محمد كرزون: الكاتب الحر أخذ حقه خارج سوريا
- سبتمبر 25, 2011
- 0
بدأت بكتابة الشعر في الصف السادس تقريباً حينها أطلعت أستاذي على شيء مما كتبت وكان شعراً شبه موزون، عندها انهال علي بالكلمات وقال أني لا أعرف شيئاَ في الكتابة ولا في الشعر ولا في الأدب وإثر تلك الحادثة انكفأت على نفسي لأكثر من سنتين ومن ثمّ استعدت عافية الأدبية وعدت إلى الكتابة ولكني اتجهت صوب المقالة الأدبية والمقالة الاجتماعية
محمد كرزون: الكاتب الحرّ أخذ حقّه خارج سورية
لكل فن ومجال أدب هموم لا بدّ أن تكون موجودة وهذه إما أن تثني المبدع عن تقديم نتاجه وإما أن تزيده قوّة فيما يقدّمه، والكاتب محمد كرزون من الأشخاص الذي خاضوا الكثير في مجال الأدب والنقد والتنضيد وله الكثير من الأبحاث والمؤلفات التي تصل إلى إحدى عشر كتاباً، فهل بعد هذا يمكن للزمن أن يغيّر ما لديه من إبداع لينحو منحىً مغايراً لما سار عليه طيلة حياته بحكم ظرف أو آخر..؟، للحديث عن نتاجه وأبرز المشاكل والأخطاء التي من الممكن أن يقع فيها الكاتب كان لنا هذا اللقاء مع الأديب محمد كرزون الذي استضافنا في منزله بحلب:
كيف كانت بدايات محمد كرزون في الكتابة ؟
بدأت بكتابة الشعر في الصف السادس تقريباً حينها أطلعت أستاذي على شيء مما كتبت وكان شعراً شبه موزون، عندها انهال علي بالكلمات وقال أني لا أعرف شيئاَ في الكتابة ولا في الشعر ولا في الأدب وإثر تلك الحادثة انكفأت على نفسي لأكثر من سنتين ومن ثمّ استعدت عافية الأدبية وعدت إلى الكتابة ولكني اتجهت صوب المقالة الأدبية والمقالة الاجتماعية أكثر من الشعر ، وقد كنت على اتصال بالمطالعة تحديداً منذ نكسة حزيران عام 1967 التي أثرت كثيراً فيّ كثيراً على الرغم من صغر سنّي، فبدأت أتابع المجلات التي تكتب عن سبب النكسة وأخبارها، من ثمّ صادفت " مجلة الهلال " القاهرية في إحدى المكتبات أثناء بحثي فاشتريت خمسة أعدادٍ منها دفعةً واحدة وقرأتها فإذا بها جامعة بحد ذاتها ، وأصبحت أتابع المجلات الثقافية في حين كنت أبتعد عن المجلات السياسية لأني شعرت أنها لا تقدّم شيئاً سوى ما تقدّمه نشرات الأخبار وحتى التعليقات والتحليلات فيها هي عبارة عن اتجاهات مسبقة ومعدّة ويتقاضى عليها أصحابها وأنا بعيد كل البعد عن ذلك، من خلال صلتي بالمجلات الثقافية بدأت بمراسلتها وخاصة البعيدة منها في المغرب العربي وعمان، فكنت أكتب المقالة وأرسلها في البريد العادي فينشرونها ويرسلون نسخة إلي مع شكرهم لي على مراسلتهم ، وقد نشرت أكثر من أربعمائة وخمسين مادة في مجلاّت " الفيصل في الكويت، السراج في عمان، البحرين الثقافية ، دراسات عربية في لبنان، مجلة الوحدة في الرباط، بالإضافة إلى مجلة الهلال "القاهرة ".
