彡الأديبة مريانا سواس 彡
‏كنت أرافقها ….جدتي ..تلك الشبيهة بحلب ..تلك الرائحتها صابون الغار ..تلك التي عبق قهوتها ذكرى حكايا الجيرة والخلان …ورائحة مطبخها الزعتر الحلبي…

彡الأديبة مريانا سواس 彡

كنت أرافقها ….جدتي ..تلك الشبيهة بحلب ..تلك الرائحتها صابون الغار ..تلك التي عبق قهوتها ذكرى حكايا الجيرة والخلان …ورائحة مطبخها الزعتر الحلبي…

كانت تلك المعط،ّرة بحب حلب تمسك يدها المتغضنة بيدي الصغيرة وتدخلني إلى بهو الجامع الكبير في حلب بعد أن نخلع نعلينا عند بابه العتيق ..أسير على بلاط ساحة الجامع وانا فرحة أطير مثل الحمام الذي كان يطير ثم يتهدى على ارض الجامع بعد أن ينشر الهديل في فضائه .. أسير مسرعة بقدمي الصغيرة لأساير خطوات جدتي وأنا أرقب أولئك العميان الذين كانوا يتلون القرآن غيبا ..تتوقف جدتي أمام أحدهم ..تعطيه بضع ( فرتكات ) صفراء وتطلب منهم قراءة مولد من أجل شفاء أمي المريضة ياخذها بيده بعدما تدور جاهدة لتكتشف مكان يدي جدتي ..ياخذها وعصاه المستلقية على الأرض بجواره تترنح فرحا عند قدميه ..تنقل ابتهاج صاحبها لحصوله على ذلك المبلغ الزهيد ..ياخذه وهو يحمد الله على الرزق ويدعو لجدتي بطول العمر والبقاء .نتابع سيرنا لندخل مقام سيدنا زكريا . . وتقف عنده ترفع يديها إلى العلى تناجي الخالق عز وجل في عليائه لتدعو لي ولأخوتي ثم تقوم بقراءة الفاتحة على روح سيدنا زكريا
نبتعد قليلا ..يأتي من بعيد شيخ مهيب بوجه ينطق بالإيمان ..يصل إلينا ..يبتسم بوجهي ..يربت على كتفي ثم يقوم بصب قطرات من حنجور العطر ليمنحني بعدها رائحة الذكرى والإيمان …….

آآآآآآآآآآه يا رائحة الزمن الجميل ..يا عبق التاريخ ..يا روح الإيمان

اغتالوا اليوم كل شيء ..اغتالوا كل الحجارة ..دنسوا المقدسات لكنهم لن يتمكنوا من القداسة ذاتها لن يتمكنوا .. لن يتمكنوا من اغتيال الانتماء ..

يار وعة الإنتماء للوطن ..كم تشبهين الإيمان ..!؟؟؟

مريانا سواس ـ حلب