الشاعرة مناة الخيّر ولقاء مع شادي نصير: وأرى أن الشعر ليس لغة لكنه وسيلة، وليس صوراً لكنه أحد أوجه الصورة، وليس أفكاراً لكن الأفكار أعمدته

اللاذقية ـ شادي نصير ـ نوح حمامي

 

لقاء مع الشاعرة مناة الخيّر

لها إسهاماتها الخاصة في كتابة الشعر وهي تعتبر الشعر أهم ما قدمت في الإبداع الأدبي إضافة إلى رواياتها المتميزة، شعرها كشلال ماء عذب يجعلك تعش تفاصيل اللحظة بجمالها الخاص وقد كان لموقع عالم نوح هذا الحوار:


* كيف تتوق الشاعرة مناة الخيِّر الشعر وهل ترى من فرق بين الشعر الحر والشعر العمودي، وهل من حالة خاصة تقارب بينهما لنحصل على حالة شعرية خاصة وكيف تتوق الشعر؟

تذوقي للشعر موقّع، أي أنني أتذوق الشعر الذي يحوي موسيقى، فأنا أتعب عند قراءتي للشعر الفاقد للموسيقى الشعرية، ولا أرى أن قصيدة النثر أو الشعر الحر فاقد للحالة الشعرية في حال أنه احترم الحالة الإنسانية التعبيرية في أرقى درجاتها، وأرى أن الشعر ليس لغة لكنه وسيلة، وليس صوراً لكنه أحد أوجه الصورة، وليس أفكاراً لكن الأفكار أعمدته.

* كيف ترين التجديد الشعري من حيث الصياغة والرؤية الهيكلية للقصيدة؟

لا أرى مانعاً في التجديد في الهيكلة الجديدة للقصيدة، طالما أنه يبقى ضمن إطار هذا الفن، وقد تُسقطُ الغابة أوراق أشجارها، لتزهر أوراقاً جديدة، لكنها لا تتخلى عن الأشجار، و إلا فلمن تعود كغابة. والجمال مشترك بين المؤدي للفن (كاتب، مسرحي، موسيقي… إلخ) وبين المتلقي، ولا وجود للكتابة الفردية (على سبيل المثال)، فلربما يأتي يوم ما وتُقرأ هذه الكتابات على بعض الأشخاص.

* هل ترين أن الفن الشعري يقاس بالأعمار؟

الفن لا يقاس بالأعمار ولكن بالتجارب الشبابية، لكن الثقافة والإضافات الثقافية والمعرفية هي التي تصقل العمل الفني والموهبة، فما يبقى من العمل الفني هو (ما أضيف إلى هذه التجربة من جديد)، وما عدا ذلك يضيع مع الزمن، فتلك الإضافات (البصمة) هي التي أرَّخت الفنانين الكبار عن غيرهم من الآخرين.

* من خلال حالة الشاعر الخيالية الخاصة، ماذا يضيف للمتلقي؟

عندما نكتب يجب أن نكتب لقارئ مفترض، حتى وإن لم يُنشر ما كتبنا، يجب أن نصل إلى حالة رضى مشتركة بيننا وبين القارئ المفترض، فمهمة الشاعر إضافة الجديد والجميل للأشياء التي تحيط به، لأن الشعر هو (الحلية الجميلة).

* تكتبين بأسلوب خاص وبلغة جذلة وروحاً مميزة فتستخدمين تعابير وتراكيب خاصة تمزجين بها رقة وصلابة البحر ضمن نص شعري له حالة خاصة كيف تقومين بها الدمج السحري؟

لا أفتعل اللغة العربية الرائعة، بل هي التي تفتعلني، فهي تتغلغل فيني، و أنا لا أبحث عن ألفاظ، إنما هي تخرج تلقائياً، أنا شخص ترابي، والماء يكملني لأصبح من طين، وعلنيا أن نستخرج ما بداخل الشعر من طاقات، فاللغة الشعرية عليها أن تكون هذا وذاك، أن تكتسب الرقة والقوة، الحركة والصلابة، دون أن يتناقضوا، بل أن ينسجموا بشكل سلس و عفوي، والشعر ليس حالة خاصة، بل هو تراكم حضاري وفكري وثقافي، وهو صلة وصل بين الشاعر والمتلقي، أعتقد أن الشعر وجد ليُغنَّى، وهذا الغناء كان لتبديد الوحشة والتعبير عن النفس، فأنا لا أرفض الشعر الحر، لكني أرفض هذا الاستعجال في روح الشباب، فعليه أن يدَّخر هذه الطاقات لتعطي في المستقبل الوقود لتكرس القصيدة كاتبها كشاعر، للشباب حق التجربة والاختيار، لكن عليه أن يعمل على قصيدته بتأن كي لا يصبح كالزهور الموسمية في يوم من الأيام.

* هل ترين أن الشعر السوري بدأ يأخذ مكانته بشكل ما في الشعر العربي؟

بشكل ما فتح باب لذلك على الأقل، ربما سيعبر من هذا الباب الشيء الحقيقي وإن كان قد فتح بأيدي غير حقيقية ولنفترض أنها لا تستحق وهذا الشيء الايجابي.

