الشاعر نضال كرم لشادي نصير وعالم نوح: أصدرت بياناً عقب صدور الرواية مباشرة، كان بمثابة دعوة لقراءة الرواية والوقوف أمام مرايا الذات قبل التسرع والحكم الأولي والاكتفاء به،

ستريتش …. حقيقة الواقع….

دمشق – عالم نوح – شادي نصير

في ذاكرة الأمم تاريخ طويل من الإبداع الذي يرسم مخططا حقيقيا لنهضة البلد. ويطالعنا الشاعر والروائي السوري نضال كرم بإبداع جديد يضاف إلى المكتبة العربية والعالمية …..رواية "ستريتش" المرشحة لجائزة البوكر العالمية….

نضال كرم يرسم الأحلام ويكتب عن واقع المجتمع العربي وخصوصيته بكثير من الصدق….

ينقل آهاتنا وأحلامنا وأوجاعنا ….

ستريتش نضال كرم نقلة جديدة في الرواية السورية والعربية وأسلوب جديد في طرح الرؤى والأفكار …

وقد التقى عالم نوح بكل المحبة الكاتب نضال كرم وحاوره حول روايته وعالمه الإبداعي وجائزة البوكر

ـ ستريتش دخلت اليوم مسابقة الرواية العربية "جائزة البوكر" كيف ينظر كاتب الرواية إلى هذا النجاح الذي حققته روايته الأولى ؟

لاشك أن دخول ستريتش معترك المسابقة الأقوى والأبرز في عالم الرواية العربية لهو أمر مشجع للمضي قدماً في الكتابة الروائية، وأمر ترشيحها إلى المسابقة يعود إلى تقدير الناشر للرواية وهذا دليل على ثقته بأن ستريتش سيكون لها صدى طيباً في المسابقة،
وهي هنا " دار ليليت " التي أكنُّ لها كل تقدير واحترام ممثلة بمديرها التنفيذي الأستاذة إيمان سعيد وكل أفراد الأسرة الكريمة في ليليت، لكن، وبغض النظر عن المسابقة وما سيتمخض عنها، أرى أن النجاح الحقيقي يتجلى بالانتشار الذي تستحقه الرواية بين عموم القراء والمتلقين، وتقديرهم لأهمية ما أطرحه فيها

– بين الشعر والقصة والشعر الغنائي، اليوم تطالعنا روايتك ستريتش بإصدارها الأول في القاهرة عن دار ليليت . حدّثنا عن ستريتش ؟

ستريتش رواية الواقع الصارخ الذي يحمل كل متناقضات العصر، رواية لا يمكن تلخيصها بإجابة واحدة، ولا بديل عن قراءتها لتلمُّس كل جوانبها، الثيمة الأساسية فيها أردته أن يكون طرح موضوع جدلي وشائك، فمن المعلوم أن قضية " المثلية الجنسية " ليست بالأمر الهيّن أو السهل طرحها في مجتمع منغلق يأخذ الأمور بظواهرها، يرفض الممنوع بحكم جائر تلبية لقول الجماعة دون التفكر في حيثياته وطرق معالجته، مجتمع يهرب من مواجهة المشكلات العالقة ليزيدها تعقيداً، يرفض الشمس إن حاولت تعرية عيوبه، أمام كل هذا وغيره كتبت ستريتش، وللتوضيح فقد أصدرت بياناً عقب صدور الرواية مباشرة، كان بمثابة دعوة لقراءة الرواية والوقوف أمام مرايا الذات قبل التسرع والحكم الأولي والاكتفاء به، ومن الممكن الاطلاع على هذا البيان في صفحة الرواية على الفيسبوك، قضية المثلية ليست الوحيدة في الرواية ولكنها الأساسية، لست الوحيد الذي تطرق إلى هذا الموضوع روائياً ولكن حاولت طرحه بأسلوب مغاير ومختلف عما تم طرحه من قبل روائيين آخرين، إنه صورة الواقع كما هو دون تزويق أو مواربة، ومن الضرورة بمكان أن يعي المجتمع الهدف والرسالة التي أريد إيصالها عبر ستريتش .

