مايكل تادروس والأحلام الإبداعية
- ديسمبر 4, 2014
- 0
مايكل تادروس والأحلام الإبداعية تستمر مع “أتلانتس”
عالم نوح ـ القاهرة ـ شادي نصير
لم يكد ينتهي العرض المسرحي “أتلانتس” في مدينة القاهرة حتى أُعلن عن إعادة العرض للمرة الثانية
مايكل تادروس والأحلام الإبداعية تستمر مع "أتلانتس"
عالم نوح ـ القاهرة ـ شادي نصير
لم يكد ينتهي العرض المسرحي "أتلانتس" في مدينة القاهرة حتى أُعلن عن إعادة العرض للمرة الثانية في أقل من شهرين لما يحمله النص من رؤية ومن أفكار وضعها المخرج والممثل الكاتب "مايكل تادروس" بحرفية على الخشبة وأدار خيوطها بألق وإبداع مع مجموعة من الممثلين المصريين والسوريين.
يعتبر "مايكل تادروس" من الأسماء المميزة في مصر لإتقانه الكتابة والتمثيل والإخراج بنفس الروح والوتيرة التي تخاطب عقل القارئ وفكره وقد التقاه عالم نوح بالمحبة في القاهرة وكان معه الحوار التالي.
ـ في بداية حديثنا عن الإخراج والكتابة المسرحية. هل ترى أن كاتب النص المسرحي في حال قام بإخراج العرض يستطيع أن يصوّر حالات نفسية وفلسفية بين سطور النص لا يستطيع أي مخرج آخر عرضها بنفس الروح والإمكانيات؟
دعنا في البداية نفرّق بين من هو كاتب مسرحي في الأساس ثم أقدم على إخراج عمل له وبين مخرج له رؤية وخبرة إخراجية مسبقة و أنا أرى ضرورة أن يكتب عروضه بنفسه حتى يعبّر عن أفكاره وفلسفاته وقناعاته الخاصة جداً التي لم يجد من يصيغها بنفس التفاصيل. وهنا تكون الرؤية أشمل وأكثر تناغماً فالمخرج لديه أدوات ليست بالضرورة توافرها لدى المؤلف.. أهمها من وجهة نظري هو فن قيادة الممثل فيتيح له ذلك إبراز كافة الجوانب النفسية والفلسفية.
ـ الأستاذ "مايكل تادروس" اسم يعمل على ترسيخ القيم الجمالية والحالة الابداعية من خلال النصوص والعروض التي يقدمها، كيف ترى واقع المسرح المصري والعربي في ظل سيطرة السينما والتلفزيون؟
تأثير التلفزيون هو الأقوى في الوطن العربي، ليس فقط على المسرح بل على السينما نفسها .. بل حتى على مختلف نواحي الثقافة مثل القراءة والندوات الشعرية … الخ. خطورة التلفزيون تكمن في أنه الضيف الثقيل الدائم الذى يصعب التخلّص منه ومع تواضع وانحسار الثقافة في وطننا العربي (بسبب تضاؤل الإقبال على القراءة) أصبح الكل يتعامل مع المادة التلفزيونية باعتبارها الأكثر صوابا ومرجعية، ومع كل تلك المعوقات لازال العمل الجيد الصادق يفرض نفسه على اهتمام المتلقي.
ـ هل ترى من وجهة نظرك كمخرج أن المخرجين يقف أمامهم عقبات كثيرة من حيث لجنة قراءة النصوص والرقابة العاملة والتي تتجه في بعض الاوقات لتكون لسان السياسة الدائرة في البلد، وكيف تستطيع انت كمخرج أن تنقذ العمل المنوط به لتخرجه من روتين الرقابة والمقص المسلط على النص، وفي حال تم حذف مشاهد من نصك الذي تنوي إخراجه كيف يدافع المخرج مايكل عن أفكار نصه ورؤيته التي يطرحها؟
كان ولازال وسيظل هناك صدام بين حرية المبدع وأعراف وتقاليد المجتمع، ورغبته في الاستقرار من خلال اللاجديد والمعتاد وبالأحرى هو يتعاظم هذا الصراع مع القوة السياسة الحاكمة في أي وقت وفي أي مكان من خلال أياديها في الوزارات والهيئات التي تعزف دائماً على الخروج من المنظومة المرسومة مسبقاً ويساعد على هذا ندرة الموظف الفنان في تلك الجهات الرقابية والاهتمام فقط باللوائح والقوانين المصمتة. أما كيف يتم التغلب على هذا فبالموضوعية وألا يكون الصدام مع النظام هو الهدف في ذاته فقط للشهرة أو إدعاء البطولة وهذا للأسف فخ يقع به بعض المبدعين وراغبي الشهرة، ولا توجد وصفة مسبقة يتم اللجوء إليها حين التعرض للحذف أو الشطب فكل موقف تحكمه ظروفه وملابساته الخاصة.
مايكل تادروس اسم بارز في عالم الإخراج المسرحي، هل ترى أن على المخرج أن يتقن فن الإخراج المسرحي كي يقوم بإخراج أعمال تلفزيونية وسينمائية، وهل ترى فروقاً بين الاخراج المسرحي وغيره؟
المسرح والسينما فنان مختلفان في أساليب وحرفية التنفيذ فرغم أن كلاهما (في المعظم) يعتمد على الدراما والحكاية إلا أن أدوات كل منهما تختلف عن الأخرى فالسينما فن صورة في الأساس وتقنيات وجماليات تلك الصورة تقتدى بخلاف الموهبة دراسة وعلم وخبرة مختلفة تماماً عن المسرح.
