لقاء مع الباحث نضال حيدر و شادي نصير
- يونيو 9, 2011
- 0
لقاء مع الأستاذ نضال حيدر، مؤسس المتحف الدائم للتراث السوري في المركز الثقافي لقرية عين البيضة… العشرات .. بل المئات من الأدوات والأشياء القديمة.. الموغلة في القدم أو شبه حديثة تتكلم عن ماضينا البعيد والقريب.
يسر موقع عالم نوح أن يستضيف من ريف اللاذقية أحد الأسماء المهمة في مجال البحث والتوثيق في الساحل السوري ألا وهو الأستاذ نضال حيدر، يعمل على توثيق الذاكرة البصرية التراثية من خلال المتحف الدائم الذي أقامه في المركز الثقافي في عين البيضة، وللحديث عن هذه التجربة وهذا البحث كان لنا لقاء معه في متحفه و قد أجرينا معه اللقاء التالي :
إذن الصحفي شادي نصر للقاء و الصحفي يزن كركوتي للإعداد والتصوير.
بداية، أنت اليوم توثق لذاكرة بصرية تمتد لفترة زمنية بعيدة في التراث السوري، حدثنا عن الفكرة وكيف بدأت لتأسس هذه المجموعة الكبيرة من الأعمال التراثية ؟
أنا ابن بيئة ريفية وابن لأبوين فلاحين وعشت معهم الحياة الريفية بكل ظروفها ثم تعلمت في مدارس اللاذقية وتخرجت من دار المعلمين وقدر لي أن أذهب إلى اليمن كمعلم , فعندما دخلت مدينة صنعاء لفت انتباهي أن مدينة صنعاء تقسم إلى قسمين، قسم تراثي قديم ذو طوابق كثيرة وإذا ما لاحظنا نجد كل بناء فيه عبارة عن لوحة فنية بحد ذاتها ، وقد تمكن الأخوة اليمنيون أن يحتفظوا بالصنعاء القديمة والسور القديم وبنوا البناء الحديث خارج مدينة صنعاء وهذا ما جعل السائح يتمسّك بالصنعاء القديمة لأنك ما ترى فيها من بناء وزخارف وعقود على النوافذ هي لوحات تصدح بالماضي وتمسّك بها السائح إلى درجة أنه لم يهتم بالكتل الإسمنتية الحديثة ، حتى أني سمعت أن مدينة صنعاء أصبحت من المدن المسجلة في الأمم المتحدة كمدينة تراثية ، وهذا ما ذكرني بقرية التي أيضاً تصدح بالماضي وخابية الزيت ومعصرة العنب ، لذلك كان لا بدّ لي بعد أن عدت من صنعاء أن أجسّد هذا التراث وأتمسك به لأن كل بين في الساحل السوري كان متحفاً بحد ذاته وكل الأدوات التي تراها الآن يمكنك أن تجدها في أي بيت كان .
هناك أدوات كانت تستخدم قديماً ولكن مع التطوّر تغيّرت هذه الأدوات، كيف استطعت الحصول عليها ؟
إن الإنسان إن أصرّ على شيء لا بدّ أن يصل إليه لذلك فأمام إصراري و إيماني بأن هذا التراث وهذه الذاكرة الشعبية يجب ألا تنطفئ ويجب أن تبقى شعلتها موقدة تمكنت بذلك من جمع هذا الكم الكبير من التراث والذاكرة وجسدته في هذا المتحف الذي افتتح من قبل السيد وزير الثقافة بتاريخ 14-5-2009 فآليت على نفسي أن أضيف كل يوم قطعة جديدة إلى المتحف وإن لم أستطع الحصول على قطعة في كل يوم فانا واثق بأني سأضيف سبعة قطع في نهاية الأسبوع وهذا ما أغنى هذا المتحف .