نلاحظ أنّ نتاجك موزّع في الأقطار العربية أكثر من سوريا، فلماذا ذلك ؟
تماماً، لقد نشرت كثيراً في الدول العربية أكثر من سوريا لأنني لامست وبشكل واضح للأسف الشديد أنّ هنالك تحيّز في النشر فلا تنشر مادة إلاّ لمن له علاقة مع رئيس تحرير في مجلة أو أي مسؤول فيها وهذا لا يتناسب أبداً مع الجو الأدبي ولا الصحفي إذ يجب أن ننظر إلى النص بحد ذاته حتى دون النظر إلى اسم الكاتب وهذا للأسف الشديد موجود منذ فترة السبعينيات إلى الوقت الحاضر .
أي ترى أنّ الكاتب السوري قد أخذ حقّه خارج سوريا أكثر من داخلها ؟
الكاتب السوري الحر أخذ حقه خارج سوريا ، فقد كتبت في صحيفة " البيان " الإماراتية لمدّة سنتين وهم طوال ما كنت أنشر كان يطلبون منّي الاستزادة ، كتبت أيضاً في مجلة " المنتدى " والتي تعتبر مجلة جادة ومرموقة في الإمارات أيضاً كانت ينشرون مع الشكر الجزيل والمطالبة الدائمة في الكتابة بينما عندما نشرت في الجماهير على سبيل الذكر وليس التشهير، فقد أعجبوا بالمقالات ولكنهم لم يكلموني ولو مرّة واحدة ويسألوني عن مقالاتي الجديدة .
إذاً كيف ترى النتاج الأدبي السوري بشكل عام ؟
الحقيقة هو نتاج متفاوت وليس على سوية واحدة، فعندما تأخذ مثلاً مجلة الموقف الأدبي والتي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب فإنك ترى في العدد الواحد تفاوتاً غريباً في المستوى فبينما تقرأ دراسة أو دراستين تكونان ذو مستوى جيد أو ما يقارب الجيد فإنك في المقابل ترى عشرة دراسات أحياناً تكون ما دون المستوى تماماً ، والغالب في النتاج السوري أنه ليس في المستوى المطلوب .
هل برأيك الكاتب في سوريا يعطي للنقد أهمية أثناء كتابته كما هي الحال في دول أخرى ؟
النقد في بلادنا غائب غياب تام عن كل شيء فحتّى عندما يخطر للناقد أن يكتب دراسة ويضعها في كتاب فإنه في الغالب يختار أدباء إمّا قد تجاوزوا الستين من العمر أو أنهم قد ماتوا فهذا النقد لا يفيد وتعتبر هذه دراسة محنّطة ، فأنا أحتاج في بلادي أن يتم نقد إبن العشرين والثلاثين أكثر من غيرهم لأن الكتاب في هذه الأعمار هم الذين يجودون هذا الأدب ويحسنونه ويرتقون به عن طريق النقد ، فالنقد لدينا إما وصفي لا يقدّم شيئاً وعندما يكون معيارياً يكون حسب الشكل وليس الموضوع، والموضوع مهم جداً حتى أننا في الأدب السوري ولأكثر من ربع قرن نرى الموضوع غائباً أو شبه غائب في فكرة النص المكتوب وذلك إن كان شعراً أو نثراً أو قصّة أو حتى رواية أو مسرحية وكما نعلم فالموضوع مهم جداً في رقي الشعوب وتقدمها .
ما هي مزايا النقد برأيك وسبب تراجعه لدينا في سوريا ؟
إن تراجع النقد وبكل صراحة راجع إلى ضعف تمويل العملية الأدبية جملةً وتفصيلاً ، فأنا كناقد سوري وأحتاج إلى نقد " س " أو " ع " من الناس فهذا النقد يحتاج إلى وقت وجهد لا يمكن أن أحصل عليه دون دعم وتمويل، فقد أجد أي عمل لأرتزق منه وأعيش أنا وأسرتي ولكن في بلادي لا يوجد تمويل للمشروع الأدبي عموماً وليس للنقد فقط، لذلك الموهوب من الأدباء يكتب مجاناً ولكن كتاباته قليلة وليست غزيرة بغزارة كتابات الأمم الأخرى ، وعندما يأتي الناقد يكون نتاجه أقل بكثير من نتاج المبدع إذ يكون مشغولاً بأمور حياتية أخرى إ ربما يجذبه أي ميدان عمل مربح أكثر مما يجعله ينسى الأدب برمته كأن يلتجأ إلى ميدان التجارة أو السينما والسيناريو أو حتى التي إن كانت مربحة فإنها ستجذبه أكثر من الأدب , وما لم تكن هنالك تمويل للحركة الأدبية في الوطن العربي فإننا سنتقهقر جداً أدبياً وهذا يولّد بدوره نتائج اجتماعية فظيعة .
