يمضي عام كامل بكل آلامه وأحزانه وانهار الدماء والخراب الذي حلّ بسورية، ويأتي عام جديد، ويتنافس الجميع على افضل ممثل ومن هي شخصية العام الى افضل برنامج تلفزيوني وإلى أهم خصر راقصة شرقية لهذا العام ولن استغرب ان نصل الى بائع فلافل العام.

كل عام والهلال الأحمر الحلبي بخير بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية

يمضي عام كامل بكل آلامه وأحزانه وانهار الدماء والخراب الذي حلّ بسورية، ويأتي عام جديد، ويتنافس الجميع على افضل ممثل ومن هي شخصية العام الى افضل برنامج تلفزيوني وإلى أهم خصر راقصة شرقية لهذا العام ولن استغرب ان نصل الى بائع فلافل العام.

هذا هو الاعلام الذي اصبحت مساحة الجدية فيه صغيرة، يسلط الضوء على سفاسف الأمور وتفاهاتها.

هذا العام اقتربت من مجموعة الهلال الأحمر بحلب والتي كنت اعتقدها فقط من نوع "البريستيج"، فاكتشفت خلال هذه الاشهر الطويلة من العام – الذي اصبح سابقا – كم كنت مخطئاً.

بلباسهم الأحمر وقلوبهم البيضاء، كانوا البلسم لجراح الوطن.

شباب بعمر الورود، غالبيتهم طلبة جامعيون او حديثوا التخرج، ومن كل زاوية من زوايا البلد، حملوا بابتساماتهم كل هموم الناس، ووصلوا ما انقطع بين شرايين الجسد. وعندما اقول انهم شباب فأقصد أنهم من الذكور ومن الاناث.

تعبوا كثيرا واتهمهم الجميع من كل الأطراف بموالاة الطرف الآخر.

تتقطع خطوط الكهرباء فيهبّوا ليتوسطوا بين الاطراف لإصلاح الأعطال فيتهمهم طرف باصلاح الكهرباء للمسلحين والطرف الآخر باصلاحها للكفرة.

يركضون للتأكد من أن المياه التي نشربها ستكون معقمة بالمواد الضرورية التي ينقلونها ضمن عشرات الكليومترات المحفوفة بالمخاطر، لا لشيء إلاَ لكي نشرب نحن – عندما نستيقظ مثقلين بالنوم في اعيننا – ماء معقماً.

ينقلون الطعام واللباس الى السجناء في السجن المركزي، تقف سيارات الهلال على مسافة بعيدة من السجن، حيث ينقلها هؤلاء الأبطال المتطوعون على أكتافهم إلى داخل السجن في ظروف تحف بالاخطار القاتلة – وكم من مرة اصيبوا بالرصاص – كما تحف بالظروف الجوية المتنوعة من السيئة الى الأسوأ.

يخلون الجرحى وينتشلون الجثامين ويفاوضون ويتابعون تعليم الأولاد ويهتمون بالنواحي النفسية للناس.

وعند المساء يجتمعون في مبناهم وفي غرفة أخيهم الأكبر وأخي هائل عاصي مدير الفرع، والذي لمست كيف يتعامل معه كأخوة له يهتم بكل فرد منهم، أحبهم فبادلوه بالمحبة الكبيرة ويجتمعون على مائدة طعام – شاركتهم بها عدة مرات – فكانوا يتبادلون الضحكات الصادقة والنابعة من قلوبهم، وهم يتذكرون الاحداث التي مروا بها.

عملتم بصمت في الوقت الذي تسبق الكاميرا التلفزيونية كل خطوة من خطوات المسؤولين في أعمالهم التي اخجل ان اقارنها بكم.
بوركت يا فرع حلب من مجلس ادارتك رئيساً وأعضاءاً ومديراً

بوركتم أيها الابطال الذين تعلمت منكم الأمل بسورية المضيئة.

أنحني أمام كل واحد منكم، لقد كبرتم باعمالكم وصغرنا بتفاهاتنا.

سموتم بتواضعكم وانحدرنا بتناطحنا على المناصب.

أقبل أياديكم وجباهكم التي ستخلد اسم سورية

شكرا أخي هائل عاصي لكل ما تقوم به

كم نشعر بأنفسنا اقزاما امامكم

سيكون هلالكم الأحمر السوري منارة العام وكل الاعوام

الهم اشهد اني بلغت