دمشق ـ شادي نصير:
يمتشق القلم ويجلس في زاوية المقهى، يرسم خطوطه الطولية والعرضية، يبتسم لك ومن ثم يعود إلى ورقته، ليضع خطوطاً إضافية، وعند اكتمال ما يقوم بعمله يكون وجهك مطبوعاً على ورقة بيضاء تظللها خطوطه.

الفنان الشاب أحمد بندقجي

دمشق ـ شادي نصير:
يمتشق القلم ويجلس في زاوية المقهى، يرسم خطوطه الطولية والعرضية، يبتسم لك ومن ثم يعود إلى ورقته، ليضع خطوطاً إضافية، وعند اكتمال ما يقوم بعمله يكون وجهك مطبوعاً على ورقة بيضاء تظللها خطوطه.

أنامله السحرية جعلته أصغر رسام بورتريه في دمشق، ورغم صغره إلا أنه احترف الفن، فهو يعيش حلمه في أروقة كلية الفنون الجميلة في السنة الرابعة، قسم الإتصالات البصرية إنه الفنان أحمد بندقجي الذي كان معه الحوار التالي:

ـ متى اكتشفت موهبة الرسم وأنك قادر على نقل صورة الشخص الذي أمامك إلى الورق؟
في المرحلة الثانوية وتحديداً في الصف الحادي عشر، كنت أقوم برسم الأشخاص الكرتونية… يومها لم يكن عندي أي فكرة عما أقوم برسمه وأنه يعتبر تصويراً، فقد كنت أقوم بتصوير ما تراه عيني برؤيتي وبما أراه مناسباً إلى شكل على الورق الأبيض.
كان يفاجئ من حولي الطلاب والمدرسين ويبهرهم مقدرتي على نقل الصورة أو الشخص بشكل مطابق له إلى الورق، وبعدها نصحني والدي بأن ألتحق بمركز "أدهم إسماعيل" للفنون التشكيلية، وسجلت ومن خلال طلب المدرسين في المعهد لي أن أقوم بتصوير بورتريهات… وبدأت مرحلة جديدة في الرسم وأعتبرها كانت مرحلة تدريب على تقنيات الرسم.
في البداية كان هناك صعوبات جمة في نقل الأشكال بحرفيتها، ومع استمرار التدريب استطعت أن أنقل صورة الشخص الذي أرسمه طبق الأصل، ونصحني المدرسين بأن أخذ المقاييس الحقيقية للشكل ومناسيب الشكل بالنسبة للتشكيل العالمي، وهذه القواعد ساعدتني على تطور موهبتي.

ـ ما الفائدة التي قدمها مركز "أدهم إسماعيل" في تطويرك لتقنيات الرسم قبل إلتحاقك بكلية الفنون الجميلة؟
رغم فترة بقائي في مركز "أدهم إسماعيل" القصيرة والتي لم تتجاوز الشهران إلا أنني استفدت من وجودي في المركز وطورت من تقنياتي ومهارتي في الرسم وساعدني ذلك على النجاح في مسابقة الفنون الجميلة التي هي من أصعب المسابقات.

ـ تقوم برسم الرسوم المتحركة "الكارتون" من أين أتتك هذه الرؤية ومن أين تأخذ خطوطك الأساسية؟
رسم الأشخاص الكارتونية يساعدني على تبيان الخط الأساسي للشخصيات التي أقوم برسمها، ويساعدني على إكتشاف مناطق الضعف والقوة في الشكل المرسوم، إضافة إلى أن هوسي بالكرتون منذ صغري جعلني أقتني الشخصيات الكرتونية، وأقوم بدراسة تشكيلاتها ورؤيتها وكيفية توضع الطول والعرض الخاص في كل شخصية ومحاولة دمج الشخصيات والخروج بشخصية مختلفة لها رؤيتي كرسام شاب يسعى ليكون له مكانته في التشكيل الكرتوني العربي والعالمي.
وكان فرحي كبير أثناء شرائي للألعاب الكرتونية وعندما كنت أرسمها وقتها لم أكن أعرف أنها تصوير وهكذا بدأت الشخصيات تظهر بشكلها الذي يخصني.

 

ـ إذاً هل التقليد ساهم في ابتكارك لشخصياتك الكرتونية الخاصة؟
إطلاعي على الرسوم الكرتونية الأنيميشن جعلني أرسم الشخصيات وأبتكر خطوطي الخاصة وساهمت هذه الرؤية على تخصيب خيالي، وكنت قد تأثرت بشخصيات "المنغا" اليابانية التي اجتاحت العالم العربي والغربي برؤيتها الخاصة للأشكال وتقسيماتها الحركية والجسمية، ولكن مع العمل المتواصل كان لا بد من اكتشاف رؤيتي التي تخصني في رسم الأشكال ومن ثم ساهم أيضاً في ذلك مشاهدتي للكرتون الأمريكي.

ـ تقوم برسم البورتريه وتتميز به حتى أصبح لك اسم خاص يميزك كرسام بورتريه حدثنا حول هذا الموضوع؟
من خلال معايتني للوجوه أبحث عن تفاصيل رؤية خاصة تميزني من حيث الظل والنور ومن حيث تقاسيم الوجه من تفاصيل الأنف إلى تفاصيل الذقن والفم والجبهة كل ذلك يساهم في تصويري للوجه من خلال رؤيتي ومن خلال خطوطي الخاصة، ودائماً أبحث عن الظل الذي يظهر اللقطة لدي التقاسيم المميزة لأي وجه.

 

                                              

ـ هل ترى أن البورتريه من أصعب الأعمال؟
البورتريه بالنسبة لعدد من الفنانين هو من أصعب الفنون ولكن بالنسبة لي هي من أسهل الأنواع كوني أبحث دائماً عما أحبه، والبورتريه هو عشقي في الرسم، أتلمس الخطوط الأساسية التي تميز الوجه وأبدأ منها في تشكيل الوجه وبعدها أوازن بين باقي عناصر الوجه من العينين والأنف والذقن وأضيف لمستي ليخرج العمل بروح خاصة تشبهني.

ـ اليوم أنت في كلية الفنون الجميلة، قسم الإتصالات البصرية، لماذا تخصصت بالإتصالات دون التصوير العام وأنت تتميز برسمك للبورتريه؟

أرى أن التصوير هو حالة خاصة يستطيع أي فنان أن يطور مهاراته فيها من خلال العمل المتواصل في الرسم ولكن الإتصالات البصرية، لها نكهتها الخاصة ولها تميزها وندرتها، فكان هذا سبب اختياري للإتصالات البصرية وأنا اليوم في السنة الرابعة أقدم مشاريع تخص رؤيتي الخاصة في الفنون الكرتونية.

ـ هل تسعى لتكوين عالم كرتوني خاص بك؟
منذ دخولي كلية الفنون الجميلة أسعى جاهداً لتحقيق حلمي بأن يكون لي شخصياتي الخاصة التي لها روحها المستمدة من الشرق من تاريخ وحضارة بلادي وأن تكون تقاطيعها ونظرتها تشبهنا كبشر لذلك أعمل على مسح الوجوه التي تقابلني بكل تفاصيلها كي أخزن أكبر قدر من الوجوه وأعمل على بلورتها واستخلاص الخطوط الخاصة التي تجعلها في مخيلتي شكلاً كرتونياً يخصني وحدي.

وفي الختام لا بد لنا أن نتمنّى للفنان أحمد بندقجي المستقبل والنجاح الذي يتمنّاه و يسعى إليه.