لوحة لم تكتمل و الهارب قصيدتين للشاعر أحمد جنيدو.. قصيدتين حزينتين من وجدان أحمد

 

 

 

لوحة ٌ لمْ تكتملْ

شعر:أحمد عبد الرحمن جنيدو


خجولاً يجيء ُالنهار,
ويهرب منـّي.


وتبقى بعزلة ِشيء ٍ يدايَ,
سلاماً إلى من تسابقُ صوتَ الرياح ِ,
وتدركُ هزَّ صدايَ,
خجولاً يجيء ُالشعورْ.


غروبٌ بوقت ِالحضورْ.


ولا أستطيع ُالعبورْ.


لتسقط َمن وجهنا كلماتُ الظهورْ.


وتسحقنا دونما نعرفُ الآنَ
أينَ ملامحُ ذاك القناع ْ.؟


خجولاً يجيء النهارْ.


ترى من سعالي
أبيضُ حماقات ِجوعي.


ومستنقع ُالحال ِصارَ سطوعي.


ترى من ثعالب برّي
يكونُ رجوعي.
ترى تمسحينَ دموعي.


تراني ذهبتُ لأصطاد نجماً
ببحر خضوعي.


خجولاً سأكتبُ سطرَ النهاية ِ,
أرسم ُعصفورة ً
فوق جذع ِضلوعي.


ترى أين أحفاد ُ جدّي بهذا الصداع ْ.


خجولاً يجيءُ النهارْ.


تناثرتُ في درب حزني شظايا,
ولم تكتملْ صورة ُ الحسن ِ,
يعبرُ قبح ُالشحوب ِ
صفات َالرجولة ِ,
أيقنتُ إنـّي صديقُ الرعاع ْ.


تناثرتُ فامش ِعلى جسدي المتآكل,
قبلَ الولادة ِ,
بعدَ الولادة ِ,
بينَ فصول ِالوجود ِ,
بينَ دوام ِالحياة ِ,
حملتُ حقائبَ حزني,
رحلتُ بدنيا بلا شفق ٍلا حدود,
رجعتُ إلى مسكني متعباً,
لا أراكَ بتشرين حبّة َ قمح ٍ, وزيتاً,
وماءً وسطحاً وقاع ْ.


وقدْ لا أراك,
لأنـّي ألاحقُ صوتَ المزاريب,
ضحْـكَ الطواحين,
موجَ البحارْ.


سطورَ الفراغ,
كأنـّي رصيفُ الضياع ْ.


خجولاً يجيء النهارْ.


كأنـّي رصيفُ الضياع,
فمن يشتري مرّتين ثيابي القديمة,
أمشي على أرض أحلامهمْ,
لن أغيبَ بعيداً أبي,
بيدي حبلَ وصلي بتلك البداية,
سوف أعودُ,
وأعرف أنـّي غريبٌ عن الدار أمّي,
وسوف أعودُ,
وأعرفُ أنـّي حكاياتنا المستفيضة مربوطة ً
في تراب الحقيقة,
يكذبُ صوتي,
ويبكي بروحي اليراع ْ.


كأنـّي رصيف الضياع ْ.
_________________

 

الهارب
شعر:أحمد عبد الرحمن جنيدو

-1-
هاربٌ من زمن ِالخوف ِ،
ومن أجزاء ِموتي ،
وصراخ ِالأبرياءْ.

من نشيج ِالدم ِ فوق الأرض ِ،
من رقصة ِ سكـّين ٍعلى رقبة ِأمّي،
هاربٌ من دمِنا المهتوك ِفي كلِّ الثواني ،
هاربٌ أسبحُ في بحر ِالبكاءْ.


أمسحُ الذاكرة َالأولى،
أرى أمّي تبيعُ الخبزَ
والزيتونَ في فجر ِالدعاءْ.


وأرى جدّي يبيع ُالسيفَ والقرطاسَ
في سوق ِالبغاءْ.


أسمعُ الترتيلَ من موتى ،
استداروا مرّة ً لمْ يجدوا غيرَ العِواءْ.
ثمَّ عادوا مرّة ً أخرى إلى ذات ِالوراءْ.
وأرى أختي تبيعُ الشال َ،
تنسى خصرَها عرضَ العراءْ.


وتبيعُ الحزنَ بعدي،
تشتري نايا ً تسمّيه ِالمساءْ.
كحلـُها المنسيُّ من صبر ٍ وجرح ٍ،
هاربٌ مثلي يداوي، ويعازي ،
ـ أين؟!
ـ في صمت ِ نداءْ.


هارب ٌمن زيْفِـنا الدائم ِ،
من ثوب ِاحتراقي، وأناجي ،
وصلَ الخبزُ المغطـّى بالدم ِالأحمرِ،
مجنونٌ غنائي ،
لا أجيدُ الآن َغيرَ الشعرِ،
إنْ كنتُ أجيدُ العزف َفي دامي الغناءْ.


هاربٌ ،
كلُّ وشاح ٍ أرتديه مخبرٌ عنـّي،
وعن خط ِّسلوكي،
لا أريدُ الماءَ ولا الخمرَ
ولا الزهرَ ولا الرمّانَ
لا القمحَ و لا البستانَ
لستُ الأرض َ،
كلّ الأرض ِ عطشى للدماءْ.


هارب ٌمن قلمي يقلقني هذا النداءْ.


هارب ٌمن جسدي،
والنفسُ أخرى غير نفسي،
أشبه ُالخوف َ،وكلَّ الغرباءْ.


-2-
أفتح ُالنسيان َمنفوخا ًإلى حدِّ الشرفْ.


أسرف ُالأحلامَ مذبوحاً إلى حدِّ القرفْ.


أرسمُ الألوانَ من حلمي،
دمي أرخص ُشيء ٍفي مزادات ِ الترفْ.


هل ترى فرقا ً أخي ،
إنْ أطعمونا بدلَ الخبزِ العلفْ.


فإذاً : لا تسمع ِاليوم َمناجاة َالخرف.


في زوايا الخوف ِ في سحـْق ِ الغرفْ.


كلُّ حال ٍ أسوأ ُالأحوال ِ، أقدمْ لا تخفْ.


كلُّ ذبح ٍأتفه ُالأخبارِ،
من يشغلُ بالا ًإنْ نزفْ.


كارتشاف ِالقهوة ِالسوداء َ،
أو حلوى القطفْ.


عاجزٌ تاريخـُنا عن نطـْق ِحرف ٍ،
كلُّ ماضينا غريب ٌ، عاجزٌ لكنْ وصفْ.


فاسمع ِالتاريخ لو أنتَ لبيبٌ ،
غيرُك َالآتي عرفْ.


فأتى المحقونُ بالحقد ِ،
وتاريخ َبلادي قدْ نسفْ.


هاربٌ ، عذرا ًوعذرا ً،
إنَّ حبري قد نشفْ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
872005