لقاء مع الفنان الدكتور سامر عمران
- مايو 18, 2012
- 0
الفنان الدكتور سامر عمران لعالم نوح: ما نقوم به هو تجربة نتمنى نجاحها، ونتمنى أن تقدم سينمائياً نفس الأسئلة والاستفسارات حول ما قدمته تجربة العرض المسرحي ..
لقاء مع الفنان الدكتور سامر عمران
دمشق ـ عالم نوح:
عمل على إدخال مادة فن الإيماء التقليدي في المنهج الدراسي للمعهد العالي للفنون المسرحية، وقد عُيّن في قسم التمثيل كمدرّس مواد الحركة بعد عودته إلى سورية ثم رئيساً لقسم التمثيل لمدة سنتين، وبعدها شغل منصب عميد المعهد العالي للفنون المسرحية من عام 2002 حتى عام 2006، ثم عاد كمدرس مادة التمثيل والإيماء.
إنه الدكتور سامر عمران الذي تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1991، قسم التمثيل وبعدها سافر إلى ألمانيا فدرس فن «البوثو»، وهو نوعٌ من أنواع فنّ المسرح الحركي ومن ثم حصل على منحة إلى بولونيا عام 1992، وتخرج من قسم الإخراج ثم دَرَسَ في قسم التمثيل اختصاص الإيماء والقتال الفني وتخرج عام 1998 بدرجة دكتوراه من الدرجة الأولى، وقد أنجز خلال ذلك أطروحة نظرية بعنوان «الجسد…الفراغ».
أخرج عدّة أعمال مسرحية، منها «عيد ميلاد طويل»، و«حسب تقديرك»، و«الحدث السعيد»، و«المهاجران» بالإضافة إلى مشاركته في عدد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية كفيلم "دمشق مع حبي" وقد إلتقاه عالم نوح وشادي نصير وكان معه الحوار التالي:
*بداية حديثنا معك حول وجود المسرح، هل ترى أن المسرح السوري موجود أم ان هناك تجارب مسرحية فقط؟
**المسرح موجود بشكل عام طالما وجد الإنسان ضمن جماعة، وهذا شيء أكيد، إلا أنه هناك بعض التجارب المسرحية التي استفادت من تجارب مسرحية أخرى من الممكن أن تكون موجودة فالمسرح السوري موجود وغير مقتبس.
*يقال أن المسرح العربي هو مستحدث عن المسرح الأوربي، أما عربياً فلم يعرف المسرح بشكله المعرف بل كان هناك مايسمى "بدلاً عنه" الكركوز عيواظ أو الحكواتي كيف ترى الأمر؟
**هنا الحديث يدور حول الجانب التقني، وكيفة استفادتنا من تقنيات المسرح الأوربي، من حيث تقديمه ضمن العلبة الايطالية، أو كيف قدمت العروض المسرحية بتقنياتها الأوربية وهذا الكلام صحيح، ولكن المسرح هو عبارة عن جماعة ترسل معلومات وجماعة أخرى تتلقاها، وطالما هناك مرسل ومتلقي فالمسرح موجود بشكل ما.
أما إذا كان الكركوز عيواظ والحكواتي يسمى ظواهر مسرحية في بلادنا سابقاً أو اعتبروا هكذا ولكن معاييره ليس لها بهذه التقنيات التي تحدثنا عنها.
ولا أدخل في تقييم هذه الفكرة وأترك ذلك للباحثين في تاريخ المسرح،وبكلمة أخرى المسرح موجود طالما تواجد متلقي ومرسل وطالما هناك تجربة متخصصة محترفة تعي ما تريد والرسالة التي ترسلها ومتلقي يأتي ليتلقى وهو موجود وسيبقى لوجود الإنسان.
*هل ترى أن تحويل عرض مسرحي إلى فيلم سينمائي يُسقط بعض الرؤى والمقولات الأساسية التي تناقش مسرحياً والعكس صحيح وأقصد تحويل مسرحيتك المهاجران إلى فيلم سينمائي مع المخرج محمد عبد العزيز؟
**هذا صحيح، وهنا يكمن غنى التجربة أو المغامرة ولا شك هناك أشياء في المسرحية لا يمكن للفيلم السينمائي نقلها لعلاقتها المباشرة مع الجمهور.
ولكن هناك أمور في السينما من الممكن أن تقوم بها ولا يستطيع أن يحققها العرض المسرحي وبالمقابل لا بد من أنك ستربح شيء وتخسر شيء، وربما هذه قيمة التجربة، ولا أقارن فالمسرحية هي مسرحية بما فيها من حسنات وسيئات، وبالمقابل السينما لها حسناتها وسيئاتها.
ما نقوم به هو تجربة نتمنى نجاحها، ونتمنى أن تقدم سينمائياً نفس الأسئلة والاستفسارات حول ما قدمته تجربة العرض المسرحي من حيث التجريب واختيار مكان العرض ونبحث حول الآفاق التي تفتح لنا.
*ألا ترى أن التجريب في السينما يبعد الجمهور لضحالة الثقافة السينمائية عند المتلقي بشكل عام ؟
**لا أعرف! .. ربما هذه الأجوبة من اختصاص البولوجيون للإجابة عليها، بالنسبة لي ومن تجربتي الشخصية فإن الإنسان السوري عندما تحترمه وتحترم عقله،وذائقته الفنية فهو يقبلك بكل رحابة صدر ويشاركك وتكتشف كم هو عميق ولديه قدرة على قراءة الأشياء ولو لم يوافق على كل الطروحات.