ويجب أن يتوفر في النقد الصدق قبل كل شيء ودون أن يكون الناقد منحازاً إلى طرف أو آخر ، بالإضافة إلى الحرية في الكتابة فعندما يكون الناقد حراً فإنه إن لم يصل في البحث الأول له إلى المستوى الجيد فإنه سيصل إلى ذلك في البحث الثاني أو الثالث بالتأكيد وذلك لأنه حر وليس مأثوراً بأحد ، فعندما يكتب الناقد دون أن يكون مفروضاً عليه فإنه بالتأكيد سيقدّم نتاجاً أدبياً مهماً جداً .
أترى أنه لا يوجد إيمان بالشباب وللفكر الذي يحملونه ؟
مادام الشاب لم يأخذ موقعه في الساحة الأدبية فمعنى ذلك أنه مهمّش ، فمرّة كتبت عن شاعر شاب يصغرني بخمسة عشر سنة ونشرتها في جريدة الجماهير بعد حضوري الأمسية ولكن تفاجأت بلوم الكثير من النقاد لي وقولهم أنه يجب علي أن أكتب عن أشخاص يكبرونني سناً ولا يصغرونني ، فالإبداع برأيي هو ترابط الأجيال وليس صراع بينها أو أن يكون الأكبر سناً أستاذاً للأصغر ونحن نرى أن فكرة صراع الأجيال لا تظهر إلا عندما يحاول أحد الجيلين أن يتمايز هو بنفسه ويريد التقوقع ولكن عندما يكن منفتحاً فإنه يندمج مع الأجيال الأخرى اندماجاً تاماً و ترى الأمة وقتها جسداً واحداً وليست عبارة عن أجيال وأجيال .
لديك مجموعتان قصصيتان بالإضافة إلى مجموعة ثالثة بالاشتراك مع عدد من الكتاب في الوطن العربي، ماذا تحدثنا عن مواضيعها ؟
المجموعة الأولى هي تحت اسم " العودة المبكرة " والتي تضمنت حوالي العشرة قصص بالإضافة إلى بعض القصص القصيرة جداً وقد كانت مواضيعها اجتماعية بامتياز ولم تتطرّق إلى أمور أخرى فقد طرحت مواضيع الشباب ومشاكلهم والدراسة وأيضاً طرحت في القصة الأولى موضوع انفصام الشخصية لدى المثقف العربي بشكل عام حيث تمثلوا في مجموعة من الأشخاص لم يؤيدوا عاملاً في المقهى تم ضربه ولم يشهدوا معه أثناء رفعه لدعوى ضد الذي ضربه، ومن خلال هذه القصة أقول أن المثقف العربي منفصم الشخصية إذ أن ما يؤمن به شيء و ما يفعله شيء آخر تماماً .
أما المجموعة الثانية فهي باسم " الأبواب المفتوحة " التي تحوي عدداً من القصص لليافعين ، وقد سارت هذه المجموعة على نفس خطى " العودة المبكرة " وأتمّت فكرةً ما كنت أود أن أطرحها وأيضاً فيها قصتان عن علاقة الأجيال التي تحدثنا عنها سابقاً " كتاب جدّي وعباءة جدّي " وهي تربط بين ثلاثة أو أربعة أجيال ربطاً لطيفاً وحميماً جداً .
والمجموعة الثالثة أصدرتها مع مجموعة من الكتاب في الوطن العربي حيث كان يربطنا علاقة مراسلة على الأغلب واتفقنا أثناء المراسلات على إصدار مجموعة لنا والتي ضمت ثلاثة عشر كاتباً حيث كان من سوريا تسعة كتّاب والباقي من الوطن العربي فمن مصر كان الدكتور " سيد الحبيبي " رحمه الله ، ومن الجزائر كان " نزهة بن عيسى وسعد السعود"، ومن الكويت " يحيى علامو " ، ومن سوريا أذكر: فاديا شمّاس و بسام لولو وأحمد الهلال وغيرهم .
