كانت انطلاقتي من حلب لدى الأستاذ “محمد طرقجي” وفي دار الكتب الوطنية بالتحديد حيث كنت طالباً في الصف السادس ومن ثمّ انتقلت إلى مدينة إدلب والتي تعتبر رائدة في مجال المسرح في سورية لأنه في عام 1928 كان هنالك ناديان للتمثيل

 

 

 

أثناء حضور المخرج مروان فنري لبروفات مسرحية "عمار يا بلد " للفنانة سوسن إسماعيل، التقاه عالم نوح ليحدثنا عن ذكرياته وأبرز ما قدمّه طيلة مسيرته الفنية، فكان معه هذا الحوار:

عن فترة البدايات يقول:

كانت انطلاقتي من حلب لدى الأستاذ "محمد طرقجي" وفي دار الكتب الوطنية بالتحديد حيث كنت طالباً في الصف السادس ومن ثمّ انتقلت إلى مدينة إدلب والتي تعتبر رائدة في مجال المسرح  في سورية لأنه في عام 1928 كان  هنالك ناديان للتمثيل المسرحي في بلدة "كفر تخاريم" وكانت هذه البلدة تحوي طبقة مثقّفة جداً ونتقل البعض منهم إلى إدلب، وكان "فوزي الكيالي" وزير الثقافة السابق مديراً للثانوية في إدلب وكنت أحدى طلاّبه وشكلنا فرقة للتمثيل المسرحي ذات مستوى عالٍ في ذلك الوقت أي في فترة الخمسينات، وقدمنا مسرحيات هامة لموليير وشكسبير بالإضافة لأعمال للأستاذ "فوزي الكيالي"، وتم تشكيل نادٍ للتمثيل من هؤلاء الطلاب وكنا نقدّم في كل شهر حفلة سمرٍ ومجموعة من المشاهد المسرحية، إذ كان بيننا من يكتب ومن يخرج بالإضافة إلى الممثلين، وقسم من هؤلاء النخبة سافر خارج المحافظة وقسم منهم درس اختصاصاً غير التمثيل والقسم الآخر بقي في إدلب وعمل في التمثيل ومن بينهم أنا إذ تابعت في هذا النادي وفي أندية أخرى تقديم النشاطات المسرحية.

وفي فترة الستينات والسبعينات كنت مخرجاً لفرع الشبيبة وقدّمت العديد من المسرحيات من إخراجي، وكنا نمثّل محافظة إدلب ليس فقط ضمن المحافظة بل كنا نشارك حتى في المهرجانات خارج المحافظة كدير الزور، اللاذقية وفي دمشق خاصةً عندما تم تشكيل مهرجان الهواة الأول في سورية التابع لوزارة الثقافة، إذ قدّمت مع أربعة فرق فقط من كل سورية مسرحية كانت تحت اسم "الفصل الثالث" وهو نص للكاتب "عبد الفتاح قلعه جي" الذي هو شاعر وأديب مهم جداً، وقد كنا أصدقاء مقربين لكنه لم يستطع أن يحولني إلى شاعر بل استطعت أنا أن أحوله إلى كاتب مسرحي، وأخذت منه مجموعة من النصوص المسرحية فنفذت قسماً منها في اللاذقية وبعضها في حلب والبعض الآخر في إدلب.

وفي بداية عام 1974 قدمّت مسرحية من تأليف أحد أعضاء الفرقة وهو الدكتور "رياض نعسان آغا" وزير الثقافة السابق وكان عدد المشاركين فيها /37/ شخص، وكانت مسرحية تحت اسم " تراجيديا أوليس" وأوليس ورحلة البحث عن الحقيقة قصة معروفة في الأساطير الأولية، فنالت هذه المسرحية جائزة أفضل نص في سورية في ذلك الوقت بالإضافة إلى جائزة أفضل إخراج وجائزة الفرقة الأولى وجائزة أفضل ممثل أول، وقد دعت منظمة التحرير الفلسطينية لتوقيع عقد معنا لنقوم بتمثيل هذه المنظمة في الدول العربية ولكن حرب تشرين التحريرية أوقفت هذا المشروع، وقد كتب العديد من الكتاب عن هذه المسرحية ومن بينهم الدكتور "رياض عصمت" الوزير الحالي والذي كان المشجع الأول لهذه الفرقة ولهذا العمل.

وقد شاركنا في العديد من المهرجانات في دمشق بالإضافة إلى المهرجانات في المحافظات الأخرى، وبدون فخر فقد كانت لنا حصّة الأسد من الجوائز في معظم النشاطات التي شاركنا فيها ويعود ذلك إلى تماسك هذه الفرقة وقوتها بالإضافة إلى تجديدها وتقديم لكل جديد.

وبالنسبة لي كان آخر تكريم هو تكريمي على مستوى الوطن العربي بعد اخراجي لحوالي /60/ عملاً مسرحياً.