ـ تكتب وتخرج النصوص ألا تعتقد ذلك يرهق المتلقي في بعض الأوقات، وماهي الحجج التي تقدمها من خلال ما تقدمه لتقنع المتلقي بحالة الابداع المشتركة بين العملين؟
في الحقيقة أخشى ذلك دائماً لذا ألجأ أحيانا لمؤلفين آخرين أنقل لهم القصة والفكرة، أعمل معهم بنظام الورشة الفنية حتى لا تخرج كل أعمالي أحادية الرؤى ولكنني أشارك في الحوار والشخوص وكافة التفاصيل التي تضمن أن يظل العمل في المسار المنشود له من البداية ولا مانع أبداً أن أخرج أو أشارك بالتمثيل في أعمال لمؤلفين أو مخرجين آخرين تتفق مع آرائي و قناعاتي.
ـ في عملك الاخير أتلانتس قدمت مسرحية أحد أبطالها من دولة عربية الفنان "أحمد عنتبلي" من سوريا هل تعتقد أن الثقافة على اختلافها وانتمائها تتوحد في الابداع الفني على خشبة المسرح؟
الفن عموماً والمسرح خصوصاً هو فن جماعي بالأساس وهو بمثابة المعبد الذى تذوب فيه الفوارق والحدود الجغرافية وتتوحد فيه الصلوات.
ـ هل آليات عمل الممثل القادم من سوريا "الشرق الأوسط" الفينيقي وأدواته تختلف عن عمل الممثلين من مصر الفرعونية حيث أن لكل بلد ثقافة ومنهجية تختلف من حيث الطرح والرؤى في مجال الفن؟
رغم أن الحضارة الفرعونية كانت من أوائل الحضارات التي عرفت المسرح والشعر والموسيقى وسائر الفنون إلا أن ما نقل إلينا من حيث الكم والتوقيت (بسبب ندرة المراجع وتأخر الترجمة من اللغة الفرعونية إلى وقت الحملة الفرنسية على مصر) جعل المسرح الإغريقي هو الأكثر تأثيراً في العالم من حيث المبادئ والأسس التي سار الكل على نهجها وصاحبها التطور البطيء حتى منتصف القرن الماضي الذى شهد التمرد الأكبر والأكثر تعددية في المدارس المسرحية وجدير بالذكر أن المسرح القبطي أو الكنسي المصري هو الأعرق في المنطقة قاطبة، حيث كان يستخدم في شرح وتبسيط قصص الكتاب المقدس ومعجزات السيد المسيح وبطولات الشهداء، لكن المسرح بشكله الفني والتجاري والأدبي الحالي، وصل مصر عن طريق بلاد الشام التي تربطها دائماً مع مصر أواصر ثقافة وانفتاح وفنون أكثر من أي بلاد عربية أخرى، لذا لم يكن هناك أي شعور بالاغتراب ثقافياً أو فكرياً بين طاقم العمل وبين الممثل السوري "أحمد عنتبلي".
ـ ما هي الرؤية والحالة الني يعمل عليها وجود فنان من خارج البلد في عمل ما، وهل تعتقد أن ذلك يحرّض الممثلين والكاتب والجمهور على تقبل الفن والفنانين من أي بلد كان وخصوصا إذا كان ينطق بنفس اللغة؟
قد يكون مقصود إشراك ممثل من جنسية مختلفة للدلالة على عالمية القضية وإن ما يناقشه العمل المسرحي لا يخص فقط فكر وأيدولوجية البلد صاحبة العمل الأصلي فما بالك بممثل من بلد شقيق لا نشعر أبداً بفروق أو اختلاف معها بل تعانى من نفس الوجع وتشترك في نفس الحلم.
ـ يكثر الحديث دائما عن أن فرصة الممثل السوري في مصر ومقابلها في سوريا تخطف فرصة عمل ممثل من نفس البلد، كيف ترد على مثل هذه الأقوال؟
أعتقد أن انتعاش الفن وتألقه قادر على استيعاب الكل خصوصاً في بلدين مثل مصر وسوريا ودائماً الدور هو من ينادي صاحبه.
ـ كيف تستطيع ككاتب أن تنقل ما تجيش به نفسك وتطرحه ضمن سطور الورق كمواضيع وهل تؤثر الثقافة التي عايشتها البلد من الحضارة الفرعونية مرورا بالقبطية ومن ثم الاسلامية على نهجك؟
بالطبع تؤثر الثقافة على فكر ورؤية أي فنان وأهم ما كان يميز ثقافة المصري ويسعى جاهداً كل فنان حقيقي على بقاؤه واستمراره هو ذلك التنوع الجميل الذى ذكرته فالتعددية وذويان كل تلك الثقافات في مجتمع واحد دائماً ما يثرى أفراده إنسانياً وفكرياً. ـ هل تتبنى فكرة لا تؤمن بها وتقوم بإخراجها نصاً على خشبة المسرح؟ لا أتبنى أبداً فكرة لا أؤمن بها، خصوصاً في جانبي الكتابة والإخراج. لكن قد أقدم تمثيلاً على دور يستفذني أو يمتعني كممثل في عمل ليس بالضرورة أن يكون من اهتمامي أو أولوياتي، ولكن لا يصل الحد إلى أن أشارك في أعمال تتعارض بالكلية مع أفكاري أو تتنافى تماماً مع ما أؤمن به.