هل ترى فكرة جعل الكتاب في سلسلة قد تخدم الكاتب في زيادة عدد القراء وإثارة فضولهم في التتبع ؟
لكل كاتب مشروعه ويحق للكاتب أن يصدر كتابه في أجزاء وقد يكون الكتاب منذ كتابته مكتوباً على شكل أجزاء فيتم إصدار تباعاً كثلاثية نجيب محفوظ وغيرها، في النهاية مهما كتب الكاتب فإن كل كتبه هي مشروع لعمل واحد كبير ألا وهو سيرة حياته .
إلى أي حد حمل كتاب " النجاح " السيرة الذاتية لمحمد كرزون ؟
لقد حمل من السيرة الذاتية ما يفوق النصف ولكن النصف الآخر هو لأصدقاء حميمين كنت أتعامل معهم بصدق وكانوا يصدقونني القول والفعل أيضاً وقد كتبت عنهم لأنني أكاد أكون قد نقلت تجربتهم كما حدثت واستعرضت فيه بعض نتاجاتهم، وقد ذكرت في بداية الكتاب عبارة وقف عندها الكثيرون ألا وهي " النجاح فعل إنساني والفشل فعل إنساني أيضاً، فإذا نحن رمينا الفشل وقلنا أنه ليس فعلاً إنسانياً وتمسكنا فقط بالنجاح فإننا لن نحصل عليه، ربما يفشل الإنسان عدّة مرات و ربّما حتّى عشرات المرّات ولكن النجاح يغطّي كل الفشل، أما الإنسان الذي يفشل لمرّة واحدة فقط فإنه لن ينجح أبداً لأنه لم يحقق أي شيء لأنه فشل وحكم على نفسه بالفشل " .
إصدار هكذا كتب كونها تتطلب مصالحة كبيرة مع الذات بالإضافة إلى الانفصال عن المجتمع، ألا يسبب أرقاً للكاتب برأيك ؟
إن الإنسان إن لم يكن مندمجاً إلى حد العجين مع حياته بكل تفاصيلها وإن لم يعترف بمسببات تراجعه وتقهقره وفشله فإنه سيعيش في حالة كبت دائم طوال عمره وهذا الأمر سيؤثّر عليه ويؤدّي إلى تخلّفه بالتأكيد، بينما الإنسان الذي يعيش بصدق تام ومصالحة ليس مع الذات والمجتمع فإنه سيحقق الكثير ويقفز إلى الأمام كثيراً، لذلك لا بدّ من المصالحة مع الذات ومع المجتمع إلى حد كبير، ونحن إن نظرنا إلى أي شخصٍ من المشاهير فعندما يصارح الآخر ببعض إخفاقاته فإنه يتألّق ولكن عندما يدّعي بعدم ارتكابه للأخطاء فإنّ نجوميته تكزن مؤقّتة ولا يلبث أن يزول .
نلاحظ الكثير من الكتب تصدر عن النجاح والشهرة والعمل وطرق التعامل مع الآخرين بالإضافة إلى الثقة بالنفس، إلى أي حد من الممكن تطبيق هذه المواد على أرض الواقع ؟
عموماً إن عملية تطبيق الكتب هي حالة غبية تماماً، فالكتاب نأخذ فكرةً منه ومن هذه الفكرة نصنع منهجاً خاصاً بنا ثم نطبّق المنهج الذي صنعناه نحن أي أنّ الكتاب ليس وصفة سحرية يمكن أن تعالج المشاكل لأيٍّ كان وكيفما كان الشخص، وقد أتيت بأمثلة بسيطة جداً وإن كان الأمر فكرياً أعمق بكثير .