أما عن السينما فقال:

لم أشارك في السينما إلاً أني شاركت عام 1982 في فيلم تلفزيوني باسم "الهيبة" والذي كان من بطولتي وبطولة الفنان "سليم كلاّس" ومجموعة من الفنانين من جملتهم الفنان "أسامة السيد يوسف"، وقد حصل هذا الفيلم على جائزة الفيلم التلفزيون الأول في "بيلغراد"، كما شاركت في عمل آخر وكان على سبيل الإطلاع لا أكثر، إذ شاركت مع الكاميرا التلفزيونية في سهرة تلفزيونية من تأليف الأستاذ "حكمت محسن" وإخراج "زهير الأشقر" كانت تحت اسم "منزل مبارك"، كما قدّمت للتلفزيون العديد من النصوص المكتوبة كسهرات تلفزيونية.

أما عن سبب غياب العديد من الأسماء المهمة في وسط الفني فقال:

للإعلام دور كبير جداً في هذا الموضوع والذي كان ضعيفاً جداً في تلك الفترة بعكس الفترة الحالية حيث نجد المحطات التلفزيونية بأعداد هائلة بالإضافة إلى الإنترنت  انتشاره الواسع والذي لم يكن موجوداً في تلك الفترة أيضاً، ففواز الساجر من المبدعين حقاً وقد شاهد لي العديد من الأعمال ولكن مع الأسف فإن عدد مسرحياته كان قليلاً وأعتقد أن ذلك هو السبب في عدم انتشاره بشكل أوسع, وقد كان في لجنة التحكيم في مهرجان الهواة السادس في المركز الثقافي القديم حيث قدّمت نصاً للكاتب "عبد الفتاح قلعه جي" تحت اسم "طفل زائد عن الحاجة" والتي حصلت على جائزة أفضل إخراج وقتها.

وعن تواجده في الساحة الفنية فيقول:

حقيقةً في فترة ما قبل عام 2000 كنت في زاوية مظلمة وأنا لا أحب الإضاءة ولا الظهور بشكل كبير، فأنا أعتبر نفسي هاوياً منذ أن دخلت إلى الوسط الفني وإلى الآن لا زلت أعمل على ذلك المنهج، وفي كل فترة كانت الفرقة تتجدد ولكني كنت الثابت والمتحول كان الممثل، وكنت أبدأ بإعداد الممثل اعتباراً من طريقة اللفظ والنطق والحركة وحتى أعلمه حركات الإحماء الأولية التي يجهلها، وبالإضافة إلى تجهيز الممثل كنت أعمل على تجهيز الديكور ولم أكن أدع أحداً يعدّه سواي، كما أني أجهز الإضاءة وأنفذها أيضاً بالإضافة إلى إتقاني للعملية الماكياج و الإكسسوارات والألبسة، وهذا لا يعني عدم الثقة بالآخرين وإنما هو إحساس بالكلمة وشعور بالنص أكثر إذ كنت أحلل النص كاملاً وأدرس جميع الحركات والتصرفات وكافة الحالات النفسية لدى الممثل وتوظيف كل شيء حوله في خدمته، أمّا بعد عام 2000 فقد أصبح هنالك اهتمام أكبر بالمسرح ورواج أكثر له بالإضافة إلى وجود المردود المادي الذي ساعد في تقديم أعمال أكثر بعدما كانت الأعمال المسرحية شبه محدودة، واستلمت المسرح القومي في محافظة إدلب، وأصبح هنالك مقر للفرقة بالإضافة إلى إمكانية لفرز موظفين لخدمة هذا المسرح، لذلك أصبح هنالك حالة من الراحة أكثر بالإضافة إلى ثقة الممثلين بهذه الفرقة وثقة الفنانين والأصدقاء بما نقدّمه من أعمال.

وعن انتقال الممثل إلى الإخراج ومدى خدمة ذلك العمل ككل قال:

إن ذلك يتوقف على الشخص الذي ينتقل من هذا المكان إلى ذالك المكان، فلك يعتمد على ثقافته ووعيه وإحساسه بالإضافة إلى مجموعة من العوامل التي تؤهل الممثل ليكون مخرجاً، فأيمن زيدان مثلاً كان ممثلاً وقد أحببته كثيراً في أعماله الكوميدية وحتى بعد انتقاله للإخراج فقد كان ناجحاً جداً لأن لديه إمكانات كبيرة وطاقة هائلة استطاع أن يستخدمها في إخراج بعض الأعمال المسرحية والتي كانت ناجحة بجدارة.

أمًا عن جديده فيقول:

إن آخر عمل قدّمته كان "كلب البيك" وهو عمل كوميدي رائع جداً وأنا مدعو حالياً إلى حلب لتقديمه إن سمحت الظروف، وحالياً أعمل في مسرح الأطفال إذ أننا نقدّم في "ربيع الطفل" في كل سنة عملاً مسرحياً للأطفال ونص هذه السنة من كتابتي كما جهزت إعداداً موسيقياً للعمل وسيتم تنفيذه في 15/1/2012.

المسرحي مروان فنري والممثلة سوسن اسماعيل مع أعضاء الفرقة

 

أغيد شيخو_ عالم نوح