في عام 2025 ستكون كل الطاقة المنتجة في ألمانيا من الطاقة المتجددة فقط وخالية من الطاقة النووية التي تأمل كافة شعوب العالم دون إستثناء بالتخلص منها ؟