قمت بتأليف حوالي أحد عشر كتاباً، ماذا حاولت أن تقول من خلال هذه المؤلفات ؟
كل ما أحاول أن أقوله هو أن نحوّل أفكارنا إلى واقع وعمل، فمثلاً لدي كتاب باسم " اللغة العربية هموم وطموحات " وأنا من خلاله لا أجد صعوبة أن أقول لأي مواطن عربي أنه يستطيع التكلم باللغة العربية الفصيحة " وليس الفصحى" بكل سهولة في بيته و عمله وفي أي مكان لأنها ليس ت لغة غريبة عليه، وأضفت إليه هموم كثيرة أهمها أن العرب " الحكومات " بعيدة جداً عن كل ما تطرحه مجامع اللغة العربية و المؤسسات العلمية في إدراج منتجاتها من مصطلحات و كتب في المجتمعات العربية وهذا أمر خطير جداً لأن عدم تفاعل الحكومات العربية مع مجمل إنتاج الهيئات العلمية يؤدّي إلى تخلف الأمة لا إلى تقدمها، فمثلاً مكتب تنسيق التعريب في الرباب أنتج أكثر من ثلاثين معجماً وكل معجم مؤلف من أكثر من ثمانمائة صفحة في مختلف الميادين العلمية التاريخية و قد اطلعت على بعضها ورأيت الجهد المبذول فيها لكن على الرغم من وجود الإنترنت فإن بحثت عن هذه المعاجم فإنك لن تجد ولو صفحة واحدة عنها والسبب أننا علبناها ووضعناها في صندوق حديدي مغلق وإن تم فتحه فيفتح لمرّة واحدة فقط ومن ثمّ يغلق .
هل من الممكن أن تناقض كتاباً ألفته في فتره زمنية سابقة مقارنة بما تحمله من أفكار حالياً؟
بالطبع ممكن، وإن حدث فإني أحتفظ بالقديم بوضعيته الخاصة والجميلة وبكل ما فيه ولكن قد أختلف معه وقد أناقشه وهذا الأمر وارد لأنّ ما ينتجه الإنسان ليست ثوابت لا يمكن أن يتجاوز، فعندما يتجاوز الإنسان فكرة سابقة لم تكن ناضجة أو صحيحة كما يجب فإنّه يكون قد طوّر ذاته .
نلاحظ وجود الكثير من الكتب وبمضامين متشابهة إلى حد التطابق ولكت القارئ يفضّل كتاباً على آخر، فهل للتسويق دور في ذلك ؟
التسويق هو كل شيء في العالم ونحن الآن نعيش عالم السوق الحقيقي والطاغي بشكل كبير جداً فإن لم يستطع كاتب أو مبدع أو مفكّر أن يسوّق إنتاجه فالأفضل ألاّ ينتج للأسف الشديد، وهذا أمر خطير أيضاً، فأحياناً ترى كتباً تبذل لأجلها الكثير من الإعلانات ولكن عندما تقرؤها ترى أنها عادية جداً ويمكن أن تكون أقل من ذلك، في حين تكون هنالك كتب بالغة الأهمية وفي قمّة الفكر والتحليل ولكن الغبار مكدّس عليها على الرفوف.
للأسف الشديد نحن أمّة أفكار فلا تسوّق إلاّ لمنتوجك الأناني ولا أسوّق أنا إلا لمنتوجي الأناني، بينما إن كنّا أمّة مجموعات" أمة متماسكة " فأنا يشرفني أن أروّج مؤلفك حتّى وإن كان أجمل من مؤلفي وفي نفس الموضوع .
ماذا تحدثنا عن التنضيد ؟
التنضيد صراحةً هي مهنة تداخلت فيها عدّة عوامل ولا أخفيك أن العامل الأوّل والأساسي هو العامل المادي فهو يحقق لي دخلاً لا بأس به، ولكن عن طريق التنضيد لدي في كل سنة أكثر من خمسة أدباء وشعراء جدد أنضّد لهم وأصحح أخطاءهم حتّى أنّي أتناقش معهم في كتاباتهم أحياناً وهكذا ينشأ بيننا حوار جميل جداً عن طريق هذه المهنة التي تسمّى التنضيد.
