البحر عند الكاتب والفنان الياس الحاج حياة كاملة يعيشها بتفاصيلها الدقيقة، فهو عالمه السرمدي والممتع .. لقاء مع شادي نصير

البحر عند الكاتب و الفنان الياس الحاج حياة كاملة يعيشها بتفاصيلها الدقيقة، فهو عالمه السرمدي والممتع، ويسعى من خلاله إلى تكريسه أسطورته في كل التفاصيل الحياتية فهو الامتداد للأمل وللفرح وللغد المشرق وهو الذي يستحق بجدارة ما أطلق عليه خلال تكريمه عام 2000 بدرع الإبداع الذهبي، عن مجمل أعماله الخاصة في عالم البحر والإبحار في دولة الإمارات العربية المتحدة وهو لقب ربان رواية البحر التلفزيونية وله عدد من الجوائز التكريمية منها درع احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008 و درع وزارة الإعلام السورية 2008 وشهادة تقدير ودرع محافظة حماه عن إسهامه في تطوير الحركة الفنية في المحافظة 2008 والجائزة الثالثة الكبرى في مسابقة الجائزة الدولية URTI بمشاركة 54 هيئة دولية ( باريس 2009 ) و جائزة الإبداع لأفضل تأليف احترافي لعام 2009 ودرع وبراءة تقدير نقابة الفنانين في عيد الفنانين 13 عام 2009 عن جائزته الدولية URTI و كرمه وزير الإعلام بدرع وشهادة الإبداع وسبيكة الذهب في الحفل السنوي لتوزيع جوائز سباق المسلسلات الثاني 2009 و درع مجلس الشورى البحريني (2010) ومن أهم أعماله البحر أيوب والبطرني وأنشودة المطر وعلى موج البحر وقد التقاه شادي نصير لعالم نوح وكان معه الحوار التالي:

* ما هو سبب عدم معرفة الناس بالكتاب المهمين في الدراما العربية؟

على المستوى العام، العمل الدرامي يحمل اسم صاحبه وبالتالي الاسم رائج عند مختلف شرائح المجتمع، إلا انه ربما في هذه الفترة وبسبب وجود زخم كبير من الإنتاج الدرامي أكثر مما هو مطلوب في السنوات السابقة وبسبب ظهور أسماء جديدة وربما كان عمل أي كاتب في هذا العام يقتصر على عمل أو اثنين ولم يكن هناك من إعادة لأعماله الأخرى يعتقد الآخر "المشاهد" أنه غاب، وللأسف النظرة العامة لشارات العمل حول اسم الكاتب ضعيفة والاهتمام في الكاتب يأتي غالباً عند شرائح المجتمع في مرحلة ثانية أو ثالثة، المخرج دائماً يسعى لتصدير اسمه وأي كان المخرج وبالتالي عند المخرجين نقص في شخصيتهم وفي الأنا الكبرى، فالمخرج الحقيقي هو الشخص الذي يتوارى خلف النص وخلف المشهد وكوني ممثل اعرف حجم أهمية الممثل، تجاه الأنا التي تخصه وتجاه حجم الجمهور وهذا الأنا عن الممثل سواء على المستوى الاستعراضي أو على المستوى النجم وتحديد موقعه من ناحية عمل ما أو أعمال يتقاطع فيها سواء بيئي أو شعبي أو كوميدي فيتلقاه الناس ويسعى المخرج لتصدير اسمه على حساب المؤلف واعتقد أن اسمي رائج على مستوى الكاتب وأنا راض حول هذا الرواج.
* كيف تصنف ترتيب الكاتب بالنسبة للعمل الذي يقدمه النجوم في الشاشة الصغيرة؟

الكاتب هو الرقم الأول في أي عمل، والنص هو الحقيقية الأولى ولا يستطيع أحد أن يخرج عن هذه المقولة وهذا المعيار، والتلفزيون السوري بقنواته الأربع يوجه بشكل دائم لان يكون هناك حصة للكاتب ولكن يبدوا أن معدي البرامج يذهبون باتجاه النجم وأنا أحد الأشخاص الذين يعملون في إعداد البرامج، في التلفزيون العربي السوري وعلى مدار الساعة، في اليومي أو في البرامج الإسبوعية أو برامج المناسبات وما شابه، لكن الكاتب حتى ولو ظهر يبقى حضور النجم أكبر باتجاه رغبة الجمهور ولكن الكاتب الحقيقي الذي يتصدر أعتقد لا يحتاج إلى تصدير إعلامي ولكن عمله الذي يصدره أولاً وأخيراً.

وغالباً الكتاب لا يجيدون حجة الإقناع وحجة الحوار والسبب أنهم يتوارون خلف مشهدهم وخلف نصوصهم ولكن من هو القادر على نبش هذا الكاتب بجوانب عدة وهنا يسأل التلفزيون عندما يقام حوار مع كاتب له أهميته.