ألم تفكر باحتمالات الخسارة لمتابعيك ومحبي شعرك وأدبك بتعرُّضك لهذا الموضوع الشائك في الرواية الأولى لك، ما الدافع وراء ستريتش ولماذا في هذا الوقت بالذات ؟

في الأدب لابد من المخاطرة كما لابد من المواجهة، الأدب المنكفئ عن مشكلات الواقع خاسر، وحريٌّ بالكاتب الذي يخشى من قول ما لديه أن يتوقف عن الكتابة، لم أخترع موضوعاً من بنات أفكاري لأفرضه بطريقة منفرة، هذا الموضوع من الخطورة بحيث يجب مواجهته على نطاق واسع، وليقل المجتمع كلمته فيه، الأدب تحريضي في وجهة هامة منه، ومن الواجب علينا أن ننبّه إلى مكامن الخطورة، وإن لم نقدم حلولا،ً فالكاتب، لا يمتلك عصا سحرية، وليس مطالباً بأن يحل عقدة متأصلة في المجتمع، ولكن يجدر به أن يشير إليها بكثير من العناية مع ضرورة توفر الوعي كركيزة أساسية في طريقة عرض الموضوع، يجب عليه أن يبلور أفكاره بحيث يدفع ويحرض الآخرين إلى أهمية دراسة أسباب ما يطرحه من موضوعات شائكة بمواجهته لها، للتفكر بطرق حلها بعد شيوعها، خاصة إذا خرجت عن نطاق الظاهرة وباتت تعني شريحة واسعة من المجتمع.

كان لي شرف قراءة الرواية بعمقها ومضمونها ودراستها الفلسفية والحياتية للشخصيات، هل يتأثر الروائي بأبطال من الواقع، هل ترى أن الواقع هو مخزون لأبطال الروايات في العموم ؟

الروائي يحيا ضمن مجتمع مفتوح على نماذج كثيرة متنوعة ومختلفة، وأحياناً تصل إلى درجة التناقض فيما بينها وحتى معه شخصياً، الكثير من شخصيات هذا الواقع الذي يحيا ضمن نسيجه لديها مقولات محددة وأهدافاً ترمي الوصول إليها، وهنا تأتي حنكة الروائي في اختيار الأنسب منها خدمة لروايته بحيث تدعم أفكاراً أو أحلاماً أو هواجس يحملونها هم ويعمل هو على طرحها في روايته، لا يمكن لأي كاتب أن يدّعي شخصيات رواياته ادعاءاً يُفرِغهم من واقعيتهم وحقيقتهم خاصة عندما تكون روايته تندرج ضمن الرواية الواقعية أو الواقعية السحرية، وإلا كانت روايته ضرباً من العبث ولا تؤدي الغرض الذي من أجله كتبت الرواية . -في روايتك تقصَّدتَ أن تترك الرواية بنهاية مفتوحة ، أن تترك للأشخاص فيها حرية أن ينهوا ما بدأوا به على طريقتهم، هل ترى أن هذه النهايات تخدم القارئ والشخصيات على حد سواء أم تعطي نوعاً من المسؤولية للقارئ ؟ هذا الأمر مقصود ومدروس، لأن القضية لا نهاية لها إن لم يقل المجتمع كلمته، وأتبع ذلك باهتمامه بما يجب عليه الاهتمام به، نحن في المجتمع نعاني من أزمة أخلاق بالعموم، وقد أشرت إلى ذلك في الرواية على لسان إحدى الشخصيات فيها، وهي الوحيدة التي تم رسم نهايتها ظاهرياً، ولكن لا ندري ما الذي يمكن أن يكون واقع الحال فيما يخصها . إن أزمة كهذه لا ترتبط وجوداً وعدماً بنهاية تخص شخصية أو أكثر في الرواية، لذا كان لابد من ترك بعض الخيوط مفتوحة على احتمالات متعددة وإن أتت في ظاهرها ضمن سياق السرد الروائي أو تطور الأحداث أنه تم تحديدها وإغلاقها بنهاية مرسومة وفق منطق ما هو تقليدي ومعروف.

