كلمة الأرشمندريت سلوان حنا أونر
- أبريل 1, 2010
- 0
وبمناسبة أحد الشعانين كتب الأرشمندريت سلوان حنا أونر هذه الكلمة في موقعه يوم 26 مارس 2010
ونحن إذ ننشرها هنا محبة واحتراما للسيد المسيح ولكل أخ وأخت في الإنسانية.
أوصانا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب
أطلق الأنبياء على المسيح لقبَ الآتي، وكذلك فعل القديس يوحنا السابق “الذي يأتي بعدي هو أقوى مني” (متى 13:3)، واليوم في أحد الشعانين صرخ الحشود حاملين السعف وقائلين: “مباركٌ الآتي باسم الرب”، ولا ننسى ما كتب عنه في كتاب سفر الرؤيا: ” الكائن والذي كان والذي يأتي” (يو4:1).
يأتي المسيح في ثلاث فترات زمنية، الأولى، عندما جاء إلى العالم، وذلك لخلاصنا، مولوداً من مريم، فتاةٍ عذراء فائقة القداسة، آخذاً الطبيعة البشرية، شخصاً واحداً، إنساناً تاماً وإلهاً تاماً. ثانياً، للأشخاص الغير المعمدين يأتي عبر الكتاب المقدس والعهد الجديد بأكمله وعبر عظات الكنيسة الأرثوذكسية وتعليمها. كما ويأتي لكل إنسان معمّد من خلال أسرار الكنيسة وخصوصاً القداس الإلهي في المناولة المقدسة. ثالثاً، عندما سيأتي في المستقبل بكل مجده لكي يدين الأحياء والأموات في مجيئه الثاني الرهيب. نعترف بمجيئه الثاني في دستور الإيمان عندما نقول: “وأيضاً يأتي بمجدٍ ليدين الأحياء والأموات”، عندها سيصرخ الأبرار، أي الذين سيخلصون منا، قائلين بفرح كبير: “أوصانا مبارك الآتي الحاكم العادل”، ويصيب الخطأة الغير التائبين رعبٌ كبير من الدينونة الآتية. حينها ستنقذنا التوبة الصادقة ورحمةُ الله.
المسيح ليس إلهاً جامداً بلا حركة كالأوثان التي من حجر أو خشب أو شيء جامد، بل هو إله حقيقي تجسَّدَ وصار إنساناً دون أن يتوقف عن كونه إلهاً ودون أن يتخلى عن خليقته، هو الراعي الصالح الذي يهتم بالخروف الضال وسط أشواك الخطيئة، لا يوجد إنسان خاطئ وضال لا يأتي إليه يسوع “لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم” (يو 47:12). هو آتٍ ليعيد الوحدة بين الله والإنسان المكسور كيانياً، أولاً بسبب خطيئة الجدين الأولين، وثانياً بسبب خطايانا. هو آتٍ ليقدم ذاته فدية عن الموت والخطيئة لننال الخلاص، ولكن ليخلّص من؟ ليخلص هؤلاء الذين صلبوه ويصلبوه كل يوم بخطاياهم، هو آتٍ لخلاصنا.
يخلّص هؤلاء المسيحيين الذين يقومون بنفس الحركة أي الذي يأتون إليه، الله لا يأتي لنصف الطريق ونحن النصف الآخر ولا نتحرك أولاً نصف الطريق و الله النصف الآخر، الله قد أتى ووصل إلى قلوبنا ويقرع أبوابها فإن فتحنا له يدخل ويتعشّى معنا العشاء الأبدي، ولكن إن لم نفتح فلن يستطيع الدخول لأنه يحترم حريتنا. هو آتٍ لخلاص كل شخصٍ منّا فلنسرع اليوم لاستقباله حاملين سعف النخيل فرحين بالنصر فاتحين أبواب قلوبنا وملقين خطايا الإنسان العتيق أمامه، كما فعل مستقبلوه على أبواب أورشليم، كي يدوسها وهو عابرٌ إلى أورشليم الجديد.
كي نقابل الآتي يجب أن نسير، هذا السير نحو الله يكون بواسطة التوبة، فهو الآتي والمقدّم ذاته داخل الكأس المقدسة، وهناك يسطع أكثر من الشمس لأنه كأس الحياة. نحن نذهب إليه كي يثبّتنا في جسده، فبالمناولة لا يأتي إلينا فقط بل يأخذنا إليه ويثبّتنا في جسده وهو القائل: “من يقبل إلي لا أخرجه خارجا” (يو37:6)، لأنه عندما رأى الابن الضال عائداً إليه أعاد له الحلة الأولى.
هكذا يجب أن نتوجه في كل لحظة نحو السيد وكنيسته بأعمال التوبة والمحبة والإيمان، إذ بدون التوبة أو الإيمان الحي سينتظرنا شيء وحيد وهو الجحيم الأبدي والموت، لكن السيد المحب البشر هو إله حي وإله الحياة فإذا جاهدنا ضد الخطيئة، عندها سنسير نحو السيد ونحو آلامه كمخلص وكمحب ومنتصر على الموت، نعم سنسير في درب الخلاص. الكلمة