* في نهاية القرن الماضي أنتجت فورة إبداعية شعرية هل ترين أن الظروف تخلق جيل الشعر؟

هناك عدة عوامل تخلق الشعراء وتصنع هذه الحالة والشعر أولا وأخيرا كما قال هيجل "الشعر يوجد بالفعل وليس بالقوة" وأنت تستطيع أن تصنع وزير بقرار ولكن لن تستطيع أن تجعله شاعر وهذا ما نعانيه مع الشعراء الشباب الذين يعانون من مشاكل عاطفيه تولدهم شعراء.

* ما هو سبب الاختصار الكثيف في القصائد؟ والمواضيع التي يرسم من خلالها الشاعر قصائده؟

أصبح الذوق العام المتقبل للقصائد يميل إلى الاختصار والموضوع البسيط وهناك نقطتان مسؤولتين عن هذا الواقع فهناك ضعف عام عندنا إذا لم نقل اضمحلال، ويعزى هذا لوجود التلفزيون وهذا بكل أسف وكلام غير صحيح لأنك تقرأ عن كتاب نشر في لندن وفي طوكيو لكاتبة يابانية وأعيد طباعته ستين مرة خلال عشر سنوات فهي تجد من القراء ما استوجب طباعتها واليابانيين هم أكثر شعوب تعمل ونحن شعب لم تعد القراءة عندنا قيمة، ما دامت الشهادة والثقافة عندنا تقتنى وتشترى بأساليب عديدة، يقال أن البضاعة السيئة تطرد الجيدة وهذه مشكلة نعاني منها ولو بحثت في أي مكان أنت لا تشاهد شخص عادي يقرأ الكتاب والمشكلة في الجمهور، نحن علينا من نتعاطى الكتابة وعلينا أن تمسك بيد القارئ باتجاهك ونرفعه باتجاهنا وليس أن ننزل إليه وهذا المسح التجارية والاستعراضية التي تطفو على سطح المجتمع تغلف كل الأشياء لم يعد هناك شيء حقيقي لم تعد المعرفة كمعرفة ولم تعد شخص يقرأ فقي كل العالم لم تغني وسائل التطور من استخدام الكتاب، نحن ندخل في نفق معتم وفي النهاية لا بد من الاهتمام بالبشر وليس الحجر.

 

 

* الزمان والمكان في الرواية التي تكتبينها يختلط بين الماضي والحاضر؟ ماذا تريدين القول في الرواية والتي هي اهتمام ثاني بالنسبة لك بعد الشعر؟

الزمن والمكان يختلطان حتى في الشعر ومن خلال النسبية تنظر لها وهي تغير كل شيء وتتحكم وإذا استطعت أن تمسك بخيط النسبية تصبح الدقيقة سنة والسنة دقيقة وهذا أمر مفروغ منه وإذا استطعت أن تكثف وإمساك اللحظة الهاربة بحرارتها وصدقها وتدفقها وتستطيع أن تشتغل عليها وإذا تركتها لفترة تفقد بريقها ولا تعود متوهجة فموضوع الزمان موضوع هو حالة الدخول في النسبية فكل شي نسبي هو بنسبية الزمان والمكان وعندما تنظر إلى حالة محددة وصغيرة على أنها ضخمة تشعر بأنك سقطت في الهوة إلا أن تكون هذه الحالة بتوهجها فأنت تقتطف من الزمن برهة معينة وهي لحظة لقاء وفرح وحزن وتستطيع أن تحولها إلى لوحة سواء بالكلمات أو بالشعر أو بالرواية وإذا لم يتخلل العمل الإبداعي هذه النقاط المتوهجة يكون فارغ وإذا لم يهزك العمل الذي تكتبه فلن يهز الآخرين.

 * اليوم نرى الرواية تتخبط بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً والشعر؛ أين مخطط الرواية العربية وهل الجوائز تحقق من مصداقيتها عربياً؟

لا شك أن هناك نقلة ومهمة في الرواية العربية وأصبحت لها حضور عربياً وعالمياً ولكن لا نزال بحاجة، ويقول النقاد الرواية ليست عربية وإذا عدت إلى نشأتها فانك تراه في العالم العربي فنحن خسرنا الحكاية فهذا التجريب اعتقد أن الحالات هي حالة من حالات الانتكاسات الثقافية والعسكرية، ففي الفترة الفاصلة بين الحربين العالميين فإذا أصبح لديك عدد كبير من الينابيع لا بد لها من وقت لكي تستقر وهي الآن تتخبط وهذا التخبط لا بد منه ليولد مولود جيد ونستفيد نحن من جميع المعطيات التي لدينا ليولد لدينا نتاج مهم.

* ما هو الجديد في المسرح القومي والتي أصبحت مديرة له منذ وقت قصير؟

في الثلث الأول من القرن الماضي كان هناك نقص في الكتابات ولكن الحركة مستمرة فلدينا مهرجان ميلودراما ونحن بصدد استعادة المهرجان المسرحي في اللاذقية ونكثف جهودنا لأنه يعيد إلى اللاذقية دورها الإنساني والحضاري والمعرفي.

شادي نصير