بين السرد الروائي والنفس الشعري طيف استطعت أن تمازج بينهما في روايتك، هل ترى أن هذا التمازج يثمر نسجاً أدبياً يخص الأديب نضال كرم ومن المفيد لفت نظر المتلقي والناقد إليه على حد سواء ؟

هذا أمر يعود تقديره وتلمسه إلى جمهور القراء والمتابعين والمهتمين، ولن أقول النقاد، فالساحة الثقافية في سورية تكاد تخلو من النقاد، وهذا عيب كبير أول ما يحصد نتائجه الكاتب نفسه، النقاد موجودين ولكنهم منكفئون ولا أدري ما السبب، وربما لهذا السبب كان التوجه لطرح الرواية في مصر لكي تأخذ بعدأ أكبر خاصة وأن الموضوع المطروح يخص الواقع العربي عموماً وإن كان قد تم تصويره على أنه محصور ضمن جغرافية سورية مع العلم أنه تم استعراض نموذج عربي من ضمن شخصيات الرواية، وكان بطلب خاص من صاحب الحالة شخصياً، وقد وجدت أنه من المفيد التحدث عنه ضمن السياق، وبالعودة لسؤالك أقول إنه من الضرورة بمكان أن يحقق الكاتب تفرداً وتميزاً خاصَّين . -في روايتك نوع من الدخول إلى عوالم مغلقة من حياة المثليين و الحياة المغلقة لكثير من شرائح المجتمع، هل تعتقد أن عصر الانفتاح في المواضيع بدأ ؟ سبق أن تم تناول هذا الموضوع عبر أعمال روائية عديدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى في عصر الميديا الذي نرقبه عن كثب ونتابعه ونتأثر به ويدخل كل بيت في الوطن العربي، بات الأمر مطروحاً وليست المشكلة بالتطرق إليه بل بالهدف والغاية من طرحه وكيفية عرضه أيضاً، لا أظن أن طرح الموضوع مازال يعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء التي تفننت جهات الرقابة بوضعها و جزّ عنق كل نص أو عمل إبداعي يتخطاها، المسألة ليست هنا، حتى أن الجهات الرقابية باتت تسمح بالكثير مما كانت ترفضه سابقاً، وهذا دليل على أن الكبت لم يكن مجدياً وحصر الإبداع جلب مآسٍ و ويلات على المجتمع، آن لنا أن نواجه عيوبنا ومشكلاتنا وقضايانا بكثير من المصداقية، وأن يكون الهدف من المواجهة هو الحل وليس تنمية الأخطاء أو إهمالها لكي تعبث بالأجيال القادمة، يجب التركيز على الوعي الجمعي وتنميته، وإن الأعمال تنال التقدير والاحترام من مراعاتها للذوق العام، وعدم الالتباس فيها لدرجة أن نسمح بخدش الحياء العام، وهذا واجب.

هناك ديوان جديد تتحضر لاطلاقه بعد روايتك ستريتش هل تحدثنا ولو قليلا عن نتاجك الشعري وما هي المواضيع والرؤى الجديدة التي تقدمها في نصوصك ؟

العالم في تغير مستمر وللأسف نحو الأسوأ، إن حاولنا التركيز على الإنسان كموضوع أساسي لاسترداد ما تم فقده منه فهذا أمر غاية في الأهمية، لذا أبدو أشد حرصاً من ذي قبل على إيلاء موضوع الإنسان كمادة أساسية في الشعر، وكل نص أكتبه مهما كان لبوسه أو تصنيفه أدبياً . كل ما يتعلق بالإنسان يعنيني، ويشدني لألجه دونما تباطؤ أو تأخر، لأن القضية الأولى والأخيرة يجب أن تكون الإنسان، فهو المعول عليه في كل ما يخص مناحي الحياة، خاصة بالنسبة للأجيال الفتية والتي سيكون لها المستقبل.

– وماذا بعد ستريتش ؟

انتهيت مؤخراً من كتابة روايتي الثانية، ولكن لن أدفع بها لأي ناشر قبل أن تكون ستريتش قد أخذت حقها من الاهتمام، كما أنني بحاجة لأعرف صداها عند جمهور القراء والمتابعين.