بالتالي لا أرى بوجوب وجود الجمهور النخبوي لحضور العرض، فالمسرحية يناقشها المختصون من وجهة نظرهم ويناقشها الأشخاص الغير مختصين ويناقشوها من وجهت نظرهم الخاصة. فانا لا أقدم الستاندر للجميع فمن الجميل أن تفتح المسرحية أو أي عرض الآفاق.
*نرى قلة في كتاب المسرح، ويقال بأن كتاب المسرح لابد لهم من أن يمتلكوا رؤية إخراجية لنصهم قبل الرؤية الإخراجية للمخرج، حدثنا حول الأزمة في النص المسرحي وفي وجود الكتاب، ولماذا لا نرى تبني للطاقات الإبداعية من الكتاب الشباب والاستفادة من خبراتهم؟
**أظن أننا نظلم المخرج ونظلم الكاتب هنا، فقد مر وقت من الزمن لم يوجد سوى قلة لكتاب النص المسرحي، حيث كانوا يكتبون بيولوجية أكثر مما يكتبون مسرح من لحم ودم، وهو مسرح أقرب للقراءة من الصناعة.
وعموماً هناك جيل جديد تعلم كيف يكتب وهناك خريجون من المعهد احترفوا الكتابة فقدمت الخمس عشر سنة الماضية تحول في مفهوم كتابة النص المسرحي وبدأت تظهر النتائج، وأرى أن عدم العمل عليها هو مرتبط بها بل بصعوبة التجربة الفنية، وأتمنى أن أعمل نصاً لشاب سوري، وحالياً أقوم بدراسة الموضوع وتكمن المشكلة في استثمار هذه النصوص الإبداعية للشباب إلى قلة الاستثمار في المسرح.
*نتابع اليوم ولادة نوع من المسرح يحمل معاناة الشباب وهو مسرح شبابي، كم من الوعي يتسلح به الشباب أثناء دخولهم هذه التجربة، وفي حال عدم وجوده إلى أين يتجه المسرح في هذه الحالة؟
**أوجه سؤالك باتجاه آخر فالفنان يصنع عملية افترض أنها خلاقة وعلى الآخرين تقييمها، فعلى الفنان أن يقدم الحالة الفنية، وعلى الباحث أو الناقد أن يشرحها ويعيد قراءتها ليشرح ذلك للفنان وللأسف هذا غير موجود عندنا، وأفترض أن التجربة التي قدمها أي شاب هي جيدة ولكن لا بد أن نعلمه جودتها ونرسخ مفاهيمها لتتطور، وعندما نتابع بوادر غير ناضجة أو مكتملة نقدم له النصح بان يقوم أداءه النصي بشكل ما، وألا يشعر بأن ما يقدمه له قيمة ومن ناحية يتعلم وأراها مهمة هامة ونحن بحاجتها.
*درست في ألمانيا وبولونيا وهما عالمان مختلفان من حيث النص المسرحي والأداء ومن حيث رؤية المشاهد، فألمانيا في أوربا الغربية والثانية في أوربا الشرقية، برأيك هاتان الثقافتان المتناحرتان حتى ضمن حدودهم الأوربية ماذا قدوا لك وهل أدواتك مكتسبة من إحدهما أو مشتركة من كلاهما؟
**لا استطيع الادعاء بأنني درست في ألمانيا، فدراستي كانت في بولونيا، في ألمانيا خضعت لدورة صغيرة في فن محدد بالمسرح، وبالتالي لم يكن هناك فرصة لإكتشاف المسرح في العالم الغربية ورؤية مدى اختلافه، أما دراستي الحقيقية فهي في بولونيا.
ولا أستطيع أن أصنف المسرح البولوني على أنه مسرح شرقي، فقد شاءت الأقدار أن أكون في عام 1992 عندما انهار الاتحاد السوفييتي ومشروعه السياسي، وكانت بالنسبة لي مهمة، لان ألية التفكير البولونية هي نفسها آلية شرقية قديمة ولكن التقنية هي التي تغيرت لأن البولونيون انفتحوا على العالم الجديد، وولدت هنا تيارات متناقضة فكانت فرصة لولود تجارب مجنونة وتجارب مهمة.
ومن المعروف أن بولونيا هي سباقة في الفنون وبالبحث عن التجارب الجديدة والتجارب الطليعية على مستوى الكتابة ولهذا له أثره المهم وهو رجائي أنني أبحث عن نفسي.
وهنا تكمن الآلية كيف استطيع التفكير بطريقة سورية رغم أن الأدوات في المسرح البولوني عمرها مئات السنين، وهذه الكثافة التي عشتها لا تستغرق مني الكثير لأقدمها هنا، ولكنني كسوري أسأل دائماً أسئلة متعددة وأبحث ولكن لا أعرف مقدار نجاحي في ذلك.
*هل ترى أن الإضاءة تلعب دوراً كباقي الأبطال على خشبة المسرح وتلعب معه أو هي مكملة؟
**لا استطيع أن أحسم.. كل العروض بعرض واحد، فالعرض يقرر هذا والممثل ليس عنصرا وحيداً، ولكنه جوهر العرض المسرحي، وبالتالي الإضاءة أو أي عنصر أخر له مهمة ولكن لإكمال العرض.
ولا بد لنا من أن نشكر الفنان الدكتور سامر عمران على وقته الذي منحه لنا و على فنه الجميل و أيضاً لا بد أن نتمنى لقاءه في فرص أخرى إن شاء الله.
5-2012 ـ عالم نوح