نلاحظ أن المتحف ينقسم إلى قسمين، قسم خاص بتراث يمتد لمات السنين وقسم خاص بالذاكرة البصرية للمائة السنة الماضية، ماذا تحدثنا عن الفرق بين الحديث والقديم أم أن هذه القطع هي امتداد للقديم عبر الحديث ؟
سألتني إحدى الصحفيات منذ فترة عن كيفية تقييمي للقطعة إن كانت تراثية أم لا، وأنا أرى أنّ غرض اليوم هو تراث الغد وكلما أوغل في القدم كلما ازدادت أهميته ، لذلك فالأدوات التي تصنع اليوم تكون تراثاً للمستقبل ويجب المحافظة عليها .
هناك قسم خاص بالأزياء التراثية، هلاّ حدثتنا عن هذا القسم وكيف تمكنت من تحديث عمر اللباس المعرض ؟
الحقيقة أن الأزياء الشعبية جمعتها بطريقتين إما عن طريق أهلي الذي بالطبع كانوا يستخدمون هذا اللباس وبالنسبة لللباس الذي لم استطع الحصول عليه فصراحةً استعنت بخياطة قديمة تعي هذا اللباس وتعرف تماماً كيفية تطوره ونلاحظ ذلك من خلال لباس العروس المعروض وكيف تتطوّر عبر الزمن وهذا اللباس موثّق بصور فجسدناه بحقيقته تماماً لأنه يعبّر عن ذاكرتنا وتراثنا ويجب نقله كما هو تماماً .
كم أخذ منك المتحف وقتاً لتجهيزه؟
الوقت والجهد ليسا مهمين ولكن المهم أن نستمر وأن نصل إلى البداية.
ما الوقت الذي استغرقه منك تجهيز هذا المعرض بهذا الشكل المتكامل ؟
بالنسبة للوقت والجهد ليسا مهمين بل المهم أن نستمر وأن نصل وإن شاء الله فالنقل أننا اقتربنا من البداية .
هناك جزء من المعرض يضم بعض الأعمال اليدوية من اليقطين من عملك أنت؟، ماذا تحدثنا عن هذه الأعمال ؟
كما قلت أنا ابن بيئة ريفية وأعيش في حقولها وأمتزج مع ترابها، ففي الحقول عندما أريد أن أقلّم شجرة وأقص إحدى أغصانها فانا أتأمل هذا الشكل ولا أريمه فإن كان له شكل فني جميل احتفظت به ، و اليقطين قد يكون له أشكال فنية جميلة ومن الممكن أيضاً أن تتدخل فيه أنت لتصنع الشكل الذي تريده إن كان طيراً أو شجرة أو أي شيء آخر ، وهذا ما نلاحظه في مجموعة أعمالي التي قدمتها في هذا القسم .
هل من الممكن أن نقول أنك بهذه الطريقة توثّق البيئة الساحلية وإمكانية تغييرها في المستقبل، أم أن هناك غاية أخرى ؟
برأيي أن البيئة أصبحت هماً كبيراً علينا جميعاً وعلينا المحافظة عليها، وهذا التلوث ما ينتج عنه من مناخات بيئية قاسية والتي تحدثت عنه في محاضرتي فهذا يؤثّر علينا جميعاً وعلى كل البشر ، لذلك لتستمر هذه الرقصات والدبكات علينا أن نحتفظ ببيئة نظيفة وخالية من كل هذه الشوائب .
لاحظنا من خلال الفلم الذي رأيناه أنك جمعت مجموعة من الأهازيج والأغاني التي اندثرت، كيف استطعت أن تجمع هذه الأغاني والأهازيج بعد زوالها ؟
بالنسبة لي أنا أعتمد على الرجال الكبيرين في السن.. فألتقي معهم ، فإن سمعت أجزاءً من أغنية من أحدهم ولم يتذكرها كاملة فغني … ألجأ إلى شخص آخر حتى أستطيع أن أكمله فأعمل على هذا الموضوع كشخص يعيد ترميم بناء قد تهدّم .
حوار: شادي نصير
تحرير: أغيد شيخو ـ جلال مولوي