هل من الممكن أن يأتيك نتاج لا يتوافق معك ولكن رغم ذلك تقوم بتنضيده ؟
صراحةً مررت بهذه الحالة لأكثر من خمس مرات ولكني لم أرفضه، مع الصراحة أني كنت أقول لصاحب النص أن نصك لا ينسجم معي.
ما المآخذ التي تأخذها على جيل الشباب ؟
جيل الشباب لا ينقصه إلاّ شيء واحد وهو المزيد من القراءة فقط، فهم يقدّمون إبداعات جميلة وراقية جداً ولكن تنقصهم القراءة فكلما ازداد قراءة فإن إنتاجه سيتحسن وأسلوبه سيتطوّر، هذه بالإضافة إلى أمر مهم هو محاورة جيل الشباب لمن هم أكبر منهم سناً وأسبق منهم إلى الأدب ولا أقصد هنا محاورة الأفضلية وإنّما محاورة الند للند .
ماذا تقول للأدباء الشباب الذين لديهم أخطاء نحوية ؟
هذا سؤال مهم جداً، فالأخطاء النحوية هي أخطاء مهنية إذ لي صديق من منبج يكتب أدباً رفيعاً جداً ولكن عندما يأتيني بمسوداته فإني أرى لديه أخطاءً نحوية وإملائية كثيرة جداً وقد شرحت له الموضوع أن الأخطاء النحوية هي أخطاء مهنية إذا لا يمكن للأديب أن يكون قد قرأ سيبويه والأزهري و….الخ ومن ثمّ يأتي ليكتب لأنه بذلك سيقضي عمره كله وهو يقرأ ودون أن يكتب سطراً واحداً ، ولا توجد أي مشكلة إن كان الكاتب لديه أخطاء نحوية وهذا أمر طبيعي جداً .
أما بالنسبة للنصائح فإن قلت له اقرأ الكتاب الفلاني في القواعد أو الكتاب الفلاني فإني سأحطم دماغه أما إن قلت بأني وأساتذة اللغة العربية مستعدون لمناقشة ولو صفحة واحدة من نتاجك مناقشة لغوية للتمييز بين حركة الفاعل والمفعول به والاسم المجرور فإنني بذلك أقدّم له ثقافة عملية تفيده وتجعله يفكّر في كل جملة يكتبها لكي تكون صحيحة
نلاحظ لديك القليل من نتاج الأطفال ، لماذا ؟
نعم، لأن أدب الأطفال أدب خطير جداً و الخطورة فيه أنه يحتاج إلى دراسة نفسية قبل كل شيء، فقبل أن تشرع بالكتابة عن الأطفال يجب أن تدرس الأجواء النفسية للطفل العربي عموماً وللطفل الإنساني لأن أي خطأ يمكن أن يصدر عن الكاتب يمكن أن يؤثر في نفسية هذا الطفل تأثيراً بليغاً ومديداً ، وأنا لم أقرأ ولم أفقه دراسة نفسية الأطفال .
هل هنالك من مشروع بقي معك منذ الشباب ولم تقم بإنجازه إلى الآن ؟
نعم، مشروعي هو تقديم فن " المثل الثائر " في اللغة العربية تقديماً جديداً للقارئ العربي عموماً ، والمثل الثائر يختلف عن المثل فالمثل هو أن أقدّم لك قصّة مقابل قصّة أم المثل الثائر فهو مشابه للمثل الشعبي، وأشعر أنّ هذا الفن الراقي والجميل جداً مظلوم لدي العرب ويحتاج إلى إعادة النظر فيه وهذا ما سأفعله إنشاء الله في الوقت القريب ، وقد بدأت به منذ حوالي خمسة عشر سنة ومازلت وإنشاء الله سأصدر قريباً كتاباً يتضمن الأمثال العربية وربما أضمنها الأمثال الشعبية أيضاً .
ماذا تود أن تضيف ختاماً ؟
أنا مسرور وسعيد جداً بحضوركم وزيارتي لصفحة عالم نوح كانت مميزة جداً حيث وجدت فيه واحةً من الألفة و المودة والأدب والارتقاء وهذا ما جعلني أشعر براحة تامة في حديث معك …ولكم كل الشكر….
أغيد شيخو_ عالم نوح