الكاتب هو الفكر والعمق الإنساني والفلسفي المجازي وغيره والسياسي والقومي والوطني ويحمل قيمة ليست لها حدود وتحتاج إلى محاور وللأسف التلفزيون يستضيف النجم لإمتاع الجمهور والكاتب وأي تلفزيون بحاجة لتقدير أكبر وجدية أكبر ضمن إطار ممتع وللأسف دائماً عندما تقول أن هناك فكر لا يوجد إمتاع فالجمهور يحتاج إلى متعة الفكر وهذا هدف الكاتب بكل ما يقدمه أو يعالجه لإشكاليات يتصدرها المجتمع وحتى الكاتب نفسه في أعماله.

* قدمت البيئة البحرية بطريقة خاصة وبشكل يختلف عما قدم سواء من خلال نصوص الكاتب الكبير حنا مينة، أو غيره من المبدعين، حدثنا عن طريقة تواصلك مع البحر بشكل المختلف بالطرح والتقديم؟

كبيرنا حنا مينا هو بحار شطوط لا يعرف البحر، ولم يدخل إلى عالمه وكتب عنه ولم يعرف تفاصيل البحارة أو يذهب إلى زعيم البحارة كما يذهب إلى زعيم حارة الشحادين.

ليس هناك زعيم في حكايات البحر حتى ما كتبتها في أعمالي "ريس البحر" هو ليس الزعيم الذي كتب عنه في رجل شجاع "أبو هاني" كان هناك شخصيات نجح في كتابتها كبيرنا حنا مينه ولكنها تبتعد كثيراً عن أرض الواقع وأستطيع القول أني كالبحر ومن لا يعرفني لا يعرف المد والجذر أنا ابن اللاذقية ولاذقيتي أعتقد أنها لي وحدي بكل الأنا التي املكها، لاذقيتي هي عشقي وأعتقد أنني عندما أغمض عيني، أفضي عما هناك من خلجان وصخور، فهذه اللاذقية التي أعدمها أحدهم عندما زرع رصيف المرفأ في وسطها، هي ذاكرتنا وهي عشقي في كل أحيائها.
أنا ولد مشاكس عاش طفولته مع مختلف الفئات والقطاعات من الذين قالوا عنهم زعورية إلى النبلاء بحكم وخروجي من عائلة نبيلة وأيضاً عاصرت كل الفئات والمتناقضات ومارست كل ما يخطر في البال وما لا يخطر من أعمال ومهن ومشاكسات يوميه مع الحياة حتى امتلأ مخزوني الفردي بأسماء وشخوص وعوالم ونفسيات أبطالها وبالتالي أنا شخص لديه أنا الكاتب والفنان تقول أنا خلف هذا البحر أرى ماذا يجري وهناك خلفه يوم جديد وحياة جديدة من خلف هذا العشق والذي لم استطع الانفصال عنه لأنني منذ أن خرجت من اللاذقية عام 1980 وحتى الآن أعشقها رغم أنني كتبت عن دمشق وأنا الكاتب الأول الذي كتب عن البيئة الشامية قبل أيام شامية وقبل باب الحار فكان درب التبان وكان هو أول عمل دمشقي بيئي صرف ولكنني لم استطع أن ابتعد ولو للحظة واحدة عن لاذقيتي واشعر وأنا في دمشق وأنا في منزلي بأن حقيبتي عند باب بيتي وأنني راحل إلى عشقي في اللاذقية .
* كتبت البيئة الشامية ألا ترى أنها تختلف عما يكتب اليوم ويطلق عليه البيئة الشامية ويتم تسويقه عربياً؟

للأسف ما يكتب اليوم ليست رواية هي عرض وطلب محطات تسعى لأن تكسب هذا النجم الذي تفوق في عمل ما، فالجزء الأول في أي مسلسل يحمل بعده الفكري، إلا أن الحالة أصبحت تقليدية وغيرة استسهال النجاح والوصول إلى الجماهير بسبب وجود نجوم.

