وفي لقاء مع جلال مولوي، الشاعر مصطفى عبطيني: الشعر أو أي فن لا يعلّم وإنما يصقل, فلا يمكن لأي إنسان عادي لا يمتلك موهبة أن يدرس موهبة ما أو يحاول إيجادها في نفسه إن لم تكن قد وجدت أصلاً داخله

أصدقاءنا في عالم نوح اليوم نلتقي مع قامة شعرية تميزت في بلاد الاغتراب وعادت لأرض الوطن لتندمج مع الوسط الأدبي السوري, دعونا نرحب بالشاعر الأستاذ مصطفى يونس عبطيني الذي حاورنا قائلاً:


لمن يود التعرف عليك نود سؤالك, من هو مصطفى يونس عبطيني؟

أنا من مواليد محافظة حلب 1964 , درست حتى نهاية المرحة الإعدادية و لم أكمل دراستي بشكل رسمي , لكنني حاولت جاهداً تثقيف نفسي لكي أتمكن من الحصول على قدر من الثقافة تخولني بلوغ مراتب التطوّر و الحمد لله استطعت القيام بذلك وأنا الآن على دراية واسعة بعلوم اللغة العربية , أكتب الشعر و مؤخراً قمت بكتابة وتلحين الأغاني.


هلا حدثتنا عن بداياتك كشاعر؟

الشعر دائماً يخلق في جينات الشاعر, و الفن يخلق في جينات الفنان, فأنا والحمد لله خلقت وأنا أحب الشعر فمنذ أن كنت طفلاً صغيراً و أنا أهوى سماع الشعر و في المدرسة تميزت بأنني أحفظ الشعر بشكل جيد كالأناشيد المدرسية بالإضافة إلى أنني أجيد فن الإلقاء, عندما كنت في الصف السادس الابتدائي أردت أن أجرب كتابة الشعر, لكن المحاولة الأولى لكتابة الشعر بشكل فعلي كانت عندما كنت في الصف الثاني الإعدادي فبدأت الكتاب و إلى الآن أحتفظ بجميع القصائد التي كتبتها منذ ذلك الحين, كل الدفاتر القديمة مسوّدة أو مبيًضة كلها موجودة حتى الآن و دائماً أراجعها للاستفادة من أخطاء الماضي وإلى الآن أبتسم عندما أرى كم كنت أقع في أخطاء لغوية و هذا لا أعتبره عيباً لأنني استطعت اجتياز مرحلة الأخطاء منذ أمد بعيد , أحب أن أقول أنه على كل مجتهد أن يتواصل مع المادة التي يجتهد بها سواءاً كانت فنية أم أدبية لأنه سيتجاوز أخطاءه و يتعلم كثيراً و أعتقد أنه سيصل إلى مرحلة يشعر فيها بالرضا على نفسه وعلى فنه و أظنني اقتربت من الوصول لهذه المرحلة.


هل تعتقد بأن الشعر يمكن أن يعلم أو أنه كما قلت سابقاً يكون في جينات الشاعر؟

الشعر أو أي فن لا يعلّم وإنما يصقل, فلا يمكن لأي إنسان عادي لا يمتلك موهبة أن يدرس موهبة ما أو يحاول إيجادها في نفسه إن لم تكن قد وجدت أصلاً داخله, فالفنون لا تدرس و الجامعات لا تخرج رسامين ولا شعراء ولا موسيقيين إنما هذه ميزات ومواهب خلقت مع الإنسان, إنما المدارس والمعاهد و الجامعات تطوّرها و تصقلها و هذا الأمر مهم أيضاً .

كما نعرف أن بعض الشعراء يتفوقون في إلقائهم و بعضهم يندثرون بسبب إلقائهم, ما رأيك بملكة الإلقاء بالنسبة للشاعر ؟

الإلقاء له دور كبير جداً في نجاح القصيدة فإن كانت القصيدة جميلة والإلقاء سيء فسيمحى جمال القصيدة، فالإلقاء يعتبر فناً بذاته يعتمد على الجرأة .