هناك فنانين يجيدون الشخصيات الشعبية وذهبوا إلى تلك البيئة بطلب من المحطات وهذا شرط وبند من حق المخرج والكاتب وجهة الإنتاج ولكن للأسف كان هناك رد فعل عكسي في الشارع السوري والعربي وبقي صاحب القناة والجهة التسويقية التي ذهبت لصالح الراعي الإعلامي وهي التي تخصص في رمضان جزء كبير من الإعلان والذي يحقق المطلب المادي وتكسب هذه النجوم الشعبيين وهناك من يّغرى ككاتب وكممثلين بأن ينجزوا هذا الأجزاء وهي أجزاء دون مستوى النقد وليست دون المستوى المطلوب
* منحت لقب ربان رواية البحر التلفزيونية، حدثنا عن شعورك حول ذلك؟

الممثل هو الكاتب أولا وأخيراً، وأعتز بمنحي لقب ربان الرواية البحرية، لكن هذا الربان لا يزال يبحث عن لألئ البحر وعن مكان أبعد ضمن البحر ولا يزال يبتعد عن الشاطئ لان ليس لديه رغبة أن يموت على الشاطئ، حلم هذا الربان أن يموت في عرض البحر والعمق وهذا اللقب يحمله مسؤوليات جمة أهمها الولوج إلى العمق الإنساني والفكر الذي ينتمي إليه وهو النقاء والصفاء والمدى الذي فتح هذا الربان عينيه عليه.

أول أعمالي المسرحية كانت بعنوان رحلة البحار الصغير وهي الفكرة التي قررت معها الإقامة في دمشق وأن انتقل إلى شطآان دمشق وينتقل البحر معي، وهناك عالم ليس أوسع من لاذقيتي ولكن العاصمة هي المكان الذي يحتوي على كل شيء من الأضواء، والشهرة، والأجر الذي أتقاضى عليه مقابل أعمالي وأمضي في عالم البحر إلى انحناء وتواضع أكثر مع كل نجاح.
* ما الجديد الذي يقدمه الفنان الياس في الكتابة والتمثيل؟

حتى الآن لا يوجد مشروع محدد هناك بعض العروض والتي أدرسها بعناية ولكنني أجد نفسي وأستمتع في كتابة اليوميات للإذاعة وأمثل وأفرغ شحنات التمثيل فيها، وأقر بأنني في التلفزيون لم أحصل على ما أريد.. ولا أريد أن أقدم ما يرغبه المخرج وحيث أنني تجاوزت هذه المسألة وأرى أن المشهد يمتعني في الكتابة وما أحققه هو الأهم.

إضافة أنه لدي مشروع تحت عنوان "زمن الحيتان" أنجز في رمضان في 43 حلقة ولدي مسلسل "فرسان الراية" انتاج أبو ظبي للشيخ حمد الكتبي ومسلسل "أبناء الريح" أتحدث فيه عن الاغتراب بجوانبه النفسية والإنسانية وعلى المستوى المحلي والعربي والهجرة إضافة إلى مشروع مسلسل أنجز بجزأين كل جزء 30 حلقة لصالح قناة التربوية السورية وأكتب وبشكل يومي برنامج درامي "حكايا الأطفال" ولدي برنامج آخر بعنوان "فلسطين وبس" و"يوميات" وهي لوحات قصير للتلفزيون وبرنامج "غداً نلتقي" الذي اكتبه وأعده منذ سنوات.
وقد تحدث الفنان الشاب "فراس الحلبي" عن أعمال الحاج قائلاً:

الفنان الياس الحاج شخص له عمقه الإبداعي والفني في نقل الصورة الحقيقية للبيئة البحرية فهو ينقل التفاصيل الحياتية التي يغفلها الكتاب ولكنها تهم المتابع للعمل، فأعماله لها خصوصيتها المتفردة كما له كممثل خصوصية من خلال الملامح التي يتقمصها في الدور إلي يسند له فنراه يخلق شخصية حقيقية تتفاعل معها وتسير مع خطها المحور نحو نهاية العمل بشكل سلس.
أما الكاتب الشاب جان اليكسي فيقول:

أعتقد أن الكاتب والفنان الياس الحاج هو من أقدر الممثلين على تقديم أدوار البحر لأنه يغوص في عمق المكان والزمان في العمل ويرسم من خلال التفاصيل رؤى لونية متنوعة ومبهرة.

الجدير بالذكر أن الفنان والكاتب الياس الحاج هو من مواليد اللاذقية وهو مدير عام شركة المحيط العالمية للإنتاج والتوزيع الفني وعضو لجنة صناعة السينما والتلفزيون ويعمل في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون منذ عام (1981) بصفة كاتب سيناريو، ومعد برامج إذاعية وتلفزيونية، وممثل وعضو في نقابة الفنانين السوريين منذ عام (1985) وعضو في المؤتمر العام لنقابة الفنانين (2006 – 2010 – 2010 – 2014) وفي لجان التحكيم في عدد من المهرجانات الدرامية المسرحية والتلفزيونية وعضو في لجان مشاهدة الأفلام العربية والأجنبية ولجان الرقابة والتقويم الفكري الدرامي ومستشاراً درامياً ((درامتورغ)) ومعالجاً درامياً للعديد من الجهات الإنتاجية السورية والعربية وله العديد من الجوائز.

 

السيرة الذاتية للفنان الياس الحاج