هناك بعض الشعراء يمنحون قصائدهم إلى "فناني إلقاء" إذا صحت التسمية لكي يلقون لهم قصائدهم , هل أنت مع ذلك؟

أنا مع ذلك إذا كان الشاعر لا يجيد الإلقاء فمن الأفضل له أن يترك القصيدة لغيره ليلقيها وهذا ليس انتقاصاً له فالشاعر عليه أن يكتب الشعر و نحن لا ننتظر أن يقرأ شعره علينا بل نقرأه نحن, المتعة بالنسبة للسامعين هي في جمالية القصيدة والإلقاء فإذا كان الإلقاء سيئاً فالقصيدة لن تلقى صدىً جميلاً لدى المستمعين .

هل يمكننا أن نقول بأن إلقاء القصائد للشعراء بأنه في جديد مستحدث؟

إن إلقاء غير الشاعر لقصيدة الشاعر يمكن اعتباره نوع من أنواع الفنون, يمكننا أن نقارن بين هذا الفن وفن الخطابة فهي ليست شعراً و لكن الإبداع فيها يعتمد على الإلقاء و جودة الملقي فهو الذي يجذب اهتمام الناس .

هل من الممكن بالنسبة للشاعر أن يطوّر نفسه كملقي للقصيدة؟

من المفروض أن يعمل الشاعر على إتقان فن الإلقاء و مما يساعد في ذلك الإلقاء بصوت جهوري فيطور إحساسه المرتبط بقصيدته نفسها. يجب إذن أن يواكب مسار القصيدة بحالته النفسية فلا يمكن أن أقول قصيدة هجاء وأنا أبتسم …الخ , ومن هذا المنطلق يجب على الشاعر مواكبة محتوى قصيدته.

يتطور الإحساس لدى الملقي ليكون حساً و هو ارتباط الملقي بكل كلمة تقال , ما مدى تأثير ذلك على القصيدة؟

دعني أقول أن لنبرة الصوت و نوعية الإحساس التي يشعر به الشاعر يجب أن يرتبط ارتباطاً جذرياً مع القصيدة فالصوت له تأثير كبير على المتلقي . و منه فتطوير الإحساس إلى حس يزيد من جمال الإلقاء, فهناك الكثير من الشعراء ممن اشتهروا بإلقائهم بغض النظر عن جودة قصائدهم فقد سحروا المتلقين بإلقائهم و منهم الشاعر الكبير نزار قباني و الشاعر المميز محمود درويش و المبدع عمر الفرا , فالانفعالات التي يعيشونها أثناء إلقاء قصائدهم هي التي تجذب الناس إليهم .

ما رأيك بالذين يكتبون باللهجة العامية؟

أنا لست ضد من يكتب باللهجة العامية فيمكن أن لا يمتلك بعض الأشخاص الدراية الكافية باللغة العربية الفصحى ولكنهم موهوبين في صياغة الشعر العامي فلنعتبرها إذا أردنا لغة من لغات العالم كالإنكليزية أو الأرمينية أو أية لغة أخرى ولندع الناس تكتب بها فطالما هناك إبداع و أقصد الكلمة الجميلة بفكرتها و بوزنها فلا ضير من ذلك, لكن من الأفضل إن كان الشخص يكتب باللهجة العامية أن يكتب بالفصحى أيضاً أو أن يجيدها على أقل تقدير.

ما رأيك بما يسمى بـ"القصيدة النثرية" ؟

أنا لا أتفق مع تسميتها فقط ولكنني مع مضمونها فالشعر هو الكلام الذي يتمتع بالوزن والقافية و دون ذلك لا يمكننا تسميته شعراً و أن نطلق على وحدته قصيدة فلنجد لهذا الفن اسماً آخر.

وللحديث بقية..

لقاء وتحرير جلال مولوي